شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ فترة ليست بالبعيدة، أعلن نوري المالكي بمنتهى الصّفاقة عن السّياسات المستقبليّة للحشد الصّفويّ وتمثّل ذلك أساسا فيما اعتبره انتقالا نوعيّا في مهامّه حيث لن يقتصر دوره على العراق، وأكد على أنه سينتقل للنّشاط في سوريّة وفي أيّ مكان تتطلّب حساباته مثل ذلك مشيرا ضمنيّا بالخصوص لليمن والخليج.

وتعتبر ميليشيّات الحشد الصّفويّ ذراعا ضاربا من أذرع الأخطبوط الفارسيّ ويعمل هذا الذّراع على ترهيب العرب وتذبيح عروبتهم والانتقام منهم على أسس طائفية لا في العراق فقط وإنّما في كلّ الوطن العربيّ، كما يتكفّل بتنفيذ أشدّ المهمّات قذارة وبشاعة وذلك بالاستناد على فتوى المشعوذ السيستاني وما تشكّله من تبرير فقهيّ وغطاء دينيّ يحجب أعمالها الإجراميّة والهدف من تأسيسها.

وبالعودة لنصّ إعلان المالكي وقتها، أبدى شريكه في حزب الدّعوة الإيرانيّ حيدر العبادي معارضته لمثل هذه السّياسات مشددا على أنّ الحشد عراقيّ – وطبعا لا علاقة للحشد الصّفويّ بالعراق تماما كما لا علاقة للعبادي به – ومهامّه تقتصر وجوبا على السّاحة العراقيّة وهي منظّمة ومحتكمة لقوانين العراق. وفي الحقيقة لم تكن تصريحات العبادي كما شدّدنا على ذلك مرارا إلاّ مناورة من مناورات الأحزاب الطّائفيّة الإيرانيّة التي تحكم العراق منذ الاحتلال من جهة، وسعيا لامتصاص الغضب والاستياء اللّين رافقا إعلان المالكي من جهة أخرى ويتنزّل ذلك كلّه في إطار التّناغم والتّماهي لا فقط بين العملاء الفرقاء المتنافسين ظاهريّا والملتزمين التزاما وثيقا بتعليمات وتوجيهات وأوامر أسيادهم وخصوصا الفرس، فالحشد تشكّل بإرادة فارسيّة خالصة ولغايات إيرانيّة لا جدال عنها.

إنّه وكما جاء في خطاب المالكي، توزّعت عديد الميليشيّات الطّائفيّة الصّفوية المنضوية تحت لواء الحشد الصّفويّ في سوريّة وشاركت وتشارك في سيول الجرائم الإرهابيّة الجارفة التي تسطّر ضدّ سوريّة وشعبها، وبلغ عدد تك الفصائل العابثة بسوريّة ما يزيد عن الخمسة عشر فصيلا.

وفي إطار توزيع الأدوار والمناورات، أشاد المجرم العبادي بهذا الدّور التّخريبيّ التّآمريّ الذي يمارسه الحشد الصّفويّ في سورية في تناقض صارخ مع مواقفه السّابقة، فلماذا إذن هذه الاستماتة في الدّفاع عنه بعد التّصريحات السّابقة؟

من الأهمّية بمكان التشديد على أنّ العبادي ينطلق في جميع مواقفه وسياساته من المصلحة الإيرانيّة باعتبار ولائه وتبعيّته العمياء للفرس وهو لا يتحرّج من المجاهرة بهواه الطّائفيّ وعمالته وارتباطاته الفارسيّة، وباعتبار نشأة الحشد الصّفويّ من رحم ولاية الفقيه وخدمة لمخطّطاتها التّوسّعيّة الاستيطانيّة الشّعوبيّة فإنّه لا يملك بالتّالي إلاّ مباركة وتزكية ممارساتها.

والعبادي يدرك إدراكا كبيرا أنّ مصيره مرتبط بمدى رضى أسياده الفرس، وبقاءه رهين تواصل إحكام سيطرة الفرس وتحكّمهم في المشهد سواء في العراق أو سوريّة، وعليه فإنّ إشادته ودفاعه عن الحشد الصّفويّ ليس إلاّ استدرارا لقبول إدارة الشّرّ الإيرانيّة بمواقفه بل تندرج في إطار تزاحمه وتنافسه مع غريمه المالكي وغيره على ذلك.

والعبادي ذاته نشأ وترعرع في الحضن الفارسيّ ورضع من ثدي الغدر والثّارات والطّائفيّة الصّفويّة الخمينيّة، وعليه فإنّ تحذلقه عبر رفض توسّع النّشاط التّخريبيّ للحشد ظاهريّا ثمّ ارتداده ثانية مسألة طبيعيّة تماما وذلك لأنّهما يعملان ما بوسعهما لتحقيق أحلام وأجندات الفرس.

هذا وإنّ نشاط الحشد الصّفويّ الإرهابيّ في سوريّة يوفّر للعبادي فرصة ذهبيّة للقفز على مدى انهيار شعبيّته في العراق رغم كلّ الحرص على تقنينه ومنحه طابعا قدسيّا بالنّظر لاستناده على فتوى السّيساني بما له من تأثير في كثير من الأوساط العراقيّة، وهو أيضا متزامن مع الإخفاق المدوّي للعمليّات الدّائر رحاها في الموصل، حيث تساهم الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدّات للحشد الأرعن في تنامي موجات التّشكيك في وجوده أصلا ما دام لا يحقّق لصانعيه أيّ هدف سوى هدف تكتيكيّ ويكتفي فقط بإشاعة الموت والدّمار.

وهذا تحديدا ما يفسّر كذلك هذا التّغنّي ببطولات الحشد في سوريّة ما دامت الأنباء تجمع على اختلاق أجواء نصر هلاميّ زائف، فلا مانع عند العبادي من الظّهور بمظهر الشّريك مع حشده الطّائفيّ الصّفويّ وغيره من ميلشيّات التّقتيل على الهويّة في هذا الكسب الظّرفي والمكذوب.





السبت ٢٤ ربيع الاول ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / كانون الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة