شبكة ذي قار
عـاجـل










حبيبتي بغداد

أم صدام العراقي

 

في تاريخ الشعوب أمثلة كثيرة عن تعلق الإنسان بالأرض، بالقرى، بالمدن والوطن.. وعبر كل العصور والعهود لم تلق مدينة من عاطفة ومحبة كما هو الحال بالنسبة إلى بغداد.

بغداد العاصمة التي كانت وما زالت النقطة المشعة في الشرق الأوسط، مدينة ولا كل المدن، وعاصمة ولا كل العواصم، أحبها حتى العشق، أحبها منذ أن ولدت فيها، أحبها كيفما كانت، حتى في أحلك أيامها.

بغداد الوحيدة بين عواصم العالم التي لا تعرف الحزن، ولا الحقد، ولا الكراهية.

هي مثال المرأة الجميلة بأخلاقها وخلقها على حد سواء، وبقدر ما أحبها تزداد جمالاً وزهواً، وبقدر ما يحاولون تلطيخها تبقى ناصعة البياض أكثر من ثلوج جبال العراق الشامخة.

حبيبتي بغداد أصحى على حبها كل صباح، وأنام على حبها كل مساء، هي اليوم كل التناقضات، عاشقة، أديبة، حزب سياسي، ميليشيات، حواجز، قتل وسلب وخطف على الهوية، هي دمار وتدمير، سيارات مفخخة، انفجارات موقوتة، قصف عشوائي واغتيالات، هي عاصمة الحرب والسلام على حد سواء، عاصمة العشاق والمقاتلين، عاصمة لقاء المحبين والقنابل التي لا تنطفئ، عاصمة كل شيء، ولا شيء مطلقاً.

حبيبتي بغداد، نعم هي حبيبتي، هي شاعرة تنظم الشعر الغزلي على الشواطئ، وتلقي أبياتها النثرية في الشوارع والأزقة التي لا تنام إلا على أزيز الرصاص وهدير الانفجارات.

أحبها رغم إرادتي، كلما ابتعدت عنها شعرت أني أفقد أجمل ما في حياتي، فأعود لها مسرعة مقبلة أرضها وأرصفتها وحاراتها وشوارعها، فهي محبوبة القلب بلا منازع، وبلا مقدمات ولا تفاصيل.

هي فاتنة جاءت من أعماق البحر لتستمتع بجمال الطبيعة، هي فنانة رائعة تسحر بابتسامتها وتبلسم الجراح بلمسة حنان، وتعطي سكانها ما فقدوه أيام المحن، هي حبيبة، ولا كل الحبيبات، لا تنام ولا تغضب ولا تكره.

بغداد حبيبتي لا تغضبي، ولا تيأسي، نحن أبناؤك أقوى من الغضب، وأقسى من اليأس.

أحبك بعنف، أضمك بعنف، أقبلك بعنف حتى نهايتي، وسأكون عنيفة فقط في حبك.






الاربعاء ١٠ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / أذار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أم صدام العراقي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة