شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتاحية العدد 69 من مجلة ألق البعث

ثورات البعث عوامل نهوض الأمة:

ثورة الثامن من شباط نموذجاً

 

لم تنبثق حركة البعث لتكون إضافة للقوى والحركات والأحزاب المكونة لخارطة السياسة العربية بل لتمتلك سمة الارتقاء فوق جميع الحدود المرسومة في أهداف السياسة وغاياتها وتمتلك فضلاً عن سمة الارتقاء سمة العمل الميداني معياراً مركزياً جوهرياً لتشكيل الهوية.

البعث ليس حزباً سياسياً تقليدياً، بل هو ولادة لمنهج أمة فقدت وحدتها بفعل فاعلين، وفقدت حريتها بفعل فاعلين، وفقدت كل معايير العدل والمساواة بفعل فاعلين لتحويلها إلى كيان إنساني فاقد الإرادة وفاقد القدرة على تحريك طاقاته واستثمارها.

لذلك، كان البعث حزب الانقلاب على الواقع العربي بتحريك طاقات الأمة الذاتية، وحزب الثورة العربية باستخدام ممكنات العرب، وهي ممكنات عملاقة لو تمكن العرب من كسر الأغلال والقيود التي كبلت بها أيديهم وأرجلهم.

لقد أدرك البعث أن السياسة لوحدها بمفاهيمها التقليدية لن تغير حال الأمة بل على النقيض ستسير بها إلى هاويات السكون والركود والكسل وتقبل الهزائم ببساطة، لأن السياسة العربية بعد سايكس بيكو ليست عربية، بل مفروضة بأجندات دول المصالح، شأنها شأن ما فرض علينا من تجزئة وفقر وجهل وأمراض وأمية جعلتنا نقبع في ذيل منظومات العالم المتقدم علمياً وتكنولوجياً بعد أن كنا مصدر العلم والمعرفة والفلسفة والعمارة والأدب والفن.

أدرك البعث أن حرق المسافات والأزمنة بيننا وبين العالم المتقدم لا يتحقق بالسياسة الإصلاحية والترقيع والتطور التدريجي بل بالثورة الشعبية الشاملة وتثوير ذات الإنسان العربي (الانقلاب على الذات).

كانت ثورة شباط ١٩٦٣ هي التعبير عن كل ما ذكرناه، من نظرية وعقيدة وأهداف ورسالة قومية عربية، إنها الثورة التي صُممت لإبلاغ العرب بجدية مشروع البعث الثوري القومي الوحدوي التحرري ولإظهار التوافق النظري والميداني للحزب، التوافق بين القول والفعل كما لم تتمكن أيَّ حركة سياسية عربية من عبور هذا الخانق قبل البعث، حيث ظلت القوى السياسية العربية أسيرة نمطية متخاذلة  قاصرة.

ثورة الثامن من شباط كانت مشروعاً وطنياً وقومياً يبرهن على أن البعث طاقة جبارة قادرة على التغيير الجذري المفضي إلى تحقيق ذات الأمة، وكانت مساراً جسوراً لإثبات قدرات البعث على صناعة دولة ذات إدارة مقتدرة وصناعة أمن مجتمعي مستتب وحياة اقتصادية تنمو باضطراد واستقلال سياسي واقتصادي ناجز.

كانت الثورة تحمل مشروعاً قومياً قائماً على فكرة الأرض العربية المحررة التي تنمو منها وعليها الإضافات المحررة في أقطار أخرى، وقد بادرت الثورة فوراً إلى إعلان ميثاق وحدوي في ١٧ نيسان لقيام وحدة بين العراق وسوريا ومصر بعد نجاح ثورة الحزب في سوريا في الثامن من آذار ١٩٦٣، وكان يمكن أن يكون إنجازاً قومياً تاريخياً لولا التآمر المبكر الذي حجم فعل الثورة قبل اغتيالها.

إن الهاجس الأعظم في مشروع ثورة شباط ١٩٦٣ هو البرهان على ان البعث طاقة قومية قادرة على النهوض بأعباء التغيير وتنفيذ مشروع الأمة التحرري الوحدوي الاشتراكي.




السبت ٢٧ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ألق البعث نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة