شبكة ذي قار
عـاجـل










حظيت عملية بناء القوات المسلحة العراقية، وتأسيس "نظام جندية" قائم على الحرفية العسكرية وعلى عقيدة قتالية، حظيت باهتمام قادة العراق العظام من حمورابي وانتهاء بالمجاهد الشهيد القائد صدام حسين.

 

ولقد تضمنت مسلة حمورابي نصوص حددت قوانين الدولة العسكرية، ونظمت العلاقات داخل هذه المؤسسة الهامة، وعلاقات الجيش بالمجتمع المدني، وضوابط قانون الخدمة الإلزامية والعقوبات الخاصة بالهروب من الخدمة، واعتبرته خيانة تستحق العقاب الشديد. وطورت الدولة الآشورية نظام الخدمة العسكرية وأدخلت عليه قواعد وأسس جديدة متعلقة بأنظمة التدريب والتموين وشوؤن الجيش الأخرى.

 

المُلفت تاريخيا أن عمليات بناء قوات عسكرية قوية ومتطورة انسجمت مع مستوى التطور الحضاري الذي شهدته بلاد ما بين النهرين، وتزامنت مع بروز القادة العظام، ومن هنا فلم يكن وصول القوات المسلحة العراقية إلى أوج عظمتها القتالية والتنظيمية حلال فترة النهوض الحضاري التي قادها حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق بقيادة الرفيق المجاهد صدام حسين.

 

تعود بدايات تأسيس جيش العراق الحديث، جيش القادسية وجيش المقاومة الوطنية إلى عام 1921، حيث قررت وزارة السيد عبد الرحمن النقيب في السادس من كانون الثاني الإعلان عن تأسيس الجيش العراقي. وفي الثامن عشر من تموز تم تشكيل أولى وحدات الجيش، وأطلق عليها فوج "موسى الكاظم" الذي اتخذ من خان الكربولي في مدينة الكاظمية مقرا له، وفي السابع والعشرين من آب تم تشكيل كتيبة الخيالة الأولى وأطلق عليها "كتيبة الهاشمي". وتوالت إثر ذلك عمليات إكمال المفاصل الاساسية للجيش العراقي، فتم إنشاء الصنوف والمدارس والفرق والألوية على أسس حديثة، وعلى عقيدة عسكرية مستندة على النُبل والمهنية والفروسية والأخلاقية العالية، بالإضافة إلى المُثل والقيم العربية والإسلامية.

 

وبلغ جيش العراق قمة مستوياته القتالية والإدارية والعقائدية إثر قيام ثورة 17- 30 تموز، واستلام الرئيس المجاهد مسؤولية المكتب العسكري ومهام بناء القوات المسلحة المتطورة والقادرة على حماية سيادة العراق وأمنه الوطني والقومي، والتصدي لمشاريع أعداء العراق والأمة العربية، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني والنظام الفارسي.

 

وعبّر الجيش العراقي، ومنذ المراحل الزمنية الأولى لتأسيه، عن استعداده لأداء المهام الوطنية والقومية المناطة به بكل جدارة واقتدار، وحقق انتصارات مشرفة أبرزها النصر الساحق على القوات الإيرانية في معارك قادسية صدام الخالدة، والانتصارات اليومية التي يحققها رجال الجيش العراقي من خلال قيادتهم ومساهمتهم في عمليات المقاومة الوطنية للاحتلالين الأمريكي والفارسي للعراق. وإلحاقهم الهزائم العسكرية والسياسية في المشروع الاستعماري التوسعي.

 

سنقدم أدناه استعراضا موجزا لأبرز انجازات جيش العراق الوطنية والقومية، لكننا سنتوقف أمام سجل حراس البوابة الشرقية المثير للفخر والتقدير وانتصاراتهم الرائعة في ملاحم القادسية الثانية، وكذلك مع انجازات القوات المسلحة العراقية ضمن مشروع المقاومة الوطنية، ونقدمها بشي من التفصيل لكونها تمثل أروع انجازات الجيش العراقي وأعظمها.

 

وطنيا، حافظ جيش العراق ومنذ تأسيسه على تقاليده الأخلاقية والتزاماته الوطنية، ورفض كل محاولات تسخيره ليكون أداة قمعية بيد السلطة الحكومية لقمع الشعب، بل ساهم مساهمة فعالة في الذود عن كرامة المواطن وصد هجمات الغزاة، وسحق التمردات العسكرية الانفصالية في شمال العراق، وهزيمة الشعوبيين الطائفيين من عملاء الشاه والخميني على حد سواء. ابرز المحطات الوطنية للجيش العراقي، يمكن إيجازها بالاتي:

 

الحرب العراقية- البريطانية في أيار / مايس 1941

سعت حكومة الدفاع الوطني برئاسة رشيد عالي الكيلاني إلى التخلص من السيطرة البريطانية وهيمنتها على مقدرات شعب العراق. إلا أن الحكومة البريطانية رفضت الاعتراف بالحكومة الجديدة وقررت إسقاطها عن طريق القوة، فعززت قواتها في العراق وأنزلت قواتها العسكرية في البصرة دون موافقة الحكومة العراقية كما نصت عليه الاتفاقيات المعقودة بين البلدين.

 

إزاء هذا الموقف العدائي قررت القيادة العسكرية العراقية المتجسدة آنذاك في العقداء الأربع صلاح الدين الصباغ وفهمي سعيد، ومحمود سلمان، وكامل شبيب، الوقوف مع الحكومة العراقية والتصدي للاستفزاز البريطاني بالرغم من إدراكها للتفوق العسكري البريطاني، وتحركت قطعات الجيش لتحيط بالقاعدة العسكرية البريطانية في الحبانية. وفي الثاني من أيار/ مايس شنت طائرات سلاح الجو البريطاني غارات مركزة على قواعد القوة الجوية العراقية، وعلى معسكرات الجيش العراقي، وعلى تجمعات الجيش العراقي في منطقة الفلوجة- حبانية. وشرعت في تعزيز قواتها البرية بأرتال من القوات المرابطة في الأردن. هذا التصرف العدواني قاد إلى نشوب حرب استبسل بها مقاتلو الجيش العراقي على الرغم من عدم تكافؤ القدرات العسكرية، فاستمر القتال لمدة شهرا على محور الحبانية – بغداد، إلا أنه توقف على مشارف بغداد بعد مغادرة أعضاء الحكومة العراقية بغداد باستثناء الشهيد يونس السبعاوي. لا شك في أن تلك المعارك تضمنت الكثير من مقومات الشرف والكرامة والرجولة على الرغم من خسارة الجيش العراقي تلك المعارك.

 

ثورة 14 تموز/ يوليو 1958

على الرغم من جميع انحرافات وإخفاقات ثورة الرابع عشر من تموز إلا أنها تبقى علامة مشرفة في السجل النضالي لشعب العراق وجيشه المقدام، فالثورة عبّرت بعمق عن آمال شعب العراق وطموحاته الوطنية والقومية، وشكلت امتدادا لكل الثورات والانتفاضات الوطنية ضد القوى المحتلة وأهمها ثورة العشرين.

لقد استوعب الضباط الأحرار اللذين خططوا للثورة ونفذوها معانات الشعب وثقل قيود المعاهدات العراقية-البريطانية، لاسيما إثر خسارة الجيش لحرب مايس، وهزيمة الجيوش العربية في فلسطين عام 1948، فعقدوا العزم على انهاء التبعية البريطانية وعلى تغيير النظام الملكي الفاسد وتقديم مشروع وطني وقومي جديد لشعب العراق.

 

فخططوا بحكمة للثورة التي نفذتها وحدات جحفل لواء المشاة العشرين في فجر الرابع عشر من تموز عام 1958. تفجير الثورة وتأسيس الجمهورية العراقية كان بلا شك انجازا وطنيا هائلا ومشرفا للجيش العراقي.

 

ثورة 8 شباط 1963 "عروس الثورات"

عبرت عروس الثورات عن استياء شعب العراق وجيشه وخاصة قوى الشعب الوطنية والقومية من النهج الاستبدادي للزعيم عبد الكريم قاسم، وانحرافه عن مبادىء وأهداف ثورة تموز وتملصه من برنامج الثورة المتفق عليه قبل الثورة، وتنكيله برفاقه الضباط الأحرار وإعدام غالبيتهم، ومسايرته لجوقة شعوبية مشبوهة استولت على الحزب الشيوعي العراقي وحرفته عن خط قائده ومؤسسه الشهيد يوسف سلمان يوسف "فهد". فقرر حزب البعث العربي الاشتراكي بالتعاون والتنسيق مع القوى القومية الأخرى المبادرة والقيام بثورة تعيد ثورة تموز إلى مسارها الوطني والقومي، وتوقف المد الشعوبي المعادي لعروبة العراق. ففجرت طلائع المدنية والعسكرية ثورة الثامن من شباط 1963، نفذت خطتها قطعات الجيش العراقي، ومقاتلات القوة الجوية، فأنهى بنجاحها التسلط الفردي وأوقف المد الشعوبي. ولا شك في أن الفضل الأكبر لنجاح الثورة يعود للقطعات العسكرية المسلحة التي نفذت الثورة بإشراف وقيادة ومساهمة القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وأعضاء المكتب العسكري للحزب.

 

ثورة 17 - 30 تموز/ يوليو 1968 العظيمة

في فجر السابع عشر من تموز قاد مناضلو الحزب وفي مقدمتهم الرفيق الأب القائد المرحوم احمد حسن البكر، وشهيد الأمة العربية الكبير الرفيق صدام حسين، وبمشاركة أعضاء القيادة القطرية الآخرين ومنهم الرفيق المجاهد عزة الدوري، والرفيق الأسير طه الجزراوي، قادوا طلائع الحزب ومناضليه وبمشاركة عدد من العسكريين البعثيين والمستقلين ثورة عملاقة، أنهوا بها الحقبة العارفية بكل جرأة وإقدام، ودون هدر دماء باستثناء استشهاد مقاتل عراقي عن طريق الخطأ، فاستحقت بجدارة لقب الثورة البيضاء.

 

خطة الثورة وضع تفاصيلها ونفذها أعضاء القيادة القطرية وأعضاء المكتب العسكري للحزب، وساهم في تنفيذها وإسنادها لواء الحرس الجمهوري بقيادة المرحوم سعدون غيدان واللواء المدرع العاشر بقيادة الشهيد حماد شهاب.

 

أما على صعيد المهمات القومية، فلقد ساهم الجيش العراقي في جميع المعارك التي خاضتها الأمة العربية ضد العدو الصهيوني بكل شجاعة وإقدام، ففي حرب فلسطين عام 1948، شاركت قطعات من الجيش العراقي بزخم قتالي تجاوز حجم فرقة بضمنها الوحدات الساندة والإدارية، وبامتياز مشهود على الرغم من الموقف السياسي المخزي للنظام الملكي والحكومة العراقية آنذاك. وخاض جيش العراق معارك مهمة انتصر في اغلبها، أهمها معركة جنين، معركة كيشر، معركة مرتفعات كوفتش، معركة كفر قاسم، ومعارك ومواجهات عديدة أخرى.

 

وفي عام 1967، ساهمت القوة الجوية العراقية في المعركة ضد العدو الصهيوني، فكانت المقاتلات العراقية في مقدمة القوة المدافعة عن الأجواء العربية في الجبهة الشرقية، واستبسل الطيارون العراقيون واستشهد عدد منهم شرفا ودفاعا عن الأمة وعزتها وكرامتها.

 

ولم تتردد القيادة العراقية في المساهمة في حرب تشرين عام 1973 على الرغم من الموقف السلبي للحكومة السورية من الثورة في العراق، فاندفعت قطعات جيش العراق بسرعة أدهشت العدو وغيرت حساباته، إلى مناطق القتال، وساهمت مساهمة فعالة في الذود عن سوريا وحماية دمشق من السقوط. كما وساهمت القوة الجوية العراقية في ضرب أهداف عسكرية في العمق "الاسرائيلي" على الجبهتين الشرقية والغربية.

 

انجازات القوات المسلحة العراقية المذكورة أعلاه تتضمن وبدون شك قدرا كبيرا من البسالة والالتزام الوطني الصادق وقدرا كبيرا من قيم الجندية. إلا أن أروع انجازات جيش العراق وأكثرها قيمة من الناحية التاريخية تكمن في الانتصار البطولي على الفرس المجوس إبان قادسية العرب الثانية، قادسية صدام، ودوره الكبير في مقاومة قوات التحالف الصهيوني – الصليبي- الصفوي، وتعطيل مشروع الاحتلال وإلحاق الهزيمة بقواته.

 

قادسية العرب الثانية - قادسية صدام

منذ الساعات الأولى لوصوله إلى طهران بحماية المخابرات الفرنسية ورعاية ودعم المخابرات الأمريكية، أفصح "حاخام ايران الأكبر آية الله الخميني" عن نزعته الفارسية العنصرية وأعلن عزمه على معاداة العراق والأمة العربية، وكشف عن طموحاته المريضة في تنفيذ المشروع التوسعي الفارسي واحتلال العراق عبر ما أطلق عليه "تصدير الثورة الإسلامية"!. هذا السلوك العدائي لم يكن نزعة غير مسبوقة، بل نهجا عبّر عن أحلام تاريخية فارسية موروثة.

 

الصراع العربي - الفارسي قديم قدم التطور والنشوء الحضاري لوادي الرافدين، فلقد تعرض شعب العراق إلى مخاطر النزعة التوسعية الفارسية والى غزوات القبائل العيلامية والساسانية والكوتية المحمومة برغبات السيطرة على شعوب وثروات الأقاليم المجاورة، والشواهد التاريخية على الاعتداءات الفارسية كثيرة وممتدة عبر حقبة طويلة من الزمن.

 

كما وأن الفترات التي عانى بها شعب العراق من نير الاحتلال الفارسي ليست بالقصيرة، لكن الشواهد التاريخية تؤكد أيضا بأن شعب العراق وبقيادة زعمائه التاريخيين استطاع دوما النهوض من كبوته وتحرير أرضه ودفع الغزاة خارج حدود الوطن والانتقام من تصرفاتهم الهمجية.

 

فلقد دحر سرجون الاكّادي تحالف أربع ملوك إيرانيين، واستولى على بلاد عيلام، واستطاع الملك الاكّادي نرام – سن هزيمة الملك " سنتوني" ملك لولوبو هزيمة ساحقة. وفي حدود عام 2120 ق. م حرر جيش العراق بقيادة اوتو – حيكال ملك الوركاء البلاد من سيطرة الكوتيين، ودحر قوات الملك الكوتي "تريكان". وشن القائد الكلداني العظيم نبوخذنصّر الأول هجوما على القوات العيلامية الغازية ودحرهم، وسيطر بشكل مطلق على منطقة بلاد عيلام، محققا نصرا ساحقا دونت تفاصيله الوثيقة المعروفة بـ "وثيقة النصر".

 

وفي (موقعة ذي قار) الخالدة، هزمت القبائل العربية المتحالفة بقيادة القائد العربي المغوار هاني بن مسعود الشيباني القوات الفارسية وقتلت قائد الجيش الساساني الهمرز.

 

وبعد انطلاق الرسالة الإسلامية في الجزيرة وأرض العرب، وتأسيس الدولة العربية الإسلامية، اتخذ الخليفة الراشدي العبقري الفاروق قرار تحرير العراق من الاحتلال الفارسي. فألحقت القوات العربية بقيادة سعد ابن أبي وقاص الهزيمة في الجيش الفارسي في معركة (القادسية) الخالدة وذلك في يوم الاثنين 6 محرم سنة 15 هجرية، المواقف ليوم 19 شباط 636 ميلادية، في تلك الموقعة العظيمة التي صال بها البطل العربي القعقاع ورفاقه المجاهدين وهزموا قوات كسرى وسحقوا فيلته، وحرروا العراق وادخلوا الدين الجديد إلى بلاد فارس وأطفأوا نيران المجوسية، وفي (موقعة نهاوند) والتي أطلق عليها "فتح الفتوح" تمكن العرب من قصم ظهر فلول الفرس التي حاولت إيقاف عملية تحرير العراق، فأجهز صناديد العرب على بقايا فلول الفرس وأخمدوا أحلامهم التوسعية لقرون، إلا أن الشاه ومن بعده الخميني سعوا للانتقام لهزيمة كسرى، وإيقاد نار المجوسية من جديد بشنهم الاعتداءات المتكررة على شعب العراق، لكن جيش العراق كان لهم بالمرصاد والحق بهم الهزائم المتكررة في ملاحم قادسية صدام.

 

لقد برهنت معارك (القادسية الثانية) على قدرات جيش العروبة الحاسمة إزاء العدو الإيراني في الميدان العسكري، وقدرته على إزالة عوامل تفوق العدو، ومنها الثقل السكاني وضخامة الترسانة العسكرية. وأبرزت المعارك شجاعة وفروسية رجال العراق الأشاوس وإمكانيات القيادة السياسية والعسكرية وعلى رأسها الرفيق المجاهد الشهيد صدام حسين في تأمين عوامل النصر بمختلف جوانبه، فقاد شعب العراق وجيشه المقدام خلال فترة الحرب من نصر إلى آخر بكل شجاعة وحكمة واقتدار.

 

إن استعراض الملاحم التي خاضها جيش العراق، وسرد الانتصارات المتحققة يقدم لنا صورة واضحة عن عظمة تلك الانجازات وأهميتها، وأدلة على شجاعة ومهنية جيش العراق قادة ومراتب، وقدرتهم على إدارة المعارك في أطول حرب في التاريخ الحديث.

 

لقد تمكنت القوة الجوية العراقية من تدمير سلاح الجو الإيراني وإخراجه من المعركة في المراحل الأولى من الحرب. ونجحت القوات البرية في التوغل في العمق الإيراني والسيطرة السريعة على مساحات شاسعة من الأراضي الإيرانية ومحاصرة - ودخول - العديد من المدن الإيرانية الرئيسة بما فيها مدن: المحمرة، وعبادان، وسومار، والخفاجية وبسيتين، وديزفول، وقصر شيرين، وسربيل سهاب، وغيرها من المدن.

 

وإثر انسحاب القوات العراقية من الأراضي الإيرانية عام 1982، تمكنت القوات المسلحة العراقية من إيقاف سلسلة طويلة من الهجمات الفارسية الهادفة إلى احتلال العراق وسحقتها وكبدتها خسائر باهظة، ومنعتها من احتلال الأراضي العراقية باستثناء نجاح القوات الإيرانية في خلق تواجد محدود في أقصى جنوب شبه جزيرة الفاو. وقد تمكنت القوات العراقية في النهاية من سحق القوات الإيرانية المحتلة، وتحرير التراب العراقي.

 

إن سجل المعارك المشرفة طويل، وتفاصيل الخسائر الإيرانية وفيرة لا يتسع المجال هنا لسردها. ونوجز أدناه أهم انتصارات العراق العسكرية التي سحق بها حراس البوابة الشرقية كل محاولات قوات الحاخام الخميني لاحتلال العراق.

 

في 17 آذار 1982 أحبطت القوات العراقية هجوما كبيرا شنته القوات الإيرانية وقد أطلقت عليه معارك "فاطمة الزهراء"!.

في 30 نيسان 1982 أفشل صناديد القرن العشرين هجوما إيرانيا كبيرا أطلق عليه تسمية "بيت المقدس"، بعد أن هيأت له القيادة الإيرانية كل المستلزمات العسكرية والتعبوية وطبلت له أجهزة الإعلام الإيرانية وزمّرت.

 

وفي معركة شرق البصرة في 13/7/1982 حققت القوات العراقية انتصارا كبيرا، وتم تدمير القوات المهاجمة تدميرا كاملا، وتكبيدهم أكثر من 27 ألف قتيل، تركت جثثهم في ساحة المعركة بعد هروب فلول الفرس المنكسرة، بالإضافة إلى تدمير 297 دبابة و160 ناقلة جنود وغيرها من المعدات.

 

الانتصار الساحق في موقعة ميسان ومنطقة الشيب في 6/2/1983 والتي أطلق عليها الإيرانيون "معركة الفجر" ووصفوها بالحاسمة، تكبد العدو الفارسي في هذه الملحمة العراقية الرائعة أكثر من 6000 قتيل.

 

معركة الفكة الكبرى "الفجر الثانية" والتي بدأها العدو الفارسي فجر يوم الأحد 10/4/1983، وبزخم قتالي شارك فيه 120 ألف مقاتل، استمرت المعركة أربعة أيام متتالية انتهت بتدمير الهجوم الإجرامي تدميرا كاملا، قتلت فيه القوات العراقية 14980 ألف عسكري إيراني.

 

معركة بنجوين، والتي هاجمت فيها قوات الحقد المجوسي القوات العراقية المتجحفلة في القاطع الشمالي يوم 19/10/1983. استمرت المعركة سبعة أيام وانتهت في 26/10 بهزيمة العدو الحاقد، وتكبيده ما يقارب 30 ألف قتيل.

 

معارك شرق البصرة، وشرق ميسان (معارك الفجر السادسة) في 22 /2/ 1984.

على قاطع البصرة – العمارة، والتي انتهت بهزيمة العدو وفشله في احتلال شبر واحد من الأراضي العراقية مخلفا 25 ألف قتيل.

ملحمة هور الحويزة التي استمرت يومين (22-23 /4/1984) وانتهت بسحق الهجوم وإبادة القوة المهاجمة.

 

نتائج المعارك التي تلت معركة هور الحويزة، خاصة معارك (توكلنا على الله) معروفة، حيث انتهت جميعا بدون استثناء في هزيمة قوات العدو المنكرة، واستطاع الجيش العراقي في السنة الأخيرة من الحرب أن يفرض الهيمنة الكاملة على ساحة المعركة، ويلحق الهزيمة المؤكدة بقوات الحقد الخميني، مما اضطر ملالي قم وطهران إلى قبول وقف إطلاق النار بعد تعنت طويل الحق بالشعبين خسائر بشرية ومادية كبيرة يتحمل الحاخام الخميني وملالي طهران وقم مسؤليتها الكاملة والمباشرة.

 

لقد استطاع جيش العراق المقدام إلحاق الهزيمة بقوات العدو الفارسي على الرغم من التعاون التسليحي الإيراني –الصهيوني، وعلى الرغم من دعم الأجهزة الأمريكية لإيران والتي كشفت تفاصيلها فضيحة "إيران – غيت".

 

إن انتصار العراق التاريخي الكبير وبكل المقاييس العسكرية والسياسية يعتبر أكبر انتصار حققه جيش عربي على عدوا أجنبي حاقد، هذا الانتصار الذي أذاق الخميني طعم السم كما اعترف شخصيا يوم قبوله هزيمة إيران العسكرية جاء نتيجة لوقوف شعب العراق خلف قيادته، ونتيجة لبسالة جيش العراق وقدراته العسكرية، وبلا شك نتيجة للدور القيادي للرئيس القائد المجاهد صدام حسين وإدارته المعركة بكل جدارة ورجولة، وتواجده المستمر في خطوط الدفاع الأولى، مقاتلا الأعداء إلى جانب جنود العراق والأمة العربية الأشاوس.

 

العدوان الثلاثيني الغادر عام 1991

إثر دحر العراق للعدوان الإيراني بعد ثمان سنوات من قتال بطولي، وفي ظل تحالف دولي شرير مضاد للعراق، قررت إدارة الشر في واشنطن سرقة النصر العراقي وتدمير القوة العسكرية العراقية، وإيقاف عجلة التطور الصناعي والاجتماعي التي فشلت قوى الظلام والتخلف الإيراني في إيقافها. فكان لا بد من فتح صفحة تآمر جديد ومن طراز خاص، فأوعزت الإدارة الأمريكية إلى آل الصباح، سالبي أرض العراق وثروة شعبه، لشن حرب اقتصادية على شعب العراق، الأمر الذي اضطر فيه القوات العراقية إلى دخول الكويت وتلقين هذه العائلة الفاسدة الجبانة درسا لن ينسوه.

 

وقد استغلت الإدارة الأمريكية الفعل العراقي فحشدت حلفائها من روم وعرب، وشنت على شعب العراق ومرافقه الارتكازية هجوما وحشيا قذرا، جاهد جيش العراق بصمود بطولي في الدفاع عن سيادة العراق وكرامته في حرب كان تفوق العدو العسكري والتقني واضحا للقيادة العراقية منذ بداية الأزمة، إلا أنها رغم كل التضحيات المتوقعة والمحسوبة، قررت مواجهة الأعداء الذين أصروا على إركاع شعب العراق وقيادته، وأصروا على شروط مجحفة، منها قيام القيادة العراقية بتدمير الآلة العسكرية العراقية، ومنحهم قواعد عسكرية ثابتة في العراق. إزاء هذه الشروط المجحفة وغير المقبولة، قررت القيادة العراقية الشجاعة المواجهة والقتال إدراكا منها في أن التراجع سيسبب انكسارا نفسيا لجماهير الأمة العربية على الرغم من إدراكها للتفوق العسكري للعدو، لقد قاتل جيش العراق بكل قدراته وطاقاته التي تبقى محدودة قياسا بقدرات أعتى جيوش العالم. نعم خسر جيش العراق تلك المعركة بالتفوق العسكري لتحالف قوى الشر ضده ولكنه لم ينهزم معنويا فبقى جيشا مقتدرا مؤمنا بعدالة قضية شعبه وأمته.

 

حرب الإبادة الأمريكية على شعب العراق لم تتوقف في عام1991 بل استمرت بصيغتين: الحصار الاقتصادي الإجرامي الجائر، والغارات الجوية اليومية على قواعد جيش العراق ومعسكراته لمدة ثلاثة عشر عاما، هذه السلسلة الطويلة من التصرفات المعادية، انتهت بالحرب الإجرامية التي شنها التحالف المركب المعادي لشعب العراق والأمة العربية في آذار 2003 والتي انتهت بغزو العراق واحتلاله!.

 

لقد قاتل جيشنا المقدام المحتلين على أبواب العراق قتالا بطوليا سيخلده المؤرخون العسكريون، وسجّل أبطال القوات المسلحة العراق ومقاتلو الحزب وأفراد الشعب والمتطوعون العرب ملاحم خالدة في أم قصر والناصرية والحلة والكوت والعمارة وكربلاء واليوسفية واللطيفية وابوغريب ومنطقة المطار ومعسكر الرشيد وجسر ديالى، وكركوك والموصل وغيرها من مناطق التماس المباشر مع العدو قتالا مشرفا.

 

وإثر دخول قوات الاحتلال بغداد نتيجة التفوق الجوي والتكنولوجي للعدو، قررت القيادة العراقية التحول إلى الصفحة التالية للقتال المعدة سلفاً، فانتقلت القوات المسلحة لصفحة المقاومة السرية غير النظامية. وانطلقت المقاومة العراقية الباسلة يوم 11 نيسان معلنة ابتداء مرحلة هزيمة العدو المحتل، إعلان أزال الانكسار النفسي للأمة العربية الذي أحدثه دخول المحتلين بغداد العز والكرامة، بغداد العروبة.

 

إن تفاصيل الانتصارات التي حققها أبطال المقاومة العراقية ورجال جيش العراق معروفة لأبناء العراق، انتصارات يتغنى بها الشرفاء من أبناء العراق والأمة، وينقل أخبارها وتسجيلات وقائعها الملايين يوميا ولا حاجة لسردها في هذه المساهمة.

 

إن مقاومة الاحتلالين الأمريكي والفارسي تعتبر بكل حق، إلى جانب انتصارات جيش القادسية، أكثر انجازات الجيش العراقي مدعاة للفخر والاعتزاز، ولا شك في قدرة هذا الجيش المقدام على تحرير العراق واسترداد سيادته وحماية شعبه وثرواته وانجازاته بعد التحرير، لقد حقق جيش العراق وبكل مصداقية وشجاعة خلال مسيرته الرائعة شعار: الجيش سور للوطن.

 

 





السبت ٢٢ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد داود قرياقوس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة