شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون
صدق الله العظيم



أمة عربية واحدة                                         ذات رسالة خالدة

 

بيان إلى أعضاء الحزب




نحو تنظيم يرتقي إلى المبادئ ويستجيب لمستلزمات المرحلة :


نعم هذا هو شعار الأساس لحزبنا العظيم، بإسناد شعبنا الوفي الشجاع، لكي يرتقي المستوى الذي يحقق ما يعتمل داخل ضمير كل مواطن شريف وكهدف تندمج فيه عوامل وشروط الإيمان بالله والنخوة والحمية والوطنية والقوية وهو طرد الغزاة الكافرين من بلادن .. بلاد الله التي اختصها بكل فضيلة ورسالة التوحيد التي تزكي النفس وتطهرها لتغدو بعد ذلك شجرة بهية على مستوى الأمة والإنسانية .. نعم هكذا نبدأ بالنفس لتكون البداية الصحيحة "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".


في ظروف كهذه كنا نفضل أن نتجنب وإلى حين الحديث عن أسباب النكسة التي أصابت النفوس، ثم كان حصادها ما نحن عليه، ذلك لأن الانشغال بهذا عن التعبئة المركزية التي توخى طريق الإنقاذ ووسائله قد يعطل فعل الشعب والأمة إلى أمام ولكن ولأن القضية كبيرة وخشية أن ينسب للظاهرة والنتيجة أسباب غير أسبابها الحقيقية ولأن من حق مجاهدي الحزب والشعب علينا أن نقول شيئاً أساسياً عنها ومن خلاله نعبر طريق ووسائل الإنقاذ لطرد الغزاة من بلادنا بعد أن ننجز التنظيم أو أن يفعل ذلك من يقوم به من المجاهدين أهل المبادرات الخلاقة الشجاعة مترافقاً مع أخوتهم ورفاقهم الذين يتمتعون بنفس صفاتهم وان جعلوا مهمتهم الأساس إعادة التنظيم على أساس مهام المرحلة الجديدة .. إذا فإن طريق الإنقاذ بعد ذكر جانب من أسباب النكسة لا يمكن أن يتعدى سبيلين:-


1- عناصر من الشعب والحزب تبادر لتشكيل مجاميع مقاومة الغزاة بشتى الأساليب والوسائل وكل حسب إمكاناته وما يتقن منها ما هو مستعد له ليبدع فيه اعتباراً من الخط على الجدران، وانتهاء بحمل البندقية والقاذفة والمدفع الهاون ضد أهداف منتخبة للعدو وان يشمل هذا القرى والنواحي والأقضية والمحلات داخل المحافظة الواحدة، وإذا لزم الأمر أن يكون على مستوى كل تلك المسميات القرية، الناحية، القضاء، المحلات في مركز المحافظة، ومركز كل المحافظة قيادة عدد محدود يفضل أن لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة مهمته مقاومة الاحتلال بصورة مباشرة على وفق ما قدمنا فليكن .. وأن يتشكل هذا التنظيم بمبادرة من يقوم به مع تشجيع الحزب على هذا، وأن يكون من يقوم بعملياته ومن يقوده ناس من الشعب وحزبيين من الحزب بصورة مشتركة أو كل على وفق اجتهاده ومبادراته وليس بإيعاز مباشر من القيادات الحزبية المعنية في المنطقة أو التشكيل الإداري الاستثناء على وفق تقدير القيادة المعنية للمحافظة أو القضاء أو أمين السر فيها وحتى إشعار آخر ..


2- وتنظيم حزبي مستقل عن العمليات العسكرية للمقاومة ينظم الحزب وجماهير الشعب في كل الفعاليات التي ليس فيها طابع الإيعاز والأمر لتنفيذ عمليات ذات طابع عسكري، وحتى إشعار آخر أيض ..


أما وقد تحدثنا عن الإنفاذ بصورة مختصرة على وفق ما قدمنا في (1، 2) فإننا نعود لنتحدث أيضاً بصورة مختصرة عن الأسباب التي أدت إلى النكسة التي نعيشها الآن ..


لا يختلف أحد في أن غلبة طرف على طرف آخر في صراع عسكري تعتمد على غلبة إرادة المتفوق إلى الإرادة التي تصبح الأدنى، أو أنها تنهزم، وعندما تحصل الغلبة على هذا الأساس وتستقر كصورة نهائية تنتهي الحرب لصالح أحد أطرافه .. تبقي الأمور عند هذا الحد لنعاود إلى الذاكرة العراقية وما كنا قد قلناه قبل أن يبدأ الصراع وباختصار لقد وصفنا بل وصف قائد الحزب والشعب الرفيق صدام حسين، كل الذي قام به العدو فعلاً علينا من تدمير وعزل للمدن وبتجنب دخولها عندما يواجه مقاومة بصورة مفصلة، وقلنا بغض النظر عن إمكانية العدو وهي إمكانات كبيرة، فإنه عندما يدخل المدن فإننا سنتساوى معه في كثير من الإمكانات وسوف نتفوق عليه في العدد وخبرة أهل الحي والمدينة والمكان والحق الذي يزكي روح الجهاد ومقاومة المحتل الغاشم، وقلنا بأن المقاومة للاحتلال تنتهي عندما لا يجد العدو حامل بندقية يُعلن رفض الاستسلام وعندما تستسلم الإرادة العراقية المسؤولة للأجنبي بما يريده ويقرره لا سمح الله .. وعندما لا يحصل هذا، وأنه لن يحصل بإذن الله معنى ذلك أن الإرادة العراقية لم تستسلم، وأن إرادة الأجنبي لم تعلو على إرادة العراق وتجعلها خاضعة له بصورة قطعية ونهائية، هذا الذي قلناه قبل بدأ المنازلة وعلى هذا كان تعهد من تعهد أن يقاوم الأجنبي حتى النهاية، وعلى هذا اكتسب من كسب شرف الموقف أمام الله وأمام التاريخ، إذن فليس في إمكانيات العدو ما هو مفاجئ وقد كانت معروفة، وهي ليس غير ما كانت تستخدم ضد شعب فلسطين البطل ونطلع عليها عبر شاشات التلفاز ومن باب التذكير بإمكانات العدو ومعنى ودور وواجب صمود من يصمد بإيمان وحمية جهادية عظيمة، ومن أجل أن نرى إمكانات العدو، حتى وهي متفوقة مثلما هي وليس على الصورة التي صورها من اهتز إيمانه فاهتز موقفه فلم يجد في صدره ما يثبت عليه، نحيلكم إلى القتال المجيد لـ اللواء (45) مشاة من الفرقة الحادية عشر .. أن هذا اللواء البطل حرك متأخراً ليس أكثر من 36 ساعة قبل بدء هجوم العدو، حركناه إلى أم قصر ليس ليمنع العدو من أن يتخطاه ولا حتى أن يزيحه، وإنما لكي لا يقول العدو بأنه دخل المدينة الباسلة، كبيرة المعنى صغيرة المساحة وعدد السكان، أم قصر من غير قتال، وتعرفون بأن ستة وثلاثين ساعة لا تكفي لواء ليرتب مواضع نظامية بمواصفات مواضع قادرة على أن تصمد الصمود الأسطوري الذي صمد اللواء فيها وقاتل بإذن الله ولكن اللواء البطل بإذن الله صمد وبقدرته سبحانه وإيمان الرجال الذين كانوا فيه، قاتل وصمد لجيشين، الأمريكي والبريطاني، وصمد لكل أنواع القصف الجوي والمدفعي الذي طبق عليه، لمدة أكثر من أسبوعين، بل لم يصدر له أمراً بالانسحاب وتخلل بقايا الناس في تلك المدينة الباسلة وتعايش ما استطاع حتى تمكن العدو من دخول مدينة أم قصر لاحقاً، إذ قاتل هذا اللواء وقاتل رجال من الفرقة الحادية عشر على حافة مدينة الناصرية، وآخرون من رجال القوات المسلحة في كل صنوفهم ومن الشعب والحزب، قاتلوا بمستوى أعلى من الصورة المتوقعة، ولكن آخرين كانوا بمستوى هزيل بعد أن أرعبوا أنفسهم عن قصد أو غير قصد فلم يقاتلوا، سامحهم الله، فكانوا خارج الصورة تماماً بل نقيض مؤسف لقياس الحد الأدنى من صفات الرجال، عدا صفات الجهاد والإيمان والحمية الوطنية، فلم يستذكروا مبادئ الحد الأدنى، فصاروا في الأيام الأخيرة مثلهم كمثل قصة كانت في القراءة الخلدونية المقررة للابتدائية قرأناها في حينه ولم يبطل معناها لنستله منها في هذه المحنة ونقيس عليه.


تقول القصة .. أن الأرنب كان نائماً عند جذع شجرة جوز هند فحرك الهواء سعفات الشجرة وجذعها فسقطت منها جوزة هند كبيرة ففر الأرنب ومن غير أن يتبين ركض هانماً على وجهه وكلما صادفه حيوان في الغابة وسأله ما الذي أرعبك فأركضك هانماً على وجهك أيها الأرنب، يقول له: لقد سقط قربى شيء عظيم من السماء بينما كنت نائماً فانشقت الأرض وكادت أن تبتلعني فهربت، ومن غير أن يتبين الحيوان السائل يركض هو الآخر بأثر الأرنب حتى لم يبقى في الغابة حيوان إلا هرب منها هائماً على وجهه خلف الأرنب، وبعد أن صاروا جيشاً جراراً مرعوباً مهزوماً صادفهم الأسد، فسأل المجموعة الراكضة: ماذا بكم وماذا دهاكم .. فروى له الأرنب روايته التي رواها للآخرين، ولكن لأنه لن يصدق الرواية، ولأنه يعرف خواص الأرنب فقال للأرنب: تعال معي لتريني أين ومتى انشقت الأرض، وعندما عادوا يقودهم الأسد وجدوا جوزة هند ساقطة قرب المكان الذي كان الأرنب نائماً فيه فوجدوا كل التفسير المنطقي الذي حتى وان كان يستأهل أن تخافه الحيوانات الضعيفة لو سقط عليها ولكنه لا يستأهل أن يرعبها فتفقد التفسير الصحيح للحال والتدبير الواجب لمواجهته، وهكذا أنقذ الأسد شرف الغابة في هذه القصة من جبن الأرنب .. فأين الأسد الذي ننتظره أيها الأخوة والرفاق ليعود من اهتز توازنه إلى توازنه الصحيح؟ من المؤسف أن نستعين بمثل هذه القصة كمثل لتقريب جانب من صورة ما حدث لشعب عظيم هو قدوة أمته أمام الله، بل صار قدوة الإنسانية حتى أراد الله أن يختبره بنتائج ما ابتلاه به، إلا أن ثقتنا بالله مولانا القادر العظيم، وبأنه سبحانه اختار هذه النتيجة العرضية ليظهر العراقيون على أفضل صورة إيمان وجهاد متوازنين، يجعلنا نضرب مثل هذه الأمثال من غير أن نخشى أن تنتقص من الصفات الأصيلة للعراقيين وواجبهم الجهادي أمام الله في تنفيذ واجبات المؤمن ضد الكافرين الغزاة ..


وقد علمنا الجليل سبحانه وهو يقول عن نفسه "ان الله لا يستحي أن يضرب مثل ما بعوضة"، وعلى هذا نعاود الإجابة على التساؤل أين نبحث ونهتدي إلى أسد يوقف حالة التداعي داخل نفس من تداعت نفسه فهوى؟ .. ان الأسد واللبوة التي تقوم بهذا مع كل ذكر أو أنثى هو داخلنا في خواصنا الأصلية وفي إيماننا عندما نجلوه ونتكل على الله القادر العظيم فهو مولانا وهو ناصرنا على القوم الظالمين .. انه داخلنا وطلائعه من أن انتقض وتطهر بعد أن آمن وتوكل على الله "فعلى الله فليتوكل المؤمنون" "ومن يتوكل على الله فهو حسبه".


إذاً فإن الأسد أو اللبوة الذي ننتظره موجود داخل كل عراقي غيور وعراقية ماجدة .. انهم أبناء العراق الغيارى، أبناء القادسية المجيدة وأم المعارك الخالدة .. نعم موجود في خصائصهم وفي مواقفهم، وما عليهم ليهتدوا إلى التفسير الصحيح والموقف الصحيح، إلا أن يعودوا إلى الإيمان يدعمه المنطق الصحيح ليتماسكوا، لأن فقدان المنطق بعد اهتزاز قاعدة الثقة بالنفس التي يزرعها الإيمان الثابت يجعل من يفقده يفقد التوازن فيرعب نفسه ويرعب غيره، ولنأخذ أمثلة على مستوى التخويف الذي شارك به على نفسه حتى من خاف .. إذاً لنترك الأمريكان جانباً، هم وسلاحهم، ولنأخذ مثلاً كلاباً جرباء من البشر راحت تعتدي على ممتلكات المواطنين وبعضهم يملك أسلحة خفيفة وبعضهم لا يملك، ولكن كثر منهم تمكنوا من ملكية آخرين، وربما من أنفسهم أيضاً رغم أن من أخذ منهم يملكون أسلحة وقادرون لو أرادوا أن يردعوهم لو تنادوا بينهم أو حتى لو أمسك كل مواطن ظهر أخيه ضمن العائلة الواحدة ولكن لأن البعض لم يفعلوا فقد أخذوا، بينما من فعل حمى نفسه وماله وتمكن من الخائنين .. والمثل الخير العظيم الآخر .. أهل الأعظمية كيف قاتلوا العدو الأمريكي هم وأهل الكوت بأسلحة خفيفة بسيطة من غير أن يكون معهم جيش، وكيف منع الأعظميون الكلاب السائبة من أن تنهش لحومهم، وكيف استطاع أهل الأنبار وآخرين غيرهم أن يبقوا مدنهم خارج أيادي النهابين الذين خلق لهم وسهل الأمريكان جرائمهم .. أمثلة وأمثلة جيدة .. تقابلها أمثلة سيئة .. على أية حال، إننا لا نوجه اللوم لأحد، فإن الله يعرف كل شيء فإن أراد حاسب وبطش، وان أراد قبل التوبة ممن يعفو عنه، ولكننا نلوم بعد الآن من لا يعيد التماسك والإيمان والفضيلة إلى نفسه ويعيد الأصالة والحمية إلى موقفه ونفسه، وفي هذا المكان لا بد أنكم تعرفون كيف قاتل رجال مؤمنون من الفدائيين العراقيين والفدائيين العرب وكيف كان يبكي العرب لأن الفرصة لم تتاح لبعضهم كما ينبغي لمقاتلة الأمريكان، ليستشهد على أرض العراق الأغر.


لقد قلنا أن العدو لو واجه جيشاً ككتلة على أرض مكشوفة فإن العدو يتفوق على جيشنا ليس بتفوق إرادته وشجاعته وإصراره، وإنما بتفوق وسائله .. ان العدو يستطيع أن يدمر منشأ معلوم أو عجلة ظاهرة بأسلحته، ولكنه لن يستطيع أن يتفوق على مؤمن يحمل عدة أفراده عندما يكونوا خارج ناقلاتهم ودباباتهم عندما يقرر المؤمن إلحاق أذى بالغزاة داخل المدن، ولأن المؤمن يرمى على العدو برمانة يدوية أو يطلق على أفراده النار من بندقية أو قاذفة ضد دروعه، فإن العدو لن ينال من أهله ويحتمي فيه .. وإذا ما احتشدن النسوة مع الأطفال يمنعن على العدو مثلاً أن يسلك بقواته في الشارع بعينه أو يرجمونه بالحجارة لن يطلق الصواريخ عبر القارات على الآهلين، وإذا فعل فإن فعله سينال منه، وفي كل الأحوال وبغض النظر عن الأسباب التي أخافت من أخافته فعلياً أو افتراء فخوف هو بدوره من أخافه عن قصد منه أو عن غباء الرعب الذي وقع فيه، فإن الله أراد هذا "قل كل من عند الله" ويقيناً فإن الله أراد هذا عن حكمة ولكنه سبحانه بعد أن يثبت له المؤمنون بأنهم عند إيمانهم وسوف يعملون على تغيير الصورة فينتصرون بإذنه سبحانه فإن الله سيعين أصحاب الحق الذين في مسعاهم يصدقون ..


فاعملوا أيها الأخوة والأخوات .. أيها الرفاق والرفيقات .. على هذا فإنا معكم بل وفي مقدمتكم عاملون وبغض النظر عن مستوى التضحية المتصورة في هذا المسلك والأسلوب الذي نستقر عليه هنا أو هناك ومن هذه المجموعة أو تلك في مقاومة الغزاة وهو حق لنا وواجب علينا أمام الله والناس والتاريخ فلا يخرج المحتلون من بلاد يحتلونها إلا عندما تلحق بهم خسائر لا يستطيعون البقاء بتحملها فيرحلون ملعونين، وليس هناك مقاومة ضد الاحتلال والمحتلين من غير تضحية ليس بالفائض من الأمور وإنما من جوهر ما يحوز المجاهد المؤمن وبين الغيور والوطني الشريف في النفس والنفيس، ولكن النتيجة المنطقية، عدا النتيجة التي يبني عليها المؤمنون إيمانهم، أن الغزاة مندحرون وأن الشعب والأمة سينتصران إن شاء الله .. لقد عود من عود حزبنا أن يتحرك بأوامر القيادات العليا وأن جانباً من هذا قد أوحت به ظروف وأجواء السلطة .. ولم ينسي كثير من الرفاق من التسلسلات الأعلى روح المبادرة والمبادأة والإبداع ورغم كل ما بذلناه من توجيه وتنبيه حول هذا، فلم يتغير الحال تغيراً جوهرياً ويلجأ المسؤولون إلى هذا عندما يفضلوا ما هو جاهز بسيط، أو يفضلون الوضوح في كل شيء على تحمل مسؤولية مبادرة من يبادر أو يبدع، وقد زاد في الطين بلة تدريب الحزب على الصيغ الكلاسيكية للجيش أو شبه الكلاسيكية مما أضعف روح المبادرة ومرونة الحركة بالإضافة إلى النقص الكبير في القاذفات ضد الدبابات لذلك عليكم أن تستفيدوا من هذه الدروس ولا تقيدوا مبادرات وإبداعات الشعب في العمل ضد الاحتلال واتركوا الشعب والحزبيين يبادرون ويتصرفون ومن جانبكم كمؤسسات قوموا على التحريض إلى مقاومة الغزاة والجهاد وليس التدخل التفصيلي والتوجيه في أعمالهم ..


أيها الأخوة والرفاق .. بقي أن أقول لكم بصورة حاسمة، بأن على الجميع أن يزيدوا إيمانهم بالله وبدينهم، وأن يكونوا قدوة أهلهم وعشائرهم والمدن والقصبات التي يكونون فيها ليكونوا قدوة للناس في الموقف وقدوة لهم في الإيمان والالتزام بدين الله، واجعلوا الجوامع والمساجد ودور العبادة ظهيراً لكم ومحل التقائكم وتحريض الناس فيها ومنها على طرد الغزاة، وليكن كل عراقي أخ لك مهما كان دينه أو مذهبه أو انتمائه القومي المحلي، لا فرق بين مسلم ومسيحي، بين عربي وكردي وتركماني في هذا ولا بين شيعي أو سني الكل أخوة طالما هم في خندق واحد متجانس ضد الغزاة حتى إذا اختلفوا في مسارهم السياسي ولكن من يكون مع الأجنبي المحتل أو يزين فعله للعراقيين لا سمح الله، حتى لو كان ابن أبينا وأمنا فهو ليس منا وليس أخان .. جاء الوقت لتفرز الخنادق على أساس ما هو مشترك وثابت وحاسم، والمشترك الثابت الحاسم هو رفض الغزاة ومن يتعاون معهم، وعندما يطرد الغزاة ليكن لكل عراقي الاجتهاد الذي يقتنع به في بناء الوطن والمواطن من غير اعتداء أو احتراب أو ثارات ليس لها قاعدة مبدئية.


أيها البعثيون .. عندما يبلغ عدد الحزبيين في ظروف حكم السلطة مع ما تحمل من إغراءات ووجاهة بالملايين وليس بعشرات الألوف لا بد أن نتوقع أن قسماً منهم قد لا يصل الإيمان في صدره إلى مستوى الوصف البعثي الصادق الأصيل .. ان الانتماء البعثي الحقيقي أيها الرفاق والأخوة ليس انتظام من ينتظم ضمن سلسلة معلومة وعناوين بعينه .. ان الانتماء البعثي حالة ارتقاء من الخواص الاعتيادية للمواطن الصالح في حدها الأدنى إلى القائد في مجتمع رسالة، إبلاغاً وإنجاز .. فهل يمكن أن نقول أن كل الملايين الحزبية قد ارتقت بخواصها لتعلو وتفوز بالصفة البعثية الجهادية وخواصها القيادية للأمة المؤمنة خاصة، وأن الامتحان قد حصل في ظروف يقود الحزب فيها السلطة؟! .. ان كثير من الحزبيين لم يتعرضوا إلى امتحان خاص في مبادئهم أكثر مما تعرض المواطن في محيطهم وفي ظروف حصار وقتال لمدة أكثر من ثلاثة عشر عاماً.


ولذلك فلم تتح لكثر منهم أن يحولوا الانتساب إلى انتماء مصيري بعد أن ترتقي فيه الصفات لتشكل ذروتها الصحيحة في الدور القيادي للبعثي المؤمن ومستوى ما يتوجب عليه من استعداد وتضحية فعلية، ويأتي في المقدمة من امتحن في صفاتهم على هذا الأساس وبوجه عام قبل العدوان الهمجي الأخير في محافظات البصرة، الناصرية، العمارة، الكوت وربما بعض المسميات في الفرات الأوسط، ولذلك رأينا الكوت بأهلها كيف قاتلت قوات الغزو مع أنها عندما قاتلتهم ليس فيها قطعة عسكرية، ورأينا كيف تصرفت محافظتي الوفاء في الوسط بأهلهم رغم شدة الضغط عليه .. ومن الكوت ونوع القتال والاستبسال الذي قاد فيه الحزب جماهير الشعب هناك، فكان يطرد قوات الغزو ويفرض عليها التراجع أحياناً إلى عمق أكثر من عشرين كيلومتر .. من هذا وغيره نفهم أي شيء يفعل الإيمان وعزيمة الموقف والمعاني عندما تحضر، وأي شيء يكون عندما تغيب، وتحضر صور مفبركة للرعب والتخويف، على أية حال جاء الوقت الذي يكون فيه الإنسان العراقي والحزبي صادقاً مع نفسه وأمام الله الذي يرى ويعرف، ويسمع كل شيء أن يكون صادقاً مع من لا يستطيع الارتقاء بنفسه ليكون في المكان والحال والوصف الذي يناسب خواصه وما هو قادر على أن يرتقي إليه، ومن لا يستطيع مواصلة الانتماء العميق مع التزاماته فهو أخانا وابننا وصديقنا إذا أختار أن يكون وسط الشعب فحسب وليس داخل الحزب وعليه أن يتذكر أخلاقياً ومبدئياً قسمه الذي أداه وأشهد الله عليه، أن يحافظ على أسرار الحزب ويتمنى للبعث الذي أحبه هو وأبناءه التوفيق في مهمته، بل أن أي شيء يعين به الحزب لاحقاً فهو كرم أخلاق منه عدا عن أنه موقف شهم ووطني شريف، وأن يتذكر بأن كثير من الحزبيين وبعضهم بعثيون عندما يتركوا الحزب في مرحلة ما قد يسترجعون ليكون لهم موقف آخر في مرحلة أخرة ويعاودون الانتساب إلى الحزب انتماءاً.


وعلى هذا فإن عناوين المسؤولية والمسميات القيادية في الحزب عناوين تتميز في الموقف وروح الإيمان والمبادرة المسؤولة وروح الاستمرارية الجهادية في هذا الميدان دفاعاً عن مبادئ الإيمان وقيادة وتعبئة الحزب والشعب، ونأمل أن تحث عناوين المسؤولية القيادية من أمين سر فرع نازلاً وحتى عضو قيادة فرقة داخل، أصحابها وتذكرهم بواجباتهم مبتدئين بإعادة تنظيم الحزب على أسس جهادية ونضالية رصينة، وتعبئة شعب العراق العظيم على واجباته ومن لا يجد في نفسه قدرة أن يقوم بواجبه لأي سبب كان نأمل أن يترك المجال لغيره، وتقوم العناوين القيادية الأعلى وكل حسب تسلسل عمله بتشجيع العناوين الأدنى منها على تبوأ مراكز المسؤولية بعد أن يشهدوا الله على ذلك والمؤمنين أهل الصلة المباشرة بالشخصية المسؤولة وحتى توفير فرص الانتخاب على وفق أسس وشروط النظام الداخلي للعمل السري وعلى الجميع أن يعرفوا بأن قاعدة الاختيار لكل مسؤول ينبغي بل ويجب أن تنطلق من قاعدة إيمانه الراسخة بمبادئ البعث والنصر، وأن يتحلى بالإيمان والحكمة وشجاعة المجاهد .. اختاروا الأفضل فالأفضل وليس أفضل من فرصة أن الأفضل هو الأفضل بالموقف والجهاد والعمل إن كان في إعادة بناء تنظيم الحزب مستقلاً أو بناء تنظيمات المقاومة مستقلة.


إن حزبكم العظيم أيها الرفاق يستحق الأفضل وأن شعبكم المجيد يستحق الأفضل، فحيثما وجدتم الصفات التي أشرنا إليها تنطبق على أعمدة القوم والشخصيات المؤثرة في محيطها أو أبنائهم في مجتمعها فاجعلوا اختيارهم مرجحاً – عندما يتساوون مع غيرهم في الشروط الأخرى - ، استبدلوا قيادات الفروع في المحافظة الواحدة إلى قيادة محافظة كربلاء لحزب البعث العربي الاشتراكي أو قيادة محافظة المثنى أو قيادة محافظة نينوى .. أو صلاح الدين لحزب البعث العربي الاشتراكي مثلاً بدلاً من قيادات الفروع فيها، ويتبع قيادة المحافظة قيادات الأقضية والنواحي فيها لنتخلص من ورم القيادات الحزبية الكثيرة التي لم تعد تناسب ظرف العمل الجديد فيكون بعد قيادة المحافظة قيادات الأقضية في المحافظة ويتبع قيادة كل قضاء عدد من قيادات النواحي في القضاء وحسب تقسيماته الإدارية.


ولا يشترط أن يعرف أعضاء قيادة المحافظة كلهم كل تفاصيل عمل قيادات الأقضية والنواحي في المحافظة، وكل محافظة حسب ظروفها، ويفضل أن لا يزيد عدد أعضاء قيادة المحافظة وقيادة كل قضاء وكل ناحية، أن لا يزيد عدد الأعضاء القياديين فيها عدد أصابع اليد الواحدة إلا اضطراراً وقد يكون في بغداد قيادتين .. كرخ ورصافة أو ثلاثة إذا جعلنا مدينة صدام مستقلة، الكرخ والرصافة، أو الكرخ والرصافة ومدينة صدام، وقيادة القضاء، وقيادة الناحية ويقسم مركز المحافظة إلى أقضية ونواحي أيضاً وحتى إشعار آخر عندما ينتظم ويستقر التنظيم بإذن الله.


أيها الرفاق خلاصة القول أن أولئك الذين خوفوا أنفسهم أو أن نفوسهم وصدورهم وصلت تلك اللحظة أو الساعات أو الأيام إلى حد من الخواء بحيث لم يعد فيها وأمام ناظري المعنى ما يستأهل أن يضحي المرء من أجلها ولأن الإنسان يعيش ليرتقي على مثل عليا أوجدها ورعاها الله في نفسه، وقد جعل الله بعضها أرقى وأهم من المحافظة على النفس وأمر الجهاد في سبيلها ليرعاها الإنسان ويحافظ عليها ويحميها في ظروف الخطر، فإن خلو نفس الإنسان منها يجعله غير قادر على أن يضحي بما فيه ذلك بالنفس لينتصر على عدو وهكذا أضاعوا النصر وبعضهم قد أضاع الحياة حتى عندما كان يتصور أن الموقف الضعيف قد يحافظ عليها وبعضهم عندما قدم حياته للخطر تضحية منه وإيماناً ودفاعاً عن المعاني العالية حافظ على الحياة والمعاني العالية معاً والأمثلة على الحالين كثيرة وعديدة معاً أيضاً.


إنكم تعرفون أيها الرفاق بأن السلطة بالنسبة لنا فرصة مبدئية ووسيلة لتطبيق المبادئ خدمة للأمة والشعب، ولم ولن تكن في أي يوم غاية بحد ذاتها ومع ذلك لا بد أن نشير إليها في هذه المناسبة وعلى هذا نقول .. لقد استرجعتم السلطة أيها الرفاق بعد نكسة تشرين عام 1963 وذلك في ثورة 17-30 تموز عام 1968 ( ......... ) ولم تتح أمامه فرصة أن يظهر ( ......... ) مثلما ظهر الآن، وكان وعي شعب العراق ومستوى ما يؤمن به على غير ما هو الآن، وكان عدد أعضاء حزبكم أقل من ألفين (2000) فهل من أحد يشك بأن المستقبل بإذن الله لنا وما هي إلا ابتلاء أراد منه الله أن يفرز الغث من السمين والصادق الأمين المجاهد الرصين، من الملتوي الضعيف المتخلي الخائب الخائر، وما هي عند الله إلا كلمح البصر بعد الاتكال عليه سبحانه حتى يكون العراق وأهله على غير هذا الحال وأن ما عند الله هو دائماً أفضل وأرقى .. والله أكبر وليخسأ المهزومون.

 


قيادة قطر العراق
( توقيع الرئيس الشهيد )
في ٢٥ / ٤  / ٢٠٠٣ م
الموافق ٢٤ / صفر /  ١٤٢٤ هـ

 

 





الاربعاء٠٨ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة