شبكة ذي قار
عـاجـل










دأبت الحكومات المتعاقبة على السلطة في العراق ومنذ الاحتلال على تشكيل لجان تحقيقية ثلاثية وخماسية وسباعية للتحقيق في جرائم مختلفة، بدأ بجرائم التفجيرات والاغتيالات والقتل الجماعي والفساد والتهريب وغيرها من الجرائم.

لقد اتضح للقاصي والداني ( البعيد والقريب ) أن هذه اللجان أصبحت تشكل خطورة لأن الهدف من تشكيلها بعثرة الأدلة والتلاعب بها للتغطية على كشف معالم وأدوات الجرائم التي تخطت الآلاف دون أن تحصد نتائج تذكر.

وهذه اللجان شكلت أساساً للتعتيم على مرتكبي الجرائم وحمايتهم وافلاتهم من العقاب والحساب، وطمس الحقائق وإضاعة الجهد والوقت وتسويف الجريمة، وإذا كانت هناك نتائج تم التوصل إليها من خلال إجراءات التحقيق فيجب نشرها عبر وسائل الإعلام كي يطلع عليها ذوو المجني عليهم والمواطنون ليثقوا بهذه اللجان ثم ينتظرون صدور الأحكام من قبل القضاء.

والملفت للنظر أن هذه اللجان منحت صلاحيات كبيرة وواسعة دون أن تخضع إلى متابعة وإشراف القضاء والادعاء العام، أو تشكل برئاسة أحدهما، حيث لا يجوز دستورياً وقانونياً التشكيل في غيابهما في اللجان المؤقتة والدائمة، وإن جميع اللجان التي شكلت سواء كانت بقرار من رئيس الوزراء أو وزير الداخلية أو المحافظ وغيرهم لا يعتد بها، باستثناء اللجان الإدارية والانضباطية التي وردت في قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم ( ١٤ لسنة ١٩٩١ / المادة ١٠ / الفقرة أولاً ) التي نصت على تشكيل اللجنة التحقيقية بحق الموظف المخالف لواجبات وظيفته، ويلاحظ أن ( المادة ١٩ / الفقرتان / حادي عشر وثاني عشر ) من الدستور منعت الحجز والتوقيف في غير الأماكن المخصصة لذلك، في حين أن هذه اللحان لا تلتزم بهذه المادة حيث يتم التوقيف والحجز في أماكن مجهولة، كما تضمنت المادة ( ٨٨ ) من الدستور على أن القضاة مستقلون ولا يجوز التدخل في القضاء أو شؤون العدالة، في حين أن تشكيل اللجان يعتبر تدخلاً صارخاً في صلاحيات القضاء واختصاصاته وخلافاً للمادتين ( ٥١_٥٢ ) لقانون أصول المحاكمات الجزائية ( رقم ٢٣ لسنة ١٩٧١ ) اللتان تضمنتا أن مهمة التحقيق الابتدائي والقضائي من اختصاص قضاة التحقيق وكذلك المحققون تحت إشرافهم وفي جميع الجرائم.

كما أن تشكيل اللجان يتعارض مع قانون هيئة النزاهة رقم ( ٢٠ لسنة ٢٠١١ ) التي تقوم بالتحقيق في جرائم الفساد وسرقة المال العام وغير ذلك، ولكي يتسم عمل هذه اللجان بالمشروعية لابد من إعادة النظر في طبيعة عملها وصلاحياتها لتتوافق مع الدستور والقوانين الإجرائية والعقابية ومنها.

ـ أن يترأسها قاضي أو أحد أعضاء الادعاء العام، وألا تكون بديلاً للقضاء، وأن تحرك الشكوى بحق كل من يتدخل في عمل اللجان استناداً إلى المواد ( ٢٣٣ و٢٣٤ و٢٣٥ ) الخاصة بالجرائم الماسة بسير العدالة وبسير القضاء.
ـ ويجب تحديد سقف زمني لإنجاز أعمال هذه اللجان في غضون شهر كحد أعلى، وضرورة توفير الحماية للمخبرين والشهود عند التحقيق في جرائم الإرهاب والأمنية واغتيال المتظاهرين.
ـ وأن تقوم الدائرة الإعلامية في مجلس القضاء الأعلى بتزويد وسائل الإعلام بالأحكام والقرارات التي تصدر عن المحاكم وبالذات التي أجري التحقيق فيها من قبل هذه اللجان.
ـ وأن تعمل اللجان بحياد تام، وتعلن الحقائق بعد إنجاز أعمالها، وألا تستغل لتصفية الحسابات واستخدام صلاحيتها لهذا الغرض.

لقد تولدت القناعة الكاملة لدى المواطنين أن هذه اللجان لا خير فيها، لأنها وسيلة لكسب الوقت ولفت الأنظار والتضليل والخداع وحماية الفاسدين الكبار في الحكومة والأحزاب في عراق اللاَّدولة.




الاربعاء ١ جمادي الاولى ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المستشار سعيد النعمان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة