شبكة ذي قار
عـاجـل










الفصل الثالث المؤامرة في واشنطن

بين شهر نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1979 وأبريل ( نيسان ) 1980 كان العالم بأكمله مشغولاً بقضية واحدة : احتجاز 53 أمريكاً رهينة من قبل الإيرانيين في طهران ، لم تتخذ أية حكومة في العالم أي قرار مهم خلال الأشهر الخمسة ، أصيب العالم بالشلل وبدأت الاستعدادات للمجابهة . كل شيء كان يتعلق بالازمة الامريكية – الإيرانية ، لقد كانت ممارسة مضبوطة لمل يسمى في السياسة الدولية بأسلوب إدارة الأزمات .

لقد تم الاستيلاء على السفارة الأمريكية بمعرفة إدارة كارتر وبدعم منها .

بعد أستيلاء خميني على السلطة لم توقف امريكا برنامجها الخاص بالتجهيزات العسكرية والتدريب وبيع الأسلحة الى إيران ، في الوقت الذي كان فيه الخميني يخطب ضد امريكا التي يدعوها بالشيطان الأكبر ، كانت طائرات النقل تحلق ذهاباً وإياباً بين نيويورك وإيران متوقفة في مدريد . وكانت هناك حاجة ماسة لهذه المعدات من أجل قمع الأكراد في مقاطعات إيران الغربية .

في أواخر صيف 1979 بدأ رجال الاستخبارات الأمريكية بالانتقال الى إيران لأخذ مواقعهم كمستشارين في السلك السري الإيراني ( السافاما ) وتشير المصادر أن رجال المخابرات الأمريكية قد اشتركوا حتى قبل الثورة في التدريب العسكري لأنصار خميني ، واستمرت العلاقة بعد نجاح الثورة .

إن تقديم المشورة العسكرية وتوفير التجهيزات شيء والاشتراك في احتجاز الرهائن شيء آخر ، من الصعب التصديق بأن مسؤولين امريكين في موقع المسؤولية في القيادة يجازفون هكذا بأرواح أمريكية من أجل تنفيذ خدعة سياسية .

فمنذ أن جاءت إدارة كارتر الى السلطة سنة 1977 وهي تحاول إيجاد تبرير لإرسالها القوات البحرية الأمريكية للاستيلاء على حقول النفط في العربية السعودية والخليج العربي.

ومن المحتمل أن تكون الموافقة النهائية على خطة الاستيلاء على السفارة الأمريكية قد حصلت في آواخر شهر سبتمبر ( أيلول ) 1979 في ذلك الوقت تم تعين مصطفى شمران وزيراً للدفاع .

من 3-5 أكتوبر ( تشرين الأول ) بدأت امريكا بتعزيز وجودها العسكري في الخليج والمحيط الهندي .

أرسل المدعي العام الأمريكي رسالة في شهر أكتوبر الى وزير خارجية ايران ابراهيم يزدي ذكر فيها: أن الحكام المخلوعين لايستطعون الهروب والعيش بثراء بينما تستمر معاناة الشعوب التي نهبوها ( إنني أحث ) الحكومة الإيرانية الجديدة على المطالبة بالتعويضات عن الأعمال الإجرامية والخاطئة التي أرتكبها الشاه السابق واستعادة الممتلكات من الشاه وشركائه ، تلك الأموال التي أخذت بطريقة غير مشروعة من الشعب الإيراني .

بعد أسبوع تقريباً أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها ستسمح للشاه المخلوع للمجيء الى نيويورك لغرض المعالجة الطبية .

حال وصول الشاه في الثاني والعشرين من أكتوبر إلى نيويورك بدأت إيران تطلق تهديدات المتطرفة ضد إدارة كارتر ابتداء باحتجاجات وبكلمة ألقاها خميني في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر أعلن فيها : أن على إيران تغلق الباب على الغرب وأضاف يجب تطهير العقول المحبة لأمريكا في هذه البلاد . وأخيراً دعا طلاب إيران لتوسيع هجومهم ضد أمريكا وإسرائيل بكل قوتهم لكي يجبروهم على إعادة الشاه المخلوع .

وعل الرغم من كل هذه الأدلة المتجمعة لم يتم اتخاذ أي أجراء إضافي لحماية السفارة .

في الرابع من شهر نوفمبر ( تشرين الثاني ) أحتل الطلاب الإيرانيون السفارة الأمريكية في طهران، قبل ذلك بثلاثة أيام كان برجينسكي قد عقد اجتماعاً مفاجئاً في الجزائر مع إبراهيم يزدي وتم خلاله وضع التفاصيل النهائية المتعلقة بالاستيلاء على السفارة .

بعد احتجاز الرهائن بدأت إدارة كارتر ( كما هو معد سابقاً ) بتجميد الموجودات المالية الإيرانية في أمريكا . وفي الحال حدث اضطراب كبير في الأسواق المالية وبدأ المودعون الكبار للدولار في أوروبا وأمريكا ( خاصة المصارف المركزية لأقطار الأوبك ) بالانسحاب من الالتزامات .

كانت خطة تجميد الأموال موجودة في وكالة الفدرالية للطوايء في وزارة المالية قبل أسبوعيين من التنفيذ ، وأن النخبة المالية الأنكلو- أمريكية علمت بأن أزمة أمريكية – إيرانية ستحدث في شهر نوفمبر واتخذت إجراءات لحماية نفسها .

إن الاستيلاء على الموجودات الإيرانية في أمريكا أدى إلى نسف الدولار وإضعاف قيمته كعملة احتياطية عالمية ، لقد أصيب سوق الدولار الأوربي بالشلل وتوقفت معظم القروض العالمية .

قبل شهر واحد من نشوب الأزمة الإيرانية قال وزير الخارجية الفرنسي في مؤتمر صحفي في الأمم المتحدة أن "تصوره" بأن النظام النقدي الأوربي سيحل محل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كمركز للشؤون المالية العالمية .

أعطت المجابهة الأمريكية الإيرانية كارتر الحجة التي يريدها لتوسيع وتعزيز الوجود العسكري في الشرق الأوسط والمحيط الهندي بعد أيام من احتجاز الرهائن .

أن التأثير الرئيس لأي تصرف عسكري أمريكي هو خلق وضع لا يمكن السيطرة عليه قرب مصدر ثلثي نفط العالم وقد يؤدي إلى نشوب سلسلة من أعمال الإرهاب في جميع دول الخليج العربي تقوم بها التنظيمات الإسلامية .

وضعت واشنطن نفسها في وضع يمكنها تقريباً من إملاء مطالبها على أوروبا واليابان وكانت الرسالة التي أرسلتها إدارة كارتر إلى العواصم الأوربية ( اقبلوا بما نقول أو ستقطع تجهيزاتكم النفطية ) ، كتب بول ماري دي لاغوس في صحيفة الفيخارو متفحصاً الخيارات المطروحة للمناقشة بالتصرف العسكري الأمريكي ضد إيران واستنتج أن الخيارات كلها ستعني " أضرار لأوروبا واليابان أكثر من أضرار لإيران ".

كانت العملية العسكرية الأمريكية لإنقاذ الرهائن في الرابع والعشرين من شهر إبريل ( نيسان ) خدعة .

ذكرت إحدى الصحف الأمريكية في 22 نيسان بأن إدارة كارتر قد بدأت عملية طائشة نحو مجابهة نووية حرارية شبيهة بأزمة الصواريخ في كوبا مع الاتحاد السوفيتي . وذلك لتهديد أوروبا واليابان كي ترضخ للأوامر السياسية الأنكلو- أمريكية .

وكان الاتحاد السوفيتي أيضاً واضحاً في تهديداته ، ذكرت صحيفة برافدا في نيسان أن واشنطن تخاطر بخدعة محفوفة بالمخاطر ، ابتزاز إيران إضافة إلى حلفاء أمريكا الذين يعتمدون على التجهيزات النفطية من الخليج وذلك بتهديدها بالتدخل العسكري المباشر.

منقول بتصرف
حقيقة الغارة الأمريكية ؟

1- بعد ساعات فقط من فشل الغارة ، ظهرت الاتهامات بأن العملية كلها قد تم تنسيقها من البداية وحتى النهاية بين كارتر وبرجينسكي ونظام خميني .

2- حسب الاستخبارات الفرنسية بأن التفاصيل النهاية لعملية الرابع والعشرين من نيسان كانت موضوع الاجتماع الذي عقد في باريس بين وزير خارجية إيران قطب زادة والسكرتير الأول في السفارة الأمريكية في فرنسا .

3- ذكرت الإذاعة العراقية الوطنية بأن الهجوم الأمريكي ( مسرحية ) تم تنفيذها بالتنسيق بين واشنطن وطهران .

4- عندما سئل السكرتير الصحفي للبيت الأبيض في اليوم التالي للغارة حول تعاون بين نظام كارتر وقطب زادة أجاب " لايوجد تعليق"

لم يصدق تفسير الإدارة الأمريكية لسبب فشل الغارة :
1- أنه كان ناجماً عن عطل ثلاث طائرات عمودية من مجموع ثمان.
2- قيل أن طائرة عمودية أصطدمت بطائرة نقل ضخمة من طراز سي-130 في إيران وانفجرت عند محاولتها الهرب.
3- فشلت الغارة عندما حلقت طائرات ميغ 21 السوفتية في عرض للقوة فوق القوات الأمريكية الهابطة مباشرة وقرر حينها قائد القوة المغيرة الأنسحاب سريعاً.

4- أن قوات الاتحاد السوفيتي قصفت القوة الأمريكية حال هبوطها على الأرض.

أن إدارة كارتر بقيامها بهذه الغارة كانت تفكر في كل شيء ماعدا إطلاق سراح الرهائن ، لأن الهجوم المسلح على إيران يراد منه بقاء الرهائن لعدة أشهر قادمة .

بعد أكثر من سبعة أشهر على الاستيلاء على السفارة الأمريكية استمر الكابتن سيافاش سيتودة الملحق العسكري في السفارة الإيرانية في واشنطن بتأدية وظيفته اليومية داخل المكتب الأمريكي للبحوث البحرية ، على الرغم من إعلان الرئيس كارتر عن طرد الدبلوماسيين الإيرانيين في الثاني عشر من كانون الأول ، لم يغادر أي شخص من ال83 دبلوماسياً إيرانياً ، الى أن قطعت واشنطن علاقاتها مع إيران بعد مرور أربعة أشهر من ذلك .

عمل سيتودة ومنصور وهو آدمرال إيرني إضافة الى عدد من العملاء العسكريين لجمهورية خميني الإسلامية مع الأستخبارات البحرية الأمريكية وبموافقة مجلس الأمن القومي برجينسكي.

أن نشاط الوحدة الإيرانية التي يترأسها سيتودة هو تهريب الأسلحة وإرسالها الى الوحدات الإرهابية المرسلة من إيران الى امريكا . في تشرين الثاني 1979 أعلن خلخالي رئيس منظمة ( فدائيو الإسلام ) أنه أرسل فرق اغتيال الى امريكا لتصفية شخصيات سياسية بارزة وأعداء الثورة .

إذا نظرنا الى تحالف إدارة كارتر مع نظام خميني على كل المستويات يبرز أمامنا سؤال هو من يسيطر على الطلبة الذين احتجزوا الرهائن ؟ ومن هم ؟

عندما تم الاستيلاء على السفارة ظهرت منظمة تدعى ( الطلبة الذين يتبعون خط الإمام ) "طبعاً هو خميني " وإن زعيم المنظمة طبيب اسنان اسمه ( الدكتور حبيب الله بيمان ) وهو ملا مغمور . تعتبر منظمة الطلاب من الناحية الرسمية جزءاً من منظمة خلخالي ( فدائيو الإسلام ) ، وتشير مصادر الاستخبارات الإيرانية الى أن زعيم الطلاب الدكتور بيمان أمضى عدة سنوات خارج إيران أثناء عهد الشاه ، خلال تلك الفترة كان عميلاً مأجوراً للموساد وشبكات الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية ، وتفضح هذه العلاقة أحد أسرار خميني إذ تغلغل الموساد في كل الهيكل القيادي للنظام الإسلامي المتعصب .

لقد أكتشفنا الأن أن الثورة الإسلامية المتزمتة التي استولت على السلطة في فبراير ( شباط ) 1979 قد تمت بتحريض من برتش تبروليوم وتم إعطاؤها مساعدة كبيرة من جنرال يعمل في حلف الناتو وشكلت تحالفاً مستمراً مع حكومة الشيطان الأمريكي إضافة الى التغلغل الكبير للموساد فيها . يتبـــــــــــع ...
 





الجمعة ٩ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بلال أحمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة