شبكة ذي قار
عـاجـل










يبدو أن جبل الائتلاف الشيعي في العراق المحتل تمخّض فولد نوري المالكي بنفس خلقته وأخلاقه, الغير حميدة طبعا, وذلك بعد أن خضع أقطاب هذا الائتلاف لرغبة وُلاة أمرهم في طهران وقُم, ولبّوا نداءأصحاب الحوزات الناطقة والصامتة والهامسة والغامزة, المتحالفة مع ما كان يُسمى حتى وقت قريب, في العلن ولذرّ الرماد في العيون فقط, بالشيطان الأكبر. أما في السر وخلف الكواليس فهو الحليف المخلص في الحروب العدوانية ضد العراق وأفغتانستان, والشريك الموثوق به في تقاسم الثروات والخيرات والسيادة والقرار السياسي في كلا البلدين المحتلّين.


ففي تناغم وإنسجام وتوفيت واحد أعلنت كل من أمريكا وإيران عن إرتياحهما وتأييدهما للخطوة "التاريخية"التي قام بها عملاء وحُثالات المنطقة الخضراء عندما إتّفقوا على ترشيح بائع السِبح والخواتم"سابقا"نوري المالكي لرئاسة الوزراء في الحكومة الجديدة, والتي سوف تستغرق عملية صناعتها وفبركتها, أي بعد تجميع قطع السكراب والخردة المتوفرة في مخازن المنطقة الخضراء, أكثر من شهرين حسب نبوءة حسن العلوي "فيلسوف" ومفكّر ونائب في القائمة "العراقية" التي يرأسها أياد علاوي, الذي ينتظره مصير تلك التي قيل فيها"لا حضت برجيلها ولا خَذت سيّد علي".


وبالرغم من أن تشكيل حكومة جديدة هو شأن أمريكي إيراني أولا وأخيرا غير أن الشعب العراقي سيكون على موعد مع الفصل القادم من مسرحية العملية السياسية والذي إختاروا اله عنوانا رئيسيا هو "حكومة أقوياء". لكنهم في كل الأحوال سيبقون خونة وعملاء. وليس واضحا حتى هذه اللحظة, مع أن عدم الوضوح والغموض والفوضى هي من سمات حكام العراق المحتل, كيف يتّفق هؤلاء على تقاسم وتوزيع المناصب والمكاسب والوظائف التي تُعتبر بالنسبة لهم أهم ألف مرّة من هموم ومآسي العراق وشعبه. فمن النادر أن يتّفق لصوص وحرامية وقُطّاع طُرق على غنائم حصلوا عليها دون عناء يُذكر وبمساعدة أطراف خارجية أكثر إحترافا وخبرة منهم.


ثم أنه من غير المؤكد, رغم رهان أمريكا وجارة السوء إيران على نفس الحمير الهرِمة, من أن تكون الطريق معبدة تماما أمام بائع السِبح والخواتم نوري المالكي في البقاء في منصبه مرّة أخرى والاستمرار فيه دون عوائق أو مكائد, خصوصا وأنه لا يحظى بدعم وتأييد عمامة عمار اللاحكيم رئيس ما يُسمى بالمجلس الأعلى الاسلامي. ولا يمكن للشيعة, ونأسف كثيرا لاستخدام هذه المفردات, البقاء على مسرح الأحداث دون أن تكون ثمّة عمامة سوداء تتوسّط المشهد. وبالتالي فان العميل نوري المالكي, إذا قّدر له وأن شكّل حكومة جديدة, سوف يكون معتمدا بشكل كلّي على أصوات ما يُسمى بالتحالف الكردستاني الذي ما إنفك يُطالب بالمزيد من الحقوق والمكاسب والمناصب و الأراضي على حساب جميع العراقيين, بما فيهم الكثير من الأخوة الأكراد. وبمعنى آخر, سيتحوّل"دولة"نوري المالكي الى لعبة, مع أنه أصلا ملعوب فيه من أكثر من جهة وطرف, بيد الثعلب الصهيو كردي مسعود البرزاني.


ومع ذلك, قد يكون لأمريكا, بناءا على مصالح وحسابات دقيقة, يد عليا في تشكيل حكومة "تضمّ جميع الكتل الفائزة في الانتخابات الأخيرة ولا تستثني أحدا". لأنها لا تريد أن تنحدر سفينة الساسة العراقيين الجدد الى شواطيء مجهولة. وتبقى هي, أي أمريكا, تتفرّج بحسرة "المكسورة عينه"أو المغلوب على أمره بعد الخسائر المادية والبشرية الهائلة التي تكبّدتها على أيدي أبطال المقاومة العراقية, التي دفنت مشاريع وأحلام وخطط الادارة الأمريكية السابقة والحالية, وما يأتي بعدها من إدارات, تحت أوحال ورمال العراق الأبيّ.


لكنّ أمريكا كما هو معروف لا يعنيها جنس أو لون أو دين أو حزب مَن يحكم أو يقود هذا البلد أو ذاك. ويكفيها أن تكون درجة عمالته وتبعيته لها من النوع الممتاز وليس الجيد فقط, وأن تكون قدرته وتفانيه في خدمة مصالحها الآنية والمستقبلية تفوق بكثير قدرته وإخلاصه في خدمة بلده وأبناء شعبه. ولا يوجد حتى هذه الساعة من هو أفضل من"قادة"العراق الجديد يمتلك المواصفات المطلوبة أمريكيا. فالمهم هو أن يشارك الجميع, سواءا كانوا بعمائم منضّدة أو باربطة عنق مُمسّدة, في العرض المسرحي الرديء تاليفا وإخراجا وإدارة, ناهيك عن رداءة وإنحطاط مستوى الممثلين والكومبارس, ونوري المالكي العميل هو أول هؤلاء.


mkhalaf@alice.it

 

 





الاحد٢٤ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٣ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة