شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد غزو العراق واحتلاله تغير كل شيء، حيث انتهكت الحقوق والحريات وتعطل القانون وتراجعت العدالة وعمت الفوضى وتدنت أخلاقيات المجتمع لتمزق وحدته، ويتجه العراق إلى الفتن الطائفية والخلاف الذي ينتهي باستخدام الأسلحة كافة في غياب السلطة الوطنية وسوء تطبيق القانون، وتصاعدت جرائم القتل والاغتيالات التي عمت مدن العراق فسقط الآلاف من الضحايا والشهداء بدوافع انتقامية وأخرى مغرضة نتيجة الأخبار الكاذبة، فحصدت هذه الجرائم أخيار المجتمع وقدوته وأعيانه، ومن بينهم المئات من المحامين بسبب مواقفهم البطولية في الدفاع عن العدالة والحقوق والقيم التي آمنوا بها، فكان لهم الدور الريادي بصفتهم أحد أهم أذرع العدالة وحاملي شرف القضاء الواقف، فتعرض الكثير منهم إلى أنواع الاستهداف بالتهديد والاعتقال والاغتيال لمواقفهم المؤيدة للانتفاضة علناً والمطالبة بحقوق شهدائها.

لقد قدم المحامون الشجعان عدداً لا يستهان به من الشهداء لنصرتهم العدالة في المحافظات المنتفضة وغيرها، وعلى الرغم من التهديدات والمضايقات والتصفيات الجسدية من قبل المليشيات المسلحة ذيول السلطة الفاسدة للمحامين بحجة أن المحامين يثيرون الشغب ويناصرون الانتفاضة ويتوكلون للدفاع عن المتهمين في جرائم الإرهاب، ومع كل هذه التهم الباطلة استمر المحامون في أداء واجباتهم المهنية بشجاعة نادرة.

لقد بذلت النقابة جهوداً ومحاولات وبالتعاون مع أجهزه التحقيق في وزارة الداخلية وتشكيل لجان تحقيقية وعقدت اجتماعات تشاورية للكشف عن المجرمين الذين اغتالوا المحامين، إلا أنها لم تحقق أية نتيجة، يضاف إلى ذلك فإن الكثير من المحامين يتعرضون للتهديد إما عن طريق الهاتف أو بالمباشر بسبب التوكل عن أحد الخصوم في النزاعات العشائرية، وكذلك من ذوي المتهمين بسبب توكلهم عن المدعين بالحق الشخصي، وإن النظرة إلى المحامي في مراكز الشرطة فهي غير مهذبة ومتدنية وعدائية.

يضاف إلى ذلك عدم تفعيل المواد ٢٤ و٢٦ و٢٩ من قانون المحاماة رقم ١٧٣ لسنة ١٩٦٥ التي تضمنت أن يسلك المحامي طريقه المشروع في الدفاع عن موكله، وأن ينال المحامي الرعاية والاهتمام من قبل المحاكم ودوائر الدولة، ومعاقبة كل من يعتدي على محام أثناء تأديته أعمال مهنته.

هذا هو الجزء القليل من متاعب المحامين وتضحياتهم في دولة لا تحترم القانون وتحكم بقوة تنظيماتها المسلحة وأحزابها الفاسدة، وعليك أخي القارئ أن تتصور كم هو حجم معاناة المحامين قبل وخلال وبعد تأديتهم مهنة الشجعان، وبقي على النقابة عمل نصب تذكاري لشهداء المهنة في مكان مميز في ساحة مقر النقابة تخليداً لذكراهم والعناية بأسرهم ورعايتها.





الاربعاء ١٢ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المستشار سعيد النعمان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة