ما كنتُ أعلمُ أنَّ العينَ تلتصقُ
على اللسانِ، فيحلو الصوتُ و الورقُ
...
و يحتفي الكأسُ، و الظمآنُ ينطقُها
في كلمةٍ يرتوي من نطقِها الغرقُ
...
يا راءَهُ نوتةٌ و النايُ يعزفُها
يا ألفَهُ بفمِ القيثارِ تنفلقُ
...
و أدّعي الجهلَ بالإملاءِ أكتبُهُ
فأرفعُ القافَ كي ترقى لهُ الحدقُ
...
و إنني أستحي إنْ رمتُ أندبُه
أن يُغرِقَ الهامَةَ الإحراجُ و العَرَقُ
...
كلُّ العطورِ، و مرآتي، و مِكحلتي
كانوا شهودًا إذا للهمسِ ينزلقُ
...
جدرانُ بيتي، و بابُ الدارِ تنطقُهُ
حتى مفاتيح إيميلي به نطقوا
...
و كم بلادٍ و قد ناشدتُها ؛ فسَها
منّي اللسانُ و نادى : أيُّها العبقُ
...
عن القصائدِ - ملحُ الرافدينِ- إذا
خبّاتُهُ ؛ عرَضًا بالبيتِ يندلقُ
...
لا مِن لساني ؛ أنا برّأتهُ كذِبًا
و لا عيوني حكت إلاّ بما تثقُ
...
فلازمَ البوحَ خوفَ السهوِ حارسُهُ
و لازمَ القلبَ خوفَ السهوةِ القلقُ
...
قد كنتُ أدري بقلبي حينَ أذكرُهُ
يصيرُ ساحًا به الأفراسُ تنطلقُ
...
لكنَّ كفِّيْ إذا امتدَّت لتكتبَهُ
و تشعلَ البحرَ ؛ بالنهرينِ تحترقُ
...
و العينَ إنْ غابَ عن أمطارِها شهقتْ
بالدمعِ - رغمَ الظمى - سكّانُها شرقوا
...
و كنتُ أعلمُ أنَّ الصبحَ منقلبٌ
إليهِ مهما يطولُ الليلُ و الأرقُ
...
أوتارُ قيثاري المهجورِ تسألني
عمَّن على حزنِها وِترين ما طرقوا
...
قد صارَ عقدًا و لي فيهِ اسمُ عاشقةٍ
كأنهُ ماسَةٌ من حولِهِا عنقُ
...
على اتفّاقٍ و قلبي دونَ معرفتي
و بي عليهِ أمورٌ فيهِ ما اتفقوا
...
باسمِ العراقِ لقد أفصحتُ منذُ غدا
صمتي صداهُ وكانَ السمعُ يُسترقُ
...
كذّبتُ كلَّ الرجالِ –الأمسَ- حين قضوا :
هذي تموتُ به ؛ لكنَّهم صدقوا