استهداف صدام حسين كان استهدافاً للأمة
علي العبيدي
لعل أخطر ما أبرزته حقبة ما
بعد الحرب العالمية الثانية هو التوجه الواسع والشرس للدول العظمى والكبرى وتوابعها
وحلفائها للسيطرة على جغرافية الوطن العربي والتعامل بشراهة ووقاحة مع ثروات العرب
البشرية والمادية.
تطلب هذا التوجه الامبريالي الصهيوني استحضار كل خبث السياسة ومكر المخابرات
محزمة بالقوة العسكرية والإعلامية ومدعومة من أنظمة مصنوعة لمعاونة المنهج الاستغلالي
المتوحش وقوى سياسية انتهازية منافقة تابعة تؤثث مسارات الضعف العربي وتوطن اليأس والقنوط
والإحباط في الذات العربية التي ترهلت تحت إرهاب هذا الواقع المرير.
وكان لابد لإنجاح الهيمنة المباشرة وغير المباشرة للغرب الامبريالي الصهيوني
على العرب أن تقولب الأنظمة العربية في صناديق الوهن والضعف، وأن تغييب القدرات القيادية
التي يمكنها أن تثور العرب وأن تحاصر القوى السياسية القومية والوطنية العربية لكيلا
تسيطر على السلطة والثروة والإعلام وقرارات التغيير الجذري الشامل.
وبديهي أن يكون بزوغ نجم أية قيادة عربية واعدة مقتدرة واسعة التأثير
في الواقع العربي تمثل منارات انبعاث وتحدي تقتلع الخمول والكساد العربي وتطرد الاحتكار
وتثري الروح والحياة العربية محط عداء واستهداف وتآمر وهذا ما حصل مع القائد صدام حسين
وحزب البعث العربي الاشتراكي والتجربة الثورية الرائدة والمتفردة في العراق (١٩٦٨-
٢٠٠٣).
لقد كان قرار غزو العراق واحتلاله واغتيال الرئيس القائد صدام حسين وأعضاء
قيادة الحزب وتدمير منجزات العراق في حقبة سلطته الوطنية والقومية يقع في هذه الدائرة
حصراً، دائرة استهداف النموذج العربي الرائد المنتج المدبر المخطط للتطور الفعلي لأمتنا.