شبكة ذي قار
عـاجـل










قصة حقيقية قديمة يرويها مدربو برامج العلاقات العامة للمشاركين في هذه الدورات ، لتوضح انه مهما حاول البعض من التصرف على غير طبيعتهم وانتحال صفات غير صفاتهم لغرض تحقيق أهدفهم ، فأنها ستنكشف آجلا أم عاجلآ ، والقصة مفادها . .


في أحدى المؤسسات الحكومية الخدمية وبعد كثرة انتقادات المواطنين متهمينها بخرق التعليمات والأنظمة وانتشار الفساد فيها بشكل كبير وتعاطي موظفيها الرشوة والتعامل غير اللائق مع المراجعين بسبب سوء أدارتها من قبل الإدارة العليا فيها / وبعد ان نشرت صحف عديدة شكاوى وتحقيقات صحفية أثبتت أن هذه المؤسسة هي أسوء مؤسسة خدمية في البلد ، قام رئيس هذه المؤسسة بمحاولة لتحسين صورته وبالتالي خلق انطباع حسن عن مؤسسته فأوعز لمدير أعلامه بتوجيه دعوة لرئيس قسم الأخبار المحلية في أحدى كبريات الصحف المشهورة التي تلقى مقالاتها قبولا كبيرا لدى القراء ، لزيارة رئيس المؤسسة والاطلاع بشكل مباشر عن حقيقة الشكاوى بحقها .


وفعلا قام الصحفي بزيارة المؤسسة بموعد مسبق وبعد أن هيئا مدير الأعلام الترتيبات اللازمة لتحقيق هدف رئيس المؤسسة ، وأستقبل بترحاب ملفت للنظر من قبل موظف الاستعلامات الذي ضيفه وقدم له فنجان قهوة ولاحظ الصحفي ان الضيافة لم تكن له لوحده وإنما شملت كل المواطنين المراجعين لهذه المؤسسة ، فتكونت لديه فكرة مغايرة عما يقال عنها . . وبعد وقت قليل حضر مدير الأعلام وأيضا قابله بترحاب مبالغ فيه وأستصحبه معه ، ودخلا على مدير المكتب الذي أستقبله وأحسن ضيافته وأثناء وجوده معه كان مدير المكتب يجري اتصالات مستمرة مع موظف الاستعلامات ومدراء الأقسام في المؤسسة ويوجههم الى ضرورة أنجاز معاملات المواطنين بالسرعة الممكنة وضيافتهم مؤكدا على حسن التعامل معهم الذي هو نهج العمل ، وكان الصحفي مسرورا لما يشاهده . . ثم أستقبله رئيس المؤسسة بترحاب أكبر من سابقيه وترك مكتبه وجلس على كرسي ملاصق له ، وكان يحدثه بلطف وتواضع مستخدما أسلوبا هادئا وبعبارات كان الصحفي يتوق لسماعها ليكون تصورا كاملا عن صيغ العمل وأسلوب تعامل الموظفين مع المراجعين . . وكانت الضيافة أشبه بسيل لا ينقطع ، وقد أصر رئيس المؤسسة على تناول فنجان ثالث من القهوة بالرغم من اعتذار الصحفي فقد شرب من القهوة والشاي والمشروبات الغازية ما جعل معدته ممتلئة تماما ولا تتحمل المزيد !


وأثناء تقديم المضّيف القهوة سقط الفنجان دون قصد على ملابس الصحفي مما أدى الى تلوثها . . وفجأة هاج رئيس المؤسسة بشكل هستيري وبدأ بشتم المضّيف الذي كان كبيرا في السن بعبارات نابية وسوقية لاعنّا من عينّه في هذه المؤسسة الحقيرة التي لا تضم ألا مجموعة من والسراق والمرتشين وشذاذ الآفاق الذين لولاه لكانوا في الشارع يمارسون النشل والاستجداء . . أذن في مرحلة الهياج فقد رئيس المؤسسة أعصابه وأفسد اللعبة التي كان يحاول من خلالها تغيير شكل المؤسسة السيئ . . والذي هو حالها فعلا .


فما كان من الصحفي ألا الاستئذان وترك المؤسسة بعد ان قال لرئيسها أن الصورة باتت واضحة لديه ولا يحتاج للبقاء وقتا أطول !!!
سقت هذه القصة لربطها بموضوع ما قام به أردوغان لتجميل صورة تركيا أمام العرب ، الذين لا يزالون يتذكر كبار السن منهم الجرائم التي أرتكبها العثمانيون بحق الدول العربية التي غزتها الجيوش العثمانية وأمعنت بالعرب القتل والتشريد ومصادرة أموالهم وحقوقهم وأتباع سياسة التتريك لطمس هويتهم العربية حتى فاقت الجرائم التي أرتكبها الأتراك بحق العرب ما ارتكبوه من مجازر بحق الأرمن ، التي لا تزال الطائفة الأرمنية تحمل في ذكرياتها المجزرة المأساوية التي رفضت تركيا لحد الآن الاعتراف بها بالرغم من مطالبة حلفائها الاعتراف بها لمحو الآثار النفسية العالقة بأذهان الجيل ألأرمني الجديد الذي لم يشهدها ولكنه سمع هولها ممن عاشها . . ولكن الفرق بين الأرمن والعرب كبير ، فالعرب غالبيتهم من المسلمين الذين خضعوا لإيحاء بعض رجال الدين بنسيان الجرائم التي أرتكبها العثمانيون بحقهم ، وباعتبار ان الدين الإسلامي متسامح مع من اعتدى عليه ، وأن هذه الصفحة يجب طيها ، وفعلا كان هناك تغاضي عن كل هذه الجرائم ونسيانها رغم اعتراض كبار السن والكهول العرب الذين عاشوا ماسي الاستعمار العثماني ، يضاف إلى كل ذلك التحرك التركي نحو العرب بعد يأس الأتراك من قبول تركيا في الاتحاد الأوربي ، فصبوا كل جهدهم للتغلغل في الداخل العربي اقتصاديا ، الذي يقدم بالتأكيد موردا كبيرا لمعالجة الأزمة الاقتصادية المزمنة التي تعيشها تركيا والتي كانت السبب الرئيس في الاضطرابات التي تشهدها تركيا الحديثة على مدى سنين طويلة .


أن التغلغل الاقتصادي الكبير في الدول العربية والذي ساهمت سورية بتعزيزه من خلال علاقتها التي تمتنت في السنين الأخيرة ، بعد ان تعاملت سورية بمصداقية وشفافية مع تركيا ، والذي كان الجانب التركي هو المستفيد الأكبر من هذه العلاقة .


موطئ القدم الاقتصادي التركي الذي تحقق بفضل سورية ، في الدول العربي استثمرته تركيا بمواقف سياسية إعلامية تكتيكية في دعم فلسطين والهجوم الصهيوني الوحشي على غزة ، والذي كان الموقف العربي تجاهه شبه غائب ، وهذه المواقف أوحت للعرب بخلافات مبالغ فيها مع الكيان الصهيوني تجسدت بتبادل الانتقادات والاتهامات وتصاعدت بعد الهجوم الصهيوني على أسطول الحرية ، والتهديدات التركية بالشكوى في الأمم المتحدة ومقاضاة إسرائيل وغيرها من التصعيد ألأعلامي المفبرك ، والتي كانت مجرد فقاعة أو زوبعة في فنجان ، فلا شكوى أقيمت في الأمم المتحدة ولا مقاضاة تمت أمام المحاكم الدولية ، أي ان التصعيد ألأعلامي كان كما يقال للاستهلاك المحلي ، ولتعزيز ثقة العرب بتركيا ليس ألا ، وسرعان ما انتهت أزمة أسطول الحرية ونسى العرب كعادتهم مأساة غزة وغرقوا في خدرهم وعادت إسرائيل لتقتل أهالي غزة بوحشية أكثر. . . واستؤنفت العلاقات التركية الإسرائيلية بوتيرة أعلى من قبل الأزمة . . التي يعتقد الكثيرون أنها فعلا أزمة . . والواقع أنها كانت أزمة ولكنها بعيدة عن تركيا وإسرائيل . . فقد كانت أزمة عربية - عربية بامتياز !!!


فالحراك الشعبي العربي شهد تراجعا كبيرا ، فلم تكن هناك تظاهرات عربية لنصرة فلسطين ، ولا أقلام قومية حرة تشحذ الهمم ولا أعلام عربي بالمستوى المطلوب ، وبدأت قنوات فضائية تغيرمن نهجها الذي كان يراه البعض بأنه حيادي ( وليس عربي ) ، الى نهج أكثر بعدا عن قضايا الأمة بل كان محاولة لجر الجماهير العربية الى تقبل الأمر الواقع !! وحث الخطى في أنتاج برامج بباطنها تطبيعا واضحا مع إسرائيل !!


وبمجل القول أن أردوغان الذي يمثل السياسة التركية الجديدة ، أصبح يرى نفسه أكبر من حجمه ومكانته، فبدا ينصح ويوجه الدول العربية ويحثها على القيام بهذا والامتناع عن ذاك . . وكأنما أصبح وصيا على أمة العرب والظاهر أنه أعتقد أن المخططات الاستعمارية العثمانية التي لا تزال تعشش في عقله ، قد حان وقت تنفيذها ، خصوصا بعد إزاحة زين العابدين في تونس ومبارك في مصر والأحداث الدامية التي تشهدها اليمن بعد الحراك الشعبي الذي تحول ألى انتفاضة كبيرة تداخلت فيها الخنادق بمشاركة جهات سياسية ذات أجندات ،لا تخدم اليمن ولا وحدة أراضية ولا سيادته ، وتبعتها تظاهرات الإصلاح التي طالبت فيها الجماهير الليبية ، والتي سرعان ما تحولت الى عدوان أطلسي ، بعد سقطت أوراق التين عن من سموا أنفسهم بالثوار وكشفوا عن ارتباطهم بالمخابرات الأمريكية منذ سنوات طويلة ولا يزالون يتقاضون رواتبهم منها ، فأية ثورة هذه التي تدعمها المخابرات الأمريكية ؟


والأمر المخزي أن استصدار قرار العدوان على ليبيا تم بمبادرة عربية مشبوهة وتمويل مادي وإسناد معنوي وأعلامي كبير لتغطية نفقات الغارات الجوية التي تقتل الليبيين بأموال قطرية وإماراتية وكويتية وبدعم لوجستي أردني ومباركة إسرائيلية . . أي عار هذا وأي سقوط لا تدانيه خيانة أبو رغال ، لا بل قد فاقوه في الدناءة !!


ويتضح حجم المؤامرة الكبرى التي تقودها أمريكا وبمشاركة فرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول اللاهثة وراء فتات الموائد والعظام التي قد ترمى لها ، وبتخطيط صهيوني خبيث ، فيطلق أوباما رؤيته لما يحصل في الدول العربية من تدمير للبنية التحتية والاقتصاد الوطني والقتل الذي يبرره ويباركه بإطلاق حراك الإصلاح الذي يجري ب ( الربيع العربي ) الذي تدعمه دول حلف الشمال الأطلسي بقوة . . !!!


فأي ربيع هذا ؟ هل هو هذا الربيع الذي يعيشه العراق ؟ الذي قتل فيه بعد غزوه أكثر من مليون ونصف عراقي ويتّم ست ملايين طفل ورمّل اربعة ملايين أمراءه ودمرت بنيته التحتية وانتشرت فيه أمراض كانت قد انقرضت منذ سنين طويلة ناهيك عن انتشار الايدز بصورة كبيرة ، والسرطان الذي يفتك بالمئات من أبنائه سنويا ، وحالة الذل والهون التي يعيشها العراقيون في ظل حكم العصابات العميلة التي أتت بها أمريكا إلى سدة الحكم ؟


لو كان أوباما صادقا ومنصفا لقال الربيع الإسرائيلي الأمريكي الأوربي ، فهم المستفيدون الوحيدون مما يحدث ، لا بل هذه هي نتائج المؤامرة الغربية وهي تحديث لمؤامرة سايكس بيكو التي لم تنفذ كليا بسبب وعي الجماهير العربية أنذاك ، هذا الوعي الذي دخل سبات عميق حاليا !


وفي خضم هذه الأحداث التي تواجهها الأمة العربية وهي ترنو بنظرات الى أصدقائها ليكونوا عونا لها في محنتها ، يكشف أردوغان عن الوجه القبيح لتركيا العثمانية الاستعمارية ، أردوغان الذي قابل المروءة والإحسان والثقة ، بالضد ، وأول ما يبتدئ موقفه بالغدر بسورية . .


سورية التي كانت صاحبة الفضل على تركيا بكل ما يتعلق بوضع حد لعزلتها وانتهاج العرب موقفا سلبيا من موضوع محاولات تقربها وتنظر لهذه المحاولات موضوع شك وريبة ، فالعرب قد خبروا تعاملها معهم وموقفها من قضياهم القومية ، ولكن سورية بحسن علاقتها مع الدول العربية استطاعت أن تكسر حاجز الجليد الذي كان يقف حائلا دون تقدم العلاقات العربية التركية ، ومن خلال سورية توطدت علاقات الكثير من الدول العربية مع تركيا ، فهل كان موقف أردوغان هذا بمكانة رد الجميل ؟


لقد بدء أردوغان بمواقفه التي يعتبرها الكثيرون لا منطقية ، بعقد مؤتمر للمخربين العملاء الذين لا يخفون ارتباطهم بالمخابرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية لا بل الإسرائيلية !!! وأعقب هذا الموقف الذي يدل على خيانة للعهود والمواثيق مع سورية ، بتصعيد التصريحات الإعلامية ضدها ، بشكل متناغم مع التصريحات الأمريكية ، ويصل إلى مرحلة أطلاق تصريحاته العدائية باختيار يوم الخميس بعناية من دون أيام الأسبوع كافة لأنه يعلم بالتأكيد أن يوم الجمعة هو اليوم الذي تستغله الجماعات والإرهابية مستغلة خروج المصلين من الجوامع للقتل والتخريب وتدمير مؤسسات الدولة ودوائر القطاع العام الخدمية ، فهل كان اختيار يوم الخميس بالذات اختيارا اعتباطيا ، أم لإذكاء الفتنة . . ألا تعتبر تصريحاته تحريضية وغرضها تشجيعا لخروج المخربين يوم الجمعة ؟ هل هذا موقف صديق يحرص على سورية وشعبها ، أو على الأقل ، كان موقفا حياديا كما يدعي ؟


والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة في مواقف أردوغان المتباينة . . هل كان أردوغان يمثل خلايا نائمة ؟؟؟
يخطئ من يظن أن أردوغان وقع تحت الضغوط الأمريكية ودول شمال الأطلسي ، وأتخذ هذه المواقف العدائية ضد سوريا طمعا في كسب ود وأصوات التيار الإسلامي لصالح حزب التنمية والعدالة في الانتخابات التركية التي باتت وشيكة ، وهناك معلومات سربتها مصادر تركية تفيد بلقاء قريب مع أحد قيادي حزب الأخوان المسلمين ، أو من يعتقد ان أردوغان غير مواقفه طمعا بكسب أصوات أوربا لقبول انضمام تركية إلى الاتحاد الأوربي ، هذه الرغبة التي جعلت تركيا تذل نفسها في سبيل تحقيق هذا الهدف ،


أو أن أردوغان مفعم بالإنسانية وكل وهمه وحرصه ينصب على سلامة الشعب السوري ، فلو كان كذلك لأعطى أكراد تركيا وهم مواطنين أتراك جزءا بسيطا من حقوقهم كما أعطتهم سورية ، ولأوقف عمليات إبادتهم وتهميشهم وطمس هويتهم .


أن حقيقة الأمر ليس أي من هذه الأسباب أو جميعها . . ولكنها أحياء فكرة الاستعمار العثماني من جديد كما أشرنا سلفا !!!
ولكن حساب البيدر ليس كحساب الحقل ، فقد أخطأ أردوغان بحساباته هذه المرة ولن تكون الأمور كما توقع أو كما أوهمته أمريكا ، وستنتصر سورية في حربها ضد الإرهاب وستخرج وهي أقوى وأكثر عزة ومنعة ، فهي سورية الصمود وهي قلعة العرب وحصنهم المنيع ، ولن تعود الأمور كما كانت يا . . أردوغان . . . فأنتبه قبل فوات الأوان ، وهو قريب وأكثر مما تتصور !!!


فسورية قوية بصمودها وتكاتف شعبها تحت قيادتها وقوية ببطولات جيشها العربي الأصيل . .


الم تسمع أن سورية الله حاميها .

 

 www.iraqalarab.net

 

 

 

 





الاثنين١١ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٣ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتورة ريا العزاوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة