ثلاثية المال والقوة والإعلام
أحمد صبري
ليس من الصَّعب توصيف الثلاثيَّة أعلاه بأنَّها إذا اجتمعتْ تحوَّلتْ إلى تحالفٍ يُعبِّر عن أدوار الأطراف الثَّلاثة في أيِّ مُجتمع يسعَى لتكريسِها لخدمةِ الإنسان وطموحاته.
وأصبح تشبيك مصالح القوى الثَّلاث ضرورة إذا تحوَّلت أدوارها إلى قوى ناعمة مرهونة بنزع أنيابها، وتكريس المُتحقِّق من هذا التَّحالف إلى صياغة رؤية تُلبِّي حاجات وأهداف السَّاعِين للوصول إلى هذه الثلاثيَّة.
وعِندَما نُسلِّط الضَّوء على مسار التَّحالف الثلاثي وأهميَّته إذا توافرتِ النيَّات وصدقتِ الإرادة السِّياسيَّة فإنَّنا نتوقف عِندَ المُتحقِّق في هذا الميدان في محاولةٍ لفَهْمِ المسار الموصلِ إلى عتبة التَّحالف رغم صعوبة الطَّريق ومُعوِّقاته وسُبل تجاوزها. فالإعلام بتقنيَّاته ومَدَياته تكمن خطورته في التَّأثير وبَلْوَرة الفكر وصياغة الرَّأي العامِّ تحوَّل بفعل دَوْره في أيِّ ركيزةٍ للتَّحالف المنشود.
ولعلَّ أهمَّ هذه المؤشِّرات المُصاحِبة لِدَوْر الإعلام تكمن في صعود قوَّة رأس المال واختراقها لمفاصل السُّلطة بكُلِّ أجهزتها السِّياسيَّة والبيروقراطيَّة، وصولًا لتحالفٍ ثلاثي بعد أن اخترقا معًا الإعلام بما يَعنِيه من قدرات على التَّأثير وبِدُونِ محاسبةٍ أو رادع يُعرقلُ هذا المسار في الفضاء المفتوح.
وإذا كان الإعلام ورأس المال يؤدِّيان الدَّوْر المطلوب في صياغة رؤية التَّحالف بَيْنَهما فالمال ـ كما هو معروف ـ يحتاج إلى نفوذ، ونعني القوَّة الدَّاعمة لِيحميَه من تغوُّل الفاسدين في المُجتمع بغطاءِ السُّلطة وأهدافها. وإذا ما توافرت هذه الاشتراطات للوصولِ إلى التَّحالف الثلاثي فإنَّ المال والقوَّة والإعلام كانت مرهونةً بإرادة سياسيَّة تضبط إيقاع مفاعيل المشهد السِّياسي والأمني؛ لأنَّها سترتكز على أرضيَّة محميَّة من تغوُّل النُّفوذ والسُّلطة الفاسدة الَّتي وجدت في هذا التَّحالف خطرًا على دَوْرها، وأيّ مساس به سيُعرِّضها للخطر ويضعها في دائرته غير المضمونة النَّتائج والتَّجارب في عالَمنا العربي، وحتَّى في منطقتنا عمومًا هي غير مشجِّعة وشهدت تقلُّبات وأزمات بفعل التَّداخُل في أدوار أيٍّ من أطراف التَّحالف الثلاثي، وهذا التَّداخُل بَيْنَ أدوار التَّحالف الثُّلاثي غير مضمون النَّتائج بفعل المواقف المُتقاطعة وغياب رؤية لتجسيرِ هوَّة الخلافات بَيْنَهم، ومنعها من تداخل الخنادق الَّذي أودى بتجارب فاشلة ما زالت مائلة للعيان.
والسُّؤال: هل نحن أمام مشهد قد تتضح معالِمُه قريبًا يُعِيد صياغة رؤية جديدة لعالَم مضطرب تداخلتْ فيه عوامل المصالح والنُّفوذ واستخدام فائض القوَّة على حساب مصالح الآخرين؟
وحتَّى لا نستغرقَ بالتَّفاصيل فإنَّ الأزمات والحروب والحصار والمصالح ستكُونُ سِمات أيِّ مشهدٍ نترقَّبُه؛ لأنَّ تمادي وتغوُّل العدوان الصُّهيوني المدعوم أميركيًّا هو مَن يبقي المشهد المتوقَّع أسودَ بغيابِ موقفٍ عربي يواجِه هذا الكيان بإرادة توقف إجرامه بحقِّ فلسطين وأُمَّتنا العربيَّة. ونخلص إلى القول: إنَّ الكيان الصهيوني جرَّاء عدوانه الظَّالم والمُجرِم على غزَّة وكُلِّ شَعب فلسطين أشهرَ استخدام الأنياب السَّامة لقوَّته الغاشمة وأموال الدَّعم الأميركيَّة له، وكرَّس الإعلام لتبريرِ عدوانه الغاشم على شَعبٍ رفضَ الذلَّ والهوان ومتمسِّك بحقوقه التَّاريخيَّة في إقامة دَولته المستقلَّة وعاصمتها القدس الشريف.
ونزيد أنَّ حرب الإبادة الجماعيَّة الَّتي يرتكبها الكيان الصُّهيوني بحقِّ صمود غزَّة منذُ أكثر من عام هي الَّتي أيقظتِ العالَم بجلبِ مُجرِم الحرب نتنياهو إلى ساحة القضاء والعدالة الدّوليَّة كمُجرِم حرب ارتكبِ أخطرَ الجرائم بحقِّ فلسطين.
كاتب عراقي