شبكة ذي قار
عـاجـل










مفهوم الطبقية في فكر حزب البعث العربي الاشتراكي

نبيل مرتضى

 

يحتفل العالم الحر أجمع بمناسبة عزيزة ألا وهي عيد العمال، ومن حقنا كبعثيين أن نسأل سؤالاً جوهرياً، هل يؤمن الحزب بالطبقية أم لا؟

ليس في فكر الحزب طبقية بالمعنى الذي تفهمه الماركسية، ولا نتبنى المفهوم الماركسي لها، لأن الماركسية أقرب إلى الصراع بين الطبقات، وجعلته بهذا قانون التطور التاريخي. إلا أن الماركسية انطلقت من نظرة محددة حيث جعلت هذا الصراع هو المحرك الأساسي لحركة الشعوب على مستوى نطاق عالمي، وأممي، وتجاهلت إلى حد بعيد التكوين التاريخي الحي للقوميات حين اعتقدت بأن الروابط التي تجمع الطبقة العاملة والمستغلة في جميع بلدان المعمورة هي أقوى بكثير من الروابط التي تجمع طبقة معينة في أمة معينة بقوميتها، لهذا كان البعث العربي الاشتراكي أكثر وضوحاً وواقعية عندما رفضنا الأممية بشكلها الماركسي، وقلنا بتعاون حر بين الشعوب الاشتراكية الحرة، فنحن نعترف بصلتنا كشعب عربي بالشعوب الأخرى.

فنظرتنا أقرب إلى الصواب وإلى الواقع حين جعلنا المشكلة كوحدة لا تتجزأ ولم نأخذ منها جزءاً فقط كما فعلت الماركسية حين أخذت ناحية الصراع بين المالكين والمحرومين، مشكلتنا أوسع من ذلك وأعمق بكثير، مشكلة وطن مجزأ وتم تقسيم المقسم والتجزئة هي أكبر عائق في طريق نهضته، وهي مشكلة وطن يمتلك كل مقومات النهوض، من موارد طبيعية وأيدي عاملة إلا إنه مسلوب الإرادة الحرة في الفكر والاقتصاد والسياسة وفي كل شيء.

وضع البعث منذ البدايات الأولى الجانب الطبقي في الموضع الصحيح، كما أشار بذلك القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق رحمه الله: (إنها ليست غروراً أو استعلاء وليست تعصب أمة ضد الأمم الأخرى إنما غريبة تماماً عن كل مصلحة مادية لفئة من الفئات في الأمة وهي الإنسانية بالذات متحفظة في واقع حي هو الأمة).

لهذا نحن لا نعترف إلا بما في القومية من إيجابي، لأنه عبارة عن الرابطة الروحية والتاريخية بين أفراد الأمة الذين طبعهم تاريخ معين ولم يغلفهم على الإنسانية وباقي الأمم وإنما أعطاهم لوناً خاصاً وتجسيداً خاصاً لهذه الإنسانية لكي يكونوا جزءاً فعالاً ومبدعاً ومتجاوباً معها، هذه هي قوميتنا لا تقوم على الحقد تجاه الأقوام الأخرى ولا على الحقد على أبنائها، وإننا نحب أمتنا وأفراد شعبنا ونريد لهم المستقبل الزاهر والحياة الكريمة.

إن أبرز ما يتجلى به البعث هو اكتشاف خصوصية الأمة مما جعلها في صدام دائم مع الهجمة الإمبريالية الصهيونية الشرسة والتي تهدف إلى نفي الوجود الإنساني العربي كما فعلت الحركة الشيوعية العربية، الإرهاب الفكري التي مازالت تتمسك بمقولة التغير في المسائل الثورية وألبست ثوبها الجسد العالمي فاعتبرت الماركسية اللينينية إنما هي النظرية التي تصلح بشكل عام، وأكدت على وحدانية النظرية العالمية لذا أجاب الرفيق الشهيد الخالد صدام: (خصوصيتنا ليست خصوصية أصل متميز في المنطلقات والوسائل وهنالك وسائل وصيغ معروفة تعبر عن الأصل بالإضافة إلى المنطلقات المركزية، إذاً فإن خصوصيتنا ليست خصوصية في الوسائل فحسب وإنما هي خصوصية في المنطلقات والوسائل)، لا تستطيع أمتنا المجيدة أن تهرب من نفسها، من طبيعتها، من ماضيها، ومن أصالتها، لها تكوين، لها روح، لها خصائص، فهي إما أن تكون أمة عظيمة صانعة للحضارة صانعة للتاريخ أو تنقسم وتتردى وتنطوي على نفسها، وبما أن وضع أمتنا في الوقت الحاضر لا يلبي طموحات أمة تحمل لواء الرسالة الخالدة، فإذاً السؤال الجوهري: من هو القادر على وضع الأمة في مسارها الصحيح، لتأخذ دور صانع التاريخ والمستقبل، وهنا يجيب الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق (الجماهير الكادحة هي وحدها، ليس فقط في عددها الضخم سواء في البناء أو في القتال، وإنما بما تتميز به من حيوية متجددة ومن تجرد واستعداد عميق وتام للتضحية وتحمل المشاق والنضال الطويل هذه الطبقة طبقة الفلاحين والعمال الكادحين على صنوفهم المختلفة هي وحدها لا تتعب هي وحدها التي تلتقي أهدافها بأهداف الأمة، إنها مؤهلة لأن تناضل وتناضل وتبني وتحارب حتى تبلغ الأمة أهدافها)..

هنيئاً للطبقة العاملة عيدها لكي يكون حافزاً جديداً من أجل تحريك المشاعر الصادقة نحو التحرير والبناء والتحرر من كل أشكال وصور الاستغلال.






الاثنين ١١ شــوال ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أيــار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل مرتضى نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة