شبكة ذي قار
عـاجـل










لا شكّ أنّ الرياضة عموماً وكرة القدم خصوصاً , وفي ضلّ دخول دول العالم جميعها تقريباً تحت عنوان "المجتمع الدولي" الذي سحبها جميعاً إلى الركون إلى ما سمّيت بالحلول السلميّة , المقنّعة , أصبح هذا النوع من الممارسات الإنسانيّة بمثابة مساحة سياسيّة لتبادل "المنازلات" بين الدول وتنفيساً لها واستعراض لقدرات كلّ دولة منها إضافةً لباقي الممارسات الانسانيّة الأخرى لعلّ الفنون بجميع ألوانها ومنها الإعلام الأكثر تعبيراً عن قدرات كلّ دولة في الضغط السياسي على باقي الدول , وإلاّ لنسأل أنفسنا , لماذا ترتفع أعلام الدول في مشاركاتها الرياضيّة حتّى ولو كانت بطولات لكرة المضرب "التنس" ذات الطابع الفردي في النزال مثلاً إذا كانت الرياضة لأجل الرياضة ! , ذلك بالنسبة للدول ذات الطموح والانتشار ولو في المستقبل الغير منظور , أمّا دول "الزائدة" الدوديّة بالنسبة لدول العالم , أي الدول التي شكّلت وفق اتفاقات سايكس بيكو أو قبلها وفق توصيات "المستشرقين" خاصّة من التي تتمتّع بخاصّيّة نفطيّة مميّزة , ومنها "دول" الخليج العربي , فهذه الدول المصطنعة لا تجد في أفقها المنظور وغير المنظور مجالاً معتبراً تودع طموحاتها فيه سوى مجال "كرة القدم" ! فهي بالنسبة إليها , أي كرة القدم "الكنز" الثمين الذي ربّما تستطيع بمنافساتها أن تبرّر وجودها المجهري بين باقي الدول العملاقة في عالم اليوم المتميّز بطابع الحروب الباردة بين دوله ! لذلك نراها في البطولات الرسميّة من هذا النوع تبذل فيها قصارى جهدها لإثبات الذات المعطوب لديها كنوع من تبادل إحساس فيما بينها وبين جدوى التبرير هذا , لذلك فعندما تخسر بطولة ما أو تخرج منها مبكّراً , كما حدث للفريق السعودي مؤخّراً مثلاً , فإنّها تعتبر ذلك خارج قانون الفيزياء وخارج المعقول ! , إذ كيف يخسر ثمّ يخرج الفريق السعودي الذي لا يقهر من "البطولة" ! فهي , دول الخليج , لا تقصر جهداً مهما كان أو تدّخره إلاّ وعملت المستحيل لشرائه لغرض بروزها في كرة القدم أمام العالم "كقوّة مهابة أمامه يحسب لها الحساب الّلازم بضنّها!" ولا تجد بين يديها مناسبة كرويّة إلاّ وسعت إليها بكلّ قوّة ولو على حساب الأخلاق والقيم والمبادئ لغرض الفوز! , فبمجرّد تصفّحنا سجل الرياضة العربيّة , والدوليّة كذلك , والتي شاركت بها هذه الدول , سنقرأ في هذا السجلّ عجائب التزوير وغرائب طمس الحقائق والتلاعب بمساراتها والتي اتبعتها هذه الدول الخليجيّة من أجل نيل للقب رياضي ما مهما صغر شأنه ! واكثر ما تتعكّز عليها من دول أو أقطار لتحقيق هذه "الأهداف" المشبوهة والمصنوعة بأيادي عولميّة عالميّة تدير السلوكيّات البشريّة من الخلف حتّى ولو بأشكالها النافرة , هي الدول الإسلاميّة والأقطار العربيّة ! , استغلالاً لأوضاع هذه الأقطار البائسة على جميع الأصعدة اقتصاديّاً وسياسيّاً وعسكريّاً , كما حدث ويحدث من قبل هذه الدول مع العراق مثلاً وما تمارسه عليه من ضغوطات عالية الدرجات سياسيّة واقتصاديّة وحتّى رياضيّة , هذا بظنّي أمر لا خلاف ولا جدال عليه إذا ما تطرّقنا إليه بهذه المقدّمة , خلاصتها :


من أنّ دول الخليج هذه دول طفيليّة على الواقع الجغرافي والسياسي في وفي العالم بل وعالة ثقيلة على الاقطار العربيّة وإحدى أشكال التآمر عليها اقتصاديّاً وسياسيّاً وعسكريّاً "القواعد العسكريّة" , وإنّ هذه الدول الخليجيّة جميعاً ادوات بيد القوى الكبرى , أي أنّها أداة بيد الولايات المتّحدة الأميركيّة وحليفاتها الأوروبيّات ...
ما جرى في مباراة العراق وأستراليا اليوم ضمن مباريات كأس آسيا هذه التي لا زال التنافس على لقبها قائماً , ليعطينا دليلاً آخر على عمليّة التسييس الرياضي الذي تضطلع بها هذه الدول , ومنها الدور المنوط تلقائيّاً بدولة قطر, فهذه الدولة كما غيرها من شبيهاتها لا تعير أيّ اهتمام ولا في بالها حتّى عن شيء اسمه عروبة أو قوميّة عربيّة , قد تمارس هذه الدول نوع من المزايدات العروبيّة أو الاسلاميّة عبر إعلامها المهيمن في الوقت الحالي , ولكن في التطبيق تمارس الضد ! ومثل هذا الأمر لا يحتاج لتغطيته بغربال , ولكنّ "حسن الظنّ" المبالغ فيه أحياناً من قبل دول "الطوق" مثلاً والتي لا تجد بديلاً عنه , فهي مجبرة عليه , لا يتم تسليط الضوء من قبلها بالشكل الكافي على هذه المفارقات المقصودة ما بين الدعاية الكاذبة وما بين الممارسة الفعّالة التي تسير بالضدّ ممّا تدعوا إليه هذه الدول والإمارات , فلا غرابة مثلاً أن تقوم القناة الرياضيّة القطريّة , اليوم , أي قبل مباراة العراق واستراليا , ببث برنامج يستقبل حماس المتداخلون العراقيّون ويتفاعل مقدّما البرنامج مع هذا الحماس , ولكنّ الحكم القطري نجده يمارس تطبيق يخالف والمشاعر الكاذبة التي أبداها الإعلام القطري في البرنامج , فبدا البرنامج وكأنه , بعد أن شاهدنا أحداث المباراة , كان يضمر شيئاً آخر ! .. لذلك تبقى المعالجة من قبل أقطار "الشمال" والغرب العربيّة ,

 

إن وجدت مثل هذه المعالجات , بعيدة عن التناول بعد أن قامت هي نفسها بالتغطية والتعمية رغم تشخيصها للحالة , بل وقد تصل الأمور لدى هذه الأقطار حد التماهي والمغالاة الغير مبرّرة مع هذه الحالات قد يأخذ التغاضي طريقه المدمّر , على العراق مثلاً , وذهاب الملايين من ضحاياه وفق العواطف "القوميّة" التي لا يحسّ بها في حقيقة الأمر كما أثبتت الأحداث سوى شعوب الأقطار العربيّة رغم وقوف العراق على عتبة التمزيق بين لحظة وأخرى لا سامح الله , هذا البلد العظيم الذي قدّم جرّاء هذا "الإحساس" القومي الصادق طيلة تأريخه الحديث , والذي راح ضحيّته فيما بعد , الملايين من القرابين على طريق الأخوّة في الدين والأخوّة الإنسانيّة والقوميّة , وإلاّ بماذا نفسّر وماذا يعني لنا وقوف غالبيّة الشعب القطري مشجّعاً للفريق الاسترالي الذي عبّر عن مكنون هذا الشعب بعض من رقصوا فرحاً على مدرّجات ملعب "الدايحة" في مبارات أستراليا أمام العراق العربي ! ... هل هي صدفة أيضاً تضاف إلى صدفة تمزيق علم العراق فيما مضى من قبل أحد أعضاء الفريق الكروي القطري بعد خسارتهم أمام العراق ثمانينيّات القرن الماضي والعراق ينزف دماً في حرب الثمان سنوات الدفاعيّة الضروس عن بوّابة الأمّة العربيّة الشرقيّة ! .. وهل هي صدفة أيضاً أن يقف حكم قطري عربي ذو بشرة وملامح عربيّة وذو لسان عربي مسانداً للفريق الاسترالي فغضّ الطرف عن ثلاث ركلات جزاء واضحة وحقيقيّة , وبنفس الوقت كذلك وقف كالطود والسدّ المنيع يحمي الفريق الاسترالي من حالات طرد لثلاثة من لاعبيه ومحقّقة أيضاً لا لبس فيها ويحرم الفريق العراقي العربي من فرصة الفوز الكبيرة التي يتطلّع إليها شعب العراق من أقصى زاخو إلى البصرة والتي تجمعه مثل هذه اللحظات السعيدة تعويضاً له عن معاناته الطويلة المريرة في انعدام وسائل العيش الكريمة وفي الطائفيّة وفي نوبات الجوع الاجتماعيّة والعوز المادّي ومعاناته المأساويّة في التخلّف الحضاري وجنوحه المريع نحو البهيميّة ونظام القطيع , فحرم هذه الجماهير من لحظات شدّ الأزر والتلاحم السعيدة في مواجهة التشظّي الطائفي الذي يهدّد الكيان العراقي "هنا على الأقل في مقهى من مقاهي إحدى الدول الأوروبيّة التي يتجمّع فيها العرب والأكراد والأيزيديين العراقيين والصابئة الجميع يقفز إلى الأعلى فرحاً أو ألماً مع كل هجمة عراقيّة خطرة أو مع كل هدف يدخل مرماه .. الجميع دون استثناء" هذا عدا الكثير من التحيّز والمحاباة الواضحين التين أبداهما الحكم القطري للفريق الاسترالي ! ..

 

مثل هذه الأمور لم يفكّر بها ولن تخطر على باله يوماً حتماً هذا الحكم القطريّ الجلف الذي يعبد العنصر الأنكلوسكسوني كحال بقيّة اعراب الخليج , ليس الحكم وحده .. بل مراقبا "الخط" وكذلك من وضعوا هذا الطاقم التحكيمي من وراء الكواليس لأجل إخراج الفريق العراقي من هذه البطولة عمداً ليتساوى مع الفريق القطري ! وهذه من طباع الأعراب التي ليست بحاجة لمن يحفّزها فيهم أو يحثّهم عليها ! , لذلك , ووفق هذا كلّه فإنّنا نجد الغرب مطمئن غاية الاطمئنان وكذلك الجمهور في هذه الدول المجهريّة على أنظمة الحكم المتخلّفة فيها ومطمئن أنّها أنظمة لن تتغيّر ولا تغيّرها حتّى ولا ألف ثورة على طراز الثورة التونسيّة ! .. ولأنّ هذه "الجماهير" الخليجيّة تشعر باستلاب الرجولة المنتزعة لديها من هذا الارتماء الطوعي في أحضان الغرب , وتشعر أنّها ليست أكثر من قواعد عسكريّة ومخازن تصريف وتنمية لأسلحته وليست أكثر من دول استهلاكيّة وليست أكثر من أرصدة ماليّة في البنوك الغربيّة "الكافرة!" لتدمير اقتصاديّات الدول العربيّة والاسلاميّة وتجويع شعوبها وجماهيرها , فإنّها تحاول قدر الإمكان أن تستغلّ مثل هذه المناسبات الكرويّة لإفراغ حالات الشعور بالنقص المركّب الذي تعاني منه , وكتعويض عن شعور بنقص في الرجولة لديها , فإنها أقحمت مصطلحات "عسكريّة" نشرتها عبر التعليق والتحليل الكرويين ! مستغلّة ما تمتلك من هيمنة إعلاميّة كبيرة , فأخذنا نسمع في العقدين الأخيرين مثلاً أثناء "التحليل" أو التعليق , من أفواه هؤلاء الأعراب مصطلحات مثل ـ صاروخ , قذيفة , لعب قتالي , معركة حقيقيّة , هجمة شرسة , قنننننننننننبُلة.. لاعب خرافي الخ ـ وفي سرقة واضحة أيضاً لحلاوة الهواية ونظافة اللعب الأخوي والإنساني تحت ظلّ الهواية من ذات المصطلحات الضمنيّة الرقيقة التي لا زالت موسيقاها ترنّ في آذننا عندما كنّا نستمع لتعليقات الكابتن لطيف أو الاستاذ مؤيّد البدري ـ جنب الخشبااااا .. من جانب العمود مباشرةً .. مناولة رائعة .. لعب جماعي مثالي , السدّ العالي , اللاعب الجماهيري .. كرة قويّة ترتطم بالجدار البشري .. الكرة مدوّرة لا أمان لها .. ماكو جبير بكرة القدم ! ـ هذه وغيرها جميعها مصطلحات تلقائيّة تشجّع على التسامح والمساواة والبساطة وعدم المبالغة في التكاليف التنظيميّة "الخرافيّة" ولا في النفقات ...

 

 





الاحد١٩ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة