شبكة ذي قار
عـاجـل










إنّه من أكثر الأمور بداهة التّأكيد على أنّ طغمة الجواسيس والعملاء في العراق يرزحون تحت سياط التشظّي والفرقة بالنّظر لطبيعة ما انتدبوا من أجله، حيث يغيب عنهم كلّيا الحدّ الأدنى المطلوب من التّناسق وذلك لأسباب كثيرة ليس أهمّها ارتباطهم العضويّ بالاحتلال وخدمة مصالحه بعيدا كلّ البعد عن مصالح العراق وشعبه، وهو الأمر الذي جعل منهم مجرّد وكلاء في أحسن الحالات لتنفيذ ما تريد جهات الغزو تمريره من أجندات مفضوحة.

وبالتّالي فإنّ هموم كلّ فريق من فرق العمالة والارتزاق تختلف عن هموم الفريق الآخر، كما تختلف بل وتتصادم أحيانا كثيرة ارتباطاتهم كلّ بمحوره، وهي المحاور المتفرّقة بين الأمريكيّ والصّهيونيّ والبريطانيّ والفارسيّ الإيرانيّ خصوصا، وتحتدم التّجاذبات العاصفة بهذه الكمشة اللّقيطة فيما بينها باختلاف مصالح الأسياد.

إنّه وبعد استهلاك ورقة محاربة الإرهاب الدّاعشيّ وهي الفرية التي لم تعد تنطلي لا على شعب العراق ولا على العالم، وبعد ما ارتكب باسم تلك الحجّة الواهية من فظاعات وحرب إبادة عرقيّة بحقّ العراق، لم يبق لهؤلاء من شعار يٌرْفع ولا من عاصم لهم من سخط الشّعب ونقمته وبالتّالي هبّته العارمة لتقويض عروش الخونة الموتورين، إلاّ أن يصوّبوا خناجر غدرهم لصدور البعث والبعثيّين.

قد يتساءل البعض عن سرّ إصرارنا على ربط فشل حفنة العملاء الصّغار باستهداف البعث في كلّ مرّة، ولكن بقدر ما يتصوّر السّائلون الأمر معقّدا، فإنّه في الواقع بسيط لأبعد درجات البساطة.

فالمعروف أنّ الدّوائر الامبرياليّة الصّهيونيّة والجهات الغازية للعراق ومعها الاحتلال الفارسيّ قد شنّ كلّ جمع منهم حملة شيطنة وتشويه لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ لم تهدأ ولم تتراجع وتيرتها على امتداد عقدين من الزّمن وأكثر، وبالتّالي فهم يعوّلون على ما تبقّى من مخلّفات تلك الحملات المغرضة في نفوس من اختلطت عليهم المسائل وفعلت فيهم تلك الحملات فعلها بتنوّع ظروفهم وأسبابهم رغم نجاح البعثيّين ورجال المقاومة وكتّابها بقدر كبير في تفنيد تلك الاستهدافات والأكاذيب، ويسعون بالتّالي لاستخدامها عاملا مهمّا في تمرير أهدافهم المغرضة من حملتهم الجديدة وقانونهم الباهت المخزي هذا القاضي بحظر البعث.

وإنّه وبالقدر ذاته، يعمد الفريق الواقف خلف هذا القرار علاوة على تأجيل الصّراعات داخله، إلى تحريف وجهة العرب والعراقيّين عن تعثّر مشروع التّمطّط الفارسيّ في العراق وفي الوطن العربيّ برمّته، وذلك لسيطرة الفرس شبه المطلقة على مجريات العمليّة السّياسيّة في العراق منذ رحيل الاحتلال الأمريكيّ عام 2011.

وعليه فلا نخال قرار حظر البعث في العراق، وهو المجتثّ بقرار أمريكيّ سابق اجتهد أقزام حكّام العراق للتّقيّد به وتوظيفه باستمرار، إلاّ توصية فارسيّة خالصة.

وما يؤكّد ذلك، علينا أن لا ننسى أنّ الكلام عن هذا الحظر لم يكن وليد اليوم البتّة، ولكن وفي نفس الفترة من العام الفارط، خاض فيه الخائضون وبشدّة، وكان أيضا للتّغطية عن تعثّر المشروع الفارسيّ وتعثّر الفرس في مفاوضاتهم النّوويّة وغيرها من الهزّات التي شهدتها إيران وقتها. فليس من مجال لإنكار ما تعيشه إيران من تقلّبات في الدّاخل بفضل ثورة الشّعوب الإيرانيّة المضطهدة من خارج القوميّة الفارسيّة الفاشيّة، كما تشهد أزمات اقتصاديّة خانقة بفعل غرقها في مستنقع سوريّة والعراق واليمن ولبنان وما يتوجّب عليها من نفقات خياليّة لتغطية وتأمين مستلزمات تحقيق أحلامها بإنشاء امبراطوريّة الشّرّ الفارسيّة، ناهيك عن مئات الخسائر اليوميّة من كبار الجنرالات والضّباط العسكريّين في كلّ تلك السّوح.

فحظر البعث إذن، مثل قميص عثمان، غدا بندا أو شعارا يرفع للتّأكيد على خطر عودة البعث – وهو عائد وباق بحول الله تعالى – وما سينجرّ عنه، ليتقدّم الفرس وبيادقهم في ثوب المخلّص الوحيد والمنقذ الأوحد من هذه المخاطر.

أمّا ما يدفعنا للقول والتّأكيد على أنّ هذا القرار الشّاحب والعنصريّ، جاء أيضا لتمييع ما أثاره تقرير تشيلكوت من ارتدادات وما شكّله من فرصة حقيقيّة لشعب العراق لمحاكمة جلاّديه وكلّ من ارتكبوا بحقّه تلك الجرائم غير المسبوقة.

حيث يعلم جواسيس المنطقة الخضراء يقينا، أنّ ذلك التّقرير لن يفتح الباب فقط لمعاقبة الغزاة المجرمين وخاصة البريطانيّين والأمريكيّين، ولكنّه سيوفّر كذلك مرتكزا أساسيّا لمحاكمة كلّ من ساعد الاحتلال في جرائمه وركب ركابه.

وحين نتحدّث عن الاحتلال والجرائم بحقّ العراق، فلن يسقط الدّور البارز للفرس ونغولهم وخصوصا أحزابهم الطّائفيّة وعلى رأسها الدّعوة والفضيلة والمجلس الأعلى للثّورة الإسلاميّة بقيادة المجرم الحكيم وكذلك التّيّار الصّدريّ، هذا فضلا عن كلّ قادة ومنتسبي ميليشيّات القتل الإرهابيّة الطّائفيّة التي عاثت ولا تزال تعيث في العراق فسادا..

هذا ويدرك حكّام المنطقة الخضراء خصوصا أنّ أبرز من سينهض لتفعيل المطالبة رسميّا وإجرائيّا من المحاكم الدّوليّة تفعيل تقرير تشيلكوت والبناء عليه هم البعثيّون الموزّعون داخل العراق والوطن العربيّ وفي المهجر.

لذا فإنّ استباق شروع البعثيّين في مساعيهم لخنق ومحاصرة كلّ الوالغين في الدّمّ العراقيّ وكلّ من ساهم في تخريب العراق وتدميره، هو أحد أكبر الأسباب التي دفعت القائمون على العمليّة السّياسيّة الصّفراء في العراق على تمرير هذا القانون الفضيحة بكلّ المقاييس.

إنّه ومن خلال ما تقدّم، نخلص إلى أنّ القانون الجديد القاضي بحظر البعث ليس إلاّ محاولة بائسة خائبة من مشرّعيه لذرّ الرّماد في العيون للتّعمية عن خياناتهم وجرائمهم وعمالتهم للأجنبيّ ومعاداتهم للعراق شعبا وتاريخا وحضارات، ولذلك فلقد كان منطقيّا أن يخصّ به البعث باعتباره أكبر القوى التّاريخيّة الفاعلة والمعبّرة عن هموم وتطلّعات العراقيّين وجهادهم ونضالهم لغد أفضل سيبدأ حتما عبر إنهاء طرد الغزاة ومفرزاتهم وقوانينهم وبيادقهم.

لكن، يبقى حريّا بالاهتمام والانتباه، أنّ حظر البعث، هو عنوان فضفاض لا يجب إغفال مخاطره ومراميه الحقيقيّة فهو ليس مخصّصا حكرا على بعثيّي العراق وعلى البعث في العراق، بل هو سيكون فاتحة لمزيد خنق البعث وتشويهه ومحاصرته في كلّ الوطن العربيّ، وذلك لكونه – أي حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ – درع العروبة الواقي وحصن العرب الحصين الذي لن يسمح لأجندات المتآمرين وأسيادهم بالتّحقّق على أرض الواقع مهما كلّفه الأمر من تضحيات.

يتبــــــــــع ...
 





الاربعاء ٣٠ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة