شبكة ذي قار
عـاجـل










إثر استقبال الكويت لشخصيّات وطنيّة من الأحواز العربيّة آخر الأسبوع المنقضي، ثارت ثائرة سلطات الاحتلال الفارسيّ البغيض حيث استدعت وزارة الخارجيّة الإيرانيّة، يوم الإثنين ٩٥٢٠١٦ القائم بالأعمال الكويتيّ في طهران، وسلّمته مذكّرة احتجاج شديدة اللّهجة لانعقاد اجتماع في الكويت لعدد من "العناصر المناوئة للثورة الإسلامية العملاء للأجانب" حسب زعمها.

وقال مسؤول في الخارجيّة الإيرانيّة خلال استدعاء القائم بالأعمال الكويتيّ إنّ استضافة هذا البلد لمثل هذا الاجتماع مثال بارز لخرق المبادئ والأعراف الدّوليّة المعتمدة وتتعارض مع مسألة حسن الجوار.

ودعا المسؤول في الخارجيّة الإيرانيّة القائم بالأعمال الكويتيّ، لنقل احتجاج طهران لحكومة بلاده على هذه القضيّة.

إنّ مثل هذا التّصرّف الإيرانيّ يأتي ليؤكّد ما ألححنا على طرحه وعرضه وتفصيله في مناسبات كثيرة متواترة حيث شدّدنا على أنّ أرقى ما يمكن أن يضمن للعرب صدّا علميّا وعقلانيّا لتكرّر الاعتداءات الفارسيّة عليهم سواء مباشرة عبر العمل العدوانيّ العسكريّ المباشر والصّريح أو عبر استقطاب تكتّلات وميليشيّات تدعمها بالمال والسّلاح وتوكل لها تقويض أمن الأقطار العربيّة وخلخلة استقرارها أو من خلال التّصريحات الدّيبلوماسيّة الاستفزازيّة والعنصرية الاستعلائيّة غالبا والمستخفّة بالعرب كأمّة والمستهترة بحقّهم الطّبيعيّ في الحياة بكرامة وسيادة كباقي الأمم في العالم، وأغلى الأوراق على الإطلاق هو الدّعم الواعي والمسؤول لنضالات شعبنا العربيّ في الأحواز العربيّة والعمل على تبنّي مظلمة الأحواز سياسيّا وديبلوماسيّا وقانونيّا واقتصاديّا وعسكريّا وماديّا ومعنويّا والتّعريف بها في المحافل والهيئات الدّوليّة والانطلاق الفوريّ والمستعجل في ضمان استقلال الأحواز وطرد المحتلّ الفارسيّ البغيض وهو الذي مارس كلّ الجرائم السّاديّة والمتخلّفة بحقّها شعبا وأرضا وتاريخا ومعالم حضاريّة، هذا إلى جانب دعم الفعل المقاوم العربيّ والانخراط في مشروعه الوطنيّ والقوميّ والتّحرّريّ المكفول في كلّ الشّرائع والأعراف.

فهذا الارتباك الواضح والرّدّ الإيرانيّ المهزوز على استقبال الكويت لأحوازيّين دليل على ما تشكّله المسألة الأحوازيّة من محوريّة قصوى في كلّ السّياسة الفارسيّة، بل إنّه يدعّم تحليلنا القديم وشرحنا لسبب إصرار الملالي على التّآمر على العرب وهو سعي الفرس للهروب للأمام وإشغال العرب بالدّفاع عن وقائع معيشة فيمتنعوا بالتّالي عن المطالبة باستقلال الأحواز باعتبارها قطرا عربيّا أصيلا انقضّت عليه إيران عقب الصّفقة الخيانيّة المبرمة مع القوى الاستعماريّة وعلى رأسها بريطانيا عام ١٩٢٥، وذلك لأنّ الأحواز توفّر لدولة الشّرّ إيران خزّانا طبيعيّا هائلا من الثّروة التي وفي حال سحبها واسترجاعها لحاضنتها الطّبيعيّة ستغدو إيران إحدى أفقر الدّول في العالم وهو ما سيكون مجلبة لانفصال القوميّات الأخرى المشكّلة لها فيجد الفرس أنفسهم مجرّد قوميّة تائهة تتقاذفها آفات الفقر والحاجة الماسّة للآخر وخاصّة العرب بعد أن تفقد نفط وغاز وأورانيوم وحديد ومعادن وسهول ومياه الأحواز.

فإيران بهرولتها للتّباكي على القوانين المنظّمة لعلاقات الجوار، هي أكثر الجيران في العالم سوء وتآمرا على جيراها وخصوصا العرب، وهي تقريبا الدولة الوحيدة من خارج قوى الشّرّ الكبرى المعروفة، التي تنتهك كلّ الأخلاقيّات والأعراف الدّيبلوماسيّة وتضرب بها عرض الحائط وذلك عبر إطلاقها اليد الطّولى لآلتها التّدمريّة الوحشيّة لتذبيح العرب في العراق وسوريّة واليمن ولبنان فضلا عن الاعتداءات اليوميّة السّافرة على الأحواز وشعبها، فكيف بعد كلّ هذا تتذرّع بالأعراف المنظّمة لحسن الجوار؟؟

وهل راعت يوما منظومة الملالي والمنظومة الشّاهنشاهية من قبلها تلك القوانين؟؟ ألم تدعم إيران أكراد العراق والملاّ مصطفى البرزاني بالسّلاح لتهديد وضرب وحدة العراق التّرابيّة؟؟ ثمّ ألم تشنّ عدوانا ظالما جائرا عليه – أي العراق - فيما بعد طيلة ثماني سنوات كاملة؟؟ وماذا عن ميليشيّاتها التي تقتّل السّوريّين وتهجّرهم بدعوى الدّفاع عن المقدّسات؟؟ وماذا عن ملايين الشهداء والمهجّرين والمنفيّين والملاحقين من العراقيّين وقد تسلّمت امر العراق نيابة عن الاحتلال الأمريكيّ منذ ٢٠١١؟

هل راعت إيران حسن الجوار في الجزر الإماراتيّة الثّلاث؟ وهل تقيم لها وزنا في البحرين وهي لا تتوانى ولا تتحرج من دعم ميليشيّات المجرم علي سلمان من جهة، وتبقي على خمس مقاعد برلمانيّة شاغرة في كلّ انتخاباتها وما يستلزمها من ميزانيّة بدعوى أنّ البحرين مقاطعة إيرانيّة لا بدّ من استرجاعها؟

وهل من حسن الجوار في شيء حرق المقرّات الدّيبلوماسيّة السّعوديّة وتجييش العالم ضدّها وضربها لأمنها ورعايتها لمجرمي معمّمي القطيف وكلّ المنطقة الشّرقيّة؟

بل هل إنّ التّذرّع بحسن الجوار وآدابه وقوانينه بمتوافقة مع قضيّة الحال؟؟

ألا تعلم إيران أنّها تشكّل قوّة احتلال غاشم وحشيّ وعنصريّ للأحواز العربيّة منذ ٩١ عاما؟

وماذا عن الكويت تحديدا، ألم يثبت ضلوع جواسيس إيرانيّين مرتبطين بالحرس الثّوريّ في التّفجيرات التي ضربت مدنا ومساجد كويتيّة خلال الأشهر الماضية ؟

أم أنّ إيران تريد فرض التّقيّة وازدواجيّة المعايير على حسن الجوار أيضا، فلا يجوز الاستناد إليه إلاّ متى تضرّرت مصالحها هي؟؟
لا يمكن لإيران ان تقنع أحدا بمثل هذه البكائيّات والمظلوميّة الجديدة، حيث لن تفلح مهما استفادت من الظّرف الدّوليّ الحاليّ وما يكتنفه من سقوط أخلاقيّ مدوّي وغطرسة اللّاعبين الكبار فيه وما تقودهم من نزعات إجراميّة غادرة، ولن تنجح في ضرب حقوق الشّعب العربيّ في الأحواز ولن تمنعه من طرق كلّ الأبواب المؤدّية لطرد الاحتلال الإيرانيّ الغاشم، فالأحواز عربيّة وستبقى، ولن تكون يوما مقاطعة إيرانيّة فارسيّة مهما طالت سنوات الاحتلال ومها غلت تضحيات شعبها.

غير أنّ الرّدّ الكويتيّ لم يرق للأسف الشّديد لمرتبة التّعامل الندّيّ مع المسألة، وهو ما يكشف ارتباكا عربيّا أيضا في استيعاب ما تشكّله قضيّة الأحواز ومظلمتها من أهميّة استراتيجيّة قصوى في معادلة الصّراع العربيّ الفارسيّ الصّفويّ. كما يبقى مثيرا للاستغراب تأخّر ردّ عربيّ رسميّ تضامنيّ مع الكويت ضدّ هذه الحماقة الإيرانيّة الجديدة، وهو ما يدعونا لتجديد مطالبة العرب على تبنّي قضيّة الأحواز بكلّ ما تستوجبه من تضحيات وشجاعة للإسراع في تخليصها من براثن الاستعمار الصّفويّ المجرم والتّصدّي لما تقترفه آلته الحربيّة الجبانة من سلسة فظاعات لا نظير لها ضدّ الأحواز العربيّة وشعبها الثّائر المناضل البطل.





الخميس ٥ شعبــان ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / أيــار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمّامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة