شبكة ذي قار
عـاجـل










 في الأيام الأولى من الغزو الأمريكي على العراق ، وعندما أصبح أمر الغزو واقعا مفروضاً على العراقيين – كان الشارع يطلق سؤالاً مباشراً في وجه البعثي والموظف الرئاسي والأمني وضباط الجيش والمقربين من القيادة : لماذا لم يتفاوض صدام حسين والقيادة مع الأمريكيين ؟ لماذا لم يعطيهم النفط أذا كان هو مرادها ؟ لماذا لم يتنازل صدام حسين عن كبريائه ويدوس على كرامته وينفذ للأمريكييين كل طلباتهم ويجنب العراقيين الغزو والحرب ونتائجهما الكارثية .

كان البعض يتخيل أن أمريكا لو اخذت النفط ستترك العراق في شأنه ، ويتخيل أن أمريكا تريد صدام حسين شخصياً وتريد إزالة النظام البعثي الذي يقف عائقاً وحجرة عثرة أمام مخططات الكثير من الدول الأعداء مثل الكيان الصهيوني وإيران .

عانينا كثيراً ونحن نحاول أن نشرح الوضع للسائل .. أمريكا لا تريد النفط ولا تريد رأس صدام حسين لوحده كونه المصد ّ أمام أطماعها ولا تريد رؤوس كل البعثيين , بل تريد كل شيء ، تريد العراق ... بوجود العراق القوي الذي بناه صدام حسين لن تتمكن أمريكا من تغيير خارطة الشرق الأوسط وتحقيق أطماعها في الوطن العربي ..

لن تدمر سورية ولن تدمر اليمن بوجود العراق ولن يلعب حزب الله في لبنان وصدام حسين والبعث على رأس السلطة .

كان يجب أن تدمر أمريكا كل العراق وتمسحه مسحاً شاملاً ، وتقضي على المجتمع العراقي بمكوناته واخلاقياته وثقافاته ، وتسيطر على موارد النفط وتهدم التعليم والصحة وتشتت الكفاءات والعلماء والعباقرة إلى شتى بقاع الأرض وتجلب مكانهم حفنة تكرس للجهل والتخلف والأمية وثقافات غريبة على العراقيين وتننشى مليشات وقحة تزرع الرعب في نفوس المناهضين للوجود الإيراني وتغير المنظمات الأرهابية تارة القاعدة وتارة داعش وتارة حراس ّ الدين .

كان لابد للشعب أن يعيش التجربة بنفسه كي يعيي مايقوله البعثي ويصدق أن أمريكا لا تريد نفطا بالتفاوض ولا تريد أي شيء بالتفاوض فهذا لن يخدمها لأن العراق سيبقى واقفاً طوداً شامخاً أمامها وأمام حلفائها الأخرين ..

نظام صدام حسين نظام عبقري فمثلما أفشل الحصار الأقتصادي الذي فرضته أمريكا على العراق لأحدى عشر عاماً بأبتكار البطاقة التموينية ، يستطيع صدام حسين أن يجد بديلاً للنفط ويبني العراق من جديد لو سحبت أمريكا يدها منه وتركته وشأنه دون أن تزجه في حروب دفاعية .

وخاض الشعب التجربة بنفسه وأدرك أن النفط ليس مراد أمريكا الوحيد ، فهي قد أخذت النفط ، وأخذت كل مافي حوزة العراق من ثروات وخيرات طبيعية وصناعية ودمرت كل برامج العراق لكنها بقيت في العراق ولم تنسحب بل أقدمت على جريمة اخرى وهي السماح لأيران بأحتلال العراق وسمحت لها أن تسرح وتمرح وتدمر وتحطم وتصنع المجتمع العراقي وفق رؤيتها وبرامجها .

وبعد أن خاض الشعب التجربة بنفسه وفهم أمريكا فهماً جيداً ، وبعد أن أقتنع الشعب أن صدام حسين ونظامه البعثي كانوا أمناء على العراق وكانوا مدركين وقارئين جيدين لنوايا أمريكا التدميرية وأدركوا أن البعث وحده يقضي على الأرهاب ويؤمنّ حياة كريمة للعراقيين ويعيد لهم حقوقهم ويحفظ لهم حياتهم .. عندما آمن الشعب أن البعث كان صادقاً معه ومحقاً في قراراته الأستراتيجية ولاسيما فيما يخص علاقاته مع الدول مثل إيران التي تضمر الشر والعداء للعراق بوجود البعث وبغيابه – صار الحل السياسي مقبولاً وباباً من أبواب أنهاء معاناة العراقيين وأنقاذ العراق ولاسيما أن البعث وفصائل المقاومة الوطنية والقومية والأسلامية خاضت الكفاح المسلح لسنوات طويلة وتمكنت من الحاق خسائر فادحة في صفوف الأمريكيين وجعل جنودها يقدمون على الأنتحار لما لاقوه من خوف ورعب على يد فصائل المقاومة الوطنية ..

إذاً كان التفاوض في السابق غير ممكناُ مع أمريكا للأسباب التي ذكرناها وأشرنا إليه فالتفاوض في ذلك الوقت كان يمس بكرامة العراق والعراقيين ولن يجدي نفعاً ولن يحقق الهدف المنشود وكان أذلالاً للعراقيين وللأمة برامتها لكن بما أن وجود البعث أصبح اليوم مطلباً شعبياً ينادي به العراقيون في شتى بقاع الوطن ، وتيقن الشعب أن السياسيين الفاسدون الذين جاءت بهم أمريكا أنكشفوا على حقيقتهم واثبتوا لشعوب العالم وليس للعراقيين أنهم لا يصلحون لقيادة العراق وأقتنعت الأنظمة بعدم جدوى وجودهم لفسادهم ولعمالتهم للفرس – أصبح التفاوض مقبولاً وطريقاً يجب أن يسلكه البعث لأنهاء معاناة العراقيين طالما أن الإدارة الأمريكية الجديدة تتفاعل مع القوى الوطنية الرافضة للوجود الأيراني ولسياسيات إيران في العراق ..

وبعد النجاح الباهر الذي حققه مؤتمر ميشغان المنعقد بتأريخ 5 كانون الثاني عام 2019 والصدى الذي تركه في الشارع العراقي وتأثيره على عملاء إيران في بغداد – كان لابد من مواصلة عقد مؤتمرات أخرى مماثلة فجاء مؤتمر واشنطن الذي سيعقد في 13 أذار / مارس المقبل من هذا العام – خطوة أخرى على الطريق الصحيح لأنقاذ العراق .
هذا المؤتمر يجب أن يعقد في مكانه وموعده المحددين لأنه مطلب جماهيري شعبي .

فمن يريد العراق ، سيسهم في إنجاح هذا المؤتمر ويوجه صفعة لذيول المنطقة الخضراء وسيرسخ قناعات جديدة صحيحة لدى الشعب والعالم وهو أن البعث يميل إلى التفاوض مع أمريكا وغيرها ( عدا الكيان الصهيوني) طالما أنه طريق من طرق إنهاء معاناة العراق وأنقاذه بل السبيل الوحيد إلى إنهاء معاناته بعد تجارب الكفاح المسلح وحمل السلاح في وجه أمريكا .

والبعث يؤمن بالتفاوض كما يؤمن بأن الحرب والكفاح المسلح حق شرعي لحماية الوطن عندما يفشل التفاوض وينتهي دوره ..

وجدير بالذكر أن نظام صدام حسين كان يجرب الحل الدبلوماسي قبل أن يقدم على الحرب وهذا ماحصل في الحرب مع إيران المجرمة راعية الأرهاب وحصل مع الكويت لكن الحقيقة دائما تحجب وتلوث لغرض في نفوس المرضى من عملاء وذيول أمريكا وإيران .





الاربعاء ٣٠ جمادي الثانية ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أذار / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كلشان البياتي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة