شبكة ذي قار
عـاجـل










يتحدث البعض عن مضيق هرمز والتهديد الإيراني بغلقه ، كما يتناول التفاصيل التي تتحدث عن الإمكانية والقدرة من جهة، والنتائج التي قد تتمخض عن فعل إيراني محتمل بغلق المضيق الدولي في الخليج العربي من جهة ثانية .. ثم المقاربات التي تم حشرها حشراً مع الأزمة الكوبية وكأن المقاسات في الأزمات وإدارة الأزمات واحدة في الشكل والمضمون الواقعي، وكأن مثل هذه الأحداث والأزمات خالية من معايير التحكم الجيو- استراتيجي الكوني أو ربما تأتي مثل هذه النقلات وكأنها لعبة من ألعاب الضغط والتمويه والاختباء خلف تحريك قطعة بحرية أو صاروخية من هنا إلى هناك .. مثل هذا الحشد في الحديث لا ينفع بل يعطي الانطباع بانعدام الربط ما دامت الروابط المتخيلة غير موجودة في الأصل لكي يتم التحليل في حالتين إحداهما وقعت منذ عقود ، والأخرى لم تقع أصلاً .. كما أن هذا البعض وهو يتحدث عن مضيق هرمز والتهديد الإيراني بغلقه والمناوشات والمناورات والحشود وحاملات الطائرات والصواريخ العابرة للقارات .. إلخ ، تعطي الانطباع الخاطئ الآتي :


أولاً - كأن إيران تقارع أو تصارع الإمبريالية الأمريكية .
ثانياً - وكأن إيران هي التي تدير دفة الصراع في المنطقة برمتها، وهي التي تدافع عن مصالح الشعوب مادامت تصارع الاستعمار والإمبريالية .!!
ثالثاً - وكأن إيران هي قوة عظمى لا أحد يلوي ذراعها العسكرية أو يحطم أنيابها الصاروخية .
رابعاً - وكأن إيران هي التي تحمل أيديولوجية المستقبل الموعود للمنطقة ..


كل ذلك يعد المحصلة التي يريد أن يقولها هذا البعض .. والحقيقة الموضوعية هي غير ذلك تماماً .. لسبب بسيط هو أن إيران طرفاً في اللعبة السياسية- التكتيكية، التي تدير أمريكا والصهيونية صراعاتها في المنطقة .


دعونا نفسر هذا الأمر :
- منذ عقود والملف النووي الإيراني على حاله، على الرغم من التصعيد والتهويش الإعلامي وزعيق التصريحات المتبادلة وضغوط الملفات من الوكالة الدولية إلى مجلس الأمن، ومن الأخير إلى الوكالة .


- ومنذ عقود وسيناريوهات العملية ( الجراحية ) يُلَوَح بها الغرب وكيانه الصهيوني ولا أحد من هذه السيناريوهات قابلاً للتطبيق .
- الشركات الإسرائيلية تعمل دون عائق حكومي في إيران، وإيران منفتحة سرياً في استثماراتها النفطية مع الكيان الصهيوني.


- ليست هنالك مصلحة أمريكية أو أوربية أو إسرائيلية في ضرب طهران.. ولكن هناك مصلحة لكل هؤلاء في تفكيك المنطقة العربية حصراً وتذويب هويتها القومية العربية، ودمجها في كيان استعماري واسع أسمه ( الشرق الأوسط الجديد ) .. والآن يعلم الجميع ما يحصل في تونس ومصر وليبيا واليمن، وما يجري في سوريا .. وهذا هو الأساس الذي يرتكز عليه مشروع الشرق الأوسط الجديد .!!


- إيران وتركيا طرفان أساسيان في هذا المشروع ( يا أيها البعض ) .. فكيف تضرب طهران ؟ وكيف تغلق إيران مضيق هرمز وهو الشريان الرئيس للغرب ولإيران نفسها ؟ فلا إيران تستطيع أن تنتحر، ولا الغرب يستطيع أن يساعد إيران على الانتحار .. لماذا ، لأنهم شركاء إستراتيجيون ، دوليون وإقليميون يعملون معاً على وفق المصالح ولا غير المصالح .. أما الأيديولوجية فلا تستخدم غير أداة في السياسة الخارجية الإيرانية من أجل الاقتحام الإستراتيجي لا غير !!


المصيبة .. إذا كان هذا البعض لا يدرك ذلك ، فهذا مأخذ كبير يشترط عدم الإفتاء في غير محله .. والمصيبة تكون أكبر ، حين يكون هذا البعض مدركاً لطبيعة ما يقول، وهذا يعد لعباً على الحبال أو انغماساً في تفكير في غير محله .


 واللعبة الإستراتيجية التي تعكس الصراع المزعوم بين أمريكا وإيران غاياتها :
أولاً- استمرار ( الصراع ) من هذا النوع لكي يعطي المسوغ لإيران في أن يكون لها حضور في الشارع العربي، ومن غير هذا المسوغ كيف يتقبل الشارع العربي مقولاتها أو سياساتها أو أطروحاتها ؟!


ثانياً- إن ما تستخلصه أمريكا والغرب عموماً من هذ ( الصراع ) هو لتسويق السلاح بدعوى التخويف من حرب قادمة تستوجب الدفاع ، والدفاع يتطلب أسلحة متطورة وعتاد ومستلزمات دفاعية وتحضيرات على مستوى عال من الدقة والتنظيم – وصفقات الطائرات التي عقدت خير دليل على ذلك – والتخويف الإيراني من هذا النوع، هو حقيقة واقعية ما دامت الجالية الإيراني موجودة في كل دولة من دول الخليج العربي بصفة طابور إيراني خامس !!


ثالثاً- إن استمرار ( الصراع ) والتخويف من النتائج يجعل صانع القرار في الخليج العربي يرضخ لإملاءات السفير الأمريكي بشأن إنتاج النفط وتسويقه وأسعاره دون أن يعترض .


والتساؤل هنا .. أي مصلحة يمكن أن تجنيها أمريكا ومن ورائها الغرب - في ضرب إيران أم إبقائها بعبعاً في ( صراع ) الحلفاء ما دامت الغنائم موزعة حصصاً على الجميع ؟!


أعتقد بأنه من المفيد لهذا البعض أن يكف عن الحديث بصيغة الإيهامات، لأن الأطروحات تكشف عن ذاتها من أول سطر، أما مسألة التقاطع مع المفاهيم والاستنتاجات المركزية، فهي مسألة ينبغي التوقف حيالها !!

 

 





الاربعاء٠١ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة