شبكة ذي قار
عـاجـل










مع إقتراب ساعة الصفر بالهجوم العسكري على مدينة الموصل بقوات حكومة الظل الإيرانية في بغداد، وأذرعها الطائفية الإرهابية، مع مجاميع البيشمركة الكردية والحشد العشائري الموالي للسلطة، مدعومين بطيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه من المتوقع أن تتكرر صور البشاعة التي أرتكبتها الميليشيات الطائفية من مجازر دموية ونسف المساجد وتدمير البيوت وحرق المحلات، كما جرى في بيجي وتكريت والفلوجة والرمادي وغيرها من المُدن ذات الكثافة من العرب السُّنة، بحجة محاربة الإرهاب لتنظيم الدولة الإسلامية.

بيد أن معركة الموصل تحديداً لها من الخطورة القصوى إن دفعت أحد أكبر فصائل المقاومة العراقية وهو : "جيش رجال الطريقة النقشبندية" أن يخرج عن صمته ويصدر بياناً وآضحاً في هذا الخصوص، منشوراً على موقعه الرسمي بتاريخ 15 تشرين الأول / أكتوبر 2016. وقبل أن نتطرق إلى أبعاد البيان، وما يمكننا أن نستنتج منه، لنذكر بإيجاز فحواه الذي جاء في مطلعه هذا الإنذار :

"بيان قيادة جيش رجال الطريقة النقشبندية يُنذر ما يسمى بـ ( الحشد الشعبي ) الموالي لملالي طهران المجوس والميليشيات الطائفية والعنصرية من دخول مدينة الموصل".

ويشير البيان بإيجاز مقتضب إلى أن العملية السياسية في بغداد قد أثبتت "طائفيتها وعنصريتها وولائها المطلق لملالي طهران المجوس، وإنها تسوس العراق بالنفاق والتقية لتصدر التشدد والتطرف والإرهاب، وهي من تخطط لذلك وتموله في العراق والمنطقة والعالم". ومن أجل تبيان ذلك، يسرد البيان خمس نقاط رئيسة هي :

أولاً : إن العملية السياسية المشبوهة في بغداد هي التي أوجدت هذه الميليشيات الطائفية ثم تتبرأ من جرائمها، وأوجدت التنظيم الإرهابي المتطرف وأدخلته مدينة الموصل ثم تزعم أنها تحاربه، وكل ذلك خدمة لأجندات ملالي طهران المجوس التوسعية في العراق والمنطقة والعالم.
ثانياً : إن العملية السياسية تريد خلط الأوراق في العراق والمنطقة بتناقضاتها المشبوهة لإستمرار تسلطها على مقدرات الشعب العراقي ومصالحه.

ثالثاً : إن جيشنا "جيش رجال الطريقة النقشبندية" سيستمر في مقارعته للتنظيم الإرهابي المتطرف المحتل لمدينة الموصل وغيرها، وسيتصدى لِما يسمى ب"الحشد الشعبي" الطائفي، وللميليشيات الطائفية الموالية لملالي طهران المجوس، ولكل مَنْ تسول له نفسه المساس والإعتداء على شعبنا وأهلنا الآمنين في بيوتهم ومصالحهم في الموصل وغيرها.

رابعاً : إن جيشنا يُنذر الحشد الشعبي من دخول الموصل تحت أي ذريعة كانت، فقد ثبت للعراقيين إجرامهم ومآربهم المشبوهة، ولأنهم حلفاء هذا التنظيم المتطرف المحتل للموصل، وما هو إلا ذريعة هؤلاء المنافقين لإيغالهم في الجرائم وهتك الحُرمات والقتل وتخريب البنى التحتية ونهب الأموال والفساد إستكمالاً منهم لِما خربه وأفسده حليفهم التنظيم الإرهابي المتطرف وإنتقاماً من أهلنا وشعبنا في الموصل. ولقد توعد به زعماء هذه الميليشيات الإجرامية علناً قبل أيام.

خامساً : إن جيشنا يهيب بأهلنا وشعبنا في مدينة الموصل وغيرها أن ينتفضوا على هذا التنظيم الإرهابي المتطرف وحلفائه من الميليشيات الطائفية صنيعة العملية السياسية المشبوهة في بغداد، ويأخذوا حذرهم من ممارساتهم الإجرامية.

هذا يعني إن "جيش رجال الطريقة النقشبندية" الذي ينضوي تحت لواء "القيادة العليا لجبهة الجهاد والتحرير" التي يقودها المجاهد عزة الدوري، سوف يقف بالمرصاد لإفشال المشروع الإيراني الهادف إلى ربط طهران بدمشق براً. حيث أن دخول الميليشيات الطائفية المرتبطة بالنظام الصفوي الإيراني إلى مدينة الموصل، هو لإتمام مراحل الطريق البري الذي بدأته منذ سنوات من محافظة ديالى ثم محافظة صلاح الدين وصولاً إلى محافظة نينوى. وأن سلسلة عمليات التدمير المدني والتهجير السكاني والتخريب الإقتصادي تجري في هذا الإتجاه على قدمٍ وساق، بغية تحقيق هذا الهدف التوسعي الإيراني.

وبما أن الجيش النشقبندي قطبٌ رئيسٌ من كتلة جهادية كبرى، لذا فإننا نستشف من "بيان قيادة جيش رجال الطريقة النقشبندية" بأن المقاومة العراقية ستتصدى للميليشيات الطائفية في مدينة الموصل خصوصاً، وفي محافظة نينوى عموماً، بالإشتباك القتالي الذي تختار فيه الزمان والمكان وساعة التنفيذ؛ كما كانت سابقاً تمارس هذه الفلسفة القتالية ضد قوات الإحتلال الأمريكي، الذي ألحقت فيه هزيمة ميدانية وكسرت شوكته أمام أنظار العالم أجمع.

وربما سائل يقول : لماذا لم يتحرك الجيش النقشبندي أو إي فصيل مقاوم تجاه جرائم الميليشيات الطائفية؟ وما الفرق بين الموصل وبقية المناطق المنكوبة على يد الميليشيات الإرهابية؟ يمكننا أن نستنبط الجواب من أرض الواقع، حيث أن فصائل المقاومة العراقية لا تنجر إلى أي مواجهة مسلحة مرسوم لها سلفاً، أعني أن المقاومة العراقية كانت وما زالت لا تتحرك وفقاً لرد الفعل، وإنما رجال المقاومة الأشاوس هم الذين يصنعون الفعل عبر التخطيط المكاني والتنفيذ الزماني تجاه أي هدف يختارونه، أو أي عملية يحددونها وفقاً لحساباتهم الميدانية والإستخبارية. فإذا كانت معركة الموصل تمثل المنعطف الحاسم لوجود المقاومين والمناهضين للعملية السياسية المدمرة للعراق وطناً وشعباً، حيث أن إزالة حجة محاربة الإرهاب لتنظيم الدولة الإسلامية، فإن إرهاب الميليشيات الطائفية المرتبطة بإيران سيستمر لإنجاز المشروع الإيراني البري بين طهران ودمشق. وهنا يكون خروج الجيش النشقبندي عن صمته، دالة قوية يزيل فيها تلك الحجة التي يتذرع فيها أعداء الوطن والعروبة والإسلام.

أن معركة الموصل التي بدأت هذه الليلة من الأحد الموافق 16 تشرين الأول / اكتوبر 2016، فقد بدأت معها فصائل المقاومة العراقية بالترصد والمتابعة للأذرع الإيرانية المتسترة بأسم "الحشد الشعبي"، وإن ما يحتويه البيان النقشبندي من إنذار جلي ضد تلك الأذرع الطائفية، فإن دخولها إلى مدينة الموصل يعني أن المقاومة العراقية ستدخل مرحلة تسير فيها نحو الأمام على طريق التحرير، وربما تكون المرحلة الأخيرة، سيما وأن معركة الموصل تمتد إلى مستويات إقليمية ودولية، وهذا الوضع يكون من صالح المقاومة العراقية.

بعبارة أخرى، إن إستفحال المشروع الإيراني في البلدان العربية، وقيادة المملكة العربية السعودية لتحالف عسكري عربي ضد التدخل الإيراني يجري في اليمن، وتمسك الحكومة التركية بموثقها ضد الميليشيات الطائفية، وسبات البيت الأبيض الأمريكي للإنتخابات الرئاسية، وتغول الدب الروسي في سوريا وما سيترتب عليه مستقبلاً، كل ذلك سيكون من صالح المقاومة العراقية، لأن إزالة إرهاب"الدولة الإسلامية في العراق والشام" يعني إزالة إرهاب الأذرع الطائفية المسلحة المرتبطة بالنظام الإيراني، وإن المقاومة العراقية قوة لا يمكن تجاوزها في هذا الميزان لتستقر المنطقة بشكل عام.

إن معركة الموصل التي دفعت بقيادة الجيش النقشبندي أن يصدر بيانه الواضح والصريح ضد الميليشيات الطائفية، فإن أبعاد هذا البيان لا تنحصر في هيكلية جيش النقشبندية فقط، بل تمتد إلى بقية مكونات المقاومة العراقية وعموم قواها المدنية المناهضة للعملية السياسية برمتها. إن الأيام القادمة رغم ما ستحمله من مآسي وآلآم لأهلنا في الموصل، كما جرى لأهلنا في العديد من المناطق المنكوبة على أيدي ميليشيات إيران الطائفية، إلا أن ميزة الوضع القادم سيكون مغايراً عما كانت عليه مجمل الأوضاع، إذ أن البيان النقشبندي يعني أن المقاومة العراقية قد إستجابة للتحدي الجديد، وإن الإستراتيجية القادمة لدى المقاومة يعني أيضاً تجاوزها لمرحلة "حكمة الصمت" التي أملت عليها الإنتظار لسنتين ونيفاً من الشهور، دون الإنجرار لمجابهات قتالية تبعدها عن الهدف التحرري للعراق شعباً وأرضاً.

إن صدور بيان قيادة الجيش النقشبندي بمسافة زمنية قصيرة عن بدء ساعة الصفر في معركة الموصل، توحي لنا أن إستخبارات هذا الجيش الأبي متغلغلة في تشعبات كثيرة، ولو كانت مصادفة لِما ضم إنذاراً ونقاطاً تبين هدفية البيان المتعلقة بهذا الهجوم العسكري الذي تقوده حكومة بغداد أسماً، وتنفذه طهران فعلاً عبر أذرعها الطائفية المسلحة. إن حُكام إيران الصفويين لن يتراجعوا عن مشروعهم البري التوسعي، لا سيما وان معركة الموصل هي المربع الأخير في الإطباق على الجانب العراقي بالجانب السوري. وبذا على بقية فصائل المقاومة العراقية أن نسمع أقوالها أو نقرأ بياناتها في هذا الوقت العصيب، فالأيام القادمة تنم عن متغييرات ومستجدات، وإن بيان الجيش النقشيندي يدل على أنه دائماً سبّاقاً بالجهاد في تحقيق إحدى الحسنيين أما النصر أو الشهادة.





الاثنين ١٦ محرم ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الاول / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. عماد الدين الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة