علي العتيبي
حينما تعزم اي دولة لإجراء تعداد عام لسكانها فإنها تضع جميع الاسس والاعتبارات التي من اجلها يقوم التعداد لإعداد الخطط المستقبلية لكل نواحي الحياة بما تخدم المجتمع ومن شارك او عاصر في عمليات التعداد العام للسكان للسنوات 1977 و 1987 و1997 ويبحث في استمارات التعداد تراها تتضمن العديد من المعلومات المهمة بما تخدم الغرض الذي يقوم من اجله التعداد ويشمل كل المواطنين العراقيين داخل وخارج القطر وقد عاصرنا احد نتائج التعداد ان المواطن لا يرهق نفسه بالبحث عن مدرسة لابنه بل نرى ادارات المدارس تذهب إلى دور المواطنين وابلغهم بضرورة التحاق ابنائهم بالمدرسة التي تم تحديدها والتي تكون عادة اقرب مدرسة لسكن التلميذ بعد ان تم توفير كل مستلزمات الدراسة من كتب ودفاتر وغيرها وكذلك نرى الفرق الصحية تجوب بيوت المواطنين لتعطي من استحق اللقاح سواء النساء او الاطفال وهذا يغني عن مراجعة المراكز الطبية وهذه نتيجتان بسيطتان من نتائج التعداد الذي تشرف عليه وزارة التخطيط والذي بموجبه تضع الخطط.
نعود إلى التعداد المهزلة الذي قامت به الحكومة الحالية والذي خطط له سياسيا وخارجيا ووفق اجندة لا تخدم العراق ولا تخدم العراقيين بل هي مؤامرة كبيرة ضد بلد عريق بتاريخه وحضارته ومؤامرة ضد شعب قدم التضحيات للحفاظ على مكتسباته ووطنه وتاريخه وسيادته ورغم ذلك اجري التعداد الذي صدعوا رؤوسنا به منذ 2003 وحتى يومنا هذا ورغم توفر جميع الامكانات المادية والفنية والمعلوماتية الا انه خرج لنا بمخرجات خطيرة اريد من خلالها التدمير وليس البناء والتخطيط ومن خلاله إلى السرقة وهدر الاموال ، وادناه الملاحظات التي سجلت على عملية التعداد الذي اطلق عليه صفة المهزلة والمؤامرة الكبيرة .
1. استبعاد المواطنين العراقيين المهجرين خارج العراق من التعداد وهذا يعطي استنتاج بان الحكومة تريد استبعادهم لأنها تعتبرهم ليسوا عراقيين ولا يحق شمولهم بالتعداد واحزاب السلطة تريد ايضا استبعادهم من التعداد حتى لا يكون لهم صوت مستقبلا في الانتخابات لانهم يعرفون ان اغلب العراقيين في الخارج هم ان لم يكونوا ضد العملية السياسية ودستورها فأنهم ضد الفساد وضد الميليشيات والسلاح المنفلت، هذا من جانب ومن جانب اخر من اجل مساومتهم لاحقا حينما يتقدمون للسفارات لغرض تجديد جوازات السفر أو تسجيل الولادات أو توكيل الغير لتمشية معاملاتهم في العراق لان الحكومة ستعتبر كل من لا يوجد له قيد في التعداد فإنه ليس عراقي.
2. إن الحكومات ما بعد 2003 وإلى اليوم هي حكومات ليست عراقية بالمعنى بل تنفذ أجندة ايرانية طائفية وعنصرية ولهذا منذ بداية تشكيل العملية السياسية تم جعل ابواب ومنافذ العراق مفتوحة للإيرانيين ومن تفرضهم إيران والمرجعيات من الهنود والباكستانيين والافغان ومعهم الاكراد من تركيا حزب البي كي كي والآن عوائل حزب الله اللبناني والذي جميعهم تم شمولهم بالتعداد وقبلها تجنيس اغلبيتهم حتى وان لم يكن لديهم مستمسكات وفق القانون الذي اقره مجلس نوابهم وبعد الاعداد سيمنحون جميعا الجنسية العراقية
3. التلاعب الديموغرافي الذي تمارسه احزاب السلطة ذات الطابع الديني او العنصري حيث تم اسكان اغلب الايرانيين والهنود والافغان والباكستان واتباع حزب الله في مناطق كربلاء والنجف وبابل والسماح لاتباع الميليشيات وعوائلهم بالسكن في حزام بغداد ومناطق المدائن وصلاح الدين والموصل والانبار وقيام الاحزاب الكردية بإسكان الاكراد والبي كي كي في مناطق الموصل وكركوك والتلاعب ببيانات الولادة للأطفال الاكراد وجعل محل الميلاد كركوك بدلا من محافظاتهم الأصلية اربيل والسليمانية من اجل زيادة عدد الاكراد واحتسابهم على كركوك وقد فضحوا انفسهم ليلة التعداد بذهاب العوائل الكردية من المحافظتين إلى كركوك بشكل مكثف ومن المهازل ان تجد في كل بيت في كركوك عدة عوائل بحيث يبلغ تعدادهم اكثر من 70 شخصا في البيت الواحد وهذا ينطبق على بعض مناطق الموصل التي يطلق عليها المناطق المتنازع عليها من اجل زيادة الاعداد ولو راجعنا احصائية التعداد العام للسكان عام 1957،فقد بلغ عدد سكان محافظة كركوك نحو 390 ألفا، في حين بلغ حسب تعداد عام 1997 نحو 753 ألف نسمة، وفيه بلغت نسبة العرب 72% والأكراد 21% والتركمان 7%. وأدى النزوح الكردي إلى كركوك إلى تغيير التركيبة السكانية في المحافظة من اجل الابتزاز وربطها ضمن محافظات الاقليم تحت حجة تطبيق الفقرة 140 من دستور بريمر.
4. ان الغاية من هذا التعداد هو تدمير البنية المجتمعية لشعب العراق وبما يخدم اجندات اعداء العراق الذين يتربصون به لتدميره فقد حقق الاحتلال اهدافه بتدمير العراق وطن وشعب وموارد واقتصاد وزراعة وصناعة واخلاق وجميع من تصدر الموقع السياسي بجميع المناصب السيادية وغير السيادية بأحزابهم وبرلمانهم وميليشياتهم أجرموا بحق العراق وهؤلاء لا يستحقون ان يحملوا اسم العراق لأنه أشرف وأطهر وأنبل من ان يدعيه هؤلاء العملاء
5. التعداد لم يأخذ الطريقة الصحيحة لا من حيث البيانات ولا من حيث شمول جميع مناطق العراق بالتعداد حيث أن أكثر من 40 بالمئة من المناطق لم يصلها موظفي التعداد والامر الاخر لم يتم اعتماد الوثائق الرسمية والتأكد من اصحابها والاكتفاء فقط ببطاقة رب الاسرة وسؤاله عن عدد السكان والبعض فرض ارقام على موظف التعداد وبهذا يكون التعداد فاشل ولا قيمة له
6. ان هذا التعداد الذي سيبين بان هناك اغلبية شعبية من اجل الانتخابات وزيادة عدد المقاعد في البرلمان ثم تكون كل المناصب رئيس جمهورية ورئيس وزراء ورئيس برلمان لهم حصريا ولن تحصل الاحزاب الاخرى على شيء وكل هذا لأجل التحشيد مجددا للتطهير الطائفي واشعال حرب طائفية دموية اجرامية ليكون العراق لاحقا بعيد عن امته العربية ومن حقنا ان نقول (ضيعونا اضاعهم الله).
7. المفاجأة التي أفرزها هذا الإحصاء، الإعلان عن عدد نفوس العراق الذي بلغ 45 مليوناً و520 ألف نسمة، وفق تصريح المدير التنفيذي للتعداد السكاني علي العريان الذي قال إنه قابل للزيادة المطّردة، فقد جرى من دون إحصاء عراقيي الخارج الذين يزيد عددهم على أربعة ملايين نسمة. كما كشف الإعلان الأولي عن زيادة إحصائية لعدد نفوس إقليم كردستان، تصل إلى أكثر من ثمانية ملايين نسمة، أي بزيادة خمسة ملايين شخص على آخر إحصاء أجرته الدولة قبل الاحتلال سنة 2003.
8. التحضيرات لم تكُن كافية على رغم السنوات التي مضت، ولم يجرِ توحيد التعداد ومراقبته من طرف واحد محايد، ونحن نعلم أن هناك أغراضاً سياسية قد تخل بمصداقية نتائج التعداد، وما جرى في كركوك المتنازع عليها يمثل جانباً من الخروقات التي رافقت هذا التعداد والتي ستؤثر بالتالي وتسبب خللاً في توزيع الثروات، وكان عدد المشرفين بالتأكيد غير كافٍ، ولنا أن نقارن بين تعداد عام 1977 حين بلغ عدد العاملين أضعاف عدد العاملين في تعداد عام 2024، مع الأخذ في الاعتبار الزيادة الهائلة في عدد السكان خلال 47 سنة، أي كان من المفروض أن يكون عدد العاملين في هذا التعداد أضعاف من قاموا به سابقاً. وجرى التعداد خلال يوم واحد، ولم يشمل كثيراً من المعلومات الضرورية لرسم الخريطة التنموية للعراق.
على الشعب العراقي وجميع المنظمات ان تقف موقف صارم ضد هذه العملية والتحرك على المستوى الدولي لإسقاط نتائج هذا التعداد والغاءه كليا والمطالبة بإلغاء قانون التجنس ومن واجب المواطن العراقي الغيور ان يشخص من سكن بالقرب منهم لتحديد اصولهم لان زمن سلطة العملاء لابد وان ينتهي ويعود العراق لأهله ومنها يتم محاسبة العملاء وإعادة كل من لا أصل له في العراق إلى بلده ومحاسبة من ارتكب الجرائم بحق العراق والعراقيين وليكن معلوما ان التعداد غاياته سياسية مقيته لا تعير اهمية للمواطن العراقي بل يعتبر استهانه به خاصة مع احتساب المتسللين والوافدين واللاجئين وكل الاجانب على أساس أنهم عراقيون وهذا أكبر خلل في التركيبة السكانية وتخريب للمجتمع العراقي.