شبكة ذي قار
عـاجـل










عاش الشعب العربي سنوات طويلة ظن فيها كثيرون ان الأمة أسلمت الروح لبارئها، او بالأحرى لأعدائها، واطمأن المتربصون ان ليل الأمة سيطول، ولم يكن يدور في خلد أكثر الناس تفاؤلا أن يأتي يوم يتحقق فيه هذا المشهد الخلاق ليكون حقيقة عيانية متجسدة ماثلة.


هكذا كان واقع الامة قبل السابع عشر من ديسمبر، يوم انبرى شاب مسحوق من تونس العربية الأصيلة ليؤسس مرحلة جديدة في تاريخ الامة كلها، ويجعل من جسده شعلة حرية للعرب كلهم.


اليوم يمكن القول بلا مواربة وبكل وضوح انه ليس ثمة ثورة شعبية عربية ترقى الى مثل هذا الفعل العظيم الذي أبدعه شباب مصر الثائر الذي لطالما صوَّرته لنا قنوات العري والتفاهة نموذجا للخنوع والاستكانة البعد عن عظائم الأمور.


اليوم ليس بمقدور اي كلمة ان ترقى الى فعل هذا الشعب الجبار الذي صمد 18 يوما أثمرت عن سقوط هذا الطاغوت القزم وركله في فعل تاريخي فريد في مسيرة البشرية.


اليوم كتب تاريخ جديد ليس في مصر وحدها ولا في الوطن العربي كله فحسب، بل انه تاريخ جديد يكتب للانسانية كلها، في فعل يبقى أكبر من كل كلمة وأكبر من كل وصف.


اليوم أثبت شعب مصر قدرته الخلاقة، وعظمته الحقيقية، وأثبت هؤلاء الشباب الذين مسكوا ناصية التاريخ ليصنعوه من جديد، انهم أحفاد تلك الرموز التاريخية الكبرى التي بنت مصر في تاريخها الطويل المجيد.


يوم أن ظن هذا الفرعون القزم انه استطاع مسخ روح مصر وشعبها الاصيل، وارتهنها للهيمنة الامريكية والصهيونية، كان الرئيس الشهيد صدام حسين يبشر الدنيا كلها بأن ثمة شمس لا تغيب ستشرق على الامة كلها، وان فعل الامة يبقى أكبر، وان روحها ستبقى وثابة لن تنهزم.


حينها كان هذا الجاسوس القزم يتباهى بعمالته وخيانته، يومها كان هذا الخفيف الأرعن يتندر على نبوءة صدام حسين، ويحشد عليه أقلام كتبته الحاقدين، وقد رأى العالم كله كيف سهَّل السبل أمام آلة العدوان الغادر، وكيف سوَّق الأكاذيب ضد العراق، وحينها كان يقف متباهيا ليقول إنه قدَّم (النصيحة) لصدام حسين ليغادر وطنه، في اصطفاف أرعن مع المتخاذلين الصغار الذين راحوا يتباكون على مصير شعب العراق، وكأنهم أوصياء على شعب سومر وبابل واشور وأكد وبغداد المنصور والرشيد والمأمون.


ودارت دورة الأيام ورأينا كيف انحنى هذا القزم الأرعن أمام قوة الفعل الشعبي العظيم والخلاق، دارت دورة الأيام وسقط هذا الخفيف الوضيع، تتبعه ملايين اللعنات، بينما بقي صدام حسين علامة فارقة في جبين الامة وقامة عز سامقة.


دارت دورة الأيام وطار هذا الجاسوس ونظامه في مهب الريح بعد صمود بطولي لشعب مصر، استعادت فيه مصر دورها الحضاري، بل استعادت روحها وطهارة ثوبها ورونق وجهها الوضاء الذي سعى هذا الخسيس، جاهداً، لتشويهه ومسخه.


لم يسقط الجاسوس مبارك لوحده، ولا نظامه الفاسد المجرم فحسب ، بل سقطت حقبة كاملة من تاريخ الامة العربية كلها، سقطت مرحلة الخنوع والذلة والارتهان للاجنبي، سقطت هذه الحقبة التي بدأها هذا المهرج وتبرعت أنظمة الرذيلة على شطآن الخليج العربي في تسويقها.


سقط مبارك مخزياً، كما سقط كل الطواغيت، وكما ابتلع اليم جسد فرعون وقارون وهامان وانتصر شعب مصر اليوم، كما انتصر من قبل نبي الله موسى ومن آمن معه.


مجداً لشعب مصر العربي الأصيل.
ومجداً للشهيد مصطفى رجب اول شهداء الثورة المصرية.
ومجداً لشعب تونس العربي الأصيل، وشهيده الخالد محمد البوعزيزي الذي أوقد بجسده الطاهر شعلة الثورة العربية الكبرى.
والتحية لشعب فلسطين الصامد الصابر المرابط.
والمجد لشعب العراق الذي يكتب أروع ملاحم الفداء الانساني في مقاومة فذة جعلت الغزاة الامريكان يتمرغون في وحل الهزيمة.
والمجد كل المجد لروح صدام حسين في الخالدين.
وبعداً للمخزي كما بعدت ثمود ...

 

 





الجمعة٠٨ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / شبــاط / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مصطفى كامل نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة