القيادة العامة للقوات المسلحة
بيان رقم (173)
في الذكرى الثالثة والأربعين ليوم الشهيد 1 / 12 / 1981
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ أل عمران
صدق الله العظيم
أيها الشعب العراقي العظيم
أيها النشامى من أبناء قواتنا المسلحة الباسلة
أيها الأحرار في كل مكان
يستذكر العراقيون الأحرار ومعهم الشرفاء من أمة العرب والعالم في مثل هذا اليوم الأول من شهر كانون الأول من كل عام ذكرى الشهداء الأبطال الذين روت دماؤهم الزكية تخوم الوطن وهم يتصدون للعدوان الإيراني الخميني الجائر على بلادنا ومحاولاتهم الشريرة فيما يسمى بتصدير ثورتهم المشؤومة والمنحرفة، ويستذكرون ويستحضرون الواقعة الأليمة التي ارتكبها الحرس الثوري الإيراني بحق عددٍ من الأسرى العراقيين الأبطال الذين وقعوا بيد الأشرار الذين لا يعرفون ديناً ولا مذهباً ولا قيماً إنسانية في معركة البسيتين الدامية سنة 1981، عندما تم أسر عدد من ضباط ومراتب جيشنا الباسل، وخلافاً لكل الأعراف والتقاليد والمواثيق الدولية المعتمدة في الحروب، وخلافاً للتعاليم الإسلامية في التعامل مع الأسرى، قامت ميليشيات “الحرس الثوري الإيراني” الإرهابية ومعهم بعض الخونة والعملاء بحفلات تصفية وإعدام واسعة النطاق لأبطالنا الشهداء، وترك أجسادهم الطاهرة الزكية في العراء بعد إعدامهم بطرق وحشية لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلاً، فبعض شهدائنا الأبرار تم إعدامهم بربط أجسادهم بعجلتين تسيران باتجاهين متعاكسين لتقطيعهم وهم أحياء، وبعضهم أعدم بالدهس بسرف الدبابات وهم أحياء، بينما تم سكب البنزين على بعضهم وإحراقهم أحياء، وغيرها من الفنون السادية في الإجرام الوحشي.
أيها الأحرار في كل مكان
لم يكن فعل الإيرانيين في ذلك اليوم حدثاً عابراً، بل إنه جاء معبراً عن منهجهم وحقدهم على العراقيين والعرب، كما أنه يعبر عن منهج ثورتهم المنحرف الذي صدعوا رؤوس الجميع في محاولة تصديرها إلى العراق والعرب والتي يظهر تأثيرها وإجرامها اليوم في العراق وبعض الدول العربية بسبب الاحتلال الفارسي وتأثيره الخطير على العروبة والإسلام الحنيف، وبإشراف مباشر مما يسمى (الولي الفقيه) علي خامنئي، وذلك من خلال السعي لتزييف وتغليف وتحريف العقيدة الإسلامية السمحة، بالتعاون مع بعض الخونة العرب الذين جندوا أنفسهم لخدمة هذا النظام المتخلف في السعي لإعادة ما يسمى بإمبراطورية فارس، وفق خطة استراتيجية بعيدة المدى لتنفيذ هذا المشروع القومي الفارسي الذي يتعكز زيفاً على المذهبية، وإشاعة الطائفية المقيتة في صفوف أبناء الوطن الواحد.
يا أبناء شعبنا الصابر المحتسب
لقد كان ذلك الحدث الأليم وتلك الجريمة النكراء بالرغم من بشاعتها دافعاً لزيادة عزم الأبطال في الجيش العراقي والقوات المسلحة في التصدي والسعي لتحطيم ذلك الغرور والعدوان الفارسي الهمجي على حدودنا الشرقية، وبالتالي تحقيق النصر النهائي والعظيم في الحرب الطويلة والطاحنة التي استمرت لثمان سنوات والتصدي لمشروع تصدير الثورة الإيرانية المنحرف وسحقه على حافات بلادنا وتجبر زعيمهم الذي رسم وخطط لهذا المشروع على تجرع كأس السم والهزيمة النكراء.
أما في العراق الذي قدم شعبه الابي قوافل من الشهداء الميامين وهم يدافعون عن حدود بلادهم وعن عزتها وشرفها وسيادتها فقد اهتمت القيادة السياسية والشعب العراقي بكل أطيافه بالشهداء وعوائلهم ورفعت شعاراً وطنياً واستراتيجياً يقدس التضحية والفداء من أجل الوطن وكان الشعار الأزلي الذي أطلق حينها (سيبقى الشهداء أكرم منا جميعاً) معبراً حقيقياً عن مكانة الشهيد في مسيرة البلاد والعباد من الناحية الشرعية والوطنية، ثم إنه لم يكن شعاراً نظرياً فقط بل حرص شعب العراق وقيادته السياسية لتطبيقه على أرض الواقع، واقترن ذلك الشعار بمجموعة من القوانين والتعليمات عززت من مكانة الشهداء وذويهم، فدعمت عوائلهم بالجوانب المادية والمعنوية المختلفة بما فيها منحهم أراضي سكنية مجانية وتسهيلات مالية لتشيدها، مع صرف سيارات حديثة، ومعالجات طبية داخل وخارج القطر وغيرها، إضافة الى منحهم الأوسمة والأنواط الفخرية لشجاعة وبسالة شهداء الوطن في مراسيم مهيبة.
وفي يوم الشهيد الأغر كانت القيادة قد قررت بأن يكون هذا اليوم من الأيام المتميزة في تاريخ العراق، حيث يعلق العراقيون كافة صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً وأطفالاً وردة الشهيد على صدورهم، ويتوقف الجميع عن الحركة سواء في أماكن العمل والعبادة والشوارع وفي كل أرجاء العراق وليقرؤوا سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق العظيم في موقف مهيب ومؤثر.
ولم يكتفِ العراق بذلك بل قررت قيادة العراق ولتخليد أثر الشهادة في حياة الإنسان العراقي إنشاء أكبر صرح معماري فريد على أرض بغداد الحبيبة يحاكي الشهادة ومعانيها العظيمة، فكان نصب الشهيد الخالد الذي يعد من التحف المعمارية الفريدة في العالم والذي أصبح علامة مميزة لبغداد الفداء والتضحية، وفعلاً كان نصباً ملهماً ومتميزاً خطت على جدرانه في الداخل أسماء شهداء الحرب الإيرانية العراقية بمختلف رتبهم ومواقعهم، وكان كبار المسؤولين العراقيين يتواجدون عند ذلك الصرح الخالد صباح يوم الشهيد من كل عام يتقدمهم رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة أو من يمثله ليضعوا أكاليلاً من الزهور على ضريح نصب الشهيد الخالد وفي مراسيم وتقاليد متميزة في التنظيم والهيبة والاهتمام والرمزية، كما تقوم العوائل العراقية من كل مدن العراق بزيارة ذلك النصب التاريخي المميز لتشرح لهم وتعلمهم معنى الشهادة والتضحية وتزرع في نفوسهم حب الوطن والدفاع عنه.
إننا في القيادة العامة للقوات المسلحة إذ نستحضر أرواح شهدائنا الأبرار الذين روت دماؤهم الزكية أرض العراق الطاهرة نسأل الله تعالى الرحمة والغفران وجنان الفردوس الأعلى لشهداء العراق العظيم الذين سقطوا دفاعاً عن سيادته وحريته واستقلاله يتقدمهم شهيد الأضحى المبارك الرئيس الشهيد صدام حسين راعي الشهداء الأول.
وسيبقون في وجدان وضمير الشعب الذي تفاخر بهم وخلدهم في أعظم نصب تذكاري حمل ذكراهم وتزين بأسمائهم الخالدة في قلب عاصمتنا الحبيبة بغداد العروبة رغم حقد الحاقدين.
وسيبقى شعار (سيبقى الشهداء أكرم منا جميعاً) نبراساً وفناراً ومناراً تهتدي به أجيالنا القادمة…
تحية عز وفخر لكل الشهداء وعوائلهم وأصدقائهم ولكل العراقيين الأبطال الذين دافعوا عن بلدهم.
تحية إلى شعبنا العراقي العظيم من أقصى شماله إلى أقصى الجنوب.
تحية إلى رجال القوات المسلحة البواسل عنوان مجد العراق ووحدته.
المحبة والتقدير والاعتزاز لكل من آمن بالعراق العظيم واحداً موحداً مستقلاً.
القيادة العامة للقوات المسلحة
بغداد المنصورة بإذن الله
١ كانون الأول 2024