شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد أن كتبت بعض من المقالات التي تدور في ليبيا وأعطيت فيها مواقفي اتجاه ما يدور هناك ورفضي لتدخل الأجنبي الذي جاء في حجة إسقاط الدكتاتورية وإظهار الهدف الأساسي من الغزو البربري على ليبيا من اجل إيجاد قواعد غربية تزعزع الاستقرار والأمن لكل من مصر وتونس بعد أن تحررا من التبعية للغرب , وبعد اغتيال القذافي صمت برهة من الزمن ارقب الأحداث و أقرائها و أنا أشاهد قنوات الكذب التي تقلب الحقائق وكيف تسقط المناضلين وكيف ترفع المجرمين فبعد هذا التأني قررت أن اكتب شهادة في ذمة التاريخ واشهد الله عليها و الإنسانية جمعاء حول بعض المواقف المستفزة التي صدرت وفي مقدمتها فتاوى علماء السلاطين.


أذهلني موقف صدر عن شيخ علماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي الذي كان يتحدث حول ما يدور في ليبيا بكل حماس وتشجيع ولم يصدر أي فتوى من فياضان فتاواه لتحريم التعاون مع الأجنبي ( النيتو ) أو الاستعانة به بل اثر وفضل السكوت والتحدث عن الأوضاع وكأن كل ما يحصل هو حاله صحية وصحيحة وليست مخالفه لشرع والعقيدة , أي اتبع قاعدة ( السكوت علامة الرضا ), ومن هنا بدأت أتساءل هل عالم الدين يسكت عن الباطل أم ينفذ تعاليم الشريعة التي تحض على مجابهة المنكر والباطل في كل سبيل يستطيع به المرء وقد تجلى ذلك في حديث الرسول الكريم محمد (ص) عندما قال : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " (صدق رسول الله) , فبعد أن اعتادت يد الدكتور يوسف القرضاوي في طرق أبواب السلاطين فلا اعتقد أنها سوف تكون قادرة على مجابهة الباطل و خصوصا أنها تلوثت بمصافحة أيادي تشارك الصهيونية وترتكب الآثام يوميا فلا بد أن يداه تلوثت من تلك الأيادي النجسة , وبعد أن أصبح الدكتور يوسف القرضاوي جليس كل مذيعي قناة الجزيرة عبر برامجهم ولساعات طويلة من الكلام وتأيده لمن استعان بالغرب ومدحه لبعض الحكام الذين تأمروا على الأمة بأسرها فلا اعتقد كذلك بان لسانه قادر على مجابهة الباطل ولو بكلمه واحدة , ولو افترضنا انه رفض ذلك بقلبه وأخفى قوته بيديه التي يطرق بها أبواب السلاطين أو بلسانه الذي تحدث لساعات طويلة وعلى مدى أيام فيكون بذلك عبر بشيء عن اضعف الإيمان وبذلك لا يجوز له أن يكون عالم علماء المسلمين وهو ضعيف الإيمان .


فمن المحزن جدا أن يكون عالم من علماء الدين دمية بيد السلاطين لينفذوا بها السياسات الغربية المدمرة للأمة بعدما أن كانت جل المعارك الإسلامية التي فتحت الدنيا من أقصاها إلى أقصاها تنطلق من المساجد وكانت خطبة الجمعة التي يلقيها الأئمة من على منبر رسول الله بمثابة خطبه دينية سياسية تناقش الأوضاع وتحللها وتعمل بها على توعية أبناء الأمة أي كانت بمثابة اجتماع سياسي ديني أخلاقي إنساني يهتم بالقضايا التي تخص المجتمع الإسلامي خصوصا والمجتمع الإنساني عموما أما اليوم فقد أصبحت هذه الخطب لا تتعدى سرد قصص تاريخيه تتكرر في كل خطبه وتقضي جل وقتها في التبجيل للحاكم والدعاء له .


فبعد هذه العقود من التبعية والتجهيل المتعمد والتضليل للعقول العربية من قبل الأنظمة الرجعية وأدواتها التي تتخذ الدين ستارا لها في تضليل المواطن العربي وفي تشويهه دينه, فيجدر بنا أن نقول إننا مللنا من علماء الدين الذين أنجبتهم معامل المخابرات التابعة لهذا النظام أو ذاك وان الدين العظيم الذي نؤمن به يحتم علينا أن نقول بأننا بريئون منهم ومن فتاواهم المأجورة التي تفيض علينا لتخدم المصالح الغربية والتي أخذت تطل علينا من حين إلى أخر بوقاحة ودون أي مراعاة لعقولنا أو لديننا الحنيف فمنها ما صدر لتحريم العمليات الاستشهادية التي قامت بها الحركات والمنظمات الفلسطينية في بداية الانتفاضة الثانية وأخذت تصفها " بالعمليات الانتحارية" ومنها من تجرأ بالوقاحة أكثر وحلل لنفسه مصافحة رئيس الكيان الصهيوني الذي تتلطخ يداه في دماء الشعب العربي والمسلم في فلسطين والعراق وسوريا ومصر ولبنان بحجة انه في مؤتمر تسامح ديني !!!!! ومنهم من راح يغازل السياسات الغربية ويحلل نزع الحجاب إرضاء للقوانين الصهيونية التي تنتقص من الحقوق الشخصية والدينية للمسلمين في كل العالم ومنهم من تجرأ أكثر في سباق الوقاحة ودس السموم وراح يؤيد الغزو الاستعماري الجديد على ليبيا وراح يبارك للنيتو ويحلل التعاون معه ومنهم تجرأ أكثر وأكثر وحلل في السماح للقوات الأمريكية والصهيونية الغربية في إنشاء قواعد عسكرية على ارض الجزيرة العربية لضرب العراق ومنهم من حلل لحكامهم عقد اتفاقيات الإذعان مع الكيان الصهيوني بحجة السلام !!!! فمن حقنا أن نقف اليوم وان نقول بأننا مللنا من هؤلاء المرتزقة الذين يتسترون باسم الدين و انه يتحتم علينا إخلاصا لله ولدينه الحنيف أن نتبرأ من هذه النماذج التي تسيء لديننا ولامتنا.


فأنا لم اكتب هذا المقال من اجل الدفاع عن أي نظام كان فأنا عربي وابن لهذا الشعب الممتد من المحيط حتى الخليج وهموم الشعب هي همومي وأحلامه وطموحاته هي طموحاتي وأحلامي وأسعى معه من اجل تحقيقها ولكني ارفض أي تدخل أجنبي كان بالأمة العربية ولأي سبب من الأسباب بل علينا نحن أن نخوض ثورتنا بشرف دون أن نلطخ أيدينا بيد الأجنبي والغازي المستبد , فالنيتو والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية ليست عبارة عن جمعية خيرية تقدم لنا الهبات من الحرية هنا وهناك, بل هي طامعة بثروات هذه الأمة وهي من أوجدت هذه الأنظمة الرجعية المفضوحة وحينما تحرك الشعب من اجل الثورة على هذه الأنظمة فأراد الغرب أن يلتف على ثوراتنا ويزيلها ليضع مكانها دمى جديدة تخدم مصالحه وبأشكال غير التي اعتدنا عليها خلال 4 أو 5 عقود ماضية .


فأنا لست من علماء الدين لكي اصدر الفتوى بحق هذا او ذاك ولكن ما يحصل هو حاله مستفزه تتجاوز وتحرف حتى النصوص الواضحة والصريحة لتبث السموم الغربية باسم الدين فإيمانا مني بهذا الدين العظيم وانتماء وحب مني لهذه الأمة كتبت هذا المقال مخاطب به كل ضمائر الشرفاء من امتنا.
 

 

 





الاربعاء٢٠ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / تشرين الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أسعد عطاري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة