شبكة ذي قار
عـاجـل










الزمن وعناصر القوة ونتائج الحرب على غزة..

د. أبا الحكم

 

 

تحدثنا في مقالات سابقة عن مواضيع يهتم بها الخبراء من السياسيين والعسكريين والكتاب والمفكرين.. وكنا نأمل أن نجد إجابة عن موضوعة الحرب في غزة هل هي حرب تحرير فعلية تستكمل فيها شروط وقواعد الحرب أم هي حرب تحريك ذات طابع سياسي تكتيكي تستكمل فيها شروط وقواعد الحرب من هذا النوع؟ ولكون الأولى لها مدخلات ومخرجات، فإن للثانية أيضاً مدخلاتها ومخرجاتها التي تلامس أبعادا متعددة ومتنوعة ومختلفة.

كما أن للزمن نصيب كبير وواسع في مقادير مفهوم الحرب، وكما كان مقدرا للحرب في اوكرانيا ألا تتعدى الأسبوع الواحد كما هو رأي قيادة الكرملين حتى تستسلم العاصمة كييف، كانت تقديرات الحرب في غزة لا تتجاوز الأسبوعين يتم بعدها الاستجابة إلى سلسلة من نداءات الدعوة الى (وقف إطلاق النار - الهدنة- الهدنة الطويلة- تبادل جثامين القتلى- والجرحى والأسرى- والسجناء- وفك الحصارات المختلفة. إلخ).. وهذه السلسلة من المطالب تأخذ من الزمن الكثير وتأكل الكثير الكثير من الأخضر واليابس في غزة على وجه التحديد بشراً وموارد.

والحرب مستمرة ومستعرة، والحشود وأليات النار تزداد كثافة والمساومات تبقى خارجة عن زمن الحرب التي لها شروطها السياسية والاستراتيجية، من جهة، ولها معاييرها الخاصة وموازينها الخاصة.. وكلا النوعان من الحروب لها توازناتها الخاصة ولا نريد هنا ان نخوض تفاصيلها الدقيقة التي يجب ألا تغيب عن ذهن صانع قرار الحرب أبداً (هدف الحرب ووسيلة الحرب وقدرات الحرب وتحالفات الحرب الداخلية والخارجية وزمن الحرب وحسمية الحرب وأخيراً الجلوس على طاولة مفاوضات الحرب). وإن أي إخلال في هذه المفردات سيكون كارثياً، ومن علامات ذلك إطالة أمد الحرب التي تنسحب على كل المفردات والتقديرات المرسومة في حقل السياسة والاقتصاد والتعبئة المادية والبشرية.. الأمر الذي يشترط الإعداد المسبق للبدائل عند التخطيط ومجابهة حالة الاستنزاف التي تدخل هي الأخرى في اعتبارات التخطيط للحرب.

لماذا تأخرت حسمية الحرب في غزة؟ كما هو حال الحرب في أوكرانيا؟ وهل كانت المقاربات السياسية والعسكرية والاقتصادية متوازنة في التخطيط والتنفيذ بين حماس والكيان الصهيوني؟

دعت موسكو الفصائل الفلسطينية المسلحة للاجتماع في ضيافة دار الاستشراق في روسيا للتباحث لإيجاد مشتركات للتوحيد – وكان الكرملين يسعى الى تكوين وحدة قوى فلسطينية لكي تعترف بها رسمياً على إنها تمثل دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية – ولكن الاجتماع قد انفرط وانفردت حماس بالرفض.

ماذا وراء الرفض الذي اعلنته حماس ومعها الجناح المسلح لمنظمة الجهاد الإسلامي؟ وماذا وراء قرار السفاح الصهيوني نتنياهو باجتياح رفح، بعد ان توغل الجيش الصهيوني في 75% من أراضي غزة؟ وبعد مضي أكثر من ستة أشهر ونصف على اندلاع الحرب والعدوان عليها؟

إن الخلاصة لا تقبل التأويل ان (إشعال حرب غزة يقع في قلب الصراع بين الملف النووي الإيراني وبين أمريكا والوكالة الدولية للطاقة الذرية).. ومسألة الملف النووي الإيراني يعد الأساس الاكثر خطورة وأهمية في الاستراتيجية الإيرانية، فهي مسألة ضغوطات ومساومات وليست مسألة كسر عظم أو إسقاط نظام.. فإيران استخدمت حماس من اجل الضغط الأقصى على امريكا لتخفيف الضغط على الملف النووي كلما تحركت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، لمطالبة طهران بتطبيق شروطها الخاصة بالتخصيب ومعدله الثابت المتعارف عليه وهو (7.2)، وكذلك فتح الكاميرات في مفاعلات إيران وخاصة مفاعل (نطنز) ومنشئات اخرى بالقرب من بحر قزوين وبالقرب من الأحواز على الخليج العربي.

فلماذا تتغاضى امريكا هذا التجاوز؟ ولماذا تتسامح الوكالة مع من تجاوز على شروطها الدولية الخطرة؟ ولماذا يسكت الغرب على الاستهتار الإيراني الوقح بالضد من أمن المنطقة واستقرارها؟ ولماذا تصمت (إسرائيل) على إشعال حرائق غزة حتى أخر مهجر منها وأخر بيت فيها؟ وكذلك أمريكا والغرب المتصهين. الأسئلة موجهة إلى الأنظمة العربية...!!






الثلاثاء ٢١ شــوال ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة