شبكة ذي قار
عـاجـل










العاطفة جزء من وجدان فردي متعلق في الحب والكره والهوى تجاه شخصا اخر او موضوع او قصة و لا نجد اثنان او اكثر يملكان ذات العاطفة تجاه امرا معينا الا بعنوان التعاطف دون تحديد درجة التعاطف لانها نسبيه . لذا لا تصلح العاطفة لادراك الحال السياسي لقضية ما ، لان هوى النفس بعيدة عن الواقع السياسي ويدفع بالانسان باسقاط الانفعال الذاتي العاطفي تجاه الحدث ويبعد المرء عن ادراك دوافع الحدث السياسي الذي يتطلب ان تكون لدينا معلومات واقعية لظروف الحدث السياسي واسبابه ودوافعه ومؤثراته لنتمكن من تحليل الامر بموضوعية وواقعية نستفاد منها في استخلاص مؤثرات الحدث على الواقع العربي والقطري . والعواطف تجاه شخص او تجربة تبعدنا عن الفهم الصحيح وهذا ما يعاني منه المواطن العربي عندما يتابع الاحداث من خلال وسائل الاعلام العربية او وسائل التواصل الاجتماعي ليفهم ما يدور حوله ونستدل في هذا على التعاطي العاطفي الغريب لحد السذاجة في تفسير الانقلاب التركي ومؤثراته ان نجح او فشل على الامة العربية واقطارها المجاورة او المتحالفة مع تركيا .

إن تركيا بلد كبير ومحوري اقليميا وتحولاته السياسية تنعكس سلبا او ايجابا على المنطقة ، لكن تبقى التحولات هذه تركية بامتياز ونتائجها تحدد دور تركيا بعد الانقلاب الذي تخطته بصعوبة بالغة، لا يوجد تحرك لتغيير الواقع السياسي في تركيا دون دوافع سلبية او ايجابية من وجهة نظرنا كمتابعين . والتاريخ السياسي التركي لمئة عامة خلت مليئ بالتدخلات الخارجية والشد والجذب وكل ما يهمني كمواطن عربي ماهي التاثيرات على الواقع السياسي العربي او القطري من التحولات في تركيا وكيف تتشكل السياسة التركية بعد فشل الانقلاب بالتعامل مع القضايا العربية خصوصا لدول الجوار العراق وسوريا وهل الحال السياسي في المنطقة العربية كان جزء من اسباب الانقلاب سلبا ام ايجابا ؟

لقد كتبنا في دعم موقف اردوغان عندما هاجم الرئيس الصهيوني في قمة دافوس وقلنا ( عاش اردوغان ويسقط العرب الامريكان ) . ونحن مع ارادة الشعوب وحريتها وازدهارها وما تختار من حكام . ولكن يبقى من حق شعبنا ان يعرف ما هي انعكاسات الاحداث في تركيا على الحراك الثوري في العراق وسوريا ووحدة الارض والسيادة سلبا وايجابا بالتحليل السياسي لا بالاهواء والتعاطف الساذج .

دعونا نستعرض الهفوات العاطفية في تحديد الموقف ضد الانقلاب ،، فتاوى في تحريم الانقلاب على الرئيس ولا يجوز شرعا !!. ولا اعرف لماذا زُج الشرع الحنيف بالانقلاب التركي وهل الفتوى خاصة في تركيا ام كل الرؤساء والزعماء والملوك والامراء ؟ لماذا نجيز الشرع بخلاف ذلك في مكان اخر ؟. واخر يُظهر لنا المناقب الاخلاقية للرئيس التركي ويقول انه يذهب لوالدته ويقبل قدمها قبل ان يذهب الى مكتب الرئاسة ! وهو لا يعرف ان والدته انتقلت الى رحمة الله عندما كان اوردوغان رئيس للوزراء . واخرجوا فتح الله كولن من الاسلام ! وهو المتصوف ! وهذه المواقف تذكرنا بما تفوه به علماء مسلمين عرب عن اردوغان في مؤتمر ديني في اسطنبول مما اثار غضب اعضاء في الحكومة التركية وسياسيين اتراك مما حدى بهم بالاستهزاء بما طرحوا العلماء العرب واعتبروه تملقا يضر بتركيا وغير سليم مثل ان اردوغان سلطان الامة وجبريل والملائكة يساعدوه!!. وفي قمة السذاجة العاطفية تُظهر لنا تحليلات عن الجيش التركي صاحب فكرة الانقلاب ، انه جيش يتكون من الاقليات العلوية وغيرها !! وهذا مناف تماما لواقع الحال في تركيبة الجيش التركي . او الانقلاب جاء ليمزق وحدة تركيا !. وذلك لا ينسجم مع طبيعة الجيش التركي الاتاتوركي او طبيعة الشخصية التركية التي تميل للشوفينية .

أما المعسكر المضاد لحكومة او شخص اردوغان وهو معسكر الشماته فحدث بلا حرج عن الفرح الراقص يتفرد به الساسة العرب في فهم قشور السياسة والاستعجال في الشماتة والانتشاء الذي لم يدم طويلا دونما اي تحليل سياسي ذا مصداقية يمكن ان يتقبلها المتلقي . إن العرب انقسما عاطفيا الى معسكر ضد الانقلاب والاخر شامت ومؤيد واي من هذين المعسكرين لم يوضح لنا بالدليل السياسي البحثي كمواطنين عرب أين تكمن مصلحتنا في صراع الاتراك على السلطة . قال الحكماء ( إذا اشتبه عليك أمران فانظر أقربهما من هواك فاجتنبه ) .

لابد من الاشارة الى ان لا احد من الاتراك او غيرهم ذكر حقيقة دوافع الانقلاب لحد الان . وماهو رد فعل الحكومة التركية المستقبلي على الاسباب التي دفعت الى الانقلاب التي عُرفت من التحقيقات مع الانقلابين ولم يعلن عنها ؟ وهل للواقع العربي في سوريا والعراق موقعا في الاسباب ولماذا ؟ وهل ستؤخذ هذه الاسباب على محمل الجد وتسعى الحكومة وسياسة تركيا الخارجية لتفاديها تجنبا لحدوث انقلاب اخر اذا لم تؤخذ بجدية حجج الانقلابيين.

لو استعرضنا مواقف امريكا والغرب من الانقلاب ، لا شامتا ولا مشجعا ولا رافضا هم فقط وضعوا مصالحهم في دفة الميزان وانتظروا ما تسفر عنه نتيجة الحراك العسكري. وكانت تحليلاتهم لا تمسك منها موقف محدد مما حدث . لانهم لم يتعاطوا عاطفيا مع الانقلاب وانما بالتحليل السياسي وفق مصالحهم . ولماذا لا نضع مصالحنا السياسية في القبان عند الحديث عن الاوضاع في تركيا ؟

إن اعلام القوى المؤيدة لأردوغان وحكومة حزب التنمية والعدالة التركي استثمروا المناخ الاعلامي العالمي ضد الارهاب فنعتوا الانقلابيين بالارهاب والخيانة الوطنية فساقوا المتابع من الضبابية الى العتمـة من اجل عدم توضيح اسباب الانقلاب . لا يوجد تحرك بهذا الحجم والنوعية من اجل تغيير الحكم بدون دوافع كبيرة ومنها ما يمكن ان يكون له علاقة بوضع العرب في سوريا والعراق مثل مخطط تقسيم العراق وسوريا وانعكاس ذلك على تركيا !. وعلى السياسي العربي ان يبحث عن مصالح الامة واقطارها في العراق وسوريا داخل الحراك التركي لا بالحب والكره بل بالمعطيات السياسية على الارض . وعلى الباحث العربي ان يستنبط الاجابات عن الاسئلة الحساسة والصعبة التي يتجنبها الاعلام السياسي العربي والتركي والتي تتعلق بالدور التركي بالمنطقة وتحديدا الوضع في سورية والعراق .





الاربعاء ٢٢ شــوال ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تمــوز / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شاهين محمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة