غزة ولبنان: القاتل واحد

غزة ولبنان: القاتل واحد

 

ثابت ياسر الجميلي

 

المؤكد أن ايران حققت الكثير من أهدافها في الوطن العربي، سواء بشكل مباشر أو عبر الأدوات التي صنعتها منذ عشرات السنين، واستأسدت بشكل خاص بعد إيصال خميني للسلطة، والذي كان من بين نتائجه الكارثية على العرب احتلال العراق وتسليمه لإيران لتعبث بأمنه ووحدته الوطنية.

حقق النظام الإيراني هدفه الأول، وهو هدف صهيوني امبريالي بامتياز باغتيال النظام الوطني العراقي وذبح قواه الوطنية وقدراته العلمية والصناعية، ولم يكن هو القوة الفاعلة في هذا التحقيق الغاشم بل أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني ومعهم كل كارهي الأمة العربية ومبغضيها إلى حدود كسر العظام والإفناء وليس كراهية وبغضاء عادية، ومن بينهم عرب اللسان والجنسية.

وانطلاقاً من العراق المحتل انتشر السرطان الفارسي إلى كل بقعة عربية تم فيها زرع خلايا ذاك السرطان، وكان من نتائج السياسات العدائية للأمة العربية التي سلكتها معظم الأنظمة العربية أن تم محاصرة الفلسطينيين ومقاومتهم للاحتلال الصهيوني حتى صارت أبواب طهران هي الأبواب الوحيدة التي يمكنهم ولوجها للحصول على بعض المعونات وبعض السلاح، فكان هذا الحاصل هو ثمرة من ثمار ذبح العراق، وأعطى للنظام الفارسي فرص مناورة واسعة للإيقاع بمزيد من العربان.

أوهم النظام الإيراني الكثير من العرب أنه نظام إسلامي، وحاصرهم لإرغامهم على التعاطي معه من هذا الباب، وهو نظام في حقيقته طائفي مدمر للإسلام، واستخدم الطائفية كما لم تستخدم من قبل، واستثمرها كما لم تستثمر من قبل لتفتيت العرب وزرع العداوات بينهم، بل وزرع أنهار من الدم بين سنة العرب وشيعتهم.

نجح الفرس في اقناع أو خداع بعض العرب بأن تشكيلات حزبية مذهبية أو ميليشيات طائفية متمردة على الدولة كفيلة بتحرير فلسطين، ليس هدف إيران طبعاً تحرير فلسطين، بل زرع الوهن في الدول العربية وتمزيق إرادة الدولة وقوتها بدول عميقة إيرانية الولاء علناً وبلا مواربة، أي بخيانة مبررة لصالح النظام الإيراني.

حالة لم تحصل من قبل بل تكرست واتسعت وتعمقت بعد احتلال العراق وإطلاق يد إيران ليس حباً بل لإنهاك النظام العربي وهو عاجز عن النهوض ولإضعاف الشعب العربي وهو أعزل بلا حول ولا قوة.

الآن….

وصل النظام الفارسي إلى أهدافه وتتجسد في بقائه كنظام كهنوتي مجرم رغم أنف الشعوب الإيرانية، وذلك بعقد صفقات التفاهم مع الولايات المتحدة والغرب والصهيونية على حساب الولائيين والتابعين الأذلاء.

انتهى دور ميليشيات وأحزاب الطوائف الفارسية بوصول النظام الإيراني إلى حلقة التفاهم التي سعى أصلاً لخلقها لتؤدي له وظائف وخدمات لا يقدر هو عليها: يقدم رقاب عملائه مقابل الاتفاق النووي واتفاق بقاء النظام على سدة الحكم في إيران، بدأ البرنامج برأس هنية وهو مستمر ليصل إلى رأس بشار الأسد وما بينهما.

هكذا لم تخسر إيران شيئاً بل كسبت كل شيء، ليس بقوتها بل بقوة عرب خدعتهم بالدين وبالمذهب وبشعارات تحرير فلسطين التي لم يجن منها العرب غير وهم وسراب ورقاب قطعت وبإسناد صهيوني أمريكي غربي معلن وخفي.

ومعضلة عرب الطائفية الآن أنهم كما يقال مثل “بلاع الموس” ليس بوسعه ابقاءه بانتظار هاتف ينفجر بوجهه أو مسيرة تهدم بيته على رأسه، أو برصاصة قناص من شخص تغدى معه قبل ساعة، أو بصاروخ هو دفع ثمنه، أو لنقل إن العراق قد دفع ثمنه قبل أن تشحنه طهران إلى وجهته ليقتل به عرباً. فإيران لم تخسر دولاراً واحداً في ما منت به على بعض العرب لتحولهم إلى أدوات خانعة لمشروعها بل إن العراق هو من كان ولا زال يدفع لإيران لتتاجر بقضايانا المصيرية.

فلسطين لا يحررها رد فعل إيراني هدفه حفظ بعض ماء الوجه أو للتغطية على بيع الرقاب العربية للكيان الصهيوني الذي مارسته إيران لتنال رضى الأمريكان.