شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يدر في خلدي يوماً ان أضطر الى ذكر معلومات قد مضى عليها أكثر من عشرين سنة كما أنا فاعل الان ، ولكن اصرار الفنان او الموسيقار العراقي نصير شمة على التمادي في تزوير الحقائق في كل لقاء صحفي أو تلفزيوني وتبجحه بما سماه حكم الاعدام الذي كان قد صدر بحقه ابان النظام الوطني الشرعي للعراق دون ذكر اسباب ذلك والاكتفاء كغيره من الفنانين او الشعراء بالقول بأنه قد حكم بالاعدام ، وهذا ما يثير شفقة المتلقي عليه ويجعل منه بطلاً في عيون محبيه ، وأمام هكذا حالة كان لزاماً علي أن أخرج من صمتي كي أقول الحقيقة كما هي وأدونها هنا على شكل رسالة مفتوحة الى الفنان المذكور ومعه الى جميع من تعاطف معه وصب جام غضبه على نظامنا الوطني الشرعي واتهامه بمحاربة الفن والفنانين وهم الذين قال عنهم قائدنا الشهيد صدام حسين , رحمه الله , ,, الفنان كالسياسي كلاهما يصنع الحياة ,,أذن فمن واجبي الان أن أسرد قصة الفنان نصير شمه مع حكم الاعدام لتتضح الصورة أمام القارئ الكريم أولاً ولكي يكف هو عن ذكر ذلك في أي لقاء قادم له مع أجهزة الاعلام المختلفة أو حتى تداولها مع نفسه والرجوع الى الحقيقة التي أحتفظ بها ومعي آخرون وهي كما يلي :

بعد النصر المؤزر في معركة قادسية صدام المجيدة عام 1988 ولما كان هناك أعداد من الهاربين من الخدمة العسكرية والمتخلفون عن أدائها لم يحسم موضوعهم وهم موقوفون في مراكز الشرطة المختلفة في عموم محافظات القطر فقد صدر توجيه من مكتب أمانة سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي الى عموم قيادات الفروع الحزبية في المحافظات يقضي بحسم ملفات أولئك الهاربين وبأسرع وقت ، وقد كلفتني قيادة فرع واسط للحزب بأن أقوم بتدقيق ملفات من هم ضمن رقعتها الجغرافية وأعطتني صلاحية التصرف بجمع المعلومات أو الالتقاء المباشر مع من اريد على أن أكتب خلاصة بموضوع كل هارب أو متخلف مع التوصية بشأنه ويكون القرار لقيادة الفرع حصراً، ومن الساعة تلك أقسمت أن أكون محايداً ودقيقاً جداً في عرض كل حالة بعد الرجوع الى القوانيين والتعليمات الصادرة من الجهات العليا ومدى انطباقها عليها فواصلت النهار بالليل كي انجز مهمتي بعد الثقة التي اولتني اياها قيادة الحزب في المحافظة ، ويشهد الله أني لم أكن أعرف أي هارب أو متخلف تعاملته مع ملفه ، وفي اليوم الثاني سحبت أحد الملفات وكان بأسم ,, نصير شمه ,, ورغم أني أعرف أن هذا الاسم هو لاحد الفنانين العراقيين قلت لنفسي يمكن أن يكون هناك تشابه بالاسماء ولم أتوقع بأن صاحب الملف هو نفسه الفنان نصير شمه وبعد اطلاعي على ما بداخل الملف من اوراق تحقيقية وبعض الكتب الرسمية انتابني الشك أكثر فذهبت ألى أحد الرفاق وسألته عن صاحب الملف فأبلغني بأنه هو الفنان نصير شمه وهو الان موقوف في مديرية شرطة قضاء الحي ، وعلى الفور اتصلت بالمديرية المذكورة وطلبت منهم جلبه الى مقر قيادة الفرع فوراً وفعلوا ذلك وما أن ابلغوني بوجوده طلبت منهم أن يدخلوه الى المكتب الذي أعمل فيه ، وبعد أن سلم رحبت به وطلبت منه الجلوس وبعد أن قدموا له الضيافة بدأت حديثي معه وقلت له ، لنترك الان ما موجود من معلومات أو نتائج تحقيق واريد سماع القصة منك مباشرة لعلني أصل الى ما يساعدك ويحميك من عقوبة الاعدام التي تنطبق على جريمتك المرتكبه ،

وأبلغني بأنه كان قد استدعي لاداء خدمة الاحتياط الا انه قدم طلباً لاحالته على لجنة طبية لغرض اعفائه منها ، وبعد تقديمه الطلب ودون ان ينتظر النتيجة سافر الى الاردن لتنفيذ عقداً مع احدى الشركات أو المنتجين هناك يتعلق بأوبريت لفلسطين يؤديه عدد من الفنانين العرب ، ولم يعود بعد انجازه العمل بل واصل بقائه هناك ووقع عقداً آخر مع شركة أخرى لتنفيذ الموسيقى التصويريه لمسلسل تلفزيوني بدوي وبهذا كما يقول أخذه الوقت ونسي موضوع استدعائه لخدمة الاحتياط ، وبعد فترة من ذلك عاد الى بغداد وعند مغادرته الطائرة في مطار بغداد الدولي القي القبض عليه وتم ارساله لاحقاً الى محافظة واسط كون تجنيده فيها .

وبعد الاستماع الى ما رواه الفنان نصير شمه وأطلاعي على كافة الاوليات في ملفه وجدت أنه كانت احدى اللجان التدقيقية قد اقترحت بأنه مشمول بقرار الاعدام ولكن قراراً بذلك لم يصدر من القيادة صاحبة التخويل ، وفي تلك اللحظة لم أفكر بموضوع الهروب أو التخلف بل فكرت بموضوع آخر بعيداً تماماً عن ذلك وهو لو تم تنفيذ حكم الاعدام بمثل هذا الشخص فما الفائدة المجنية من ذلك ، وبما أنه قد استفاد من فترة توقيفه وكانت عبرة له فما علي ألا أن اقترح في توصيتي أطلاق سراحه فوراً من التوقيف بكفالة وأحالته الى تجنيد ليسوقه لاداء خدمة الاحتياط المقررة وحاولت أن أناقش المسؤول الحزبي بذلك مباشرة لعلي أقنعه بوجه نظري من أجل الحفاظ على فنان كبير سيخدم العراق خدمة كبيرة في مجاله الموسيقي ، وحصل ذلك فعلا وأقتنع المسؤول بوجهة نظري وقرر الافراج عنه وفق الضوابط التي اقترحتها وبهذا اغلق
 ملف الفنان نصير شمة .

بعد عرض هذه القصة وأحداثها فهل هناك عذر للفنان نصير شمه لتكرار ما كان يقوله بأنه حكم بالاعدام ، أم انه سيقول بأن قيادة الحزب قد انقذت حياته من عقوبة صارمة تنطبق على جريمته المخلة بالشرف ، وأنا ارجوأن يكون القول الاخير هو ما سيردده الفنان ليكون صادقاً مع أصدقائه ومحبيه ويرتقي بفنه الى صنع الحياة .





السبت ٨ ربيع الاول ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / كانون الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب خالد الحسن نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة