شبكة ذي قار
عـاجـل










 

اقترنت نهاية القرن العشرين و بداية القرن الواحد و العشرين بميزة تسارع التحولات و تعميم الاضطراب بمفهوم العاصفة  تحت طائلة تركيز الضغط الخارجي  و تنامي التوترات الداخلية في مناطق التقابل الحضاري الرئيسية وسط أوروبا عامة  و الوطن العربي خاصة بهدف اعادة صياغة النظام الدولي اعتمادا علي الأسبقية في عوامل القوة و أهمية المصالح القومية للأطراف الفاعلة في هذا النظام  من حيث البناء النظري و علي مفهوم حقوق الانسان و حريته كخطاب للتغطية باعتبار التباين الايديولوجي ( بين النظام المركزي ـ الكتلة الشرقية ـ و نظام المؤسسات /الشركات ـ الكتلة الغربية ) كل و امتداداته المترتبة عن فترة الوفاق داخل ما يسمي بجموعة عدم الانحياز و استنادا علي ما هو متراكم تاريخي بما يحدده من تباينات ثقافة و سلوكيا ت اجتماعية حتى علي مستوي المعتقد الديني الواحد  ليحسم في وسط أوروبا لفائدة نظام ألمؤسسات /  الشركات باعتبار توازن الرعب القائم مفضيا الي تعميم نظام ألمؤسسات / الشركات في كل المجال الأوربي بصيغه الشكلية دون أن يفضي الي الاندماج تحت طائلة الشراكة القابلة للمراجعة. فما هي ملامح ذلك  و الاتجاهات التي يستهدفها  من و في الوطن العربي؟

 

I ـ الواقـــــــــــــــــــع :

  توافق تركيز الضغط و تنامي التوترات في الوطن العربي و محطة تاريخية اتسمت بتحولات هامة في العلاقات الدولية عنوانها  أحادية الاستقطاب الأمريكي القوة التي تنتشر إستراتيجيتها على كل الكرة الأرضية منذ فترة الوفاق الدولي و تطمح إلى أن تجعل العالم كله يتحول إلى الاتجاه والشكل ( أي مجتمع الشركات ) الذين تفكر فيهما هي بعد تفردها بمركز القوة المقررة والمسيرة . و في ظرفية تميزت باستكمال العراق لمقومات الوحدة الوطنية و الاستقلال ألاقتصادي مقومات تجد تفسيرها في عدة إنجازات امتدت منذ بداية السبعينات وحتى بداية التسعينات  مما يعني بداية ولادة قوة إقليمية أصبحت تستقطب اهتمام المواطن العربي كتجربة تعبر عن جزء من الطموح عند البعض و أغلبه عند البعض الآخر خاصة و أن هذه التجربة قرنت الأفعال المنجزة بدعم مادي و معنوي للمقاومة الفلسطينية باعتبارها جزء من مهامها الأساسية دون الإملاء لتوجهاتها ...إنجازات تستند إلى تصور شمولي لكل الوطن العربي و علاقته بالأمم الأخرى اعتمادا على تصور فكري عربي قومي إنساني ، مما يعني التناقض مع تصور و رؤية  مجتمع المؤسسات / الشركات  الأمريكي من ناحية و من ناحية أخرى خلق تحول في الموازين في منطقة حساسة ( منطقة تقابل حضاري ) و معروفة بقيمتها الإستراتيجية... فالأمريكيون كقوة خارجية وقوة في بداية التفرد بالنفوذ العالمي يعتبرون المنطقة خطيرة في حساباتهم الإستراتيجية و ذلك ليس لوجود دول نفطية و لكون الولايات المتحدة في حاجة للنفط و لا للحسابات الإستراتيجية العسكرية و إنما للعامل السياسي الفني و المتمثل في أن من يمتلك قدرة التأثير الجدي في منطقة الخليج سيؤثر على أوروبا و اليابان المنطقتين اللتين تعدان الأساس في استمرار القوة الأمريكية في الخارج نتيجة التحالف معها ... و استقلال النفط و قيام أوروبا و اليابان بالتعامل مع العرب مباشرة لضمان النفط سيجعل النفوذ الأمريكي في أوروبا و اليابان يتلاشى لذلك فالولايات المتحدة تعتبر مسألة ظهور أي تهديد لهذه الإستراتيجية شيئا لا يمكن القبول به بأية صيغة كانت   و خطورته استثنائية إلى الحد الذي يجعلها تتصرف بمرونة نسبية ما في مناطق أخرى من أجل مزيد إحكام قبضتها على الخليج. ( 1 ) أما الأطراف المحلية الرسمية و في ظل ارتباطاتها السياسية و العسكرية و الاقتصادية بمرحلة الوفاق و أمام عجزها المتأصل نتيجة طبيعة مكوناتها الهيكلية والتنظيمية عن فهم التحولات الجذرية و المتسارعة في العلاقات الدولية وما يرتبط بها من مشاريع فإنها وجدت نفسها إما منساقة إلى الانخراط في الإستراتيجية الأمريكية و بالتالي مشاريعها بالنسبة لأغلبها أو مهادنة لها مستخدمة مبدأ المقايضة بالنسبة للبعض الآخر أو الحالمة بأن تلعب دورا معوضا للإسلام  التابع و بهدف تحقيق رؤية قومية بصيغة امبراطورية   من خلال تقديم نفسها بمنطق اللإسلام الرافض ( إيران و غيرها من المنظمات الحاملة لتفكيرها و التي  تمثلها كل الصيغ المرتبطة بولاية الفقيه تنظيمات كانت أو شخصيات اعلامية أو فكرية  من ناحية و من ناحية ثانية  تلك المتمردة على الوهابية  بصيغتها الرسمية التي أوجدتها بصيغة الاحتضان أو الدعم المادي  ـ السلفية الأصولية و ما تفرع عنها من هياكل و منظمات مثل القاعدة و باقي الأطراف الجهادية و تنظيمات الاخوان المسلمين... ) . ( 2 )  في حين أتت الأزمة عربيا في ظرفية كان فيها المجتمع العربي يعمل على الخروج من إطار قرون الهيمنة الخارجية التي سلبت أرضه و ثروته و إرادته و حاولت طمس شخصيته  و في الوقت الذي سعى فيه للانتقال من التخلف بكل ما يعنيه من معايير كمية و نوعية اقتصاديا  و اجتماعيا وثقافيا إلي الحضارة والالتقاء بعصر التكنلوجيا و في الفترة التي بدأ فيها العرب تلمس الطرق الناجعة للتصدي للانقسام  و معالجة التجزئة كشروط لا بد منها لاسترجاع وضعهم الطبيعي  و شخصيتهم الحضارية ضمن حركة التاريخ العام للإنسانية المتجهة نحو التحرر و الحرية نحو الثورة التقنية الحديثة نحو مجتمع الأبعاد الكبيرة و التجمعات البشرية الهامة التي توفر أفضل الشروط لازدهار  حياة الشعوب ( 3 ) . ليصطدموا بضغط خارجي  و توترات مركبة تماما كما في القرن التاسع عشر ( 4 ) .النتيجة أزمة  فرضها منطق الواقع التاريخي الذي يحتم دوما اصطدام عوامل النهضة بالعوامل المعرقلة لها فتنشأ الحرب بين بناة السلام ( العرب ) و بين أعدائه ( عالم الحرب ) . فالعرب و منذ نهاية الحرب الثانية يناضلون من أجل حق طبيعي مشروع " حقهم في التحرر و تلمس سبل ألوحدة و بذلك لا يعتدون على أحد و لكن أعداء نهضتهم الطامعين في أرضهم  و في نفطهم و ثر وتهم والخائفون على مصالحهم من وحدتهم و تحررهم ومن تطلعهم للبناء يقفون في طريق النهضة مصممين على إبقاء الشعب العربي أسير العوامل التي سببت له الضياع قرون طويلة هدرت فيها طاقات كبرى لحساب الاستعمار و الإمبريالية و الصهيونية، فنضال العرب بمختلف فئاتهم في فترة ما بعد الحرب الثانية نضال ( اقتصاديا – ثقافيا – اجتماعي ) ينطوي على كثافة حضارية. ( 5 ) أي نهضة لا ردة كما يحلو للبعض تصويرها اعتمادا على الإحصاء المجرد ( تقارير الأمم المتحدة للتنمية ) دون الأخذ بما هو كامن في عقلية و فعل المواطن ألعربي نهضة ميزته على أعدائه أعداء التطور الحضاري في المرحلة ألراهنة الإمبريالية والصهيونية و العملاء ألمحليين الذين يحاربون من أجل هدم الجهود التي بذلها العرب لبناء السلام . ضغط خارجي عمل علي تفعيل التوترات الداخلية  ابتدأ  في بيروت بضرب النقاش الديمقراطي التحرري بين 1975 – 1982 ليخلق  حالات طائفية مهم  كان لون الحزام الذي تتمنطق به في استخداماتها حاليا و تمتد إلى بغداد 1990 – 2003 لخنق هذا المولود العلمي العلماني و تعمل على التخليق والتأسيس لحالات طائفية وعرقية بصيغة المثال الأكثر بغضا و قتامة و القابل للتعميم ...تماما كما حصل في القرن 19 أي هدم بوادر النهضة:

 

1 ـ هدم بوادر النهضة

يمكن تحديدها في اتجاهين :

أ‌ ) .الحرب العدوانية الأنقلو- أمريكية – الصهيونية على العراق و احتلاله حرب تعبر عن رواسب المراحل التاريخية الماضية للبشرية عندما كانت المجتمعات خاضعة لاستغلال الطبقات و القوى المستبدة والأنظمة الرجعية في غفلة عن وعي الجماهير و عن تطور الإنسان مهما حاولت أجهزة عالم ( الهدم ) الحرب الأنقلو أمريكي الصهيوني الإعلامية و الدبلوماسية السياسية تقديمه على كونها حربا من أجل السلام رغم كونها حرب مصالح قومية كغيرها من الحروب التي عرفها التاريخ البشري الحديث . حرب :

 

 ـ أحالت النظام العربي عند اندلاعها سنة 1990 على غرفة الإنعاش و في مارس 2003 إلى الغيبوبة السريرية . أي تفكيك الروابط التي كانت تجمع أبناء الوطن بصيغتيها الرسمية ... و الشعبية بما أفضي الي أسبقية لخطاب الأنظمة علي حساب الخطاب الجماهيري الحاث علي النهوض .

 

ـ عممت الكبت داخل الساحة العربية و أرست نمط حكم يجمع بين "البزنس و السياسة" كمفهوم جديد في التعاطي مع الأوضاع القطرية سياسيا ...أي دفع المجتمع معنويا نحو الفردانية .

ـ شجعت سياسة  التجريف المادي و المعنوي الفكري  للموارد البشرية و الاقتصادية  قطريا وقوميا ... ( 6 )

 

ب‌ ) .العمل علي خلق مثال لتقسيم المنطقة علي أسس مذهبية ( سنية - شيعية ) حيث مثل احتلال العراق فرصة ثمينة للإستراتيجية الكونية الأمريكية / الغربية  لصناعة المثال أولا ثم العمل علي تقديمه كنموذج "ديمقراطي عربيا و إقليميا شرق أوسطي "  ومن يشاهد الوطن العربي والعالم الإسلامي يكاد يقر بأن هذا المثال بدأ يأخذ حيزا في الحراك الاجتماعي سواء بصيغة تقابل أو محاصصة في أكثر من ساحة علي مستوي المنطقة بمعنى إن الهدف  الأمريكي / الغربي من حروب الهدم  في العراق قد بدأ يؤدى وظيفيا  الدور المخطط  له كما يدلل علي ذلك الفعل  الذي مارسه ولازال يمارسه معظم من هم متصدرين لقيادته في ظل الاحتلال ممن قدمهم المحتل كسياسيين وساعدتهم في ذلك مرجعيات دينية لا يمكن حجب تأثيرها الاجتماعي بإفراز رجال الدين من نوع مستحدث وفي كلا الفرعين قبلوا لأنفسهم بدور أداة التغطية والتنفيذ في آن واحد. ( 7 )

حروب و سياسات الهدم المعبرة عن الضغط الخارجي ( الأمريكي ـ الأوروبي عامة ) و ما أفرزته من توترات داخلية قطريا أو قوميا ووجهت بردود أفعال.

 

2 ـ أشكال رد الفعل العربي :

إذا كانت الثورات تاريخيا هي الجواب العادل على هذه الحروب سواء في آسيا أو إفريقيا أو أمريكا اللاتينية فالمقاومة العراقية هي الجواب العادل والمنطقي على هذا العدوان رغم التعتيم الإعلامي المقصود و المفروض عليها من قبل عالم الحرب تحت لافتة السلم العالمي و محاربة الإرهاب وحق الشعوب في العيش بكرامة حسب الطريقة الأمريكية أو رؤية  المؤسسات / الشركات . ( 8 )

 

أ‌ ) . المقاومة العربية العراقية أساسا بحكم كونها القادح للمتغيرات في الواقع العربي و الدولي :

 التي إعتبرت نفسها و منذ انطلاقتها امتدادا للمعركة التقليدية و بالتابي الصفحة الأخيرة من " معركة الحواسم " أي المعركة التي تحدد مستقبل قضايا الأمة العربية و دورها الحضاري سواء في فلسطين أو بالنسبة للثروات أو اختياراتها الاجتماعية... و من أن إختيار عالم الحرب للعراق كنقطة أولى في مشروعه لم يكن نتيجة إعتبارات ميدانية بل لاعتبارات سوقية ذات علاقة بمنهجه المستقل و الأكثر تجذرا في عدائيته للتصور الإمبريالي الصهيوني المعادي للأمة و مستقبله ( لذلك أستهدف عالم الحرب قيادة العراق الشرعية و قبر الأستاذ ميشال عفلق مؤسس الحزب المسؤول على هذه التجربة ليس استهداف عرضيا كما يحاول الإيحاء به إعلامي ) ..اختيار العراق خدم قوى التحرر خاصة و أن قيادته أخذت ذلك في حساباتها و بادرت بتسليح الشعب قبل العدوان بما يضمن امتداد المقاومة لسنوات ...مع توظيف المقاومة خلال سنوات  الاحتلال لكل الفرص التي من شأنها أن تجعل مجال توسعها الكمي والنوعي و المجالي مفتوحا و ذلك بتأكيد القيادة قبل أسرها على وحدة العراق الجغرافية و التثقيف على مناهضة الطائفية مع عدم الإنجرار إلى استخدام الشعارات المضادة ووضع تحرير العراق في أولية مهام أبنائه و ما سارت عليه المقاومة لتتحول و في فترة زمنية محدودة إلى معطى شعبي بارز ينبئ بقرب إلحاق الهزيمة بعالم الحرب  و عملائه المحليين و إسقاط مشاريعه . معطى له تأثيرات هامة سواء على الصعيد القطري أو القومي أو العالمي .

 

ـ  قطريا : أربكت المقاومة بفعل زخمها القتالي من ناحية و أسلو ب تعاطيها مع المستجدات إدارة الاحتلال الأمريكية و جعلتها تغير خططها الفنية من غارنر إلى بريمر إلى مجلس حكم انتقالي فاقد لكل سند شعبي إلى وضع الخطط لمزيد الانزلاق في المستنقع العراقي بحثا عن مخارج موهومة لتكريس الاحتلال ( الدستور المؤقت ) نقل السلطة ظاهريا من خلال تمكين عملائها من التصرف في شؤون العراق بتوجيه مباشر من ( السفير ألأمريكي المقيم العام ) ببغداد ( الأشكال المتعددة للعمليات السياسية المخابراتية لعل آخرها القائمة حاليا باشراف العميل المزدوج المالكي ) و ما أفضى إليه من خروج ما سمي " المسالمين " في مراحل أولي عن الطاعة وهو ما مثلته ظاهرة الصدر التي حاولت و لازالت  أجهزة الإعلام تقدمها كبديل عن المقاومة و التي هي حقيقة ظاهرة محلية تتمفصل مع المقاومة في المكان و الاستهداف ظاهريا و تتقاطع معها مشروعا انطلاقا من أنها لا تعدو أن تكون أكثر من حركة مصلحية لاقتسام النفوذ داخل الحوزة وما تعرفه من واردات. .إذ أن المسألة الوطنية كل لا يتجزأ و حركة الصدر " ... أرض العراق لديها تفاضلية : خط أحمر في النجف و خطوط بألوان أخرى لمدن العراق " عند انطلاقتها من ناحية و من ناحية ثانية ذراع ايرانية مكشوفة و مفعلة بالريموت كونترول من أكثر من مركز  أي صيغة من صيغ التآمر على العراق تحت مسميات تخدم في النهاية مسميات الاحتلال و التمدد الايراني في الساحة العربية  . مع إيغال الإدارة الأمريكية في الكذب المفضوح حول حجم الخسائر التي تلحق بها و ما قدمته من امن للشعب العراقي . كما قادت المقاومة الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر إلى جعله لا يتعامل مع الاحتلال كأمر واقع كما تريد  قوي هدم النهضة  "القوى الأنقلو – أمركية – الصهيونية الايرانية"  و أدواتها المحلية تصويره إعلاميا .

 

ـ عربيا : بتضافر أعمالها و ما تقوم به المقامة الفلسطينية استعاد الشعب العربي و أطيافه الوطنية التحررية الأمل في قدرة هذه الأمة على المنازلة عندما يتخلى أبناؤها على حسابات الرؤى الشخصية لفائدة الرؤى العامة و يوحدوا عملهم باتجاه هدف واحد و بنفس العزيمة كما لعبت دورا هام في تعطيل الإستراتيجية الأمريكية بهدف السيطرة الكاملة على المنطقة العربية و لعبت مع المقاومة الفلسطينية دور الغائب الحاضر في إفشال تمرير مشروع الشرق الأوسط الكبير .

 

ـ عالميا : عودة المد المناهض للعدوان و تعالي الأصوات المطالبة برحيل القوات الأجنبية  من العراق و تمكين شعبه من ممارسة سيادته الفعلية و انسحاب الأطراف المشاركة في حملة الهدم الأمريكي / الغربي عامة لبوادر النهضة  من ناحية و من ناحية ثانية تسجيل السيطرة العالمية للإمبريالية الأمريكية / الأوروبية تراجع واضح غير قابل للتعديل فمشروعها في إقامة نظام القطب الواحد الذي منت النفس به اثر سقوط الاتحاد السوفيتي و نهاية النظام العالمي الذي أفرزته الحرب العالمية الثانية مستخدمة في ذلك مبدأ الحروب الاستباقية ( الصدمة و الترويع ) عسكريا و الابتزاز السياسي ( محور شر يجب اجتثاثه... و من لا يوافقنا الرأي فهو يعادينا .. ) و الاقتصادي ( العولمة و ما واكبها من تنشيط مؤسسات الإقراض و تعميم الاقتصاد ألريعي ) ...اذ جعلت المقاومة الإدارة الأمريكية تراوح في نفس المكان لا بل أضافت لها اختناقات جديدة لا تقل أهمية عن اختناقاتها السياسية من خلال تحريك و تسريع أزمتها المالية التي تتهددها في المركز بما فرض عليها إعادة صياغة لتطلعاتها الكونية عنوانها التسرب المرن ( إدارة أوبا م ) كما تبينها المؤشرات القائمة في السياسة الدولية حاليا ... من خلال ظاهرتين :

 

أولا ـ ظاهرة القبول الطوعي أو الشكلي بعالم متعدد الأقطاب ( الذي أصبح حقيقة ) تحت تأثير.


استعادة روسيا مكانتها كقوة عسكرية و نووية كبري .
بروز الصين كقوة عسكرية و اقتصادية و تكنولوجية كبري في طور الاكتمال .
التقدم البائن للهند و البرازيل و تركيا و ماليزيا و اندونيسيا و جنوب إفريقيا  .

 

مؤثرات نتج عنها أدوار سياسية إقليمية معرقلة و بهدف احتوائها أو توظيف أطراف منها بصيغ متعددة لفائدة مشروعها منها صيغة اقتسام الغنائم أو نتيجة الحاجة المتبادلة كما هو الأمر بالنسبة للصين الحاجة الأمريكية ( للقروض الصينية ) و الحاجة الصينية ( للسوق الأمريكية ) .


ثانيا ـ  ظاهرة إعادة صياغة التحالفات وتقديم هامش هام للحلفاء التقليديين و ترقية بعض الأتباع إلي درجة الحليف في طور الاختبار ممثلا في الرأسمال الإسلامي مما فرض عليها إعادة صيغة شخوصه الممثلة له محلي ( تسريبات ويكيليكس... و إعلام الجزيرة منذ 2007 النقد بشكل محتشم و منذ العدوان علي غزة بشكل شامل للأنظمة العربية التابعة و ما رافقه من تقديم للنموذج التركي / العثمانيون الجدد و تقديم دولة بحجم قطر لأن تلعب الدور الأكبر في تفعيل المواقف العربية والتخلي عن فزاعة بن لادن التي استهلكت بعد نجاح الشكلي  للانتفاضتين  التونسية و المصرية و تقديم الحلفاء الجدد ) بما يستوعب حالة الاحتقان في الشارع العربي و يعطل فعل المقاومة في العراق و فلسطين .. و يحولها إلي خدمة المشروع الأمريكي آنيا و يكسبها ساحة أوسع للمناورة الإستراتيجية أمام تنامي القوة الصينية. إعادة صياغة حملت معها مآزق خانقة للأنظمة العربية التي راهنت علي أمريكا و ارتهنت سياسيا و اقتصاديا للأملاءاتها...و أفضت مع ما صاغته المقاومة العراقية من رؤية مواجهة الي انفجار الشارع
العربي في صيغة انتفاضات .

 

ب‌ )  الحراك الشعبي العربي : تميز بانتصارات حققتها المقاومات العربية في العراق أساسا بحكم كونها المقاومة التي تصارع رأس الأفعى منفردة ودون غطاء مادي أو إعلامي من أي جهة و فلسطين و لبنان ... والهزيمة السياسية و الأخلاقية الصهيوـ أمريكية أمام أسطول الحرية... وفر إلي جانب ما ساد الأوضاع الداخلية من فساد و كبت و تجريف مادي و معنوي  الشروط الموضوعية لاندلاع الانتفاضات في كل من تونس و مصر و تنسج علي منوالهما جماهير الأمة في أكثر من قطر مطالبين بالإصلاح واضعين النظام العربي الرسمي بكل مكوناته ( التبعية السياسية و الاقتصادية لأمريكا . الفساد . الاستبداد ) في مأزق ...فلم نعد نسمع تلك الأسئلة الاحتجاجية ...أين العرب ؟أين الشعب ؟ يا أمة عربية ؟  قل لي أين هي ؟.... لتظهر حقيقة تنكر لها بل سفهها العديد ممن رفعوا لواء النضال و الوطنية و الثورة حقيقة بائنة اسمها الثـــــورة العربية ـ الأمة العربية ـ الوطــــن العربي ... مما يعني تحول لا علي مستوي الشارع و إنما حتى علي مستوي الرؤى ... أي توفر المناخ الثوري للرد علي عاصفة  عالم الهدم المستهدف لنهضة الأمة و تحررها ... فما هي اتجاهات ذلك و طرق التعامل بالتقابل ؟

 

II ـ الاتجـــــــاهات :

منذ انفجار بالون الكبت الشعبي انطلاقا من تونس بمفهوم حراك جماهيري رافض لواقعه السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي  و تكسير حاجز الخوف و امتداد هذا الانفجار الي أكثر من ساحة قطرية وما رافقه من خلق لمناخ ثوري  حتى تحركت أكثر من ماكينة أجنبية  بصيغتين التوجيه و الرسكلة لبعض الأطراف المحلية من ناحية و من ناحية أخري كأداة مباشرة أو متبنية لمجموعات كانت لوقت قريب محل ادانة و طلب منها تحت لافتة  الارهاب الدولي  في تفعيل الحراك ميدانيا بصيغ عسكرية ...ليتحول الوطن العربي الي جسم محل تشريح و تقاسم بين جملة من الأطراف الدولية قسمة مغلفة بأكثر من غطاء  :  ـ دبلوماسية التصريحات للتعبئة العلنية . ـ دبلوماسية  المؤتمرات قصد تأكيد صيغة التشريك و الغطاء الدولي أمام الدول الصغري . ـ دبلوماسية  اللجان بمفهوم تأجيل الاستهداف حتى يحصل الاتفاق علي طبيعة الصفقات المتبادلة بين القوي الفاعلة  ... حالة تذكرنا في ظاهرها  أولا بما ساد علاقات القوي الدولية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ... ( 9 ) واضعة الوطن العربي عمليا و بكل أقطاره سواء جغرافيا  ، بشريا ،اقتصاديا ، اجتماعيا أمام طوفان "تسونامي من التفتيت " في شكل من أشكال البلقنة المفرخ للتفتيت بمفهوم التراكم التصاعدي يتداخل فيها ألاثني بما هو ديني عامة  و الديني المذهبي خاصة  من ناحية و من ناحية أخري يتداخل فيها  القبلي بما هو حضري والشرعي بما هو مدني ... ثانيا حالة وضعت  الوطن العربي أمام اختيارين أو اتجاهين متقابلين حد الصدام يجعل من التوافق أو  التلاقي بينهما يكاد يكون مستحيلا في هذه المحطة من تاريخ المنطقة العربية نتيجة الضغط الخارجي الذي فرضه التوجه نحو صياغة نظام دولي جديد بديلا عن نظام أحادية القطب الذي أسقطته المقاومة العراقية الباسلة و تضحيات الشعب العراقي التي لازالت مستمرة ... فما هي طبيعة الضغط الخارجي و أهدافه وما ملامح كل اتجاه و الي أين يهدف ؟

 

1 ) .ـــ الضغط الخارجي الطبيعة و الأهداف :

يقول ريتشارد بوليت في كتابه "دفاعا عن الحضارة المسيحية – الإسلامية "  <<..فقد كان الإسلام في تاريخه الثقافي والتجاري فيما بين الشرق والغرب واليهودية والمسيحية بين المحيط الهندي و ألمتوسط كان في كل هذه المواقع والأزمنة وإلي اليوم جسر تواصل أما التوترات التي تظهر بداخله فهي ناجمة عن الضغوط الهائلة التي مورست عبر التاريخ والحاضر علي هذا الجسر بقصد هدمه أو سده أو تعويقه... >>  قراءة تجعل أولا : من مسألة العدو الخارجي نظريا حقيقة قائمة وليس شعارا يخفي عجزا متأصلا في طبيعة العرب بحكم تأسيس العرب لهذا المجال عند امتلاكهم لإرادتهم  ...  وان كان هذا الرأي يرد اعتماده في التعبير تفسيرا لحالات الإخفاق التي واكبت مسيرة الأمة العربية في الوصول إلي حالة الإقلاع والنهوض من ناحية ومن ناحية ثانية مدخلا لتسفيه الرؤية القائلة من أن العرب كشعب ومجالهم الجغرافي كوطن يخضعون لحالة استهداف مركبة تهدف فيما تهدف إلغائهم كمكون تاريخي - حضاري في أعلي اهتماماتها وفي أدنها إعاقة تطلعهم إلي التحرر والتوحد بصيغة المرحلة لفائدة قوي دولية متنفذة خاصة وخدمة لمصالح أطراف إقليمية عامة انطلاقا مما يعيشه الواقع العربي من ضغط خارجي بائن  مقترنا بتوترات داخلية ( نظرية التدافع الاجتماعي التي تمارسها الأسلمة السياسية في ظل الحراك الشعبي القائم ) . ( 10 ) ثانيا :قراءة يؤكدها الواقع التاريخي القديم أو الوسيط و الحديث خاصة منذ سايكس ـ بيكو الأولي و التي أنهت العداء بين الصهيونية و المسيحية و حولته الي تحالف و ما مثله في فترة الوفاق الدولي من صيغة تعطيل للأمة العربية في النهوض أو حاليا من خلال ما يكشفه الواقع من تحالف امبريالي ـ صهيوني ـ اسلاموي بطرفيه ( ولاية الفقيه ـ ايران ـ و السلفية الأصولية ـ السعودية .قطر بصيغة توابع و العثمانيون بصيغة القيادة الاقليمية الغير مكتملة ) . ( 11 ) ضغط يهدف التمدد  بما يخدم المصالح القومية التي تحن الي  بناء الامبراطوريات بالنسبة للأطراف الاقليمية ( ايران و تركي ) في جانب منها و في جانبها الثاني كسب مساحات تضمن المصالح الاستراتيجية بمفهومها الكوني و تدعم أسبقية القوة و النفوذ بالنسبة للقوي الدولية في ظل الصراع حول طبيعة النظام الدولي بعد اهتزاز نظام القطب الواحد تحت تأثير الانكشاف الفاضح للقائمين عليه ( الأمركان و الغرب عامة ) و ما تلقوه من هزائم في العراق أساسا عسكريا و اقتصاديا وسياسيا و معنويا ثقافة و شعارات. و بحكم الترابط الاستراتيجي الذي تمثله أداته الفاعلة بصيغة ذراع دولي "الحلف الأطلسي " لا يتردد في التلويح باستخدامه و ممارسة ـ التدخل المباشر كما حصل في ليبيا علي منوال المثال العراقي ...ـ التحشيد الاعلامي ... و الدبلوماسي و صياغة المبررات الفكرية بمفهوم الرؤية . ( 12 )  التي أصبحت المثال المرجع لاتجاه يكونه خليط غريب من الأدوات السياسية البعض منها جزءا من النظام  أو حالة حضت  و تحض برعايته و حمايته في البعض من مكوناتها ...و في البعض الآخر كأدوات تنفيذية له ... أي تبلور تيار بصيغة الطرف العربي ابن الأرض و جزء منها بوجوده المادي و الغريب عنها فكريا و معنويا ممن يقرأ واقعه من خلال رؤية مصالح أمم و قوي غير عربية أي طرف يقرأ واقعه بعين عدوه بمفهوم السابقة التاريخية التي تستوجب الدراسة باعتبار طبيعتها التدميرية من ناحية و من ناحية ثانية تعريتها و تطوير أساليب اعتراضها و تسفيه فعلها ...مقابل طرف وطني عربي متجذر رؤية و سلوكا في رؤيته للمصالح القومية يحاصره الاعلام عامة و خاضع للاجتثاث بأكثر من أسلوب و من خلال أكثر من جهة مما يستوجب اعادة صياغة نفسه و تفعيل ما يطرحه من حلول ...طرفان يفرضان التساؤل حول طبيعة و هدف كل منهما .

 

2 ) . ـ الاتجاهات الطبيعة و الأهداف :

اقترن الحراك السياسي الوطني في مختلف أقطار الوطن العربي غداة تراجع القوة الاستعمارية من الاستعمار المباشر إلي الاستعمار غير المباشر بتباينات حاد ة بين اتجاه تبعي تغريبي يستند إلي الدعائم الاقتصادية و الاجتماعية التي خلفها المستعمر معتمدا نظرة براغماتية في بعض الأقطار ( تونس فترة بورقيبة / العراق في ظل النظام الملكي/سوريا حتي 1963 ) أو حالة الموروث القبلي مع استمرار الحماية ( الجزيرة العربية ) و اتجاه وطني قومي مستقل يستند إلي جملة مبادئ و قيم ثورية ببعديها الوطني و القـومي ( مصر عبد الناصر/ سوريا في ظل البعث حتي  1966/ العراق 1968 حتي 2003 ) . تباينات سياسية عامة رغما عما تحمله  من خصوصيات محلية  الا أنها أفضت إلي ظهور الدولة الحديثة ... التي عملت علي استنساخ قيم الحداثة دون تفعيل لها بموروثنا الحضاري في أغلبها و بتركيز بائن فعلا و سلوكا في بعضها الآخر ( مصر عبد الناصر و العراق في ظل الحكم الوطني و التي تمثل نموذجا منفردا في هذا الاطار قد يشترك ظاهريا في بعض من خصائص الوضع و يفترق بالكامل عنه في العديد من الأفعال و النتائج و يطرح صورة غير الصورة المراد معالجتها في هذا الاطار ) ... استنساخ تم بشكل انتقائي بما يمكنها من الهيمنة و تفعيل شرعيتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ...  لينتهي الوضع السياسي بالبلاد العربية إلي إقامة نظام سياسي يستند إلي دساتير ( ماانفكت تعديلاتها تتواتر ) بنيته سيطرة الحزب الواحد أو الشخص الواحد أو العائلة الواحـدة ( جهة أو أقرباء ) يعاونه في ذلك فاسدون و طامحون ... فلا تعددية حزبية أو إعلامية و لا تداول للسلطة عبر انتخابات تجري علي أساس أنظمة انتخابات ديمقراطية... فالحاكم ( اختصر الشعب في ذاته هو الوحيد الواعي و المالك للحقيقة  له وصاية مطلقة علي الشعب بفئاته و انتماءاته كافة ( الحكم مدي الحياة ) بيده الإعلام المسير للرأي العام و المزيف لإرادة الشعب و المزور للانتخابات ( 99.9% ) و المسوق لمشاريع التوريث أو القيادة بالنيابة وصاية مقترنة بالسيطرة علي السلطة التنفيذية ( الحكومات /أدوات لا غير ) من خلالها تمت له السيطرة علي السلطتين التشريعية و القضائية باستخدام ميكانيكي لنفس الشخوص/ الوجوه التي تنتقل من هذا المكتب ( الوزارة ) إلي ذلك و ما تلبث أن تعود إلي نفس الموقع في دائرة تكاد تكون مغلقة و إن حصل إبعاد لأي منها و هي حالات نادرة يعلن عنها بصيغة ( نقل إلي مهام أخري دون أن يكون عرضة للمسائلة أو تبيان السبب في الحد الأدنى ) فقط بما يلمع صورة السيد الحاكم ويبرزه من أنه مطلع علي أحوال البلاد و العباد . فلا الدولة دولة حق ولا الحكم حكم قانون  ... دولة بيد الحاكم أمنية بامتياز أجهزتها تنتهك حقوق المواطنين و حرياتهم الخاصة و العامة ... تشجع الوشاية و الاستلاب الفكري و الروحي ( تكميم الأفواه ـ منع الأحزاب إلا من ارتضت التبعية و تلميع حذاء السيد الذي به داس أعناق الشرفاء من المعارضة الحقة ) علي المستوي السياسي الداخلي أما خارجيا الارتهان التام للغرب عامة و أمريكا خاصة و التفريط و التآمر علي القضية الفلسطينية ( طرح الحلول في مرحلة أولي ـ تغير ميثاق العمل الوطني الفلسطيني ـ  و جر المقاومة الفلسطينية  إلي التخلي عن ثوابتها في مرحلة ثانية ـ اتفاقية أوسلو ) و الأمن القومي و الاستقلال و تسليم اقتصاديات البلاد العربية  للعولمة و الليبرالية الاقتصادية و النهب الخارجي و الداخلي ... سياسات الخوصصة و ما رافقها من عمليات الفساد المالي و الرشوة و المحسوبية و تخريب لمؤسسات و تحويلها بأسعار تكاد تكون رمزية لفائدة من هم في دائرة الحاكم دون إخضاعها حتى للإشهار و المنافسة و السرقات و العمولات و تنامي الديون الخارجية التي التهمت عائدات الثروة الوطنية و القومية و اقتطعت أقساط تسديدها من جهد الشعب و أفضت مجتمعة إلي ارتفاع غير مسبوق لمعدلات الفقر و انحصار واضح للثروة بيد فئة محضوضة و أغلبية مسحوقة لوحة سياسية و اقتصادية و اجتماعية لا يشذ عنها الا المشهد العراقي في ظل الحكم الوطني بين 1968 ـ 2003 رغما عن الاستهدافات المتواترة له كتجربة منذ تأميم النفط 1972 و حتي موقفه من نظام القطب الواحد و القرن الأمريكي و الذي كلفه الاحتلال سنة 2003  ...كل ذلك  في اقتران بائن بثقافة اجتماعية عنوانها المثل الشعبي السائد ( اعمل كيف جارك وإلا حول باب دارك ) من خلال .

 

تحويل التعليم و المعرفة من قطاع هادف تنمية الموارد البشرية كمصدر أساسي لتنمية ثروة البلاد إلي قطاع الهدف منه تنمية الاقتصاد ألريعي ... مستغلا عقدة الشعب العربي الايجابية في توقه للمعرفة.  

* تعميق الوهم و الأحلام في الحصول علي شغل ( نظام التشغيل المعتمد بالنسبة لأصحاب الشهادات الجامعية ) أي إغراق الكفاءات في العدمية و اليأس.

 

* العبودية الجديدة ( شركات المناولة ـ ضرب تام لكافة الضمانات الاجتماعية ـ  في بعض الأقطار ... و السيد ـ الكفيل ـ في أقطار أخري .... ) لبقية الباحثين عن موطن شغل جاعلا من الحاصل علي عمل عن طريقها بمثابة المحظوظ .

 

سياسة اجتماعية فتحت الباب واسعا أمام تفكك الأسرة من ناحية و من ناحية أخري قادت إلي وضع القيم التي تميز مجتمعنا العربي  موضع التساؤل في العديد من مفاصلها الحيوية.

مظالم مركبة سياسية و اقتصادية و اجتماعية  داخلية  ازدادت حدة  بما أفرزه الضغط الخارجي  ( احتلال العراق أساسا و ما رافقه من تدمير لكل أمل في التحرر المعقود عليه  و الرد العراقي الذي مثلته المقاومة الباسلة و سياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها أطراف الضغط الخارجي في تعاطيها معها و مشاكل البلاد العربية الأخري أهمها فلسطين ) ... مظالم  حركت المواطن العربي للانتفاض... رافعا شعارات/ أهداف ( الكرامة ـ الحرية ) واضعا البلاد العربية علي مفترق طرق بين اتجاهين ...

 

أ ـ  الاتجـــــــــــــــــــــاه الأول :

  خط مرتبط بما كان قائما قبل اندلاع الحراك الشعبي و ما عرفه من توسع بمدايات غير محسوبة تتجاذبه قوي غربية رئيسية يري أن استمراره و بقاء امتيازاته و مواقعه مرهون بتنفيذ مشيئة العواصم الغربية...و يصطدم سواء من حيث الفعل أو التعبير عن نفسه بمسألة الإخراج تحسبا لرد فعل الشارع الذي لا زال محتقنا لذلك يعمل بصيغة التسويف و كسب الوقت....في ترابط  بصيغة التماهي و خط لا يحرص علي السيادة الوطنية و الاستقلال و قد أصبح مرتبطا بقوي عالمية و إقليمية ( شرق أوسطية ) تحت ذرائع عقائدية لا يمكن أن تغطي حقيقته التابعة لتلك القوي مستعجلا ملأ الفراغ حتى و لو كان باستخدام أسلوب النظام الذي أسقطه الشعب...أو ذلك الذي لم يسقط بعد ... رافعا شعار بصيغة التشبه و التوظيف المعكوس المبتذل *من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن * ... خط يقرأ الواقع من خلال رؤية مصالح القوي الدولية و لا يتردد في الانخراط في تنفيذ أجندتها رغم تبرئه   ظاهريا من ذلك و لكن أطرافه  لا تتورع في مبادلة أفكارها بالسلطة علي نمط  راشد الغنوشي و زيارته  "لأيباك " و حضوره مؤتمر لاغوس  و ما رافق ذلك  من تسويق لرؤية الأسلمة سواء من التطبيع أو العولمة  ... ( 13 ) النتيجة  اتجاه سعيد جدا بتصعيده للسلطة في أكثر من ساحة كنتاج واقع غير ثابت بكل مؤشراته لكونه ناتج واقع اجتماعي متحرك تم شرحه أعلاه  من ناحية و من ناحية ثانية  التماهي  في الرؤية و التصور مع رؤية  الأمركان و الغرب بلغ حد الانخراط كأداة مباشرة لحرف الحراك الشعبي في سوريا بما ينسجم و تلك الرؤية اتجاه يتناسي ان الترويج الغربي له  لا يعدو أن يكون أكثر من تسويق آني و من أن  موقف الأمركان و الغرب منه هو  موقفه من الذين ركبوا دبابته أو قدموا متخفين في أحذية جنوده في العراق فأفضلهم لن يكون أكثر من مالكي أو طلي باني  محسن بصيغة تونسية أو ليبية أو مصرية ...أي في أعلي حالاته لا يتعدى أن يكون إلا صورة مشوهة لذات المثال الذي صنعه الاحتلال و نصبه حاكما في بغداد . أي مزيد من اغراق الأمة العربية في أزمتها بما يخرجها نهائيا من دائرة الفعل الحضاري و الانساني لمرحلة تاريخية أخري .

 

ب ـ الاتجـــــــــــــــاه الثاني :

  خط وطني قومي تقدمي مستقل مؤمن بتغليب مصلحة الوطن و الشعب علي ما سواها و الدفاع عن الحقوق و الكرامة و التحرر و الانعتاق من أية قوالب فكرية جامدة أو شروط سياسية مسبقة تكبل إرادته المستقلة رؤية و فعلا متماهي مع القاعدة الشعبية و يفتقد إمكانات التعبئة المادية. إلا أنه وبالرغم من توفر المناخ الثوري  تحت تأثير تلاقي  فعل المقاومة العراقية و الحراك الشعبي ... لم يصل هذا الخط بعد الي أفضل الطرق الضامنة لانتصار الحراك الشعبي  وعدم السماح بحرفه او ركوبه من أطراف تكاد تكون مخلقة اعلاميا و بصيغة اللحظة ( تونس ...المغرب ... مصر ... ) ،و مفعلة  بالري موت  كنترول عن بعد ( العراق .. ليبيا .. و سوريا حالي ) ...تحت تأثير جملة عوامل أهمها التردد أمام العمل الجبهوي علما من أن المواجهة المفتوحة و التي تستهدف الوطن العربي و الأمة العربية الخروج منها لا ولن يتم إلا بتوحيد كافة القوى الوطنية والشبابية في اطار جبهات وطنية تضع إستراتيجية التغيير وتحدد قواها ومن هم الاصدقاء ومن هم الأعداء القائمين و ألمحتملين وبذلك ينجح الحراك الشعبي  في منع السطو عليه او اجهاضه وتسليمه في نتائجه  لعناصر الاتجاه الأول أي عناصر النظام السابق المكشوفين أو المصعدين بمفهوم تسليم المفاتيح القائم في أكثر من ساحة  ليعيدوا انتاج ذات النظام الذي كان سائدا  بأشكال مختلفة و تحت خطابات جديدة و لكن دون تغيير في جوهره.

 

يوغرطة السميري / المهدية

d.smiri@hotmail.fr

 

 

 

 ( 1 ) .  يوغرطة السميري المشروع القومي العربي حقيقة حية فاعلة ( الحلقة الرابعة ) http://www.albasrah.net/ar_articles_2012/0512/yoqrta4_120512.htm

 ( 2 ) . صدام حسين : نضالنا و السياسة الدولية . حديث مع الصحفية سكينة السادات 19/01/1977 المختارات الجزء الخامس ص 49 .

ـ  كذلك قارن: طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الملف الكوري، الملف الإيراني الوعود الأمريكية بمعالجة المسألة الفلسطينية ( خطابات جورج يوش الأب سنة 1990 التي أفضت إلى ما يسمى ( سلام مدريد ) و جورج يوش الابن سنة 2003  و أفضت إلى " خطة ألطريق".

 ( 3 )  - أنظر معدلات التنمية البشرية و الاقتصادية ، منشورات جامعة الدول العربيةلذات الفترة .

  - أنظر : مشاريع الوحدة سنة 1958 و مشاريع التكتلات الاقتصادية ( مجلس التعاون الخليجي الإتحاد المغاربي ، الإتحاد الاقتصادي العربي )

  - مقررات مؤتمرات القمم العربية خاصة: قمة بغداد 1979 ، تونس 1980 عمان 1981 ...

 ( 4 ) محاولات البناء الأولى التي أجهضت في البلاد العربية : محمد علي في مصر ( عسكري ) المشير أحمد باي في تونس ( اقتصادي ) .

 ( 5 ) الدكتو إلياس  فرح : مقدمة في دراسة المجتمع العربي و الحضارة العربية بغداد 1984 .

 ( * ) مصطلح لمختلف اللافتات التي تقدم مصلحة الأجنبي على المصالح الوطنية و القومية.

 ( 6 ) أنظر برامج الاصلاحات الهيكلية للإدارات العربية من 1990 الي 2010 .

 ( 7 ) أنظر خطابات جورج دبليو بوش ... و كوندليزا رايس في الموضوع ...اضافة الي دور الأسلمة بشقيه ( ولاية الفقيه و السلفية الأصولية )

 ( 8 ) خطاب الرئيس الامريكي جورج بوش الابن و تصريحات و زير خارجية كولن باول حول الاصلاح السياسي ( الديمقراطي ) في المنطقة العربية ؟ ديسمبر 2003 .أوردته مختلف الصحف و وسائل الإعلام في حينها .

 ( 9 )  أنظر Kissigner,Henry, Grossmacht Diplomatie Dusseldorf,Wien 1975

ـ أنظركذلك Baumgart,Winfried, von Europaischen Konzert ,zum Volkerbund Darmstat 1974

ـ  أنظر الموقف التونسي في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي عقد في تونس ... و موقف دولة قطر علي لسان وزير خارجيتها في ذات المؤتمر بباريس و دعوته للعمل من خارج مجلس الأمن الدولي ...معتمدا مثال احتلال العراق دون أن يصرح به .

 

 ( 10 ) يوغرطة السميري المشروع القومي العربي حقيقة حية فاعلة ( الحلقة الرابعة ) http://www.albasrah.net/ar_articles_2012/0512/yoqrta4_120512.htm

 ( 11 )  يوغرطة السميري نفس المصدر السابق

 ( 12 ) ـ أنظر  هنري كيسنجرـ النيوزويك شهر جوان/ يونيو2012 و مقولة " امكانية تطبيق صلح وستفاليا" علي المنطقة العربية من خلال الاقرار بحق ثلاث دول في الاستمرار "تركيا ـ ايران ـ مصر ) ." و في محاضرة ثانيا نقلها نفس المصدر شهر جويلية /يوليو2012" يؤكد انتصار نظام  القطب الواحدـ ظهور الحكومة العالمية و دور دولة الكيان الصهيوني في ذلك "

ـ أنظر لافروف وزير خارجية روسيا و رؤيته في ما هو قائم في المنطقة . www.easternmednews.com/index.php/permalink/5630.html

 ( 13 ) أنظر زيارة الغنوشي الي "ايباك" ... و خطاب الأسلمة السياسية و مواقفها من المسألة الفلسطينية عامة و قضية التطبيع خاصة ...

 

 





السبت ٢ رمضــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة