شبكة ذي قار
عـاجـل










-أين كنت ؟
- في العمرة ، ازور قبر سيدنا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
- تقبل الله .
مضى عشرة أيام . افتقدته .. ثم ظهر لها مثل إبليس .
- أين كنت ؟
- في العمرة ، ازور قبر سيدنا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
- تقبل الله .
ثم اختفى ، وظهر بعد فترة .
-أين كنت يارجل ؟
- في العمرة ، ازور قبر سيدنا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
-تقبل الله ..


اصطحبت معي العائلة .. زرنا قبر سيدنا الرسول وأكثرنا من الدعاء لكِ وللمسلمين في سائر الأرض ، وسألناه أن يمنّ على العراق وشعبه بالحرية والإنعتاق ..
في النهار نفسه ، جاءت عندها أحداهنّ تبكي ، ابنتها مريضة وتحتاج عملية جراحية سريعة ، وتحتاج إلى إسعاف فوري بمبلغ العملية ( مليون وخمسمائة ألف دينار ) لأن الطبيب ابلغها بضرورة إجراء العملية في مستشفى أهلي , ولأن عزرائيل لن يتمكن من اقتحام المستشفيات الأهلية مهما حاول ..


قالت لها ، لم أجد أحدا ً أذهب إليه سواك ( أستحي أن اذهب لأحد واطلب منه ) .
صمتت طويلا ً، ثم أخذت جهاز الموبايل واتصلت ( بالحجي ) الذي زار قبر سيدنا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أكثر من ثلاث مرات خلال فترة شهر أو يزيد . أكيد لن يخذل هذه المسكينة التي جاءت تطرق بابه لإنقاذ حياة ابنتها الشابة ذات الخمسة عشر ربيعا ً.. قالت مع نفسها .


قالت اطلب قرضاً حسناً لوجه الله تعالى .. مليون ونصف المليون دينار .. احتاجها لقضية إنسانية فيها إنقاذ حياة إنسان ، ولم الجأ لأحد غيرك ..
تأتأ الملة وفأفأ .. وأقسم أغلظ الأيمان أنه لا يملك هذا المبلغ .. ولا يملك حتى ربعه ، ولو صبرت عليه قليلا ًلقال لها : لا أملك ثمن عشاء الليلة .
أغلقت خط الموبايل وجلست تفكر بوسيلة تعين بها هذه المسكينة التي تعيل خمسة أطفال أيتام تركهم والدهم في انفجار سيارة مفخخة استهدفته أثناء العمل وبقي أطفاله بلا معيل ، يتصدق عليهم هذا وذاك من أهل الغيرة والنخوة .


العمرة وزيارة قبر رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) من الأمور العظيمة وظاهرة تستحق الثناء وتدخل البهجة في النفوس ، وهي من مظاهر الإيمان والعبادة .. بل أصبحت ظاهرة تلفت النظر في أيامنا هذه ، فهناك من يعتمر مرات عدة خلال الشهر الواحد .


وفي الوقت الذي يقبل فيه بعض العراقيين على العمرة مرات عدة في الشهر الواحد مصطحبين معه عوائلهم وأطفالهم الرضّع ، تجد في جوارهم عراقيين يتضورون جوعا ً، أو لا يجدون ثمنا ًلعلاج أنفسهم أو أطفالهم من المرض .. وتجد أطفالا ًيتمهم العدوان الأميركي على العراق ، وغزوه له ، وإغراقه في الفوضى والإرهاب.. أطفال تركوا مدارسهم ، وفقدوا طفولتهم ليجولوا في الشوارع وسوق الخضار ويعملوا عتالين أحيانا ومتسولين احيانا ًأخرى ... ولأنني لست عالمة بشؤون الدين ، أسأل رجال الدين وعلماء هذه الأمة ، وأطلب منهم أن يفتوني لاستفيد وأصحح وجهة نظري ...نحن بلد محتل منذ عشر سنوات ، وهذا الإحتلال خلف لنا ملايين الأيتام والأرامل حتى اضطر طفلنا إلى ترك مدرسته ليعيل أسرته ، واضطرت نساؤنا إلى التسول في الشوارع والطرقات بعد أن تخلت عنهن الحياة والحكومة والملالي وحجاج بيت الله ..


هذا الإحتلال دمر قيمنا وجردنا من إنسانيتنا فصار الأخ لا يحنو على أخته والأب لا يحنو على بنيه ........
هذا الإحتلال دمر وطنا ًامنا ًهادئا ًكان شعبه يرفل بالخيرات والأمان ، وحوَله إلى وطن يصبح على القتل والدمار ويغفو على النهب والفساد..
أسأل أهل الدين : إذا كنا بلدا ًمحتلا ً ، والعدو ينتهك حتى أعراض نسائنا وبناتنا في السجون والمعتقلات ، ويقتل شبابنا وييتم أطفالنا ويرمّل نساءنا .. أيهما أقرب إلى الله تعالى : العمرة مرتين أو ثلاث مرات في الشهر أم رفد المقاومة بالمال لتحرير الوطن من الإحتلال ليهنأ أبناؤه بالسلام والأمان ؟.. أيهما اقرب إلى الله تعالى : دعم المجاهدين في وقت يتكالب فيه الكفرة على أمة الإسلام من كل حدب وصوب ، أم العمرة مرتين وثلاثا ً وأربعا ًفي شهر واحد ؟


اللهم اهدِ المسلمين إلى الجهاد بالنفس والمال لنحرر أوطاننا المحتلة ونمنع احتلال ما تبقى من بلاد المسلمين التي لم تقع في قبضتهم بعد..
اللهم اهدنا إلى المقاومة وحب المقاومة ففيها صلاح أمتنا وشعوبنا ..


كلشان البياتي
كاتبة وصحفية عراقية
Golshanalbayaty2005@yahoo.com

 

 





الخميس ١٤ رمضــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / أب / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كلشان البياتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة