شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يكن الانقسام الفلسطيني الذي قادته حركة حماس وما تمثل من التيارات الإسلامية من جهة وحركة فتح وما تمثل من التيارات القومية واليسارية والعلمانية من جهة أخرى وليد أحداث الرابع عشر من حزيران عام 2007م والذي انفجرت أحداثه في أعقاب الانتخابات التشريعية التي جرت في 2006م حيث فازت حركة حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعي آنذاك‘وكلفت حينها بتشكيل الحكومة وقيادة جيش من موظفي السلطة الوطنية الأمنيين منهم والمدنيين والذين جلهم من المحسوبين على حركة فتح الحزب الحاكم صاحب فكرة ولادة السلطة الوطنية التي رأت النور مطلع العام 1993م كإحدى أبرز ما تم الاتفاق عليه في أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال الصهيوني.

وتعود جذور الانقسام الفلسطيني إلى عشرينيات القرن المنصرم بالتزامن مع ولادة التيارات السياسية العصرية المواكبة لمرحلة النهوض والتحرر العربي وأبرزها التيارات الإسلامية والقومية والماركسية الشيوعية والتي في جلها لم تستوعب فكرة العمل الجبهوي المشترك ولم تعمل على التأسيس لإطار وحدوي نضالي جامع يستطيع مواجهة التحديات الجسام التي تتعرض لها فلسطين بشكل خاص والأمة العربية بشكل عام‘وهنا استثني منظمة التحرير الفلسطينية التي شكلت حالة وحدوية جمعت كل التيارات القومية والوطنية واليسارية والعلمانية مع بقاء التيارات الإسلامية خارج هذا الإطار الوحدوي الفلسطيني‘ مما أبقى على شرخ تضاعف مع تطور مراحل النضال الفلسطيني والذي بقي خافتاً بعض الوقت بحكم خضوع الكل الفلسطيني لعمليات القمع والتنكيل ومنع بناء المؤسسات والجمعيات الوطنية والخدمية,ومع مرور الزمن تفاقم الشرخ وتصاعدت وتيرته وتجلى ذلك بشكل واضح ومرئي في الانتفاضة الفلسطينية الأولى حيث تعدد مصادر البيانات والبرامج والفعاليات الوطنية الصادرة عن القيادة الوطنية الموحدة من جهة وبيانات أخرى صادرة بوجه التحديد عن حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) .

إذا لابد هنا من الإشارة إلى أن ما جرى في صيف 2007م لم يكن سوى تتويجا صارخاً وفاضحاً لانقسام فلسطيني تعود جذوره لتسعة عقود خلت وانتهت بهذا الشكل‘ حيث سيطرت حركة حماس على قطاع غزة وبقيت الضفة الغربية المحتلة تحت سيطرة حركة فتح‘ مما أثر بشكل سلبي على القضية الفلسطينية ومجمل البرامج النضالية الكفيلة بوضع حد لاستمرار الاحتلال وبناء المستوطنات وتهويد مدن الضفة وفي المقدمة منها القدس .

إن قضية بحجم مأساة وكارثة ونكبة الشعب الفلسطيني تستحق من الكل الفلسطيني الترفع عن الترهات وصغائر الأمور وعن الأنانية الحزبية المقيتة والصراع على كعكة زائفة لا تغني ولا تسمن من جوع .وخصوصا بعد يقين الكل الفلسطيني حقيقة وأهداف الحركة الصهيونية ومن ورائها قوى الاستعمار الامبريالي التي تستهدف الأمة العربية ومسألة نهوضها وتهويد فلسطين بكاملها‘بمعنى أدق هناك خطر وجودي يستهدف من بقي صامدا متشبثاً بتراب وطنه والعمل الجاري بشكل ممنهج ومتواصل ضمن مربع سياسة الترانسفير التي تنتهجها حكومة الاحتلال العنصرية ‘وهذا الأمر يدفعنا جميعا للارتقاء إلى مستوى التحديات الحقيقية التي تستهدف وجودنا ومسالة ثباتنا على الأرض العربية الفلسطينية ‘وكذلك عروبة فلسطين ومدينتها المقدسة قدس الأقداس.

وعليه وبناء على ما تقدم فاني أضع بين أيديكم بعض المقترحات التي قد تفيد في ترصين وحدة الشعب الفلسطيني وقواه الحية وصيانتها من الانفكاك مجدداً وتعزيز منجزات الوحدة الوطنية التي تحققت مؤخراً والتي جاءت تتويجاً لجولات عديدة من الحوارات والتفاهمات ‘ومن أبرز هذه المقترحات :

أولاً : الحفاظ على إطار منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجده مع العمل على صيانة وإعادة إصلاح وبناء مؤسساتها المترهلة بحيث تصبح قادرة على استيعاب كافة القوى الفلسطينية وكافة المؤسسات الشعبية والمهنية والنقابية ‘وتضمن التجديد وضخ الدماء الشابة من كلا الجنسين في جميع مؤسساتها وهيئاتها وأطرها القيادية‘وتضمن أيضاً التمسك بالثوابت الوطنية وبالميثاق الوطني الفلسطيني المعمد بالدماء الزكية مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة التي قد تفيد في التكتيك السياسي بما يلائم المرحلة وطبيعة المزاج ألأممي .

ثانياً : تشكيل حكومة وحدة فلسطينية من كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي تمهد للانتخابات التشريعية والرئاسية وترعى عملية ترميم وتطهير مؤسسات السلطة الوطنية بما فيها المؤسسة الأمنية من كل مظاهر الفساد والمحسوبية والهيمنة والاستحواذ والتفرد والأنانية الحزبية الضيقة والارتقاء بها جميعاً إلى مستوى الوطنية الحقة التي تسمح بمشاركة الكل الوطني وتكفل تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص.

ثالثاً : إجراء بعض التعديلات على النظام الأساسي ( الدستور ) تفيد في تعزيز التوجه الديمقراطي الفلسطيني وتضمن سيادة القانون والنظام والقضاء العادل وتداول السلطة دون تمييز.

رابعاً : التوافق على برنامج سياسي نضالي مرحلي وغير متناقض مع جوهر الأهداف الإستراتيجية وبنود الميثاق الوطني الفلسطيني يستجيب لمتطلبات المرحلة السياسية الدولية الراهنة ويوازنها مع ضرورات الحفاظ على سلاح المقاومة كخيار استراتيجي يدعم العمل السياسي ويضمن استعادة كامل الحقوق الوطنية الفلسطينية .

خامساً : إيجاد الآليات المناسبة لتعزيز صمود المواطن الفلسطيني والتفاعل الايجابي مع المستوى الشعبي بما يكفل ترصين الجبهة الداخلية وتوثيق عرى الروابط الأخوية وتعزيز التلاحم المصيري بين مختلف المستويات الشعبية والرسمية.

وأخيرا نبارك لشعبنا وحدته متمنين على الجميع الحفاظ عليها والتقدم بها نحو وحدة الأمة العربية والعمل معا وسويا لما فيه خدمة أبنائنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة وتأمين مستقبل زاهر واّمن ومستقر ينعمون به في ظل دولة عربية حرة ومستقلة تحت سقف من الرخاء والتقدم والنماء.





الخميس ٢٨ محرم ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تشرين الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ثائر محمد حنني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة