شبكة ذي قار
عـاجـل










وقع بعض قادة الكتل السياسية في حكومة الاحتلال الخامسة وثيقتين للشرف الوطني والسلم الاجتماعي، بغياب كل من اياد علاوي رئيس القائمة الوطنية، وصالح المطلك رئيس جبهة الحوار والتيار الصدري. وقد عبرت الوثيقة عن الرغبة في تفعيل الحوار بين الكتل السياسية، وتعزيز الثقة بين أعضاء العملية السياسية. فهل ان مهرجان توقيع هاتين الوثيقتين، التي شاركت بها جميع الكتل المتفقة في لعب أدوارها في المحاصصة السياسية، هو لتوثيق العرى او من اجل النظر لمصالح الشعب، ام هو مجرد دعاية انتخابية كلفت الدولة العراقية ثلاثة ملايين دولار، تستبق الانتخابات المقبلة التي يستقتل المالكي وحزبه للفوز بولاية ثالثة فيها ؟


لم يستطع رئيس الوزراء نوري المالكي، على مدى ولايتين لرئاسة الحكومة ان يحظى بتأييد الشعب العراقي، ولا حتى تأييد اصحاب العملية السياسية، الذين ينتقدونه بشكل دائم، من القائمة العراقية مرورا بالتيار الصدري، بل على العكس فقد أثبت انه لا يلتزم بأي وعد يقدمه ويوقعه او يتفق عليه، ولا يستمع لمطالب المواطنين وغير مستعد للقيام بأي مبادرة حقيقية، وكل ما يكرره من وعود وعهود هو مجرد كلام يذهب بعد سويعات أدراج الرياح، وهذا ما حصل لكل الوعود والمبادرات، وآخرها وثيقة الشرف والسلم الأهلي. فلم يمض على توقيع هذه الورقة ساعات حتى خرقها المالكي بتصريحات ‘دموية’ ضد المتظاهرين والمعتصمين في مختلف المحافظات العراقية، اذ قال في حفل افتتاح حقل الغراف في الناصرية: ‘ان مطالبكم غير مشروعة وبيننا وبينكم بحر من الدماء’. كما صرح ‘بان المطالب التي يروج لها اصحاب الفتاوى الضالة هي مطالب غير شرعية وتسعى الى أحباط العملية السياسية’، علما انه سبق للمالكي ان أكد على العكس من ذلك، مما يدلل على طبيعة الوثيقة التي وقعت بمبادرة من حزبه كدعاية استباقية للانتخابات فقط، وليس لأي هدف آخر. اضافة الى ذلك يبدو ان المالكي ينسى ما يقوله ولا تهمه اسئلة الشعب العراقي حول تصريحاته التي تصب غالبا في غير صالحه.


ولو سمعنا ما قاله المالكي عن تهجير آل السعدون في البصرة، لاقتنعنا اكثر بعدم مصداقية تهديداته وتعهداته، وان كلامه هو مجرد لغط مكرر في هكذا مناسبات، لأنه حينما يهدد بالقبض على ‘العصابة’ التي قال انها هجرت المواطنين لا يهتم حتى بتساؤل المواطنين عن الجهة التي تخدمها هذه العصابة، ومن الذي بعثها وهل جاءت بالصدفة هكذا؟


ان تعليق رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي في المؤتمر ومطالبته ‘بضمانات حقيقية لتنفيذها ورفض الانتقائية او الإهمال’ يؤكد أن الجميع غير مؤمنين بهذه الوثيقة، وأن النجيفي بتعليقه هذا اراد ان يحمل مسؤولية فشلها لرئيس الوزراء نوري المالكي وكأنه ليس شريكا في مثل هذه المشاريع.


ان لجوء الكتل والأحزاب السياسية لطرح صيغة وثيقة الشرف ناجم عن هروبها من صياغة برنامج انتخابي، كما هي حال الاحزاب في الدول الاخرى، لعجزها عن تنفيذ مثل هذا البرنامج، لأن هذه الأحزاب لا تعمل لصالح العراق وأهله. وثانيا لأن المحتل الأمريكي لم يأت بهم من اجل خدمة العراق وشعبه، مما دفع حزب الدعوة الى اختلاق مبادرة عبر ضجيج وتظليل اعلامي، بحجة تفعيل الحوار في ما بينهم، قبل الانتخابات المقبلة، واطلقوا عليها خارطة طريق لكافة الاحزاب المشاركة بالعملية السياسية، وهذا يعني ضمنا دعوة كافة الكتل والاحزاب بالالتزام بما يمليه حزب الدعوة.


ولتسويق هذه العملية بدأت الحكومة بتكميم الافواة وردع من يغرد خارج السرب. ويأتي هذا الأجراء دليلا قاطعا على نوايا احزاب العملية السياسية الموقعة على وثيقة الشرف التي تريد خوض الانتخابات بعيدا عن حرية التعبير، لقطع الطريق على اية مساءلة حول ادائها وحول انعدام الامن وفقدان الخدمات وانتشار الرشوة والاحتيال واللصوصية.


لقد اثبتت السنوات الماضية ان اصحاب العملية السياسية في العراق، وعلى الرغم من خلافاتهم وصراعاتهم المعلنة والخفية يتفقون على شيء واحد الا وهو تقاسم غنيمة السلطة في ظل حماية الراعي الأمريكي والايراني، لأنهم وفي كل مرة وبعد كل خلاف وشجار واتهامات يتدخل المحتل الذي جاء بهم ليفرض النظام بينهم، ومن ثم يعودون للعب أدوارهم في البرلمان والحكومة. وما هذه الوثيقة الا دليل آخر على اتفاقهم هذا،


ان الشعب العراقي الذي يواجه ظلم وسلطة هذا التحالف الثلاثي لن يكف عن تصعيد نضاله وبكافة السبل من اجل انهاء حالة الاحتلال بكـــــافة اشكالها ومخلفــــاتها، فمقاومته لم تنقطع منذ عشر سنوات، بل انها تمتد تدريجــــيا الى كافـــــة انحاء العراق عبر التظاهرات والاعتصــــامات التي شهدتها مؤخرا 12 محافظة وغالبية المدن الرئيسية، ورغم التضحيات الهائلة التي قدمها ولا يزال الشعب العراقــــي، خاصــة في الاشـــهر الاخــــيرة التي راح ضحيتها 5000 آلاف مواطن، قتلا او اغتيـــالا او تفجـــيرا، فهو مصمم على المضي في مقارعة أساليب حكومة الاحتلال الوحشية وانهاء مؤسسات الغزو المعادية لطموحاته في تحقيق الوحدة الوطنية واسترجاع خيراته الاقتصادية واقامة حكم ديمقراطي مدني.


ان الاستمرار وانجاح الثورة التي بدأت ضد حكومة الاحتلال ومطالبة الشعب العراقي اليوم بإسقاط برلمان هذه الحكومة ودستورها، لن يتحقق الا بمشاركة كل القوى الوطنية وبتعبئة كافة الطاقات الخلاقة من أبناء الشعب العراقي والنخب العراقية .. ان خلاص العراق من الدمار الذي طمسه فيه الاحتلال الأمريكي يبدأ مع وحدة أبنائه في العمل الواعي والمنظم وكم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة باذن الله.

 

 





السبت ٢٣ ذو القعــدة ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / أيلول / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة