العراق الذي نعرفه والعراق الذي لا نعرفه!

علي العبيدي

العراق الذي نعرفه هو العراق العربي، الذي يعيش كل أبنائه بمختلف أسمائهم وصفاتهم وقبائلهم تحت ظل راية العراق وطناً واحداً موحداً سيداً مستقلاً حراً أبياً شامخاً.

هو عراق الحضارات الممتدة إلى فجر الخليقة الأول، والتي بناها إنسان مؤمن يحمل صفات المواطنة والإنسانية الراقية، ويتبنى أهدافاً نبيلة سامية تؤمن بأن الأوطان يبنيها شعب نشط فعال تقوده رؤى ومناهج وعقائد منطلقها الأول اعتماد العلم والتعليم والتربية والولاء والثبات.

العراق الذي نعرفه طاهر بأرضه وسمائه وهوائه، وبعلاقات شعبه التي لا تدنسه عمالة ولا خيانة ولا تجسس ولا ولاءات مباعة في أسواق الرذيلة.

العراق شعب التنوع البشري والديني والاثني والمذهبي، ولا يمكن أن يكون عراقاً تنخره التناحرات والخلافات الدموية وتعصف به أهواء الطوائف والقبائل والسراق واللصوص والملحدين والمخدرين والمثليين، وتتحكم بمقدراته رواد الملاهي والمراقص وتاجرات صالونات ودكاكين الموديلات وسماسرة المال السائب المنهوب والنزوات الدنيئة.

العراق الذي نعرفه فيه الرجولة مقدسة، والأنوثة مقدسة، ومنهما تبدأ قدسية العائلة وشرف الحمولة والقبيلة، وفيه مراقد لأنبياء وأئمة وصالحين وشهداء تقرب الإنسان من مسارات العزة والكرامة والإيمان بالله وتحفز فيه الشجاعة والبسالة والإقدام واحترام الذات والتاريخ.

العراق الذي لا نعرفه، هو عراق الطوائف والمحاصصات وانعدام الدولة وفشل الإدارة وانحدار الأحزاب والسياسيين إلى النهب واللصوصية وسرقة أموال الناس والدولة، وعدم احترام الدم والميل لهدر كرامة الإنسان.

العراق الذي لا نعرفه ولن نرضى على بقائه على حاله هو العراق الذي احتلته أميركا وسلمته لإيران، وسارت به العملية السياسية عبر واحد وعشرين سنة من سيئ إلى أسوأ.

العراق الذي لا نعرفه ولن نرضى إلا بتحريره هو العراق الذي غزته قوى الظلام الغاشمة وبدأت عمليات تدميره فجر العشرين من آذار سنة ٢٠٠٣ م.