شبكة ذي قار
عـاجـل













لم تكن للرياضة ديانة ولا مذهب سياسي ولا نظام اجتماعي أو اقتصادي ، بل هي مبادئ إنسانية يشارك فيها الإنسان الغني والفقير، المعلم والمهندس والطبيب وإلخ ، كلهم يتنافسون في ميدان واحد بأجناسهم وأديانهم لتحقيق هدف مشترك هو الالتقاء مع الشباب، بل وتطورت الرياضة وأصبحت مرآة تعكس لنا صورة تقدم هذه الدولة عن الأخرى سواء اجتماعيا أو اقتصاديا، أي أن الرياضة لم تكن في يوم من الأيام مفسدة للسياسة أبداً، والعكس هو الصحيح .


كانت الرياضة قائمة على كل ما هو مثالي، لدرجة أن المثالية أصبحت تنسب للرياضة وليس العكس. وعلى نقيضها تماما نجد السياسة التي لا تعترف بالمشاعر أو الأخلاق بل لا يحتوي قاموسها سوى مصطلح المصلحة أو المصلحة العامة.


ولكننا في زمننا هذا أصبحنا نشاهد تقاطعات كثيرة ما بين الرياضة والسياسة، وأصبحت الرياضة تعتبر ممر للكثير من الأغراض السياسية، وينظر المتفائل لهذه التقاطعات ويقول «إن ما تفسده السياسة تصلحه الرياضة» هذه الجملة التي نسمعها كثيراً، ولكن هل هذه الجملة صحيحة؟


إن كل شيء في وقتنا الراهن له علاقة بالسياسة من الاقتصاد وحتى الحرب، وبالتالي فالرياضة ليست استثناءً، وإن كانت الرياضة لها فسلفتها ولها أهدافها ومفاهيمها وأكبر نموذج لمفاهيمها الاوليمبياد، فالحركة الأوليمبية الحديثة من أهم مفاهيمها أن تبعد الرياضة عن السياسة وعن الدين ولا تجمع على أساس الجنس أو الدين أو النوع -رغم أن الاوليمبياد هي أصلا طقوس دينية يونانية-.


شاهدنا مؤخرا أحد أشكال التأثير السياسي على الرياضة وكان هذا التأثير سياسي ديني طائفي وعرقي، وكانت كل هذه العوامل كانت حاضرة بقوة في مباراة كرة القدم التي جمعت المنتخبين السعودي والإيراني في استاد "آزادي" في العاصمة طهران ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب إفريقيا.


وامتلأ الملعب بحوالي من 120 ألف مشجع إيراني، ولو أعدنا بالذاكرة لأربع سنوات خلت لتذكرنا أن الاتحاد الدولي كان قد منع الإتحاد الإيراني من ملئ مدرجات ملعب أزادي وذلك لعدم وجود وسائل السلامة في الملعب رغم ذلك امتلأ الملعب عن آخره.


ليس هذا ما أريد أن أشير إليه أو الملفت في القضية بل ما أقصده هو الشعارات الصاخبة التي صاحبت دخول اللاعبين أرضية الملعب التي تقول "الخليج فارسي وسيبقى فارسياً للأبد"، دون أن أنسى ذكر حضور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى الملعب في سابقة نادرة ولا أذكر أنها قد حدثت، مما يؤكد رغبة الإيرانيين في تسييس المباراة، لا سيما في ظل الأحداث المتتابعة على الساحة الخليجية، والعلاقات الإيرانية العربية.


إن القيادة الإيرانية والشعب الإيراني لم يجدوا طريقة لإيصال هذه الرسالة للشعوب العربية لا سيما الخليجية إلا عن طريق الرياضة. وهي أقصر الطرق وأسهلها لهذه المهمة إذا ما قارنا نسبة المشاهدة والتغطية الإعلامية في وقت المباراة بأي وقت آخر.


إن تسييس مباراة المنتخب السعودي مع إيران ليست الحادثة الأولى للسعودية بل سبقتها حادثة أخرى في عام 2005م على أعقاب مباراة السعودية مع المنتخب المجري، ورغم أنها مباراة ودية إلا أن رئيس الوزراء المجري صرح وأشاد بالمنتخب المجري لقتاله بشجاعة خارقة ضد "الإرهابيين العرب"، مما حدا الحكومة السعودية إلى سحب سفيرها، وانتهت الأزمة باعتذار رئيس الوزراء عن تصريحاته التي أدلى بها.



يتبع الجزء الثاني ....
 

 

 





الاربعاء٣٠ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / أيلول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق ابراهيم الحمداني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة