شبكة ذي قار
عـاجـل










من بلاء دار الدنيا كثيرا ما التقينا ، وما طفح الزمان من أهوال وأكدار ، حين ضاقت ارض الله علينا بما رحبت لعباده، ودرئنا ظلام الليل عند تسربله في صبر الرجال إيمانا بعدله . ولم يُستدل الى الذهول مسارا في حكاويهم وتجلدت عُقد الكلام أليهم ، لآنهم جثموا على صدورنا بكثافة دمهم وثقل رعونتهم وانعدام السمع والبصر والبصيرة عندهم . وأقَبلنا إلى الدنيا فصُدمت مسامعنا بأبيات شعر من قرون السنين فاقدأ أملآ حيث قال ( لقد أسمعت لو ناديت حيا .. ولكن لا حياة لمن تنادي).


جاؤك يا بغداد وانتِ أسيرة كسرى وقيصر الروم وأبن ماسون فتكلمي من خلف الاسوار وعاتبي وصرخي فقلبي عليك مكسورا ، جاؤا ليتثبتوا من جرحك الغائر ويزيدوا من عمق جراحاتكِ وليطمئنوا من فعلتهم وإن خنجرهم بآق في صدرك ، فتحملي إن مسوا الجُرح فلا تشهقي ، فهم يفرحون بشقائكِ إن قلوبهم غُلف .


يا بغداد زائري الظلام قادمون فلا تبتسمي لهم ، إنهم الجناة اللذين أستحلوا دمكِ وترابكِ ورهنوا حُليكِ عند زرادشت . إنهم أهل الظلم وأشراره وأهل الخسران ، هم العصابة التي أغتالت جمالك وسكبوا ماء النار على أشراقتكِ الجميلة ، أنهم الطغاة وذوي الأوتاد فلا تبتسمي لهم ياحبيبتي بغداد.


إن ماء وضوئهم في بغداد من دمع ألامهات المسال على الدم المراق من أبنائها ، وضوئهم لصلاة ليست مكتوبة في الواح السماء وليس لها دين ولامُنزل بها من سلطان . صلاة الظالم المتهكم ، صلاة تعلموها في معابد الشر والرذيلة يناشدون فيها ماسون وزرادشت ، صلاة قاتل متجبر يشكوا فيها ظّلم قتيله .


أيا بغــداد لا تحزنـي فأنتِ في العٌلا أبدا وهم ناكسوا رؤسهم أمام أمواج دجلة الحزينة ولا يغرفوا من مائها شرفة ، فأيديهم لا تطــال جرف النهر وأجسادهم خوراء واهنة لاتحتمل ما يرسمه إنعكاس الماء من كره لهم ونافرة من وجوههم لتصبح أمواج دجلة كخناجر مصوبة إلى قلوبهم .


راحلون اليكِ بغربان ويمرون في معابر الاسمنت الثقيلة مرتجفي ألأرجل خائفين من عيون أهل بغداد معاتبين بعد إن أفقدوها نصب الرشيد وعذب الكلام . راحلوان الى بغداد وقد رحل عنها بذنبهم أهل الشعر والكلام والعلم والمعرفة ، لا يرون إلا جند الظلام اللذين يحكمون بضع مئات من ألامتار مدججين بالسلاح . بغداد كانت تتغنى بعروبة الخليج وسوف لن يحق للزائين ذكر ذلك اليوم . صمت اللسان العربي وتغريد بترنيمات فارس في بغداد ، أعار أكثر من هــــذا ؟ أيا راحلون الى بغداد ألا من قطـرة خجـل مرسومة على جباهكــم ؟


القادمون الى بغداد حكاما فقدوا الحلم وأسيري العناد ويعمهون في أفعالهم تجاه مدينة الرشيد والجاحظ والمتنبي والبحتري والتي قال فيها الشاعر المرحوم ألاثري


طاولت ناصية الشمس عَنانا ** وشأت ناصية النجم عِنانا
ضاهت الشمسَ ولكن شأنها ** كان أعلى من على الشمس مكانا
يعتري الشمس أفول وهي في ** أفقها طالعة آنا فآنا


إلا ساء ما يفعلون حكامنا الجاهلون . مجللين بالخزي والعار في الحل والرتحال .

 

 





الاثنين٠٣ جمادي الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٦ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شاهين محمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة