شبكة ذي قار
عـاجـل










لم تكن سياسة التوطين جديدة في أجندة الدول الاستعمارية لتغييب شعب عن أرضه وإرثه الحضاري والثقافي وممتلكاته وما يعتز به.

فسياسة التوطين أو احتلال أراضي الغير بالقوة أو استخدام أساليب متعددة لتفريغ الأرض من سكانها واحلال آخرين بدلاً عنهم بوسائل تعسفية وقهرية وما يرافق ذلك من مصادرة الأراضي، أو إنشاء مشاريع واستقدام عمال من غير ساكنيها وتهجير السكان الأصليين دون رغبة منهم في أغلب الأحيان، وهذه الحالة لا شك أنها ستترك آثاراً سلبية ومعنوية للمهجر من أرضه وما يعتز به من علاقات وذكريات وتاريخ وتغيير أسماء الشوارع والقرى والمدن والشواهد التاريخية والحدود الجغرافية، فما فعله النظام الإيراني خلال فترات زمنية متعددة من تشجيع الإيرانيين من غير القومية العربية الهجرة إلى الأحواز العربية مع توفير حاجاتهم الحياتية من عمل وسكن وغير ذلك، مما يشكل خرقاً واضحا للاعتبارات الإنسانية.خاصة إذا كان الهدف لأغراض عنصرية أو ثقافية لتغيير ديمغرافية الأحواز العربية، إذ جعل عرب الأحواز يعيشون في حالة قلق على حياتهم وعلى وضعهم الأمني والاقتصادي، مما يؤكد حتمية رفضهم لهذه الحالة التي تولد صراعاً مستمراً مع النظام الإيراني.

فالشعوب الحرة التي تؤمن وتعمل من أجل كرامتها وحقوقها في الحياة لا يمكنها الاستسلام لهذا الواقع حتماً، وإن فرض بالقوة، فالنظام الإيراني دائماً ما يلجأ لسياسة التمييز العنصري والكراهية، وإصداره تشريعات ونظم إدارية لتضعف من مقومات الشعب العربي الأحوازي كي تجعله في دائرة الضعف والتبعية الفارسية، فشعب الأحواز تنبه لهذه الإجراءات غير الإنسانية الدالة على عدم العدالة والمساواة بين القوميات الأخرى مما حدا إلى إعلانه الاحتجاجات والمظاهرات على سياسة النظام الفارسي الشوفيني، وما زال هذا الرفض قائماً.

هذا الواقع يجعلنا أكثر حذراً وانتباهاً في العراق لمشاريع مشابهة قامت بها السلطة الإيرانية في الأحواز العربية، كتبديل عدد من أسماء شوارع ومدن وقصبات في العراق ومنشآت إلى أسماء لعملاء إيران أو لأسماء فارسية، مع توافد الإيرانيين إلى داخل العراق بحجة زيارة الأماكن الدينية وغيرها، دون تدقيق جوازات سفرهم أو تفتيشهم جمركياً وفرض رسوم عليهم مع تعرض موظفي الجمارك لعقوبة إذ منع دخول مخدرات أو ممنوعات وكأن العراق أصبح ضيعة إيرانية بلا سيادة، هذه الحالة تذكرنا بعد الاحتلال الأمريكي مباشرة، إذ صدرت نشرة موقعه من عبدالعزيز الحكيم و إبراهيم الجعفري مضمونها الدعوة لقيام وحدة إسلامية بين العراق وإيران ورفع الحدود البرية والجوية بينهما، وما يؤكد ذلك هبوط طائرات مدنية إيرانية في مطار بغداد وغيره دون أخذ موافقات رسمية أصولية من قبل الخطوط الجوية العراقية، وكأن الطائرات وركابها يتنقلون من محافظة إلى أخرى داخل إيران، وعدد منهم وعلى شكل دفعات كبيرة جداً تم منحهم الهوية والجنسية العراقية خلافاً للقانون واسكانهم في محافظات النجف، كربلاء، البصرة، وإيجاد عمل لهم كقوة بشرية للأحزاب الطائفية العراقية في محاولة تغيير ديمغرافية العراق، وكما حصل إجلاء سكان جرف الصخر عن أراضيهم وعوائل موصلية ومدن عديدة دون الموافقة على عودتهم إلى أراضيهم ومدنهم من قبل سلطة المليشيات الطائفية والاستيلاء ومصادرة دور مواطنين عراقيين ومساحات كبيرة من أراضيهم وبساتينهم.

فالحذر من سياسة التوطين الفارسي وقضم الأرض العراقية، كما حصل للأحواز العربية.





الاربعاء ١٣ رمضــان ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيــار / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عامر الدليمي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة