شبكة ذي قار
عـاجـل










في الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيل القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق

البعث قدر الأمة العربية في هذا العصر

الدكتور غالب الفريجات - الأردن

 

ليس من السهل الإحاطة برجل بحجم الأستاذ أحمد ميشيل عفلق الذي أسس لقيام حزب البعث العربي الاشتراكي في أربعينيات القرن الماضي، هذا الحزب الذي استطاع الوصول إلى سدة الحكم في قطرين عربيين هما سوريا التي سيطر عليها العسكر، وأعلن الأمين العام للحزب أن هذا الحكم لا يمثل حزب البعث إلى حد وصل الأمر بنظام العسكر بقيادة حافظ أسد التنكر للحزب، والحكم على أمينه العام بالإعدام، وفي العراق تمكنت ثورة السابع عشر الثلاثين من تموز ١٩٦٨ بوصول حزب البعث إلى السلطة حتى عام الغزو والاحتلال الأمريكي في العام ٢٠٠٣.

 

يقول الأستاذ عفلق " إن حركتنا أصبحت قدر الأمة العربية في هذا العصر"، حركة البعث هي حركة الأمة العربية وتطلعاتها نحو تحقيق مستقبلها في تحقيق الوحدة في مواجهة التشرذم، وتحقيق الحرية في مواجهة العبودية والاستبداد، والعدالة الاجتماعية /الاشتراكية في مواجهة التخلف والتبعية.

 

لقد أكد الأستاذ عفلق على أهمية الإسلام ودوره في نهوض الأمة العربية، حيث كان تقديره وإعجابه للرسول محمد صلى الله عليه وسلم مكانته في نهوض الأمة ومن أقواله في ذكرى الرسول العربي "لقد كان محمد كل العرب فليكن كل العرب اليوم محمدا"  وهي دعوة لان يكون كل عربي اليوم محمداً في سلوكه واخلاقه ونضاله وتضحياته.

 

حركة البعث في تقديره هي قدر الأمة العربية بأوسع ما في هذه الكلمة من معنى، اي بعث الروح والفكر والأخلاق والإنتاج والبناء، وان تُبعَث كل المؤهلات والكفاءات العملية للامة في هذه المجالات.

 

ويجسِّد البعث ذلك اليوم كما جسده على مدى أكثر من سبعة عقود، ففي مثل هذه الظروف التي يعيشها البعثيون وما يحيط بهم من أخطار صهيونية وصفوية واستعمار غربي ورجعية ضد الثورة العربية يقف البعثيون كالطود الشامخ في كل أقطار الوطن العربي، وعلى كل أرض يتواجد فيها تنظيم البعث، وفي هذه الأيام التي تعاني منه أقطار أمتنا من تبعية وتخلف وهيمنة صهيونية صفوية وامبريالية يقدم البعثيون نموذجاً نضالياً رائعاً في كل ساحات المواجهة مع اعداء الامة وبشكل خاص على أرض فلسطين والعراق.

 

كان إيمان عفلق في هذه الأمة إيماناً منقطع النظير، وكان دور حزب البعث في العراق أكبر تجسيد لهذا الايمان رغم كل الظروف الصعبة، والتي توحدت فيها كل قوى البغي والعدوان، لتؤكد أن نضال البعثيين وتضحياتهم هي أكبر شاهد على مدى إيمانهم بمبادئ البعث الذي اثبت أنه حزب التنمية وحزب المقاومة لما قدمه على أرض العراق من تنمية مقرونة بالتضحيات على طول مسيرته حتى يومنا هذا.

 

لا شك أن الأستاذ عفلق كان يستشرف المستقبل، وقد كان له في وصفه لابن البعث البار الذي وصفه بأنه هدية البعث إلى الأمة، ولقد أكد الرفيق الشهيد صدام حسين ذلك في كل مواقفه النضالية وحتى وقفته البطولية في مواجهة الموت قد أكدت حجم الشخصية البعثية في شخص صدام ورفاقه المناضلين في كل مستويات الكوادر الحزبية على الصعيدين القطري والقومي.

 

يؤكد الأستاذ عفلق: "أن حزبنا بعد كل مرحلة من نضاله يخرج أقوى مما كان في الماضي... وأن معركة العرب معركة إيجابية بكل معنى الكلمة لأنفسهم وللعالم، فبمقدار ما يتحررون يحررون العالم... مما يعني أن حركة البعث ليست حركة جيل واحد بل هي حركة كل الأجيال في الأمة العربية حتى بعد تحقيق أهدافها في الوحدة والحرية والاشتراكية".

 

ميشيل عفلق الذي عاش للنضال وقاتل على أرض فلسطين، وواجه السجن، وقرار الإعدام من نظام حافظ أسد الذي عمد لضرب الحزب والالتفاف على شعاراته، لم تتمكن كل هذه الظروف القاسية أن تثنيه عن السير في طريق نضاله، ولم يتزعزع هذا الإيمان لديه بقدرات الأمة وحتمية تحقيقها لأهدافها.

 

عاش الأستاذ عفلق فقط للنضال من أجل بناء وحدة الأمة، فأمتنا في طور التوحيد على عكس ما يدعيه اليسار الطفولي أنها في طور التكوين، فمنذ بزوغ الإسلام  وتكليف العرب برسالة السماء تحقق تزاوج روح السماء مع ارادة الإنسان العربي، وصنع هذا العربي نموذجاً حضارياً تجاوز كل النماذج الحضارية التي صنعها بنو البشر، فقد حملت أمتنا رسالة السماء وقدمتها إلى أمم الأرض وشعوبها، وكان عفلق مؤمن بأن هذه الأمة قادرة على احياء دورها في فهم الإسلام  وتعظيمه، واعتباره أن القرآن الكريم للإسلام،  هو كتاب العرب الذي يجب على كل عربي مسلم ومسيحي أن يجسد ما تضمنه من قيم ومبادئ من اجل تحقيق بعث الامة ونهضتها في عصرنا الراهن.

 

الأستاذ عفلق عنوان بارز من عناوين النضال القومي العربي ومفكر على الصعيد العالمي، وهو مؤسس لأهم فصيل قومي عربي القادر على أن يبني مشروعه الوحدوي التحرري في وحدة عربية كاملة، وتحقيق حرية الأرض العربية من رجس الاحتلال والانسان العربي من التبعية والتخلف.

 

لم يكن الأستاذ عفلق يبحث عن مجد شخصي أو جاه أو منصب أو مال، بل سخر كل حياته، للنضال القومي، لم يتزحزح إيمانه الصادق بحتمية انتصار الأمة، ومشروعها القومي الوحدوي رغم كل ما واجه البعث ونظامه في العراق من مؤامرات صهيونية صفوية امبريالية، فإحياء ذكرى وفاة الأستاذ عفلق مسؤولية قومية يجب على كل المناضلين في هذه الأمة أن يتوقفوا عندها وبشكل خاص أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي، فالبعث كمدرسة وميشيل عفلق هو مؤسسها وراسم طريق نضالها في دستورها ونظامها الداخلي وقومية وحدتها وتوجهاتها.

 

رحم الله الأستاذ أحمد ميشيل عفلق، ورحم الله قادة الحزب المناضلين، وفي مقدمتهم الشهيد صدام حسين، والرفيق الامين العام عزة ابراهيم.

ورحم الله كل رفاق البعث الذين جبلوا تراب العراق بدمائهم الزكية.

 






الجمعة ٢ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة