شبكة ذي قار
عـاجـل










ايام قليلة فصلت بين أشتعال انتفاضة البصرة العملاقة وتصريح حيدر العبادي رئيس وزراء حكومة الأحتلال حول استخدام الشعب العراقي السيء للكهرباء “بوضعهم المكيفات في الحمامات” الذي حظي بشتى التعليقات الساخرة سواء في الشارع العراقي ام على صفحات التواصل الأجتماعي الكثيرة وشهدت هذه الصفحات فديوات ساخرة منها فديو سمي بحمام الفقراء يبين وضع الطبقات الفقيرة وحرمانها من الخدمات الأساسية الممنوعة عن كافة المواطنيين، وطال الأستهزاء شخص العبادي بعشرات التعليقات على صفحته الشخصية ليس فقط بسبب هذه الجملة السوريالية في عز حرارة طقس العراق وتذمر الناس من قطع الكهرباء الممنهج والمستمر منذ خمسه عشر عاما، بل تعدت الى فترة حكمة وكفاءته وما قدم هو وحكومته وبرلمانه.

فهل أشعلت هذه الجملة شرارة وغضب العراقيين في البصرة وغيرها من مدن جنوب العراق وكانت القشة التي قصمت ظهر العبادي ودقت ساعة العملية السياسية واحزابها وبرلمانها بالكامل وهل سيسمح العبادي بالتظاهرات ام انه سيقمعها كما فعل سلفه نوري المالكي في المناطق الغربية ؟ كل ما حدث من أنتفاضة في الثامن من تموز وما يزال جاريا في جنوب العراق يدل على حنق وغضب عارم ضد حكومة الأحتلال أشعله تعليق العبادي الذي تلقاه العراقيين ليس فقط كأهانة لهم وأنما قولا قد رفع الغشاوة عنها بالكامل ، وجاءت بعد مقاطعة تاريخية للأنتخابات وصلت الى 80 % . وسرعان ما تحولت المطالب الخدمية التي دفعت كثير من الناس للخروج الى مطالب سياسية تدل على ان الشعب العراقي لم يعد ينخدع بوعود سكنة المنطقة الخضراء وتيقن تماما ان عليه ان يغسل اياديه والى الأبد من العملية السياسية برمتها. فكان هتاف شباب التظاهرات بأصرار ودون اي ترد:أما أنهاء العملية السياسية او الموت، ونريد وطن ، لم يعد لدينا وطن، مواجهين القوات الأمنية بمختلف أنواعها ومليشيات الأحزاب بصلابة وشجاعة ، أذ فتح بعض الشبان صدروهم عارية يواجهون بها دبابات ساحة التحرير المتأهبة للقمع وأطلاق النار الحي على المتظاهرين ، كما أفترش شباب من محافظات اخرى طرق سير الدبابات التي أتت لمحاصرة تجمعات المحتجين والمطالبين برحيل ساسة المنطقة الخضراء .وتعالت الأصوات تنادي بثورة على الطريقة المصرية وبالوحدة ونبذ الطائفية لمواجهة عجرفة من جاء مع دبابة المحتل ووكلائه.

فهل ان حكومة العبادي عاجزة عن تحقيق مطالب المنتفضين؟ هل هو فقط الفساد الذي يمنعها من توفير الخدمات؟ ام ان مهام حكومات العملية السياسية تقتصر فقط على تنفيذ اجندات معينة؟

ان اي رئيس وزراء يأتي من العملية السياسية المفصلة من المحتل الأمريكي وبرعاية ايرانية لن يتوانى عن قمع اي تظاهرة وحركة احتجاج تهدد وجود حكومتة وبرلمانها كما ان اي رئيس وزراء وحكومة لم يأت لتقديم خدمات مهما كانت ضرورية او لبناء وتطوير اي مجال من المجالات العامة.بل شاهد العراقيون على مدى خمسة عشر عاما كيف حرصت الحكومات المتعاقبة على تدمير العراق دولة وشعبا وحينما ثارت المدن الغربية مطالبة بالخدمات ورفع الحيف عن ابنائها ومدنها بكل سلمية جائهم الرد من نوري المالكي “أنهوا قبل ان تنهوا” لتقوم الطائرات فيما بعد بحصدهم وقتلهم.

ولم تتردد حكومة العبادي في قتل المتظاهرين السلميين ومحاصرتهم وردعهم بكل الطرق برش غازات ومياة ساخنة عليهم بعد فشل اجتماعه المصغر مع بعض الوزراء المتهمين بالفساد واهمال وزاراتهم ومؤوسساتها عمدا مع سبق الأصرار من مثل وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم في أيجاد حلول لمطالب المنتفضين. وبدل ان يستمع رئيس الوزراء الى الأحتجاجات التي انتقلت الى معظم مدن الجنوب قتلت القوات الحكومية اكثر من 15 مدنيا واعتقلت المئات واصابت أكثر من 500 شخص بينما ادعى وعبر مؤتمرات صحفية انه مع المتظاهرين وانهم سلميين في غالبيتهم ليعود فيما بعد ويتكلم عن المندسيين والبعثية والتدخل الخارجي. ليس ذلك فحسب بل ان العبادي وللتخلص من أتهامه بأهمال قطاع الكهرباء قدم وزير الكهرباء بنفسه كبش فداء متهما أياه بالتقصير دون ان يقدم حلا في بلد سبق له ان حل مشكلة الكهرباء ببضعه شهور بعد عدوان 1991 وبأيدي وطنية . كما قام العبادي بعمليات ترقيعية كاذبة مثل تعيين العاطلين عن العمل في مدينة البصرة مدعيا توفير عشرة آلآف وظيفة وبعدما ملئ العاطلون استمارات التعيين وقدموا مستمسكاتهم وجد الناس هذه الأستمارات في حاويات القمامة .ومن محاولات كسب الوقت وتسويف التظاهرات والمطالب الشعبية أنه عمد على شق صف المحافظات التي ارادت ان تتوحد مع بعضها لتمارس ضغطا على الحكومة ورئيسها وأستفرد بدعم بعض المحافظات دون غيرها .

ان كل المفردات التي ترتبط بعجز معين يصعب تجاوزه في تحقيق الخدمات الأساسية او بمعالجة وايقاف تدهور مختلف القطاعات او بمكافحة الفساد هي أمور يمكن معالجتها وأيجاد حلول لها لكن تنفيذ مخططات الأحتلال الأمريكي-الأسرائيلي -الأيراني الموكلة للحكومات المتعاقبة في بغداد والهادفه لتدمير العراق وتدمير نسيجه الأجتماعي وتغيير طرق معيشه مجتمعه وعلاقاته كما تم وصفه من الكتاب الأمريكيون مايكل أوترمان وريتشارد هيل وبول ويلسون في كتاب “محو العراق” لا يمكن الا تنفيذها والخضوع لها بندا بندا. لأن من جاء بكل هذه الأحزاب ونصبها هي أدارة الأحتلال الأمريكي بالتوافق مع عمائم ايران.

فحكومة العبادي كما الحكومات السابقة تنفذ وبالحرف قرارات الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر الجائرة التي يعيش نتائجها اليوم ابناء شعبنا من شماله الى جنوبه -منها قضية قطع التيار الكهربائي والماء منذ 15 عاما -والتي تفوق باجرامها البند السابع الذي طبق بحق العراق لحصاره بعد دخوله الى الكويت، وتفوق باجرامها البند السادس-مشابه للبند السابع - الذي تباهى نوري المالكي بأن حكومته قد نقلت العراق اليه بعد البند السابع، بل ان هذه القرارات تفوق تصريحات مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة الأجرامية حول موت نصف مليون طفل عراقي المفيدة في معاقبة العراق لأن عدد الموتى العراقيين منذ 2003 تجاوز ثلاثة ملايين.

قرارات بول بريمر التي سنها والقاضية بعدم ابقاء “ لا حرثا ولا زرعا في بلاد الرافدين” هي نهج مفروض على العملية السياسية بكل حكوماتها بهدف أنقاص عدد الشعب العراقي بالتهجير المنظم والمنهجي لكي لا يبقى منه الا بضعه ملايين يتم التعامل معه فيما بعد كمحميه ومستعمره تصادر كل ثرواته بالقوة وبالنار بحجج وخدع مختلفة .لقد دمرت الولايات المتحدة في عام 1991 البنى التحتية في العراق لكنها صممت على تدميره بالكامل مجتمعا ودولة في غزوها الهمجي عام 2003 وهي مستمرة في خططها الجهنمية عبر العملية السياسية التي فصلتها بعناية بعد ان عجزت عن احتلاله بفرقها العسكرية التي هربت مذعورة من ضربات المقاومة العراقية. هذه أدوات الأحتلال وعمليته السياسية الأجرامية حيث يتبجح ساستها وعمائمها بمطالبة المحتجين والمنتفضين بالتصرفات الحضارية والسلمية للحصول على مطالبهم، فهل ان تنفيذ قرارات بريمر وأنهاء وجود العراق وشعبه حكومة بعد حكومة هي أعمال حضارية وسلمية ؟

ان من لا يتوانى عن أستخدام كل الوسائل لتدمير بلدنا وتهجير شعبنا وقمع انتفاضتة وقتل وحبس ابنائه يقاوم بكل الطرق التي تشرعها الأديان والقوانين البشرية التي سلكتها كل الشعوب لأستعادة أوطانها. أنتفاضة العراق مستمرة في كل مدن الجنوب والأنتفاضة ستلد أنتفاضة رغم أنف المحتل حتى الوصول الى تحرير العراق وأعادته لأهلة وأعادة أهله له .





الاثنين ١ ذو الحجــة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أب / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة