شبكة ذي قار
عـاجـل










عنوان ها المقال يوحي لمن يقرأه لأوّل وهلة أنه مقبل على قراءة قصيدة "اقتصاديّة" هي لربّما ستكون الأولى من نوعها في التأريخ البشري! إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أنّ الإنسان منذ فجر التأريخ الشعري ولحدّ الآن لم يحتوي تراثه قصيدة تعنى بالاقتصاد بشكله الموضوعي الحرفي لا الساخر , ولكن شعبيّا يجوز "راس الشهر نشبع قهر" أدّاها المنولوجست العراقي علي الدبّو رحمه الله ! .. فمن الجائز أن الإنسان يكون قد سمع عن شعر غزل عن هجاء عن مديح .. عن نواح عن رثاء بالبدويّة أو باللهجة الشعبيّة أو بالفصيح أو بمختلف اللغات والتي تقف ورائها "الحالة الاقتصاديّة" وليس الاقتصاد , ومن المؤكد أنه قرأ الكثير منه أو حفظه .. ولكن عن شعر اقتصادي خالص لم يسمع بهذا النوع من الشعر إطلاقاً .. ولا حتّى أنا ! .. وفعلاً ناقشت نفسي وأنا أنتهي من وضع اللمسات الأخيرة لعنوان هذا المقال أن يكون عبارة عن قصيدة بحق "أخينا بالله" الّذي قبض عمولته بالدولار ولكنّني اكتشفت ولله الحمد وفي اللحظات الأخيرة من مباشرتي أو شروعي بكتابة "القصيدة" أنني لست بشاعر ! فعدلت عن ذلك فورا ..


مئة ألف دولار "فيما عدى الحباشات" مبلغ في عرف أصحاب الخيال الجامح من المفلسون وخالو الوفاض مبلغ تافه جداً لا يلبي ما يحلمون به ويهيمون ولا عشر معشار معشاره , من قصور وفلل ساحلية وجبلية وفاتنات من مختلف الأجناس لا يجدن سوى الابتسامة عند ساحل حوض السباحة أو عند وسط السلّم الداخلي للقصر أو في أعلاه أو في أسفله وهنَّ واقفات بطولهنّ الممشوق الفاتن يمسكن طرف المقعد المنسدح عند شاطئ مسبح قصر أو يلامسن بأطراف أصابع أيديهن الناعمة السلالم المرمريّة للحالم المفلس وقد أرخت واحدتهنّ ساقها المكشوف إلى أعلى إلى حيث محيط منطقة "الخيط" بانثنائة مغرية معروفة بينما استندت بكامل ثقلها البسيط على ساقها المرمريّة المفتولة الأخرى .. وهذه "المئة ألف" في هذه الحقبة من الزمان الّذي نعيشه بجميع تناقضاته الّذي يشهد تراجعا مهينا للدولار يعتبر مبلغ في غاية التفاهة بالنسبة للمنفوخون ! , ولكنه على ما يبدو تراجع مغشوش ومقصود كشف عنه مؤخّراً , فيما لم تكشفه أعتى مؤسّسات الكشف عن الفساد ومؤسّسات وسائل الإعلام الغربية وأشرسها في نقل الحقيقة بدون رتوش , فقد اكتشفها العقل العراقي صاحب المكتشفات الخارقة التي نقلت الفكر البشري بقفزات تطوّريّة انتقاليّة سبحت به بعيدا عن حياة الحيوانية الكاملة , فقد اكتشف هذه المرّة وبجهد أخلاقي بسيط أنّ الدولار أقوى عملة على وجه الأرض ؟! هذا ما اكتشفه "العراقي" من شلّة عراق التحرير مؤخّراً .. فمن خلال معمعة "ميناء مبارك" طافت على سطحها ما قد تمكّنت أجهزة الرصد من اكتشافها بالصدفة ؛ "مقايضة مساحة أرض هائلة تنشأ عليها منشآت ميناء ضخم" يخنق رقبة العراق القصيرة أصلاً "إذا كانت رقبة مسؤوله المُوصلة بالمحيط الخارجي قصيرة فحتماً ستنعكس على قرارات العراق المصيريّة فتقصر رقبته "وتبئه عله أدّ السمسمة" كما يقول المصريّون ! , وسط ذلك المحيط" وبمبلغ "مائة ألف دولار" فقط لا غير يا بلاش مع بعض الملابس الداخليّة علامة الأرنب وأزرار ذهبيّة للقمصان وقدّاحة سكائر تشتعل بالريمونت كونترول "هذه الأخيرة شلون ترهم ما أدري !" على عكس ما توقعه الحالمون والفقراء والمسحوقون أو "المتوقعون" بذلك من أنّ المبلغ أضعاف ما توقّعوه بعشرات المرّات ! ... إذ .. وكما قيل : " لا يفل الحديد إلا الحديد ولا يمسك اللص إلا اللص على رأي "أرسين لوبين" بطل روايات "موريس لبلان" رحمه الله مع أن أرسين لوبين يسرق من الأغنياء ليعطي للفقراء فإن صاحبنا فلّ "الحديد" ودقّه "حديد عله الحديد وصارتله رنّه" وكشف أنّ الدولار الأميركيّ قويّ جدّاً قد تعادل قوّته أحلام جميع الحالمون على وجه الأرض وجميع ما يمتلكونه في خيالاتهم من جنان وحور عين .. فمئة ألف منه خيراً من ملايين على شجرة متجذّرة في عقول المتعبون , ولأنّه حديديّ المال , فقد أضفى على هذه المئة ألف قداسة ماليّة يتلمّظ للونها الأخضر أثرى أثرياء الأرض , فلو تمّ عرض المئة ألف بيد فقير معدم نحيل سوف تفقد قيمتها ويخفت وميضها , ولكن أن تعرض المئة ألف وسط صالة عرض "ضخمة" ومتورّدة الخدّين ومتعتورة الرقبة فإن قيمتها ستكون عالية بكلّ تأكيد ! .. كما وليس صدفة أيضاً أن تأتي مئة ألف صاحبنا الفخم مع "عمليّة" صعود الدولار في الأسواق العالميّة ! ...


لم أكن أتصور أن الكلام الّذي يتردد باستمرار من أن الأغنياء لا يشبعون ويجدون في الفلس الأحمر مشروع ثروة كبير لا يجب التفريط به , وكنت أنا من الناس الّذين يقولون "مو معقولة" غني تعود على الغنى والحفلات وصالات التنافس الرياضي الشريف في لعب الروليت أن تدني نفسه على مبلغ تافه "المبلغ الذي اشتهر مؤخّراً نظرا لتفاهته التي لا تتناسب والثروات الحقيقيّة الضخمة التي يمتلكها "الشاطر حسن" الملغوفة من أضلع الشعب العراقي" اعتاد نثره وأكثر منه "شوباش" وهو خارج من فندق مخملي يرتاده المخمليّون على رؤوس خدم الفندق وعلى رؤوس حشمه المخمليّون هم أيضاً أو قد لا يساوي مثل هذا المبلغ علبة صندوق سكائر كوبيّة ينثر دخانها صاحبنا فوق بساط روليت مخملي في ليلة واحدة هو وضيوفه .. ولكنّ على ما يبدو أنّ الأمر صحيح وفي غاية الصحّة , هو "المعني" نفسه قد ألزم نفسه بنفسه على تعظيم شأن المئة ألف هذه حين "أنكرها" حين أنكر أنّه وقع تحت تأثير مثل هذا المبلغ ! وقد يكون ما أنكره صحيحاً أيضاً .. فصخامته .. أقصد فخامته .. قدّ تعوّدت يده الكريمة على أن تلعب على راحتها الملايين ولربّما المليارات من الدولارات لقاء خدماته الخارجيّة الجليلة لدول خارجيّة أخرى يشتغل لديها "بالقطعة" بعد الدوام ! , فمن سيكون لها غيره حين انتصب كالبطل الشهم يبرّء ساحة "الكويت" من تأثير مينائها المبارك على حياة العراقيين التي أصبحت مخنوقة مائيّاً ومينائيّاً ومن جميع جهاته الأربعة بعد أن كان ملكها في سالف الأزمان يوم كان أجداد هذا الفارس الشهم المنتصب على منصّة الأمم المتّحدة يقرأ سورة الفاتحة على روح العراق بكلّ جرأة وشهامة كويتيّة معروفة نطفة في مجاري الطين اللاّزب تسيح بين شقوق جبال أرارات وغيرها من أصقاع المجهول الجغرافي آنذاك ..


لا اريد ان افصح هنا عن اسم المعني فالجميع بات يعرف من هو بما فيهم القرّاء الكرام , كما أنّني وجدت من العيب المساس بوزارة خارجية بلدنا العظيم زيادة على ما هو عليه من بلاوي مستعصية تسجّل يوميّاً بحقّة وتحت قبّة عراق التحرير الجديد كأرقام قياسية على مستوى الكون في الفساد والرشاوى والنهب والقتل والحرائق والخطف والسجن والاعتقال والتهديد والمطاردات والانتخابات المزورة والتزوير والبطالة والامراض والأمية والحشيش والمخدرات والإباحيات الخ .. يعني بالمختصر وجدت ذكر منصبه عيب ولا اسمح لنفسي أن آتي على ذكر اسمه معه بشكل مباشر فأكون بذلك قد تهجّمت على وزير خارجية بلد كان حتى وقت قريب في أّذهان وتصوّرات ومخيال جميع شعوب العالم الأموات منهم والأحياء أنه بلد الحضارات .. فقلت في نفسي عيب ومخجل أن أمس بسوء اسم (( وزير خارجية )) مثل هذا البلد العظيم ...


"الرجل" قد صرّح مؤخّراً , أي بعد كتابة هذا المقال المركون على رف سطح مكتبي بعد يوم واحد من نثر "الخبر" الفضيحة في كافّة وسائل الإعلام العراقيّة وسريانه بسرعة فائقة وسط ملايين فقراء العراق ومعدموه وعطّالته وبطّالته ومقعدوه , أنّه لم يأخذ مثل هكذا مبلغ "رشوة" له مقابل تغاضيه عن "ميناء مبارك" الجاري إنشاءه على قدم وساق في الكويت العزيزة على قلب كلّ عراقي شريف .. ونحن نقول "طبعاً" فمثل هذا المبلغ لا يليق بك يا صاحبنا كما قلتها بعظمة لسانك .. ولكنّ ذكر مثل هذا المبلغ من المؤكّد جاء للتغطية على "تسوية" مسبقة سبقت الشروع ببناء ميناء "مبارك" بأشهر عديدة كانت "الملايين" من الدولارات وقصور وفلل في أصقاع العالم المترف هي المادّة الدسمة التي استطاعت النهوض بك وقوفاً وراء منصّة الأمم المتحدة لتتفّه ما مقبل عليه العراق من مستقبل ملاحي مظلم ولتبرّئ ساحة حكّام الكويت من جريمتهم الصهيونيّة الشنعاء .. فالمخطّط له هو التغطية على الملايين المدفوعة لك ولغيرك من أمثالك فيما بعد وعند المباشرة ببناء الميناء ستكون على شكل "نثر" مبلغ "تافه" على رؤوس وسائل الإعلام ليكون نقطة استقطاب مشوّشة تثير اللغط والشَدَهْ في نفس الوقت , بينما حقيقة مبلغ الرشوة يكون بعيداً عن التناول ! ...


وهنا نسأل السيّد صاحبنا .. وبغض النظر عن الطريقة التي أوصلتك لهذا المنصب الذي لا تمتهن حرفة أخرى سواه ! .. لماذا أنت وزيراً لخارجيّة العراق ؟ .. هل جئت لخدمة العراق ؟ فأين هي منجزاتك التي حققتها لسمعة العراق ولقراراته السياسيّة طيلة ثمان سنوات ؟ .. أم جئت لمنصب وزارة الخارجيّة من أجل المنصب ولتلتقط لك عدسات التصوير الصور تلو الصور وأنت تبتسم ابتسامتك المعهودة على الصاعدة وعلى النازلة ؟ .. وهل إنّك مقتنع فعلاً إنّك وزير خارجيّة مؤهّل لقيادة العراق من رقبته ؟ .. وهل أحسست يوماً وأنت في هذا المنصب أنّ المنصب همّ وتعب وغمّ ونضال ؟ هل أتاك مثل هذا الإحساس .. ؟ .. أمّ أنّك لا زلت تلهو وتلعب وسط باحة المنصب الذي أنت عليه ؟ أمّ أنّك غير مدرك أنّك تلهو وتلعب وتعتبر المنصب هو هكذا على مرّ الزمن ؟ .. ! .. وهل يا ترى سيدور في خلدك يوماً أنّك "قد تضطرّ" يوماً للف "الياشماغ" الأحمر حول رأسك وتغطّي به أنفك وفمك وحنكك ورقبتك "تتلثّم" وتركب سيّارة "نفرات" تجتاز بها أرض العراق تحت القصف الجوّي المعادي لبلدك ولمسافات طويلة تسير مغامراً بحياتكم وبمنصبك " الوثير" دون خوف لتصل بلد آخر من أجل سمعة بلدك العراق لتوصل كلمته لجهة اجتماع يدور حول هذا الغرض .. ! .. هل أتى بخلدك مثل هذا الأمر ؟ .. أنا على ثقة تامّة أنّ مثل هذا الأمر لم يدر بخلدك إطلاقاً ولن يدور .. فما عاد بلدك سوى بأحضان من قصفه أتى بك إليه لتنتصب في كلّ محفل تهينه مبتسماً ...

 

 





الخميس٠٨ ذو القعدة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة