شبكة ذي قار
عـاجـل










صراع سياسي أم صراع مافيات

ابن قاسيون

 

الخارطة السياسية العراقية التي تشكلت بعد 2003 خارطة هشة وغير ثابتة ولا متوازنة ولا متجانسة، هي خارطة تشبه كثيراً خارطة توزيع نفوذ عصابات المافيا العالمية.

عصابات المافيا العالمية تقاسم مناطق النفوذ، وتحافظ كل منها على مناطقها من أي اختراق قد تقوم به عصابة أخرى.

هذا النفوذ غير ثابت ولا مستقر، فحين تشعر أي عصابة مافيا أن وَهْناً أو ضعفاً أصاب نفوذ عصابة أخرى فإنها تسعى جاهدة إلى الاستفادة من هذا الضعف والترهل لتوسيع نفوذها والسيطرة على مساحة أخرى.

 

العراق الذي تسيطر عليه منذ 2003 عصابات مافيا، تتوزع النفوذ والسيطرة وتأتمر جميعها بغرفة عمليات واحدة، مركزها إيران، التي تسعى إلى إيهام الشعب العراقي أن أي خلاف بين مكونات العملية السياسية هو خلاف لمصلحة الشعب العراقي لأنه يعبر عن ديمقراطية حقيقية والجميع يسعى لخدمة الشعب.

 

الحقيقة تقول إن عصابات المافيا في العراق تهيمن عليها إيران بلا منازع، ولا حقيقة خلاف ذلك.

تحاول عصابات المافيا في العراق إثبات ولائها( للسيد الأعظم)، وأن كل واحدة هي القادرة على تنفيذ أوامر (السيد) الذي يحرك الجميع معتقداً أن لا أحد يراه أو يشعر به.

مافيا الصدر لا تختلف عن مافيا المالكي، ولا عن مافيا العامري والحكيم والحشد وغيرها من العصابات التي انتشرت فوق أرض العراق بعد 2003.

شعرت مافيا الصدر بعد الانتخابات الأخيرة أن هذه الانتخابات أفرزت واقعاً مختلفاً أثبت ضعف العصابات الأخرى، فاتخذت مبدأ المافيا العالمية أن تتوسع على حساب نفوذ العصابات الأخرى، وما كان لها أن تفعل ذلك دون ضوء أخضر من غرفة العمليات، وقد يكون الضوء الأخضر الممنوح لمافيا الصدر هو تنبيه أو "فركة أذن" للعصابات الأخرى المنضوية تحت ما يسمى الإطار التنسيقي بأن لا تركن إلى السياسة كثيراً، ولا تتلهى كل الوقت بالسرقات والنهب، وأن لا تغفل الجانب الأهم عند إيران وهو الجانب "الطائفي"، لأنه سبب وسر وجود كل هذه العصابات.

 

نلاحظ أنه كلما ارتفع منسوب الخلاف الوهمي المصطنع بين مكونات "البيت الشيعي" يرتفع منسوب التخويف من المكونات الأخرى، وهذا ما رأيناه واضحاً من التصريحات المبطنة للبعض بالتهديد أن أي اقتتال بين مكونات البيت الشيعي سيطال المكونات الأخرى، التي تتخذ موقف المتفرج من الأحداث.

هذا التحريض المبطن ليس عبثياً، بل هو متعمد ومقصود تسعى من خلاله غرفة العمليات أن تثبت سيطرة العصابات بمختلف مسمياتها على الأرض، دون افساح المجال لأي عصابة أن تتخذ منحىً مختلفاً عما تراه "غرفة العمليات".

 

الصراع بين العصابات أمر وارد، ولكنه لن يحدث إلا إذا أرادت مشيئة "الزعيم الخفي" ذلك، وفي هذا الظرف الدولي الحساس يبقى ما بين العصابات مجرد تهويش وكلام فضائي.




الخميس ٥ صفر ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أيلول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابن قاسيون نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة