شبكة ذي قار
عـاجـل










1- ينظر البعض إلى التداعيات المتسارعة المخزية لما يسمى بالجيش العراقي التي غطت جغرافية الشمال حتى حافات بغداد، على انه انسحاب (منظم) ولأغراض متعددة .. ولكن هذا البعض ينسى أن مفهوم الإنسحاب المنظم ، هو الإنسحاب على وفق خطط يتم في ضوءها سحب القطعات وسحب الدروع والآليات والمدافع والأسلحة المتوسطة والثقيلة واكداس الذخيرة والأجهزة العسكرية المختلفة، وإن اقتضى الأمر تفكيك القواعد والمقرات العسكرية، وتأمين الإنسحاب سلامة الأفراد والجنود والقيادات ولأهداف مرسومة .

 

2- الذي حصل على ارض الواقع، ليس انسحاباً منظماً كما يتصور البعض، والدليل على ذلك (( .. الدبابات والآليات والهمرات المحترقة ، والثكنات ومواقع الرصد والسيطرات المحترقة ، والمواقع المحصنة المدمرة ، والملابس العسكرية المتروكة في المقرات والمواقع والسيطرات والطرقات الخارجية والشوارع الداخلية والرتب العسكرية المتروكة على الأرض ، وما اكثرها ، رتب عقيد ركن ، وعميد ركن ، وألوية ، ورتب صغار الضباط ، وآمرين وجنود بالآلاف ، فضلاً عن كم هائل من الأحذية العسكرية المتروكة في كل مكان )) ..هذا الواقع هل هو انسحاباً عسكرياً (منظماً).؟!

 

3- تمكن ثوار العشائر- الاعلام المعادي يسمونهم بالمسلحين او المتمردين أو داعش- من اغتنام الدبابات والهمرات والآليات ومدافع الميدان وطائرات الهليوكوبتر واسقاط طائرات (F- 16) ، واجهزة ميدان مختلفة ومتنوعة، فضلاً عن تفكيك معسكرات بكامل اجهزتها القيادية، التي صرفت الدولة ثمناً لها اكثر من (41) مليار دولار لثلاث سنوات.. ماذا نسمي هذا الوضع ، هل هو انسحاب (منظم) ، أم مؤامرة وتواطيء كما تفوه به المأزوم الطائفي نوري المالكي المهزوم أمام الوطنية والحق والمقدسات؟!

 

إذن .. لماذا هذا الإنهيار السريع لقوات الطغمة الطائفية العميلة ..؟ دعونا نبحث في الأسباب :

 

أولاً- يشعر معظم أفراد الجيش بأن واجبهم ليس مقاتلة شعبهم داخل العراق، وان واجبهم مقاتلة اعداء العراق على حدوده وفي خارجه .

 

ثانياً- وان الآوامر التي تقضي بزجهم في معارك داخلية، باتت معروفة اهدافها ومراميها، وهي ان يحتفظ المالكي وغيره بكرسي الحكم عن طريق الخداع والتضليل والقوة، وهذا الأمر لا يتوازى ودماء الجنود التي تسيل على ارض معركة يخسر فيها الشعب وهم الخاسرون والمستفيد من هذه اللعبة نفر فاسد ينفذ اوامر اسياده الإيرانيين والأمريكيين ولا يمت للعراق ولا للعراقيين بأي صلة وطنية .. فعلى ماذا يسفك دمه ؟!

 

ثالثاً- إن طبيعة هيكلية (الجيش العراقي) الراهن هي هيكلية قائمة على طائفية الإنتماء لمذهب واحد معروف .. وان قياداته تأخذ اوامرها من رئيس الحزب الحاكم ، وليس من رؤوسائها العسكريين، الأمر الذي يضع هذه الهيكلية على خط مليشيات الأحزاب، وليس على خط التشكيلات العسكرية النظامية الوطنية المعروفة في جيوش العالم .

 

رابعاً- قطعات (الجيش العراقي) الراهن هي امتداد لأحزابها ، ولا ننس عمليات الدمج الطائفي التي تمت في القوات المسلحة والشرطة وقوى الأمن وغيرها ) .. ولما كانت هذه الأحزاب طائفية تجمع مكون واحد ، فهيكليتها ليست هيكلية نظامية عسكرية جامعة، فهي تفتقر إلى الوطنية التي تضع في قمة اهتماماتها أن يكون الجيش من كل اطياف الشعب، شأنه في ذلك شأن تشكيل جيوش العالم .

 

خامساً- صرفت قوات الاحتلال الأمريكية المال والجهد، كما صرفت حكومة المنطقة الخضراء المال والجهد في التدريب والتجهيز والتسليح والخدمات ,, بلغت وخلال السنوات الثلاث الأخيرة اكثر من (41) مليار دولار .. هذا المبلغ يكفي لبناء جيوش وليس جيشاً واحداً تعداده مليون ونصف المليون .. ولكن هل العبرة في المال لبناء الجيوش، على الرغم من أهميته، أم العبرة في بناء العقيدة القتالية الوطنية التي تحدد أولاً اعداء الوطن وثانياً التحديات التي تتربص بالوطن وثالثاً حماية الوطن ورابعاً حماية الشعب وخامساً حماية مصالح البلاد العاليا وأمنها الوطني والقومي ؟

 

سادساً- كل هذه الشروط، آنفة الذكر لم تتوفر في بناء هيكلية (الجيش العراقي) الراهن على الإطلاق. ولأن الأساس في بناء الهيكلية القائمة على العقيدة الوطنية غير متوفر، فأن النتائج تكون كارثية، كما هي عليه الآن، حيث الإنسحابات غير المنظمة المبعثرة المذلة يتحمل مسؤوليتها القائد العام للقوات المسلحة أولاً ويتحمل مسؤوليتها وزير الدفاع ثانياً ويتحمل مسؤوليتها وزير الداخلية ثالثاً ويتحمل مسؤوليتها رئيس منظومة الأمن .. وكل هذه المسؤوليات يجمعها في قبضة واحدة رئيس الوزراء نوري المالكي المدعوم من إيران وأمريكا .. لماذا ..؟ لأنه هو الذي يصدر القرارات إلى كل هذه الجهات ويحتكر اصدارها، وهو المهووس بالدم والرغبة في التسلط .

 

4- لقد وضع رئيس الوزراء، الذي تتحكم في سلوكه الرغبة في الحكم الديكتاتوري القائم على القمع وتهميش من لا يرغب فيه واقصاء من لا يريد التعامل معه وفرض ارادة حزب الدعوة على الجميع، وضع العراق وشعب العراق على طريق التمزق وهو طريق التقسيم المدمر للجميع .. فهو لم يأت لخدمة الشعب إنما جاء لتقسيمة على اساس طائفي وعرقي مقيت .. لم يفعل شيئاً منذ أن جاء وتسلم مقاليد الحكم في البلاد تحت اشراف أمريكي وإيراني .. لم ينفذ مشروعاً ولم يصلح انهياراً في البنية التحتية المتآكلة منذ الحصار الظالم على شعب العراق ولحد هذا اليوم .. ولم يبني مدرسة لا في الشمال ولا في الوسط ولا في الجنوب .. لم يعزز مشروعاً وطنياً منتجاً لا في الزراعة ولا في الصناعة ولا في الري ولا في البيئة الملوثة ولا في الصحة المتدهورة ولا في العلوم ولا في تحسين حياة الناس ولا في رعايتهم اجتماعياً وصحياً وتعليمياً وخدمياً .. إذن جاء لأي غرض ولآي هدف منذ ثمان سنوات ويريد عن طريق النضليل والترهيب والترغيب والقوة أن يستمر لولاية فاسدة ثالثة وربما رابعة وخامسة تحت يافطات الديمقراطية الأمريكية الإيرانية .؟!

 

5- المالكي نكل بحلفاءه وخصومه من جميع الاطياف (سنة وشيعة وكرد وغيرهم) .. كما استعدى كل جيرانه عدا ايران ونظام دمشق .. وارسل مليشيات طائفية عراقية للقتال مع النظام ضد الشعب السوري.

 

6- الوضع العام في العراق، وسببه الأساس هو الاحتلال الامريكي والايراني، يقف "المالكي" الان امام مفترق الطرق : اما بقائه في السلطة او الحرب الاهلية .. والأزمة الراهنة ممتدة منذ عام 2003 وهي مستمرة في تصاعدها ، هي أزمة لا يمكن اختزالها بالطائفية - لأن شعب العراق ليس طائفياً ولا يؤمن بالطائفية- او حصرها بمخاطر عناوين ابتكرتها مخابرات ايران ودمشق واسمتها (داعش)، لتحارب تحتها كل الوطنيين الذين يرفضون الركوع للمحتل الغازي واذنابه وعملاءه .. هنالك رفض ونقمة شعبية عارمة ضد "المالكي" وحكومته وعمليته السياسية .. هذه الثورة هي في حقيقتها من كل الطوائف والقوميات والأديان .. المالكي وحكومته والعملية السياسية باتت مكروهة من الشعب كله .!!

 

7- المالكي يطالب امريكا بالتدخل العسكري وقصف الثوار بحجة محاربة الارهاب و (داعش) .. المالكي يهين (الجيش) ، ويعلن عن تشكيل (جيش رديف) من متطوعين طائفيين للدفع باتجاه حرب طائفية .

 

 8- "علي السيستاني" المرجع ، يفتي طائفياً بحمل السلاح والتطوع لمحاربة الارهاب وحماية ( كربلاء والنجف وبغداد) .. ولم يفتي هذا المرجع الإيراني الجنسية، بمقاتلة القوات الامريكية الغازية للعراق عام 2003 .. وما كشفه " رامسفيلد" وزير الدفاع الأمريكي الأسبق في مذكراته يثبت استلامه مبلغ (200) مليون دولار مقابل صمته وعدم الفتوى بمحاربة القوات الأمريكية الغازية للعراق.. وهذه مسألة معروفة وموثقة .. الآن يفتي بحمل السلاح لحماية المقدسات (كربلاء والنجف وبغداد) حصراً .. وهي فتوى طائفية بامتياز.

 

9- فيما تنشر ايران عناصر الحرس الثوري الايراني في بعض اماكن العراق، بكل وقاحة امام انظار العالم ومسامعه، تحت دعاوى مشاركة الجيش الحكومي (المنسحب) في مواجهة خطر ((داعش))، الذي خلقته حكومة دمشق وحكومة بغداد في اطار استراتيجية ايرانية اعدت للتصعيد في المنطقة .

 

10- امريكا نعلن انها لن تتدخل ، وتحرك اسطولها في مياه الخليج العربي .. فيما تلوذ بالصمت على دخول الحرس الايراني اراضي العراق يشكل علني كما حصل على الأراضي السورية .. لا احد يدرك ان العراق مقبرة لمن يفكر في انتهاك محرماته ومقدساته الوطنية .

 

 11- مجرد أن حلت تداعيات جيشه المليشي اختفت مظاهر الدولة من المدن والنواحي والقصبات وانهارت الهيكلية المصطنعة وتلاشت مع ركام من الملابس العسكرية المتروكة في كل مكان .. حركَ المالكي قوات مصفحة إلى البنك المركزي واستولى على مليارات من الدولارات، وهو الخزين الإستراتيجي النقدي للشعب العراقي، وجهز طائرة خاصة لنقل الأموال المنهوبة إلى طهران .

 

12- مجرد أن بدأ زحف قوى الثورة وحراكها في كل مكان .. حتى وجدت عوائل المسؤولين والنواب طريقها إلى مطار بغداد الدولي للفرار إلى أي مكان أو ملاذ آمن .. وقبل فرار هذه العوائل هربت الأموال الحرام إلى مصارف العالم المختلفه.. مجرد أن دقت ساعة الثورة من اجل التحرير.. كان هناك تدافع قوي لهروب النواب والوزراء إلى الخارج .. الأمر الذي دفع بالمالكي إلى اصدار قرار منع السفر على الوزراء والنواب والعسكريين .. هل هذا الوضع يقع في خانة الوطن والوطنية أم يقع في خانة النظام القائم على العمالة والطائفية والمرتزقة .؟!

 

دعونا ننتقل إلى ما يراه هذا البعض من احتمالات تحدَثَ أحدهم وهو قومي الإتجاه والنفس :

 

يقول ، بعد أن تحدَثَ عن احتمال أن يكون انسحاب (منظم) لجيش السلطة في العراق لأغراض:

- ( إحداث فتنة في الموصل ومحيطها، بين مختلف الطوائف من جهة، والكرد والتركمان من جهة اخرى ) .

- ( تحويل الفتنة إلى مواجهات، ساعة تستدعي تدخل قوات (البيشمركة) الكردية، وربما الجيش التركي لحماية التركمان ).

- ( إطلاق يد (داعش) في المنطقة كي تعبث فيها فساداً، وتكرر سيناريوهات مدينة (الرقة) السورية ، فتحلل وتحرم وتزيد وطأة المخاوف الأهلية من شياع (الخلافة الإسلامية) ، فضلاً عن تمكن هذا التنظيم من (اغتنام) اسلحة ثقيلة (يتعمد) الجيش العراقي تركها في المخازن ، وتتولى (داعش) نقلها الى داخل وحداتها المقاتلة في سوريا ) .

 

- (مسارعة المالكي الى استغلال الوضع لاعلان قوانين الطوارئ، الأمر الذي يتيح سلطات اسنثنائية ضد خصومه وضد الشعب العراقي بأسره) .

 

أن أي تدخل خارجي، وبأي صيغة كانت لن تحل معضلة العراق وشعب العراق .. الحل الوحيد، من اجل الأمن والإستقرار والأمن الاجتماعي والحفاظ على مصالح الجميع بدون استثناء .. هو سقوط الحكومة وسقوط العملية السياسية واستبدال الدستور الطائفي بدستور وطني يتسم بالعدل ويحمي الجميع يفرز حكومة تمثل الشعب كله دون اقصاء او تهميش، تمنع الفساد وتجرم الفاسدين وتقطع دابر العمالة للأجنبي مهما كان لونها والغطاء الذي تتبرقع فيه .. وتعتمد على الثوابت الوطنية ومعاييرها في الاختيار .. الكفاءة والنزاهة والوطنية .. هذا الثلاثي الذي غاب عن العراق حين حل الاحتلال البغيض .!!

 





الاحد ١٧ شعبــان ١٤٣٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / حـزيران / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة