شبكة ذي قار
عـاجـل










لم تبق طغمة الجواسيس والعملاء الذين تقدموا لحكم العراق بعدما استقدمتهم دبابات الغزاة في أفريل ٢٠٠٣ ؛ لأي عاقل في العالم فرصة للدفاع عنهم أو القبول بهم أو البحث لهم عن مسوغات أو مبررات تجيز منحهم شرعية مسك زمام أمور العراق.

وإنه ما من أمر أيسر في هذا الزمن من البرهنة على وضاعة هؤلاء الذين استباحوا العراق وانتهكوا أعراض شعبه وأهلكوا حرثه ونسله؛ ولا يخفى على ذي بصيرة حجم الفظاعات السادية المقرفة التي طبعت استهتارهم بكل الحرمات وضربهم لكل مفاهيم الحكم وإن في مظاهره الأكثر بدائية.

قد لا يكون مفيدا سرد الآثام والخطايا التي خطتها أيادي تلك العصابات المارقة حيث لم تتورع عن انتهاج القتل على الهوية وإشاعة ثقاقة الموت والسواد بأرض الرافدين ومزقت الشعب العراقي وزرعت وغذت النزعات الطائفية المقيتة والمناطقية المتخلفة؛ كما أثخنت جراح البلاد والعباد عبر سياسات النهب الممنهج لثروات بلاد ما بين النهرين وتبديدها إرضاء لأهواء أعضائها من جهة وائتمارا بأوامر أسيادهم من الغزاة الامبرياليين والفرس الصفويين.

لقد رعت حكومات الاحتلال المتعاقبة كل الخطط التخريبية التدميرية الشاملة لأوجه الحياة في العراق؛ فانعدم الأمن فيه إلا على من سار في ركابها بدوافع مختلفة بين الاقتناع حينا والاضطرار أحيانا؛ ليرسف شعب العراق تحت كل أحقاد هؤلاء المجرمين ووحشيتهم وثاراتهم المترعة انتقاما وتشفيا. وستبقى سجلات ما ارتكبه العملاء المزدوجون في المنطقة الخضراء وصمة عار لا تمحوها السنون في جبينهم وجبين من استقدمهم ومن يرعاهم .

تتكفل الأرقام والإحصائيات بالإفصاح عن دموية حكام عراق ما بعد الغزو؛ ويكفي التأشير إلى ملايين القتلى والأرامل والثكالى والأيتام؛ وملايين المهجرين قسريا والمنفيين ومئات آلاف المعتقلين وما يرتكب في حقهم من تعذيب واغتصابات وغير ذلك مما لم يشهد له التاريخ البشري مثيلا؛ ويمكن للتدليل على عمالتهم ومعاداتهم للعراق أرضا وشعبا وتاريخا وحضارات الاستئناس بتقارير الهيئات والمنظمات الدولية التي بات العراق فيها متصدرا للدول الراعية لكل أوجه الفساد والجريمة المنظمة وفي المقابل يتذيل قائمات الدول من حيث الأمن والخدمات والصحة والتعليم بعدما كان رائدا فيها على امتداد العقود التي سبقت الغزو.

لقد أتى ساسة العراق ما لم يأت به غيرهم؛ حيث سخروا مقدرات العراق وفوتوا فيها على طبق من ذهب للأمريكان والفرس الصفويين؛ ونكلوا بالنازحين الفارين من شبح الموت وفرقه وميليشياته فمنعوهم من الوصول للمحافظات والمدن العراقية الآمنة نسبيا ليقدموهم لقمة سائغة لجحافل التقتيل والاغتصاب؛ ولكنهم في المقابل فتحوا أبواب بغداد وغيرها على مصرعيها لمئات الآلاف من المستوطنين الفرس ومن يسمونهم بزوار العتبات المقدسة في سعي حثيث لتفريس الجنوب وكل الشرق العراقي خدمة لحلم أكاسرة فارس وملاليها بإحياء امبراطورية الفرس من جهة ولدفع العراقيين بالتسليم بضرورة تقسيم العراق على أسس طائفية ومناطقية كما تنص توصيات الأمريكان والصهاينة من جهة ثانية.

ولم يكتف هؤلاء بكل هذا السجل الإجرامي الخياني ليطلع إلى الرأي العام العراقي والعربي والدولي رئيس الأركان في الجيش الطائفي المحسوب زورا على العراق بمخطط خبيث تآمري جديد يقضي ببناء جدار عازل مسلح حول بغداد بدعوى حمايتها من هجمات مسلحة محتملة. إن التفكير في الإقدام على مثل هذه الخطوة؛ وإن كان حجة ساطعة على ما يطبع حكام العراق الصغار من عداء جلي لشعب العراق وغربتهم عنه ؛ فإنه يأتي في سياق الإعلان الرسمي والإقرار النهائي منهم بتأكد فشلهم الذريع في إدارة مدينة بغداد لوحدها وهي معقلهم الرمزي الذي حرصوا طويلا على تأمينه بكل ما أمكن؛ وهو اعتراف متقدم بمدى السقوط الأخلاقي والقيمي لطغمة الجواسيس وتعرية لاستنفاذهم لكل وسائل الهروب للأمام وخططه وأوراقه.

إذ لو كانت هذه الطغمة الفاشية البائسة تتمتع بأدنى درجات الشعبية والمقدرة على إدارة الشأن العام؛ فما الذي سيدفعها لتطويق مقرها المركزي بجدار عزل عنصري ؟ وهل اتخاذ تلك الخطوة على فرض نجاحها في تأمين تلك العصابة؛ والجنوح للتوقي من خطر داهم لم يشأ رئيس الأركان الاعتراف به إلا إيذان صريح لا مخاتلة فيه بانهيار كلي وتصدع تام لمشروع كمشة مرتزقة الاحتلال؟

ثم أليست فكرة الجدار مستنسخة استنساخا رديئا من جدار العزل العنصري الذي بنته الصهيونية في فلسطين؟

وهل بالرجوع لتواريخ الجدارات المماثلة؛ يمكننا من قراءة أخرى للحدث إلا من زاوية قناعة مجرمي المنطقة الخضراء باستهلاكهم لكل المتاح وغير المتاح لضخ بعض النفس الاصطناعي في جثة حكمهم المتهاوية وهي قيد الاحتضار؟

أفلو كان صحيحا سيطرتهم على الوضع بالعراق؛ أفكانوا يلجؤون للبحث عن جدار عازل عساه يضمن ديمومتهم؟

إن مثل هذه الحيطان لم تقم يوما إلا في ظل الحكومات العنصرية التي لا شعبية لها ولا مصداقية ولا قدرة لها على الاستمرار أو استنباط الحلول القادرة على حلحلة الأمور وحل الأزمات.

فنحن لم نسمع بجدران عازلة إلا زمن نظام الأبارتايد العنصري في جنوب إفريقيا أو بعض الحالات في أروبا؛ وتشترك كلها في تعمق أزماتها وتخبطها وترنحها ثم سقوطها سقوطا مدويا قبل انصرافها لمزابل التاريخ؛ وما من شك لدينا في أن مصير قطعان الجوسسة والعمالة في بغداد سيكون مغايرا؛ بل إنه سيكون مصيرا أشد سوداوية وقتامة.

إن حديث رئيس أركان جيش الجواسيس لا يمكن تفسيره من خارج انحسار مفعول طغمة المنطقة الخضراء وفشل كل الدعم والإسناد من أركان الاحتلالين الأمريكي والفارسي الصفوي؛ وهو أيضا إفصاح صريح عن تهديد جدي وحقيقي ملموس يترصد بغداد ما يعني أن ثوار العراق ومقاوميه البواسل أثخنوا الجراح في جسد العملاء ويحرزون تقدما لن تفلح آلات التعتيم والشيطنة والدعشنة في إخفائه أو تلافيه.

ويأتي بالتالي الحديث عن الجدار العازل تسفيها نهائيا للروايات الرسمية التي تجذف خارج كل مدارات الواقعية وحقائق الميدان؛ وهو ما ينبئ حتما بتغيرات جذرية هائلة سيحملها قادم الأيام القريب لا في العراق فحسب بل وعلى صعيد الوطن العربي كاملا والعالم برمته.

هذا وتجدر الإشارة في هذا الإطار أن تصريح المجرم الطائفي العميل حيدر العبادي الذي أكد فيه على عدم صحة ما عبر عنه كبير جنرالاته الخائبين الفاشلين هو مجرد تخمين ولا صلة له ببرامج حكومته المتداعية للسقوط الوشيك؛ وتشديده على أن بغداد مفتوحة للعراقيين جميعا؛ هو في الواقع مجرد سعي مقرف مبتذل لتعويم المسائل ومحاولة مهزوزة للتغطية عن تخبطه وعجزه الكلي ومن معه على الاستمرار..

وإن من نافلة القول إن بغداد لم تكن يوما مفتوحة للعراقيين الأصلاء؛ إلا إذا كان ذلك الصفوي القذر ربيب حزب الدعوة العميل يقصد مئات آلاف الوافدين من إيران الشر والرذيلة سواء ببزاتهم العسكرية الرسمية من حرس ثوري ونخب الجيش الفارسي الأخرى أو تلك المجاميع الملبية لنداء المرجعية القذرة ممثلة في شيخ الدجل والارتهان بالأجنبي السيستاني الحقير.

ولا تخرج تصريحات العبادي من دائرة توزيع الأدوار ومن باب الفهلوة السياسية ومواصلة الهروب للأمام؛ وهي أيضا لن تقدر على ترميم النفسية المتردية والمنهارة للميليشيات الإرهابية وهي تئن تحت ضربات سواعد أحرار العراق الأشم.
وإنه لا تثريب على المتابعين للشأن العراقي من التندر بتصريحات العبادي العاجز عن حجب شمس العراق بغربال عمالته وخسته وتبعيته لملالي طهران ..

ولسوف تطلع من قلب العقال حمامة وستطلع شمس العراق قريبا وذاك وعد الرحمان لعباده المظلومين الصابرين المقاومين !!





الاثنين ٣٠ ربيع الثاني ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / شبــاط / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أنيس الهمامي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة