شبكة ذي قار
عـاجـل










في تاريخ الدبلوماسية العراقية منذ أن تأسست الدولة العراقية على أنقاض التركة العثمانية عام 1921 برز وزراء و جهابذة في مجال السياسة الخارجية للدولة العربية الوليدة ، و تألقت أسماء تاريخية مشرفة في صياغة البنود والمباديء الأولى للدبلوماسية العراقية التي كانت تتسم بالتحضر والرقي والمعرفة الميدانية بما كان يدور في العالم خلال الحقب التاريخية المختلفة ، وكان العراق من أعضاء ( عصبة الأمم ) في مرحلة مابين الحربين الكونيتين ، كما كان من الدول الأولى الموقعة على بيان ( سان فرانسيسكو ) ومن الدول المؤسسة لهيئة الأمم المتحدة عام 1945 وكان أيضا على المستوى القومي من مؤسسي جامعة الدول العربية في فبراير1945 أي قبل تأسيس الأمم المتحدة ذاتها بأشهر قليلة! ، وبرز في مجال السياسة الخارجية رجال ورموز تاريخية من أمثال الشهيد نوري السعيد ، والمرحوم محمد فاضل الجمالي ، ومزاحم الباججي ، وناجي الأصيل وعبد الجبار الجومرد ، وخلال العهد الجمهوري المتأخر برزت أسماء من أمثال سعدون حمادي ، وطارق عزيز ، وناجي صبري الحديثي ، وعشرات من الكفاءات الذين طوت سيرتهم الأيام ، أما الدولة العراقية الهجينة التي نبتت و ترعرعت تحت الرعاية الأمريكية بعد حرب إحتلال وتدمير العراق عام 2003 فقد تميزت بالعجائب الفضائحية في نوعية المسؤولين أو في خياراتهم و توجهاتهم وحتى قدراتهم العقلية و النفسية!، فلقد قامت بإمتياز الدولة الفاشلة بعد أن تم تفكيك الدولة و تحويلها لمحاصصة طائفية وعرقية جعلت تبوأ المناصب السيادية في الدولة ليس لمعيار الكفاءة والقدرة بل للحزب والطائفة والقومية ، فمنصب سيادي مثل رئاسة الجمهورية تم تخصيصه وحصره بالأكراد فقط لاغير! ومن حزب الإتحاد الوطني الكردستاني حصرا وليس من أي حزب كردي آخر!، وتلك قمة المهزلة ، أما رئاسة الحكومة وهي الجهة السيادية القائدة للسلطة التنفيذية وبصلاحيات واسعة جدا ، فتم تخصيصها للتحالف الطائفي الشيعي وحصرا لصالح حزب صغير و متهالك وفاشل هو حزب الدعوة/ المقر العام !، فالدعوة دعوات وهنالك إنشقاقات واسعة بين صفوفه! وشهير عن هذا الحزب جدبه القيادي وفشله التاريخي و إنحساره الميداني لذلك جاء لقمة السلطة بعد إنتخابات عام 2005 إبراهيم الجعفري ليقود السلطة بفشل وليتسبب بحرب أهلية طاحنة و بتوتر كبير مع الحليف الكردي مما أدى لطرده و إستبداله بالدعوي الآخر الذي كان يتمنى منصب مدير عام فقط لا غير فإذا بالأقدار غير السعيدة تحوله لحاكم أوحد مارس كل صنوف الحكم الفاشل ونهب الثروات وهو نوري المالكي صاحب التاريخ السري الحافل بالعمليات الإرهابية في ثمانينيات القرن الماضي والوثيق الصلة بالمخابرات السورية وحيث كان يعمل تحت خيمتها المباشرة! ، أما رئاسة البرلمان فتم تخصيصها للطرف السني في عملية تحاصص طائفية شبيهة لحد كبير بالصيغة اللبنانية الفاشلة المتوارثة!، ولعل وسط ملفات الفساد و الفشل العراقي تبرز وزارة الخارجية العراقية في عهدها الراهن و تحت قيادة وزيرها الدعوي السابق إبراهيم الجعفري بمثابة قلعة من الفشل وهي تتخبط بسياسات طائفية رثة و تسوق بشكل فج للحشد الإرهابي الطائفي و تنطق بلسانه و تخرب بشكل فظ علاقات العراق الدولية و الإقليمية ، فالجعفري معروف بمواقفه الطائفية الرثة في قضايا مركزية في المنطقة مثل القضية البحرينية و القضية السورية و القضية اليمنية وسبق له ولوزارته إستقبال وفد الإنقلابيين الحوثيين ودعمهم رسميا في بغداد ، أما التنسيق مع الجماعات الإيرانية في البحرين فهي قضية معروفة ، ودعم النظام السوري الإرهابي جزء مركزي من توجهات السياسة الخارجية العراقية زمن الجعفري الذي يتحرك اليوم بشغف وحماسة من أجل إدانة الدولة التركية و تجييش العداء لها إقليميا ودوليا وإتهامها بإتهامات شتى وغير موضوعية لا تدعم سوى المصالح الطائفية الضيقة وليس المصالح الوطنية والقومية للعراق و العالم العربي ، الجعفري وفريقه الدبلوماسي لايمتلكان المقدرة و لا اللياقة ولا المؤهلات لإدارة عجلة السياسة الخارجية في وضع دولي هو الأصعب و ألأدق حساسية في الوقت الراهن ، وهو عنصر فشل و تأزيم لعدم إمتلاكه لأية ستراتيجية دبلوماسية تحاكي الواقع والمصالح ، بل أن الدوافع الطائفية الرثة هي العنصر المركزي المحرك له.. لقد نجح إبراهيم الجعفري بإمتياز في تحويل وزارة الخارجية لمقر لإدارة عمليات الحشد الطائفي التعبوية وخلق حالة العداء مع الدولة التركية وبما يصعد من حالة المواجهة التي ليست أبدا في صالح العراق النازف على كل المستويات.. الفشل السلطوي المقترن بالروح الطائفية الرثة مصيبة حقيقية في بلد ينزف حتى الثمالة.

dawood.albasri@hotmail.com





الاحد ٢٢ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب داود البصري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة