شبكة ذي قار
عـاجـل










حسنا فَعَل بعض الإخوة المرشحين للإنتخابات التشريعية الأردنية حين رفضت الهيئة المسؤولة عن تنظيم هذه الإنتخابات تسجيلهم تحت اسم "قائمة صدام حسين" ، فعملوا على استبداله باسم آخر يُعبّر عن مضمونه من كافة الأوجه ، وهو " قائمة شرف الأمة" .

 

شخصيا لا أعرف احدا منهم بعد بُعاد قارب الخمسين عاما ، لكن المكتوب يُقرأ من عنوانه " كما يقولون . فمَن أكثَر من الشهيد صدام حسين تنطبق عليه معاني هذا الإسم ومضامينه ؟ ومَن غير "شرف الأمة " عَمَد الكيان الصهيوني إلى استهدافه دون غيره من سائر الملوك والرؤساء والزعماء العرب ، ووضعت أجهزته خططا وبدائل عديدة لاغتياله تم التدريب عليه بالذخيرة الحية ، بعد رصد أدق التفاصيل والمناسبات الرسمية والشخصية بما فيها الأفراح والتعازي . حتى خالُ الرئيس الشهيد قرّر الصهاينة "المساعدة في التعجيل بموته " كإحدى الوسائل التي قد تمكنهم من الوصول إلى صدام ، حسب قول صحبفة يديعوت أحرونوت ـ عدد 4 أيلول الماضي ـ نقلا عن بعض الوثائق السرية المتعلقة بعمليات وحدة المهمات الخاصة في شعبة الإستخبارات العسكرية الصهيونية .

 

جاء ذلك في معرض كشفها للمرة الأولى عن مقتل خمسة من عناصر هذه الوحدة بصاروخ " تموز " أثناء تدريبهم في قاعدة "تسيئيليم " بتاريخ 5 تشرين الثاني من العام 1992 على عملية تستهدف اغتيال الرئيس صدام ، تم اعتمادها بناء على معلومات وصلت إلى الموساد من السي أي إيه في سياق التنسيق المتواصل بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ضد العراق ، تقول أن خال الرئيس أصبح مريضا جدا ، وفي حال وفاته فإن صدام سوف يشارك في مراسم دفنه ببلدة العوجة القريبة من مدينة تكريت. وعلى الفور تم الإستنفار الصهيوني الذي كان ينتظر مثل هذه الفرصة ، وجرى وضع خطة الاغتيال التي أُطلِق عليها اسم العوسج.

 

هذا الخبر الذي قرأناه مؤخرا مرّ مرور الكرام على سياسيينا وكتابنا بكل مشاربهم ، دون أن يسأل أحد منهم ، ولو من باب حب الإستطلاع ، بأي حق تقوم دولتا الإرهاب الأكبر في هذا العالم بالتنسيق معا لاغتيال رئيس شرعي لبلد عضو في الأمم المتحدة ، وأي هاجس دائم هذا الذي كان يُشكّله العراق ـ العربي لا الفارسي ورئيسه على الدولة الأكبر وربيبتها الإستراتيجية ، حتى يُواجَه بهذا الإجرام المنظم بعد عام ونصف على حرب دولية شُنّت ضده وما تبعها من حصار وعقوبات ؟

 

أمام استمرار حالات لا حصر لها من الإجرام بعد وقوع الإحتلال ، واتساع دائرتها حتى باتت "مهنة" كلاب الأميركان والفرس في آن ، يتوجّب علينا ونحن نستذكر النموذج الذي جسّده استشهاد أغلى الرجال ، أن نقف ونعيد تحديد الأساليب الأكثر فاعلية في المواجهة مع شخوص سائرالعملاء ، لأنه عندما تقف الشرعية الدولية الى جانب الطائفي الإرهابي القاتل دون أي رادع ، لا يكفي أن تقف حدود الوفاء للأكرم منا من الشهداء والأسرى عند واجب التعبير عن التضامن بمقالات الإنشاء وعبارات التنديد والوعيد التي أوفيناها حقها ، ومنا من بالَغ فيها واستمرأ حتى مزجها بنرجسية الحديث عن الذات .

 

يقولون : لا يَفِلّ الحديد إلا الحديد ، والعقاب على قدر الجريمة . كان هذا دَيدَن كل من يبحث عن العدل وإحقاق الحق منذ القديم . فقبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة من اليوم ، لم يكن حمورابي مسلما ولا مسيحيا أو يهوديا، ومع ذلك شَرّعَ وأصاب القول في شريعته "العين بالعين والسّن بالسن" . في أيامه تلك كانت الإنسانية بحاجة إلى مسطرة أو سبيل لتحقيق العدل . وهو ما أكدَت عليه لاحقا سائر الكتب السماوية الثلاثة التي أحفظ منها ما جاء في القرآن الكريم : " وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ..".

 

أمَا وقد عادت الدنيا في أيامنا هذه بحاجة إلى ما يدرأ ولو بالحد الأدنى سطوة الجبابرة على الشعوب، فلابد من إنتهاج هذا السبيل الممكن والمشروع عَمَل لا قَولا ، خصوصا بعد مرورعشر سنوات على الإحتلال ، وست سنوات على اغتيال قائد القادة ، وهو أمر ممكن وليس مستحيلا . فليس من المعقول ـ مثلا ان يكون تحت إمرة كل عميل كبير من عملاء الإحتلالين الأميركي ـ الإيراني للعراق ألف حارس يحميه. وحتى لو كان كذلك ، لا أتصوّر أن لا يوجَد طوال هذه السنوات واحد من بين هؤلاء لم يكن بالمقدور جلبه كرهينة ، لأجل الإفراج عن حدقات العيون الذين يُسامون العذاب في سجون العملاء ، وهي الخطوة الأهم من كل ما دونها تأثيرا .

 

طبعا ، الخطف والقتل والسحل من الممارسات الإرهابية المرفوضة والمُدانة في الظروف الإعتيادية وحتى الإستثنائية التي لم تشهد مثل هذه الممارسات . ولكن هل قتل القاتِل وخطف الخاطِف وممارسة أي شكل من أشكال الإرهاب ضد إلإرهابي الحقيقي المنفلت من عقاله يُعتبر إرهابا طالما أن لا وجود لمن يردع أيا منهم ، ولا رغبة لدى الشرعية الدولية نحو تطبيق حد إحقاق الحق عليه ؟!

 

يقيني الكامل أن رصاصة واحدة في رأس واحد من هؤلاء يفوق فعلها كل ما كتبناه ، وهي أصدق وفاء من عبارات المديح لمن هم أكبر من المديح . وفي هذا السياق أفهم تحذير القائد عزة الدوري في خطابه الإخير بتصدي المقاومة لشخوص العملاء سواء داخل "العملية السياسية" أو خارجها ، وهو المطلوب في هذه المرحلة . أقول هذا من موقع المؤمن بأن الكتابة فعل إيمان لا حشو كلام ، وأن الكلمة تُقاس بميزان الذهب لمن يُقدّرها . لكن جحيم الإحتلالين المستمرّين بشخوص كلابهما يفرض تجاوز حدود الكلمة المؤثرة الى الفعل المؤثر في العمق الأميركي الإيراني .

 

إشتدّي أزمة تنفرجي بإذن الله .

 

 





الثلاثاء ٢٥ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / كانون الثاني / ٢٠١٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل أبو جعفر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة