شبكة ذي قار
عـاجـل










5- ولكن يبقى السؤال الاهم والاخطر في إيجاد الضمانة بعدم إنحراف الحزب الثوري عن الفكر والمسيرة الثوريتين؟إن البداية في خلق هذه الضمانة تكون:


أولاً_ في عدم إنحراف الحزب الثوري عن مبأدئ الثورة وذلك في التكوين الايديلوجي الثوري السليم لللبنة الاساسية للحزب وهو العضو الحزبي والذي بدوره سيؤثر بإتجاهين ,داخلياً بالحفاظ على مبأدئ الثورة والتصدي لاي خروج عنها ومقاومته لاي خروج عن الأعراف والتقاليد الثورية وثانيا في إشعاعه للمبادئ يإتجاه الجماهير,لان الثوار لايجب أن ينظروا بل لا يتعاملون مع جماهيرهم ككتلة تتحرك وتتأثروفق حاجات مادية ومعنوية مرحلية كما ينظر معظم الحكام لشعوبهم بل تكون نظرة الثوار للجماهير مبنية على حقيقية أنها قوة واعية وحرة تناضل وتجاهد لتحقيق أهدافاً كبيرة تتعدى المراحل بل تصل الى الكيفية الصحيحة لبناء الانسان الثوري, وإن الثواروالذين يمثلون الحزب الثوري هم الاساس في قوام وديمومة الثورة والتي تقود المجتمع.وإن الثورة هي غاية ووسيلة الجماهير,غاية بالقدر الذي تصنع الانسان الثوري والمجتمع الثوري أيظاً, والوسيلة من حيث كونها وسيلة الجماهير لكي تحقق الانسان الثوري الجديد والقادر على الحفاظ على تنمية نفسه وتطويرها وأيظاً تنمية وتطوير مجتمعه,و البعث يؤكد هذه الحقيقة على لسان مؤسسه المفكر العربي الكبيرالاستاذ ميشيل عفلق فيقول: (لذلك أقول أيها الرفاق بأن الثورة، كل ثورة، والثورة العربية بخاصة إنما ولدت من اجل الإنسان العربي، لان الإنسان هو الذي يصنع الحياة وهذه العودة بين الحين والآخر إلى الواقع بنظرة فاحصة نقدية هي التي ترينا إلى أي حد نجحنا في بناء هذا الإنسان الجديد، في تنمية الإنسان العربي الذي هو أغلى ثروة والذي هو يصنع التنمية المادية)(1).


ثانياً-بوضع ضوابط شديدة وقوية للالتزام بثورية المبادي وعدم السماح لاية حالة تُعلق فيها الثوابت والمبادئ الاساسية ومهما كانت الظروف قاسية,وإن الاستعانة بالتكتيك لايعني أبداً توقف التعامل مع المبأدئ,وإن أي حالة من الاستقراربالموقف التكتيكي ليتحول بعد ذلك الى محطة ستراتيجية, وهذا الامر يعني البقاء بالمواقف الثانوية لفترة قد تتحول بعدها الى محطة ستراتيجية تترهل فيها الحركة الثورية وتظهر حالات الاعياء على بعض الثوارويحسبونها محطة إسترخاء للنضال وتبدأ معها مظاهر خطيرة مثل تحول النظال الفكري الى نوع من الترف الفكري وكذلك جعل المحطة التكتيكية مرحلة أستجمام للمناضل بل قد تحول لمرحلة جني ثمار سنين النضال الطويلة وهذه الظاهرة شائعة بين القيادات الثورية بشكل خاص,وبذلك تفقد الحركة الثورية الرؤية الحقيقية للاحداث وتضيع عليها حساباتها وتكتفي بالنقد البسيط للاحداث واللجوء الى تسخين الشعارات دون النظر لقدراتها وقوة ثاثيرها في أي حدث,ومنها تبدأ الانحرافات. وتبدأ الحركة الثورية أو الحزب الثوري بالاستعانة بأساليب النظام في معالجة المواقف الحرجة والخطيرة بإعتبارها أبسط الاساليب والتي لاتحتاج الى حالة الخلق والابداع لانها (الاساليب) تكون جاهزة و مجربة على مستوى الدولة,وهذا يستدعي منا ان نقول إن ما يصح على النظام السياسي والذي يستعين بحالة الطوارئ لا يصح ابداً مع الحالة الثورية للحزب.وما يصح في إدارة الدولة بالاستعانة بالعائلية والعشائرية لا يجب أن يكون في الحزب الثوري,فالحزب ليس مؤسسة يمكن إدارتها بزوايا أمنية بل الحزب الثوري شفافاً بعلاقاته الداخلية وتتحكم به ضوابط ثورية يشربها الأعضاء ويؤمنون بها ولا يستغنون عنها في النضالي اليومي,وأيظاً لايشد أعضاء الحزب في حياتهم الداخلية غير القيم والمبادئ الثورية التي إنتمى لها.وإن أعداء الثورة ليسوا بمجموعة من المغفلين وإلا لسُحقوا وأنتهوا ولكنهم أصحاب دراية وتكتيك وقادرين أن يفهموا لغة الحكام والانظمة السياسية عند المواجهات الحادة ولهم القدرة الكافية على تفتيتها,ولكن من الصعوبة بالنسبة لهم مواجهة الثوار في تكتيكاتهم وخططهم الستراتيجية لانهم لا يفهمون بل لا يقدرون ان يستوعبوا حركة الثوار,فعلى سبيل المثال لا الحصرلم يستطيع الامبرياليون أن يفهموا ولا أن يلاحقوا ثورة البعث في العراق في معركة تأميم النفط لا في خطوات التاميم ولا في طريقة إدارة المعركة ولا حتى في توقعهم للنتأئج,وهي معركة تاريخية مهمة وتعد من أكبر المعارك الستراتيجية التي خاضها ثوار حقيقيون مع الامبريالية العالمية في التأريخ الانساني.


6-إن الحزب الثوري لا يجب أن يقف عند حد ثوريته بل أن يطمح لان يقفز الى إكتساب لصفته الطليعية وهذا يتطلب منه أن يعي و يدرك وأيظاً يستوعب الواقع بكل تفاعلاته التي يعيشها و لكل ما يحيط به من جدل في الفكر أو السياسة أو الاقتصاد,وهذا يعني قدرته في فهم قوانين التطورالشاملة أولاً,وتحديد حدود الخنادق الصديقة والمعادية ثانياً ومن ثم موازنة ذلك بقدراته الذاتية ثالثاً .وفي كل الاحوال فأن ضرورة البقاء أو الاستمرار في التأثير في محيطه سواء في نوع وحجم العلائق أوفي تطور المواقف بإتجاه خدمة الاهداف الجماهيرية تحتم على الحركة الثورية أو الحزب الثوري أن يرتقي الى أن يكون الطليعة التي تتقدم الجماهير في وصف وإدارة هذه العلاقات والمتغيرات بشكل عام ومن ثم الى قيادتها بالتحديد,و ايظاً يكون رأس الحربة القادرة لقيادة الجماهير في معاركها,ومن بديهات هذه المعارك ان تكون رأس الحربة هذه متماسكة ومتراصة وقويةوهذا لايكون إلا ببناء تنظيمي قوي و متراص وملتزم بالمبادئ والقيم الثورية للحزب الثوري الطليعي.وايظاً التنظيم القوي والمتراص لا يكون إلا بقوة العلاقة التنظمية بين أعضاء الحزب من جهة وبينهم وبين الجماهير من جهة أُخرى.فالعلاقة بين اعضاء الحزب الثوري و كما أسلفنا تكون مبنية على الوعي لكل عضو حزبي لدوره وفهمه للروابط المصيرية الموجودة في الحياة الداخلية للحزب والتي لايكون لها بديلاً في رسمها في البنيان الحزبي , ايظاً في قدرة العضو الذاتية الثورية في عكسه للمبادئ الثورية على الاخرين, والى جانب عكسه لحقيقة تمثيله لطموحات وتطلعات الجماهير,فالحزب الذي يرفع شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية لا يمكن أن تتقدمه من هم أصحاب الثروات اي من الرأسمالين لان هنالك تناقضاً كبيراً سيحصل بين الهدف والاداة وهذا مأزق وقعت به معظم الاحزاب الثورية وخاصة التي تتسلم سلطة والتي هي إحدى المظاهر الناتجة من أمراض الثورات والخاصة بإستغلال السلطة للإثراء التي يصيح عليها بعض القيادات, فإن لم تتصادم مصالحهم مع الاهداف الثورية فعلى الاقل تبرد روح الاندفاع والعمل لاجلها,وتدفع هذه المصالح المستجدة بشعارات ثانوية وتتقدم على الشعارات المركزية ,والاخطر من ذلك يكون الدفع بإتجاه ثقافات جديدة تبطئ تثوير المناضلين وتبني ثقافة لا ثورية وبعيدة لحد ما عن الستراتيج والهدف المركزي للثورة وتحت مسميات وتبريرات زائفة كحماية الثورة من أعدائها أوتوسيع قاعدة الحزب الجماهيرية أوتحت مبأدئ التكتيك, ولكنها في الحقيقة تُمثلُ تَغيراً مصلحيا بأهداف الثورة وأسباب قيامها.وفي لحظة من الزمن تسود ثقافة هجينية مركبة بين اعضاء الحزب تتركز بعضها على التوافق بين مصالح الطبقات الكادحة وبين مظاهر الاستغلال سواء كطبقة أو مصالح وحتى يتطور الامر لتتغير بعض البنى التكوينية لقوى الثورة,وأيظاً تطفو قيم ومفاهيم غريبة عن الثورة ومفاهيمها كالعشائرية والدينية الدنيوية,وايظاً قد تندفع بعض السلوكيات وأسباب العمل الحزب والتي تدعوا بشكل غير مباشر الى ترك العمل وألاسلوب القيادي الجماعي وتقديم العمل القيادي الفردي وكل ذلك يتم بموجب التثقيف الغريب اللاثوري وفي نفس يكون التركيز على ضرورة التوسع الافقي لحالة الثورة والذي يعني توسيع القاعدة الجماهيرية على حساب التوسع العمودي والذي يعني بتنمية وتطوير القيادات على مبادئ الثورة وليس على مبادئ وأُسس جديدة وإن هذا الترافق أو التناغم بين هذين الاتجاهيين أو المسارين يدخل مرحلة القصد مع سبق في التخطيط اللاثوريين ويخرج من خانة العفوية أو متطلبات المرحلة التأريخية التي تمر بها الثورة , وهكذا تكون الثورة قد دخلت مرحلة تصفية كيان الثورة بعد مرورها مرحلة قتل ثقافة الثورة.إن من المهم أن نذكرأن القوة النضالية للحركة الثورية تتقدم بالاهمية على القوة العددية للحركة الثورية,أي بمعنى أدق إن مئات من ألاعضاء ولكنهم واعين لدورهم التأريخي ولمسؤوليتهم الثورية تجاه الجماهير أفضل من الالاف من الاعضاء لا يرتقون للادراك الكامل لدورهم تجاه بعضهم البعض وايظاً تجاه جماهيرهم وهذا قد ينتج الى توسع في قاعدة الحزب والذي يترتب عليه توسعاً في القيادات أيظاً و بماأن سرعة التوسع في قاعدة الحزب(عبر الكسب الحزبي) اسرع جداً من إعداد قيادات حزبية قادرة على إستيعاب هذا الكم الواسع من القاعدة فيترتب على الحركة أو الحزب الثوري أن يلجأ الى التغاضي عن الكثير من الشروط والقواعد المهمة لاعداد القيادات وأن يتساهل في موضوعة الاعداد الايديولوجي للكوادروبذلك تنفذ الى جسم الحزب الثوري أمراض الثورة عن طريق هذا الاسلوب الاستثنائي الغير محصن وخاصة إذا كان الحزب يحكم أو على رأس السلطة,وبإعتماد هذه الاستثناءات والطرق اللاثورية يفقد الحزب ثوريته وليتحول بعد ذلك الى حزب للسلطة,وتسهل عملية محاصرته وسحب جماهيره لانه يفقد أهم واجباته تجاه جماهيره وهوتثويرها دائماً لانه بذلك يكون قد فقد ثوريته فيكون عاجزاً على منح المجتمع أو جماهيره شحنات ثورية.ولكن يبقى مفهوم تثوير كل الجماهير يحمل أو يحتمل بعض الاجتهادات بين الاحزاب الثورية,فتثوير الجماهير لا يعني إطلاقاً تحويلها الى طليعة ثورية ولكنه يبقى هدفاًستراتيجياً ومهما بالنسبة للحركة الثورية إذا ما أخذنا الواقع القومي أو الانساني بحسابات الثورة القومية أو الثورة العالمية.وأما كيف تحقيق ذلك فهذا أول ما يعني أن كل الطاقات الثورية أو الحركات الثورية بالمجتمع تعطي قوة للثورة ولكن تبقى الطاقة الاساسية والفاعلة والموجهة لهذه القوى تتبلور في التظيم الثوري الطليعي والذي يتقوى بإزدياد بنيانه الداخلي صلابة وقوة كلما توضحت لاعضائه الادوار والمهمات وايظا الواجبات والالتزامات تنظيمية أو تربوية ثقافية.


وهنالك حقيقة لا يجب إغفالها وهي إن المعنى الحقيقي للتنظيم الثوري الطليعي لا يكون من خلال ثورية الشعارات والخطابات النارية والتي هي اليوم سمة الكثير من الانظمة التي تدعي بالثورية ,ولكن المعنى الحقيقي للثورية يتجسد من خلال كمية ونوعية الثورية التي تعيشها الحركة الثورية سواء على مستوى الفكر أو التجربة وهذا يتضح من خلال حياتها الداخلية وأيظاً من خلال الالتفاف الجماهيري الطوعي حولها وأيظاً يكون من خلال المواقف المستقيمة والصريحة والحازمة المبنية على المبأدئ الثورية التي يؤمن بها الحزب الثوري وخاصةعند معالجة الاموروكيفية التعامل معها بقدر حجمها لاتهويل ولا تبسيط بقدرة تأثيرها وأيظاً في والوضوح والجرأة و بالمواقف بعيداً عن الضبايبة,ولاتعني المواقف الواضحة بقدرما تحمله هذه المواقف من نقد يفوق القدرة الذاتية للثورة بالنسبة للحدث أو الموقف أوحتى بالنسبة لاية معركة,وأيظاًلا يعني الجرأة في العرف الثوري روح المغامرة وعدم إتقان حسابات الربح والخسارة وليس المقصود بهذه الحسابات هي المادية فقط فقط بل تشمل و بالتأكيد الحسابات المعنوية ايظاً.ولكن المقصود بجرأءة الثورة هو بقائها في موقع الهجوم على أعدائها سواء كان العدو فكراً أو فلسفة أو نظاماً أوحتى مواقف,وبالتأكيد لا يعني الهجوم هو صيغة من صيغ القتال أو المواجهات العسكرية,بل بالقدر الذي يتمثل برفع وعي الجماهير وتحشيدها نحو أهدافها والتصدي وهو صيغة دفاعية بمعناها الشكلي ولكنها في حقيقتها هجومية,وقد أشار البعث الخالد لهذه الحقيقة عندما تحدث المفكر العربي الكبيروموسس البعث :( لذلك نقول دوما بأن الثورة يجب أن تكون مهاجمة وان لا تكتفي بمواقف دفاعية، وقد تضطر أحيانا إلى الدفاع ولكن هذا يجب أن يستخدم لإعداد خطة الهجوم، والهجوم لا يعني دوما الحرب والقتال وإنما هو اخذ المبادرة أو المبادرات وهكذا نعود دوما إلى النقطة الأساسية والمركزية وهي إطلاق حرية الجماهير الشعبية، لا يمكن أن ننتقل إلى مواقع الهجوم ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية العميلة إلا بإطلاق حرية الجماهير وإلا بتعبئة الجماهير.)(2)


خلاصة هذه الفكرة تتحد في إن أي مواجهة بين الجماهير والقوى المعادية لها، والتي تعمل على إستغلالهاو إغتصاب حقوقها، تتطلب من طليعة الجماهير ان تكون رأس الحربة الحديدي المتماسك، القادر على توجيه الضربات المؤلمة لاعداء الثورة. ان اهمية الحركة الثورية لا تتوقف على عدد اعضائها، وانما على درجة التنظيم والترابط بينهم أولا.. وعلى قدراتهم الذاتية وطليعتهم ووعيهم ثانيا. وعلى تمثيلهم لخط الجماهير وقيادتهم لها ثالثا. ان البناء التنظيمي على الاسس والقواعد التنظيمية والتمسك بها، يضاعف قوة التجميع العفوي عشرات المرات، حيث انه يعطي للمجموعة ارادة موحدة تحولها الطليعة ارادة للمجتمع الثوري بكامله. ولهذا، فان الطاقة الاساسية الفاعلة والموجهة لكافة القوى الثورية تتمثل بالتنظيم الثوري الذي تزداد طليعته بازدياد صلابته ومتانة بنيانه الداخلي..






(1) حديث في مدرسة الإعداد الحزبي بتاريخ 11/5/1977
(2) = = = = = = 

 

 

 





الخميس١٠ جمادي الاول ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / نيسان / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة