شبكة ذي قار
عـاجـل










واحدة من صور الخداع الكبيرة وواحدة من صور التزوير التي رافقت تشكيل العملية السياسية المخابراتية الاحتلالية في العراق بعد أيام من غزوه واحتلاله هي الإيحاء بمشاركة جماعية لما سُمي بـ (مكونات) الشعب العراقي الدينية والاثنية والسياسية، وحقيقة الأمر أن العملية السياسية قد صممت بالأساس لتكون طائفية مفتتة لشعب العراق وممزقة لطيفه الاجتماعي، وإيرانية الهوى والهوية، ولم يكن اشراك بعض الأطراف من غير (شيعة إيران) سوى ذر للرماد في العيون ومحاولة بائسة لشرعنة السلطة الخائنة.

كان هذا الفهم العميق لواقع خلقته قوات الغزو وأدواتها العميلة المجرمة حاضراً في وعي شعبنا وقواه الوطنية والقومية والإسلامية، وتم التحذير منه عبر كل الأنشطة التي أتيحت لأحرار العراق والأمة، أو التي انتزعت انتزاعاً من بين فكوك ذئاب الاحتلال من دول وأدوات، وقالها شرفاء العراق بوضوح إن توريط جهات معينة من الذين جاؤوا مع الاحتلال ويدّعون تمثيل سنة العراق أو من الداخل إنما هدفها شرعنة سلطة إيران وأحزابها وميليشياتها لا غير.

بل إن بعضنا قد حذر من مغبة الاطمئنان لتيار مقتدى الصدر، وخطورة محاولاته في اختراق المقاومة العراقية في الفلوجة مثلاً، ولم يمر زمن طويل حتى مارس جيش مقتدى (جيش المهدي) أكبر جريمة إبادة طائفية في بغداد عام ٢٠٠٦ م، بعد أن حصل على غطاء مهلهل قدمته له المخابرات الفارسية بعد إقدامها على جريمة تفجير مراقد الأئمة الأطهار في سامراء، وانكشف ظهر أدعياء المشاركة بالعملية السياسية لغرض درء الاخطار عن جزء من شعبنا تستهدفه إيران وميليشياتها وأحزابها وخاصة في مدن العراق العصية، ثم جاءت صناعة داعش المجرمة لتعطي غطاءً أوسع وأكبر ليس لأحزاب إيران فقط، بل ولتحالف دولي كبير تتزعمه دولة الاحتلال الأولى أميركا لتنفذ الجريمة الأبشع والأوسع ضد شعبنا قتلاً وتهجيراً ونزوحاً وتدميراً بحجة ملفقة كاذبة مزورة مصنوعة في علب الليل المخابراتية الوحشية ألا وهي حجة محاربة الارهاب ممثلاً بداعش.

ولم تكن داعش ذريعة للموت والاعتقال والإخراج من الديار والتشريد في مخيمات نزوح (جاد بها بعض من تجّار الحروب في الداخل والخارج) بل وأهم من ذلك إنها:
أولاً: كانت الذريعة التي منحتهم مسوغاً لإنتاج حرس ثوري إيراني في العراق أسموه الحشد الشعبي.

ثانياً: سيطرة إيران على مدن العراق العصية الثائرة.

ثالثاً: تنفيذ أضخم عمليات التغيير الديموغرافي في حزام بغداد، وامتداداً إلى ديالى والأنبار وصلاح الدين والموصل وكركوك، والتي مازالت تجري على قدم وساق.

رابعاً: ارغام مواطني المدن العصية على الانضمام لكيانات هزيلة من تفرعات (الحشد) لإعطاء الحشد (الشيعي الإيراني) صبغة وطنية تماماً كما حصل في خدعة الاشتراك في شرعنة مجلس الحكم والعملية السياسية بدستورها اللقيط وقوانينها الاجرامية.

خامساً: صناعة مسالخ بشرية في جرف الصخر وسهل نينوى مثلاً، لذبح العراقيين رجالاً ونساءً وأطفالاً بحجة وتحت ذريعة محاربة الارهاب في بيوتهم وحاراتهم وشوارعهم، إضافة لذبحهم في السجون والمعتقلات.

لقد أطلقت يد ميليشيات الحشد الإيراني في الاجرام، وفي ترويع وارهاب العراقيين في كل مكان، ومارست هذه المليشيات جرائم قطع رؤوس وتمثيل بالجثث يندى لها جبين داعش الارهابية وتستحي منها ممارسات داعش الإجرامية، وهي مسجلة بفيديوهات ترافقها أهازيج التوحش، وتحول الحشد رسمياً إلى جيش بديل يحتقر الجيش الرسمي لسلطة الاحتلال ويسحب منه الصلاحيات والأسلحة.

وبهذا لم يعد من وصف يناسب من ادعوا الانتماء للعملية السياسية بحجة خلق التوازن وحماية (المكونات غير الشيعية) سوى أنهم أصحاب تقديرات بائسة خاطئة، وأنهم لا يمثلون طيفاً نزفَ وينزف دماً ومعاناة قد تكون بلا نظير في تاريخ العالم، إنهم عملاء خونة مدانون ومجرمون بأدوار أخطر من عدو العراق وشعبه من أحزاب وميليشيات إيرانية، إنهم تجار مآسي ومنتفعون بلا ضمير ولا وازع إنساني، والأجدر بهم الآن وبعد كل هذا التاريخ المليء بالدم والعنف والارهاب الذي مارسه ساسة التشيّع الصفوي الإيراني أن يغادروا العملية السياسية، ففي ذلك نزع لشرعية مزعومة، وخطوة انقاذ للعراق وشعبه، وهي الوسيلة الأنجع لإعادة الاتزان بعودة النازحين وإعادة الحياة العراقية إلى مدن العراق التي تذبحها إيران بحماية أمريكية.

وإذا كنا قد ركزنا الحديث على طرف بعينه وأدنّاه لدخوله في العملية السياسية، لأنه صار ستاراً للإجرام بحق شعبنا فإن التعميم هنا صحيح جداً لكل من شارك بالعملية السياسية الاحتلالية.





الاحد ١ محرم ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أيلول / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة