شبكة ذي قار
عـاجـل










مهازل حكّام العرب لا تتوقّف حتّى بعد خروجهم من قصور الرئاسة .. وفضائحهم تأبى الجدران أن تكون لها حاميا ومنافحا. وما قدّموه من خدمات "جليلة" لأعداء أمّتنا لم يشفع لهم، فلا هم حَمَوْا عروشهم من التهاوي يوم كانت الجماهير الغاضبة تدكّها دكّا، ولا هم ستروا عوراتهم بعد سقوطهم وخروجهم مدحورين أذلاّْء.


بنيامين بن أليعازر أحد قياديّي حزب العمل الصهيونيّ طالب مؤخّرا الرئيس المصريّ المطاح به حسني مبارك بـإعادة 300 مليون دولار دفعتها "إسرائيل" عدّا ونقدا إلى مبارك وزوجته سوزان.. نعم كان هذا المبلغ على الحساب بانتظار ما ينجزه النظام المصريّ آنذاك من إنجازات لخدمة الصهاينة. وعلى قدر التقدّم في إنجاز الخطّة يكون الدفع.


بن أليعازر لم يترك لمبارك ورقة يستتر بها.. ولا لزوجته.. وهما الآن عاجزان عن الردّ على ما يقوله الوزير الصهيونيّ السابق، ومحاموهما عاجزون أيضا، فلا شكّ أنّ الصهاينة يملكون الوثائق والبراهين التي تثبت تورّط مبارك وزوجته في تلقّي هذه العمولة جزءا من صفقة خسيسة تستهدف بنية العقل والفكر، وتستهدف ذاكرة الشعب كلّه.


الصهاينة أسخياء في الدفع طالما أنّهم على يقين أنّهم سيستردّون أموالهم أضعافا مضاعفة. لذلك دفعوا وقد يجدون مستقبلا هنا أو هناك من يقبل التعامل معهم بنفس هذه الدرجة من الدناءة والخسّة.. بل حتّى أكثر.. بن أليعازر قال إنّ الصهاينة أنفقوا 300 مليون دولار.. فقط لمجرّد تغيير المناهج التعليميّة في مصر.. نعم.. لا عجب..


نحن ندرك أنّ البرامج التعليميّة مسألة سيادة وطنيّة.. وهم يدركون هذا.. بل يدركون على وجه الدقّة أهمّيّة التعليم في صياغة نمط تفكير الشعوب وفي نحت ذاكرتها وطرق تعاملها مع الآخرين. فقد كان الهدف الوحيد من تغيير المناهج التعليميّة في قاهرة المعزّ هو الحدّ من العداء لـ"إسرائيل".. وهو هدف يستحقّ إنفاق هذا المبلغ.. لأنّهم بعده سيجنون الكثير..


زوجة الرئيس المصريّ المطاح به تعهّدت "للإسرائيليّين" في الاجتماع الذي تم في قصر رئاسة الجمهوريّة في عام 1998 بالضغط على وزيري التربية والتعليم، والأوقاف وكذلك مفتي الديار المصريّة، للعمل على تنفيذ خطّة تغيير المناهج، بما يتوافق مع الرغبة "الإسرائيليّة".. وهذا جزء من خطّة كانت تقضي بإعادة طبع الكتب الدراسيّة، لتصبح خالية من الآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة التي تهاجم اليهود ...


وهذه مسؤوليّة "سيّدة مصر الأولى" سوزان مبارك..
أمّا ما انكشف من تفاصيل أخرى عن هذا الاتّفاق فهو أنّ السيّدة سوزان وافقت على أن تشمل المناهج الدراسيّة آيات من التوراة، وعلى إلقاء الضوء على حقبة تواجد اليهود في مصر.
حسني مبارك يأمر بحذف الدروس التي تتحدّث عن الصراع العربيّ "الإسرائيليّ"، والتركيز على دروس تتحدث عن فوائد عمليّة السلام .. وسوزان تُكمل ما تبقّى من الجرعة حتّى تكتمل مشاهد من فصول التراجيديا التي يعيشها العرب في أيّامنا هذه.


إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ضغطت الولايات المتّحدة الأمريكيّة على أغلب الأقطار العربيّة، وعلى بعض البلدان الإسلاميّة حتّى تحذف من برامجها التعليميّة كلّ الآيات والنصوص والخطب التي تدعو إلى الثورة والجهاد وترسم ملامح العلاقات الندّيّة بيننا وبين الأمم الأخرى .. واستجابت أغلب الأقطار للتعليمات الصادرة من واشنطن تحت ذرائع كثيرة، فأُدخلت تعديلات جوهريّة على نظمنا التربويّة ترتكز أساسا على أمرين : بنية التفكير ومحتوى البرامج ..


وها نحن اليوم في تونس ومصر وغيرها نستطيع أن نلحظ آثار هذه التعديلات على مستوى طالبي العلم منهجا ومضمونا. وهي آثار لا نحتاج إلى كبير جهد لنتبيّن أنّها كانت جزءا من كارثة أصابت منظومة التربية والتعليم في الأقطار العربيّة، وجعلت جامعاتنا تحتلّ ذيل القائمة في أيّ ترتيب يتعلّق بجودة التعليم والبحث العلميّ .. بل خارج التصنيف في أغلب الأحيان.



akarimbenhmida@yahoo.com

 

 





الثلاثاء٠٧ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣١ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الكريم بن حميدة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة