شبكة ذي قار
عـاجـل










من بين ما تمييز به غزو العراق عام ٢٠٠٣ م هو قيام قوات الغزو بسرقة ملايين الدولارات من بنوك العراق وسرقة المكونات الثمينة للمنشات العراقية المختلفة وسرقة آثار العراق وكنوزه في مختلف مدن العراق الأثرية ومتاحفه . وقد أعلن عن عمليات النهب هذه وقيدت ضد مجهولين رغم إن عمليات السرقة والنهب قد وثقت صورة وصوت وكل الذين قاموا بها أفرادا ودول معروفين .

وكلنا يتذكر تسميتين كثر إستخدامهما في أشهر وسنوات الغزو الأولى هما تسمية ( الحواسم ) التي أطلقت على عمليات النهب والسلب التي قامت بها خلايا كانت نائمة ونهضت مع دخول الغزاة من حزب الدعوة العميل وأشباهه ونضراءه ومجاميع أدخلها الغزاة بعضها يعود لمخابرات دول مجاوره , وتسمية ( علي بابا ) التي أطلقت على الذين يقومون بأعمال السلب والنهب والسرقات من دوائر الدولة المختلفة والشركات والمصانع الحكومية . لقد تداخل عمل قوات الغزو وحكمه المدني مع هذه العصابات الى حد الأنصهار .

عمليات الحواسم للنهب والسلب وأبطالها من ( العلي بابوات ) حاول البعض الصاقها بالعراقيين في أول عمل مصمم لتبشيع وتشويه سمعة شعب العراق . ومع إننا لا نستطيع إنكار مشاركة نفر ضال من العراقيين الذين كانوا أرباب جرائم وخرجوا من السجون والمعتقلات توا وتزامنا مع بدء عمليات الغزو العسكرية الا ان هؤلاء العراقيين كانوا نفرا كما قلنا وان الذي شاهدناه بأم أعيننا من عمل منظم وممنهج لسرقة ممتلكات الدولة من العملات الصعبة والذهب ومكائن والات ثقيلة منها أجساد الطائرات والدبابات وأنواع مختلفة من الأسلحة وقام به الغزاة أنفسهم ومجاميع رافقتهم قد تكون معدة أصلا لهذا الغرض وأعدادها كبيرة .

إذن : عملية غزو العراق لم تكن عملا عسكريا قام به تحالف دولي من عدد كبير من جيوش وأجهزة الدول المتحالفة فقط بل كان عملا مصمما لتفريغ العراق من ثرواته وكنوزه التي لا تقدر بثمن من جهة وشيطنة شعب العراق عبر الاتهام الواسع له بأنه شعب لصوص وسراق . ومن هنا نستطيع أن نقول إن الاتهامات قد وجهت لضباط أمريكان وأنجليز وغيرهم بسرقة ذهب وأموال وآثار و وجهت أيضا للحاكم المدني بول بريمر تهمة سرقة مليارات الدولارات وهي تهم لم توجه جزافا بل لها ما يسندها ويؤكدها الا ان التهم وحجم الخراب والدمار التي تركتها عمليات النهب قد تم نسيانه وتناسيه وتجاهله مع تقادم الزمن مع إنه بمجمله يشكل سمة بارزة من سمات غزو العراق رافقت دخول القوات الغازية وأستمرت الى يومنا هذا : إنه غزو لسرقة الثروات والكنوز التي جنتها ثورة ١٧- ٣٠ ١٩٦٨ تموز في العراق وللعراق ولشعبه والتي جاء الغزو أصلا لوأدها هي وما أنجزته وحققته في العراق . الغزو بهذا المعنى هو غزو فاسد وليس مجرم عسكريا فقط .

(ورغم اننا نعرف ان جماعة أحمد الجلبي بشكل خاص يسمى ب ( المؤتمر الوطني ) كان لهم حضور قوي في عمليات النهب التي رافقت الغزو وبالذات في بنوك ودوائر وشركات بغداد غير إن مهمة التواصل بالسرقة قد أنيطت بالاحزاب والمليشيات التي تشكل منها مجلس الحكم وما تبرعم وتكاثر منها في سنوات الاحتلال اللاحقة . وما يطلق عليه ب ( فساد العملية السياسية ) والقائمين بها وعليها ما هو الا عمل مصمم وضعت مناهجه ورسمت خططه وعينت أدواته وأفقه في لندن وواشنطن وليس وليد صدفة ولا هو ناتج عرضي ولا هو عمليات رذيله أفرزتها ظروف لاحقة رغم ان الظروف اللاحقة قد بلورتها ووفرت لها مزيدا من ثروات وكنوز العراق لتتواصل منهجية النهب وسياساته ووسائل تطويره وتوسيعه لينزل الى أصغر موظفي الدولة بل ويطال شيوخ قبائل ورجال معممين وضباط في القوات الامنية البديلة التي صنعها الاحتلال .

علي بابا كان يجب أن يظل شاخصا في حقبة الاحتلال ويمثله عراقيون يحملون الجنسية العراقية وآخرون من مزدوجي الجنسية لكي تستر وتخفى هذه الميزة القذرة عن الامريكان الغزاة وأعوانهم من الخونة والعملاء والسماسرة والمرتزقة ومنهم عمار الحكيم ومشعان الجبوري وأحمد الجلبي وجلال الطالباني وعصاباتهم بشكل خاص. كان لا بد من إفقار العراق عبر سرقة ونهب كل ما وفرته ثورة تموز المباركة وقيادتها التاريخية من غنى وبنى وكان تأميم النفط رائدها وقاعدتها الأعظم . كان لابد أن تكون العملية السياسية هي عملية تجويع وإفقار وإذلال لشعب تموز الذي كسر هيبة ايران وانتصر أيضا في عمليات بناء العراق وتطوره حتى صار من بين أغنى دول العالم ومستوى معيشة شعبه من بين الافضل أيضا .

فساد العملية السياسية ليس مشكلة وقعت بها الاحزاب التي مكنها الغزاة من السلطة بل انها فعل طبيعي كونه جزء من تكوين هذه الاحزاب والفساد بالنهب والسلب كان ضمن مخططات الغزو وأوكلت مهامه الى أعضاء مؤتمر لندن وقرار تواصله وإستمراره مرسوم سلفا أيضا . العملية السياسية صممت فاسدة وكل من دخل بها بدءا ولاحقا فاسد وهدف الفساد هو سمة وميزة وصفة من سمات وصفات الغزو لان هدف سرقة منجزات تموز قد كان في قمة أهداف الغزو .





الاثنين ٢٤ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أب / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة