شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

بين فترة وأخرى تظهر على سطح الأحداث سيناريوهات لها من المعاني والدلالات ما يجعلها في دائرة الضوء، على الرغم من باطنيتها المخربة، التي تفصح عن خبث السياسات ومناهجها ، وصلافة الذين يعملون فيها ويتعاملون على أساسها مع البسطاء من الناس المأخوذين بالنيات الحسنة، فهي أساساً من أعمال استغفال الناس على وجه الخصوص والقوى السياسية بوجه عام.!!  

 

 ومن بين هذه السيناريوهات المشبوهة، سيناريو مؤتمر "مقتدى الصدر" في النجف الأشرف، الذي يظهر فيه كأنه " يستفيق " من أكذوبة المنهج الصفوي ويعمل على تصحيح المسار نحو الحقيقة، والحقيقة الموضوعية قائمة وشاخصة ولا تحتاج لمن يصحح مسارها على الرغم هجمات السب والقذف والتشويه، التي بلغت مستوى الطعن بمكانة الصحابة العظام والتشكيك بالرسول العظيم سيد خلق الله .

 

لماذا جاء هذا المؤتمر في هذا التوقيت ؟ ما هي أهدافه ونياته ؟ ما هي أساليب إسقاطاته على الناس ووقعه على باقي المذاهب والديانات ؟ ثم ما هي الأهداف السياسية التي تكمن خلفه ؟

ولكي نجيب بشكل ملخص يتوجب أخذ الأمور من باب التحليل الموضوعي دون التَماس بأسس المذهب والمذهبية، لأن ذلك ليس من منهجنا إطلاقاً بقدر تعلق الحدث بواقع السياسة وتحولاتها ومساراتها المستقيمة والملتوية على حدٍ سواء ، ثم المعنى والمغزى منها ؟ وهل هي فعلاً تصب في مصلحة الشعب العراقي، كل الشعب بدون تفريق في الدين والمذهب والقومية ؟

 

علينا استدراك الملاحظات الآتية :

أولاً- هل استيقظ السيد "مقتدى الصدر" فجأة من نومه وسباته طيلة السنوات العشر العجاف وما قبلها لكي يعقد مؤتمراً (يصحح) فيه مسار الحقيقة التي يقوم على تشويشها والطعن فيها المنهج الصفوي ؟!

 

ثانياً- إن واقع الصراع بين المرجعيات الخمس في الحوزة، قائم منذ زمن بعيد، يتصاعد حسب محركات التنافس والصراع السياسي في العراق، وقد يتخذ مثل هذا الصراع أسلوب التصفيات الجسدية والإسقاط السياسي للخصم المذهبي في دائرة الحوزة التي يكثر فيها الأجانب الإيرانيون والأفغان والباكستانيون الذين يَقْصَوْنَ العنصر العربي المذهبي من الحوزة ، والإقصاء هذا يكون مذهبياً وبتوجيه من " قم " .. فمن قتل الـ" الصدر الأب" كتصفية حوزوية ؟ ، ألم يكن القاتل من " آل الحكيم " بدلالة الخوئي .. هذا ما يقوله الضالعون في هذا الشأن، وليس هنالك أي تعليق حول هذه النتيجة.

 

ثالثاً- يسعى النظام الصفوي في إيران ضمن مرماه الأساسي إلى نقل الحوزة العلمية من النجف العربية العراقية إلى قم الصفوية الإيرانية ، على أساس أن هذه المرجعية، وحسب تعبير الخوئي الابن، عابرة للقارات مذهبياً.!!

 

رابعاً- يقول "الخوئي الابن" .. (إن تقاليد الحوزة في النجف هي جزء من تراث النجف ولا يمكن نسبتها إلى مرجع أو مرحلة زمنية بعينها ، فالفكر الشيعي قائم على عدم الصدام مع السلطة الزمنية، والمرجعية لا تتدخل في السياسة، فهي في جوهرها سلطة معرفية وروحية لا تهتم بمظاهر السلطة الدنيوية، ولكن القلق موجود وهو أمر إيجابي عن ما سيحصل عند رحيل السيستاني.؟!).

 

ويوضح هذا النص إن الحوزة العلمية في النجف الأشرف يحكمها عنصران فقهيان أساسيان :

1-  عدم التصادم مع السلطة الزمنية .

2-  عدم التدخل في السياسة .

 

والذي حصل ويحصل ومنذ  ما قبل الاحتلال الأمريكي للعراق عام  وبعده 2003 الآتي"

 

- تدخلت الحوزة في السياسة (عبد العزيز الحكيم) واتفاقه إثر مؤتمر لندن نهاية عام 2000 مع الأمريكيين في واشنطن على غزو العراق واحتلاله، وتسلم مفتي الحوزة العلمية في النجف الأشرف "علي السيستاني" ، (200) مليون دولا باعتراف وزير الدفاع الأمريكي "دونالد رامسفيلد) ، وتراسله المباشر مع " بول بريمر" الحاكم المدني للعراق المحتل، حسب اعتراف الأخير في مذكراته الصريحة، وتدخله في مجرى الانتخابات التي أجراها المحتل الغازي بمعاونة إيرانية تزويرية فاضحة، وتوجيهه لقياديي العملية السياسية في الكثير من المسائل ذات الصفة السياسية المحضة، وتحريضه على الاحتقان والقتل الطائفي بعد أن أقدمت إيران على جريمة تفجيرات مرقد الإمام العسكري في سامراء،  وصمته المريب على تدمير الجوامع والمساجد وإحراقها وقتل المصلين فيها وإحراق حتى القرآن الكريم، فضلاً عن القتل على الهوية  .. وتدخل الحوزة مستمر في السياسة.. ومستمر في صراعها مع المرجعيات العلمية في النجف الأشرف .. فيما يتعذب العراقيون ويقتلون وتنتهك أعراضهم ويشردون، والمرجعية لا يعنيها شيئاً من ذالك لأنها تنفذ سلطة قم بالتدمير والقتل والإقصاء والتشريد ونشر الفساد والمفسدين .

 

- وعندما تكون الحوزة تتدخل في السياسة، فهي تمثل في جوهرها ما يسمى بـ(العملية السياسية) المسيطر عليها صفوياً في إطار الفوضى الخلاقة الأمريكية .. ومن هذين المدخلين يتضح أن المرجعية "السيستانية" لها نفوذها السياسي الكبير في إدارة دفة العملية السياسية ما دامت فتاواها (مسموعة) لدى شريحة مهمة  من الشعب العراقي، ما دامت سياسة (التجهيل والتجويع والتضييق وكم الأفواه) هي المفروضة حصراً على هذه الشريحة.!! .

 

 بيد أن الذي كشفته الأحداث تصاعدياً منذ الاحتلال ولحد الآن أن هذه الشريحة ترفض النفوذ الصفوي وتعتز بمذهبها الشيعي العربي، وعزلها تماماً لعناصر التشيع الصفوي الذي يروج لتفكيك المجتمع العراقي وتقسيم العراق على خطى المنهج الصهيوني والاستعمار الأمريكي عدو الشعوب .. وإن يقظة أهلنا الشيعة العرب الوطنيين قد أقلق طهران و قم .

 

خامساً- يثبت تاريخ السيد "مقتدى الصدر" السياسي بأنه لا يمتلك ثباتاً وليس له موقف ثابت يمكن الركون إليه، وإن سلوكيته وجماعته تتسم بازدواجية فاضحة، بين سلطة قمعية يعمل معها، وبين سلطة يناهضها، حتى بدا وكأنه فعلاً قد فقد معنى العمل السياسي وبات عبئاً على الناس في مسألة الفهم، فهل هو مع السلطة الطائفية القمعية الإقصائية الفاسدة التي يرفضها الشعب ولا يرتضيها الدين ولا يستسيغها المذهب، أم هو ضدها وله موقف منها يحدده خط سياسي واضح لا يخلط الأمور ولا يشوش على الناس ولا يدفعهم إلى نفق مظلم .. التركيبة هذه، التي تفتقر إلى المنهج والخط السياسي الوطني الواضح لا يعول عليها لعدم ثباتها وعدم وضوحها، والتفسير الذي يبرز في شأن السيد "مقتدى الصدر" وتياره، فهو لا يبتعد عن خطة توزيع الأدوار الإيرانية في شكل سيناريوهات تظهر وتختفي في الوقت المناسب .

 

سادساً- السلطة الصفوية القمعية تدعو وتعمل وتحشد من أجل الانتخابات في البلاد .. وقوى هذه السلطة القمعية تسعى إلى خوض الانتخابات وتعمل على الاستقطاب في الدوائر الانتخابية، وهي التي أوقعت بالشعب قتلاً واعتقالاً واغتصاباً وإفساداً ونهباً، وتريد منه الإقرار بسلطة جزاريها وقتلتها ومغتصبيها ولصوصها .. والتيار الصدري واحد من قوى هذه السلطة ، وما مؤتمر النجف الأخير- نتمنى أن يكون صادقاً – سوى سيناريو معد للانتخابات من أجل الحشد الجماهيري وراء موقف لا يخرج عن كونه أحد سيناريوهات توزيع الأدوار.

 

سابعاً- لماذا جاء مؤتمر السيد "مقتدى الصدر" في هذا التوقيت بالذات وليس قبله ، ما الذي دعاه لكي يستيقظ فجأة ليقول ما لم يستطعه قبل عام أو أكثر؟ ثم ما هي المؤشرات في الأفق لكي يستبق السيد واقع الحال ليحسن صورته ؟ ولا يحمل الحال الظن بمسألة الاستباق للمستقبل، لأن تاريخه ومسيرته لا تؤكدان على ذلك .. إنما تؤكد على رد الفعل في إطار توزيع الأدوار.. فلا السلطة الصفوية في بغداد قلقة من ما أبداه ، ولا النظام الصفوي في طهران قلق أيضاً ، ولا الأمريكيين قلقون.. العالم مندهش، ودهشته هذه عليها ألف علامة استفهام .. فاحذروا من لسعته. !!

 

 





الخميس ١٦ جمادي الاولى ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / أذار / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة