شبكة ذي قار
عـاجـل










ما لم يفهمه عديد المتكلمين في الفكر و السياسة عامة ، و حتي  البعض من البعثيين ، و بخاصة المتكلميين ممن يستهدفون البعث بالعداء و الشيطنة و التسقيط  ـ حد الاجتثاث و التجريم كما يتداول الآن في المثال المخلق امريكيا و ايرانيا في العراق ـ هو التباين بين القومية و العروبة ، تباين انتبه اليه الرعيل الأول عند اختياره تسمية الحزب كهيكل تنظيمي و ترتيبي بصيغة الواجهة الجماهيرية المعبرة عن الفكر العربي الثوري و أداة الفعل النضالي الذي يستهدف تحرير الوطن و الشعب العربي من كل الحالات المعطلة له في أن يكون فاعلا انسانيا لا مفعولا به .

 

منذ بدايات التكون بمفهوم اللبنات الأولي للفكر العربي الثوري ، نري انتشار التسميات القومية للأحزاب ، و الجبهات و تنامت ذات الظاهرة عند التأسيس ، و مع ذلك و عند قراءة كتابات القائد المؤسس و باقي مفكري مرحلة التأسيس كالأستاذ صلاح البيطار والأستاذ أكرم الحوراني ـ رحمهم الله  ــ ، فان كلمة قومية نراها ترد عرضيا في سياقات التوضيح و يغيب استخدامها عندما يتعلق الأمر بتحليل المجتمع و الفعل الذي يستهدف الفكر الوصول اليه من أهداف بصيغة الرؤية الموضوعية للواقع لتحل محلها الهوية المعبرة عن الفاعل و المتحمل لهذا المجهود و هو العربي عامة .

 

لذلك لم يتسمي البعث بالحزب القومي الاشتراكي العربي قياسا بما هو سائد من تسميات في تلك الفترة سواء عربيا أو عالميا . لماذا ؟ سؤال تجيب عنه عدة اعتبارات تلمسها قادة الفكر فعلا دون أن تصاغ بشكل تفصيلي محدد  و ان عبر الحزب عمليا عليها في صيغها التنظيمية و النضالية طيلة مسيرته منذ التأسيس و حد اللحظة و سيستمر في التعبير عنها في فعله المستقبلي بالرغم من حملات الشيطنة و التسقيط التي يتعرض لها سواء علي مستوي الساحة العربية عامة أو تلك القطرية التي لم ترتقي فيها التيارات التي يشترك الحزب معها في الفعل أو يتميز فيها الحزب فعلا بمفهوم المتحمل الأساسي للمواجهة . اعتبارات تتحدد في مايلي :

 

أولا ــ* تطرح كلمة القومية كمصطلح جملة التباسات اذا ما تجاوزنا ما تعنيه عند اللغويين و ما يتظمنه حتي القرآن كتعبير بائن و ما ارتبط بها كلفظة عند أصحاب النظريات ممن تسويهم ظاهرة التركيز علي ما هو متداول في مجتمعات اكتملت بناءا علي مجتمعات تتلمس طرق البناء و التحشيد لتحقيق ذاتيها المستقلة أو أولائك القافزين علي واقعهم الوطني في توحده الي ما هو عالمي تلمسا لأنسانيتهم المكبوتة في واقعهم الوطني، التباسات  تصل حد التقابل داخليا لتشكل  مدخلا من مداخل ضرب جدران الأمة السفلية و تسقيطها في متاهات الخصوصيات الاثنية و القبائلية حد ادماج الانتربولوجيا هذا اذا تجاوزت الخطابات العرقية بشكلها الفيزيولوجي ـ رغم معرفة مطلقيها من أنها خطابات و استشهادات أسقطت معرفيا .لتصبح بذلك بابا من أبواب القسمة للمجتمع العربي ، باب تتجمع عند مداخله جملة من الأبعاد الأخري بمفهوم الخصوصيات المتنافرة  ــ الدينية ، الطوائفية ، المذهبية ، الجهوية ، لتصل الي حد الجذع الأول لتكون الشعوب القبيلة و العائلة  أي العودة بالنقاش الي البدايات الأولي للحضارة كناتج فعل انساني متطور و متجاوز لذلك ــ ، خصوصيات متنافرة حد الاحتراب و بما يشكل حدود ترسم بخطوط حمراء ، و هذا ما استحضره رمز التاريخ المعاصر للعرب في محطتهم التاريخية المعاشة الشهيد صدام حسين و هو يكتب بتاريخ 26/12/2006 آخر خطاباته للشعب العراقي منبها منها قائلا " ومنها أن تتذكروا أن الله يسر لكم ألوان خصوصياتكم لتكونوا فيها نموذجاً يُحتذى بالمحبة والعفو والتسامح والتعايش الأخوي فيما بينكم.. والبناء الشامخ العظيم في ظل أتاحه الرحمن من قدرة وامكانات، ولم يشأ أن يجعل سبحانه هذه الألوان عبثاً عليكم، وأرادها اختباراً لصقل النفوس لصار من هو من بين صفوفكم ومن هو من حلف الأطلسي ومن هم من الفرس الحاقدين بفعل حكامهم الذين ورثوا إرث كسرى بديلاً للشيطان، فوسوس في صدور من طاوعه على أبناء جلدته أو على جاره أو سدّل لأطماع وأحقاد الصهيونية أن تحرّك ممثلها في البيت الأبيض الأمريكي ليرتكبوا العدوان ويخلقوا ضغائن ليست من الإنسانية والإيمان في شيء .. وعلى أساس معاني الإيمان والمحبّة والسلام الذي يعزّ ما هو عزيز وليس الضغينة بنيتم وأعليتم البناء من غير تناحر وضغينة وعلى هذا الأساس كنتم ترفلون بالعز والأمن في ألوانكم الزاهية في ظل راية الوطن في الماضي القريب، وبخاصة بعد ثورتكم الغراء ثورة تموز المجيدة عام 1968، وانتصرتم، وأنتم تحملونها بلون العراق العظيم الواحد.. أخوة متحابين، إن في خنادق القتال أو في سفوح البناء.. وقد وجد أعداء بلدكم من غُزاة وفرس، ان وشائج وموجبات صفاة وحدتكم تقف حائلاً بينهم وبين أن يستعبدونكم.. فزرعوا ودقوا أسفينهم الكريه، القديم الجديد بينكم فاستجاب له الغرباء من حاملي الجنسية العراقية وقلوبهم هواء أو ملأها الحاقدون في إيران بحقد، وفي ظنهم خسئوا، أن ينالوا منكم بالفرقة مع الأصلاء في شعبنا بما يضعف الهمّة ويوغر صدور أبناء الوطن الواحد على بعضهم بدل أن توغر صدورهم، على أعدائه الحقيقيين بما يستنفر الهمم باتجاه واحد وأن تلوّنت بيارقها وتحت راية الله أكبر، الراية العظيمة للشعب والوطن."

 

ثانيا  ــ*  مقابل ما يطرحه مصطلح القومية أكد البعث علي  مصطلح العروبة الذي يتجاوز مصطلح القومية في تفسيراتها المشار اليها الي مفهوم الهوية و الوجه التاريخي و الحضاري للعروبة سواء فيما تقدم من مراحل أو فيما هو قائم فعلا واقعيا اليوم أو في تواجهات هذا الفعل مستقبليا ، هوية  و وجه " تكمله سائر الأبعاد الأخري و توضحه " سواء البعد القومي ، أو الديني ، أو الطائفي مسلما كان أو مسيحي أو غيرها من الديانات التي لازال من العرب من يمارسها و يعتقد فيها  و التي " لا تتناقض مبدئيا مع الهوية الواحدة بل تجملها و تغنيها " . من هنا كان البعث و لا زال و سيبقي حزب الجماهير العربية العريضة بصيغة الفعل و التعبير التاريخي في مواجهتها لمن يتقصدها بالنفي أو في تحفزها علي النهوض و الاقلاع الحضاري بآفاقه الانسانية البعيدة .

 

لذلك نقول من أن العروبة هويتنا و القومية ما هي الا بعد من أبعادها المعبرة عنها .

 

d.smiri@hotmail.fr

 

 





الاربعاء ١٧ شعبــان ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / حـزيران / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة